الجزائر- عباس ميموني: حذّر عامر رخيلة، الخبير الدستوري الجزائري، من “قنابل موقوتة” في حال الذهاب إلى مرحلة انتقالية، ودعا إلى استمرار عبد القادر بن صالح في الرئاسة حتى إجراء انتخابات رئاسية.
ورأى رخيلة، أن “المسار الدستوري، ورغم المآخذ الشعبية عليه، يستوفي الضمانات والآليات التي تضمن للبلاد شرعية رئاسية”.
ويصر المحتجون وأطياف معارضة على رحيل بقايا نظام الرئيس المستقيل، عبد العزيز بوتفليقة (1999- 2019)، من الحكم نهائيا، والذهاب نحو مرحلة انتقالية، بينما يتمسك الجيش بالبقاء ضمن الإطار الدستوري.
وأضاف رخيلة، وهو عضو سابق في المجلس (المحكمة) الدستوري، أن “البقاء ضمن شرعية الدستور، وقيام حوار بناء حول آليات نزاهة العملية الانتخابية، سيفضي إلى انتخاب رئيس شرعي، يتولى فتح كل الملفات المطروحة شعبيا ومعالجتها في إطار مؤسساتي منظم، تحت الشرعية الشعبية”.
ويطالب المتظاهرون كل جمعة برحيل كل من رئيس الدولة المؤقت، عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء، نور الدين بدوي، باعتبارهما من بقايا نظام بوتفليقة (82 عاما)، إضافة إلى إيجاد آلية مستقلة للإشراف على الانتخابات.
ويرفض جزء من الطبقة السياسية والحراك الشعبي الانخراط في حوار دعا إليه مرارا “ابن صالح” والجيش، طالما أن “ابن صالح” في الرئاسة.
ورأى رخيلة أن “الظروف التي تعرفها البلاد في الأسابيع الأخيرة باتت تدفع ببقاء ابن صالح كرئيس إلى غاية تنظيم الانتخابات الرئاسية”.
وأصدر المجلس الدستوري، في 2 يونيو/ حزيران الجاري، فتوى تتيح لـ”ابن صالح” البقاء في منصبه حتى إجراء انتخابات رئاسية، بعدما كانت ولايته مقيدة بـ90 يوما وفقا للمادة 102 من الدستور.
وألغى المجلس انتخابات رئاسية، كانت مقررة في 4 يوليو/ تموز المقبل؛ بسبب مقاطعة من جانب الطبقة السياسية والحراك الشعبي.
وتابع رخيلة: “كنت من أوائل من طالبوا ابن صالح بالاستقالة، لكني اليوم أقول إنه يتوجب الاحتفاظ به والتمسك بالمسار الدستوري”.
وأضاف: “علينا التحاور حول الآليات الدستورية والقانونية، التي تضمن نزاهة الانتخابات، وفيها يتنافسون المتنافسون، وإذا كان للحراك مرشحين فليتقدموا، وإن كان للطبقة السياسية مرشحين فليتقدموا أيضا.. والتعنت ليس من السياسة”.
أما بالنسبة لرئيس الوزراء نور الدين بدوي، فقال رخيلة إنه “يمكن له الانسحاب طواعية بتقديم استقالته، ليعين الرئيس خليفة له من ضمن أعضاء الطاقم الحكومي”.
ولا يتيح الدستور الحالي لرئيس الدولة إقالة الحكومة القائمة، التي عينها بوتفليقة قبل أن يستقيل، في 2 أبريل/نيسان الماضي، تحت ضغط احتجاجات شعبية رفضت ترشحه لولاية خامسة.
جوهر الحوار
بشأن الحوار الذي تدعو إليه الرئاسة والجيش، قال رخيلة إنه “لا يجب أن يكون حول الخيارات، وإنما الضمانات.. إذا تحاورنا حول الخيارات فسندخل في متاهات أخرى”.
ورأى أن التوصل إلى توافق حول ضمانات نزاهة الانتخابات “ليس بالأمر الصعب”.
وتابع: “لا يوجد أسهل من الانتخابات الرئاسية، فبها دائرة انتخابية واحدة هي تراب الجمهورية”.
واستدل على سهولة ضمان نزاهة الانتخابات المقبلة بتجربة حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظور في انتخابات عام 1991، عندما فاز بأغلبية ساحقة “وتمنكوا في كل مرة من إعلان النتائج النهائية قبل الجهات الرسمية، وأحيانا حتى قبل وصول المحاضر إلى الجهات المختصة”.
وأوضح أن الحزب جند مناضليه لمراقبة جميع مكاتب التصويت والعملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها بدقة عالية، وهو ما منع التزوير.
وشدد على أنه في حال تأهب الشعب لمراقبة العملية الانتخابية، والحرص على صناديق الاقتراع بالعزيمة نفسها التي يبديها في المسيرات، فلن يتمكن المزورون من تحقيق غايتهم.
مخاطر عديدة
رأى الخبير الدستوري أن الخيار المطروح حاليا، وهو “المرحلة الانتقالية”، يمثل نقيضا للمسار الدستوري لتسوية الأزمة، و”يجب تفادي المرحلة الانتقالية”.
وحذر من تلك المرحلة “تحمل من المخاطر على الجزائر ما لم تحمله على ليبيا أو مصر أو أي دولة أخرى”.
واعتبر رخيلة أن الذهاب إلى مرحلة انتقالية سيؤدي إلى “فتح ملفات هي بمثابة قنابل موقوتة”.
وحذر من تداعيات ما تنطوي عليه فكرة انتخاب مجلس تأسيسي، حيث “ستفجر قضايا الهوية واللغة والدين والثقافة ومكانتها في الدستور الجديد”.
وزاد بأن “مخاطر المرحلة الانتقالية تكمن في عودة أصحاب المصالح الضيقة إلى الواجهة، من أتباع قائد جهاز الاستخبارات السابق (الفريق محمد مدين)، ورموز نظام بوتفليقة المطاح بهم والمودعين في السجن”.
ومضى قائلا إن “بداية المرحلة الانتقالية ستكون معلومة، لكن نهايتها مجهولة”.
وختم رخيلة بأن الشارع يستوعب حاليا أفكار مختلف الشخصيات والتيارات، “وبالتالي لا يمكن اعتباره (الشارع) حزبا سياسيا أو هيكل منتظما يرفع مطالب متجانسة”. (الأناضول)