الدار البيضاء من عزيز مشواط: عزا السوسيولوجي المغربي محمد الصغير جنجار العنف في المغرب إلى’اختلال في المنظومة المعيارية والممارسات الإجتماعية’. وقال جنجار في يوم دراسي نظمته الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء بالدار البيضاء الثلاثاء الماضي في مداخلة بعنوان ‘النوع الإجتماعي، المجال العام والعنف’، ‘أنه في تاريخ المجتمعات، تكون هناك لحظات انتقالية تختل فيها المنظومات المعيارية، هنا يبرز ما يولد العنف بكل أشكاله منها العنف الذي تتعرض له المرأة خاصة في المجال العام’.
وبخصوص العنف ضد النساء في المجال العام كشف ذات المتحدث ‘أن ولوج المرأة للمجال العام عرف تطورا سريعا، بفعل التحولات الأخرى الذي عرفها وسيعرفها المغرب، خاصة الإنتقال الديمغرافي الذي عرف بروز قوي للأسرة النووية، والإنتقال التربوي الذي عرفت الفتاة فيه حضورا قويا وكثيفا، أضف إلى أنه في سنة 2030 سيكون 70′ من المغاربة في المدن’. وفي هذا الصدد تساءل ماذا أعددنا لتدبير هذا الإنتقال قانونيا، نفسيا، ثقافيا وفكريا؟
المدن هي مسرح الممارسات الإجتماعية ومن ثم يجب الأخذ بعين الإعتبار الإختلافات والتمييزات بين الرجال والنساء، وكيف أن التخطيط للمدينة والتدبير لها يجب أن يساهم فيه النساء كذلك بحكم حضورهم القوي في المجال العام.من هنا يبين جنجار أننا لا نسكن المدينة ولا نتنقل فيها بنفس الطريقة من وجهة نظر جندرية (النوع الإجتماعي)، لأن المدينة مرآة المعايير التي تنظم المجتمع وحتى الإختيارات السياسية تخضع لهذه المعايير.
تاريخيا، يقول ذات المصدر، المدينة تحرر وأن تاريخ المرأة مرتبط بالإنتقال من البادية إلى المدينة خاصة خلال فترة الثورة الصناعية، ما سمح بولوج المرأة للشغل واختلاطها بالرجل في المجال العام. مقابل هذا فالمدينة تحمل مخاطر بالنسبة للمرأة خاصة في لحظات الإنتقالات المكثفة، والتي تجعل المعايير والأطر الذهنية التي كانت تسير المدينة القديمة تفرض نفسها في تسيير المدينة الحديثة.
هذا يفرض على النساء والفتيات،يقول جنجار، اتخاذ استراتيجيات لولوج الفضاء العام، ومنها اختيار نوع اللباس حسب الأماكن بين المحيط القريب وفي خارج المركز، لأن هناك رقابة اجتماعية تمارَس في الأماكن القريبة من البيت. يختم الأستاذ بالقول أن الرهان هو: أي مدينة نريد، وأن مشاركة النساء في السياسة يدخل في إطار هذا الرهان، كما يجب أن تكون التربية رهانا لأنها رافعة من رافعات التقدم إلى جانب الإعلام كذلك. فالعلاقة بين النوع والعنف والمجال العام يجب تدبيره.
وجدير بالذكر أن اليوم الدراسي الذي نظمته الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء بعنوان ‘ الأمان، النوع الاجتماعي والسياسات العمومية’ شهد مشاركة عدد من الفاعلين الجمعويين والمؤسسات المحلية والمنتخبة بالإضافة إلى خبراء وباحثين في مختلف التخصصات. كما شارك في الفعالية كل من ممثل عن وزارة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة ، والانتروبولوجية حياة الزيراري والباحثة ربيعة الناصري والأستاذة عائشة أيت محند والباحث عبد الله زهيري.