غزة –”القدس العربي”: قال خبير الدراسات المستقبلية الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي، في تقدير موقف حول الآفاق المستقبلية للعدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، الذي أسمته المقاومة معركة “سيف القدس” إن المعركة قد أعادت مركزية قضية القدس في الوجدان العربي والإسلامي.
وقال إن المظاهرات والاعتصامات والمشاركة الشعبية الواسعة من قبل فلسطيني الأراضي المحتلة سنة 1948، قد شكلت “ظاهرة صدمت أغلب الخبراء والقيادات السياسية الصهيونية”.
وقال في التقدير الذي أصدره “مركز الزيتونة” للدراسات، إن هذه المعركة “كشفت التحوّل العربي الرسمي من طرف في الصراع إلى وسيط بين الطرف الفلسطيني والإسرائيلي. ودلّت على حالة العجز المطلق للسلطة الفلسطينية في رام الله، وثبت أن القرار الاستراتيجي في التوجهات الفلسطينية أصبح حالياً بيد حماس والمقاومة في غزة وليس بيد السلطة في رام الله”.
وفي تلخيص لذلك التقدير، الذي تلقت “القدس العربي” نسخة منه، أشار إلى أن تنامي التعاطف الدولي مع الفلسطينيين في ظل هذه الجولة من المواجهة، وعودة الموضوع الفلسطيني، عاد لتصدُّر المشهد الدولي، وإحياء فكرة أن جوهر الصراع في المنطقة هو الموضوع الفلسطيني، وأن حل هذا الصراع هو أمر جوهري إقليمياً وعالمياً.
كما أشار إلى أن الانتفاضة في القدس والداخل ومعركة “سيف القدس” “وضعت دول التطبيع موضع الحرج أمام شعوبها والشعوب العربية بشكل عام، ومع ذلك فقد أصدرت بيانات خجولة جداً، وحاولت المساواة بين طرفي الصراع، ما يشير بشكل قاطع إلى أن هذه الدول ما تزال ترى التشبث بالعلاقة مع إسرائيل، والاعتراف بها كأولوية تعلو على موضوع الأقصى والمقدسات أو الحقوق الفلسطينية”.
وقال إن تلك الأنظمة تعمل على عدم إحياء البُعد الديني للصراع، خوفاً من تداعيات ذلك على أوضاعها الداخلية، خصوصاً بعد جولات الصراع مع الحركات الدينية الوطنية في أكثر من دولة عربية.
ولفت عبد الحي الانتباه إلى تنامي الخبرة التقنية والتكتيكية لقدرات المقاومة العسكرية، حيث دلت هذه الجولة على تحسّن قدرة المقاومة من الناحية العسكرية بقدر واضح مقارنة بأداء المقاومة القتالي في المواجهات السابقة خصوصاً في مواجهات 2008، و2012، و2014/ وذلك بشهادة الطرف الإسرائيلي، إذ أشار المعهد القومي الإسرائيلي للدراسات الأمنية التابع لجامعة تل أبيب إلى التحسن في المستوى التقني للصواريخ الفلسطينية، وتحسن مستوى دقة إصابتها للأهداف وتأثيرها من حيث حجم الخسائر، بالإضافة إلى زيادة عددها في “الرشقة الواحدة”، وذلك بهدف إرباك عمل القبة الحديدية. وقد أشار أيضاً إلى التحسن في مستوى القيادة والسيطرة لدى التنظيمات الفلسطينية وتحسن مستوى التنسيق بين حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي.
وتوقع الدكتور وليد عبد الحي أن تتمحور المعركة السياسية بعد وقف القتال حول جملة أبعاد، حيث ستسعى إسرائيل لجعل الهدنة دائمة، وستعمل على اتخاذ إجراءات لتثبيت الانطباع بأنها لم تتراجع عن مصادرة منازل الشيخ جراح والانتهاكات بالأقصى، كما ستسعى إلى ربط إدخال المساعدات لغزة بشروط إسرائيلية حول أنماط المساعدات المالية وغير المالية وقوائم المواد المسموح إدخالها وتوقيتاتها والجهات التي تقدمها، وستعمل على عرقلة المساعدات من إيران وتركياـ وستعمل لجعل موضوع الجنود الإسرائيليين الأسرى، أو جثث قتلاهم، عند المقاومة في غزة جزءاً من المساومات في مرحلة ما بعد وقف القتال. وستحاول “إسرائيل” ربط موضوع المظاهرات وإطلاق البالونات الحارقة من القطاع تجاه مستوطنات غلاف غزة بموضوع فتح المعابر لدخول المساعدات للقطاع.
كما توقّع أن يتم تعامل القوى الدولية الفاعلة مع طرفين فلسطينيين تتباين توجهاتهما الاستراتيجية، فالمقاومة تسعى لتصليب مقومات المقاومة بينما تسعى السلطة الفلسطينية للعودة للاستظلال بـ “شجرة أوسلو الجافة”، وستعمل إسرائيل على تدعيم المسار الثاني بقيادة السلطة الفلسطينية، وستسعى كذلك إسرائيل أيضاً إلى ربط تفاوضها مع الأردن بخصوص “الوصاية الهاشمية” بأن تقوم الأردن باستبعاد العناصر التي تراها إسرائيل قريبة من المقاومة من أي نشاطات خاصة بالفعاليات الدينية أو غيرها في الأقصى.
وفد أوصى في ورقة تقدير الموقف إلى إيلاء استمرار التواصل مع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر أولوية كبرى، و العمل مع الحلفاء الإقليميين والدوليين على إعطاء الأمم المتحدة دوراً يتوازى في أضعف الاحتمالات مع ديبلوماسية الإنابة إنْ لم تتوفر فرصة ترجيح دور الديبلوماسية الدولية، وكذلك “العمل على رص الصفوف مع بقية قوى محور المقاومة، بما يخدم توسيع دائرة مواجهة العدو الصهيوني”.
ودعا لاستثمار معركة “سيف القدس” استثماراً إعلامياً وثقافياً لتأكيد فعالية العمل المقاوم مقارنة بـ “ديبلوماسية أوسلو” التي فشلت فشلاً ذريعاً، لافتا إلى أن هذا ما يؤسس لتوسيع القاعدة الشعبية المساندة للمقاومة، ودعا لتعزيز وتطوير “دور الغرفة المشتركة لتنظيمات المقاومة”، في غزة خصوصاً في مجال إصدار البيانات العسكرية في حالة تجدد الاشتباكات، وقال إن هذا أمر محتمل بدرجة كبيرة، في ظلّ التمويه الذي رافق شروط وقف إطلاق النار.
وقد نغّص عل بعض الحكومات وشعوبها الموالين لسياسات “النأي” رفاهيتهم ودعتهم واعتدادهم بأنفسهم وفرحتهم بسايكس بيكويتهم! حيث استطاع هؤلاء تبرير مواقفهم العدائية من قضايا الأمة ومنها فلسطين وتنصلهم من التضامن معها، وتعمد التواطؤ مع حماة اسرائيل والنهج بسياسات “النأي” أو ما يسمى باللهم نفسي وعشيرتي وعسكري “أولا” مستفردين بالمكتسبات والمكافآت والمنح والهبات وريع الإملاءات، متذرعين ببعض أحداث مزعومة، وافتراءات.