الناصرة- “القدس العربي”: يدعو محلل إسرائيلي مختص بالشؤون العسكرية إسرائيل للأخذ بعين الاعتبار حسابات كثيرة عند اختيارها أهداف ردّها على إيران، تحاشياً لاندلاع حرب إقليمية لا تريدها، خاصة الآن.
ويوضح المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” رون بن يشاي أن الهجوم بالصواريخ الباليستية الإيرانية، مساء الثلاثاء، كان بمثابة الصعود درجة من ناحية الاستهدافات، مع معرفة إيران الأكيدة أن الصواريخ ليست دقيقة، ومن شبه المؤكد أنها ستصيب مدنيين.
محلل إسرائيلي: الهجوم بالصواريخ الباليستية الإيرانية كان بمثابة الصعود درجة من ناحية الاستهدافات، مع معرفة إيران الأكيدة أن الصواريخ ليست دقيقة
وكانت هناك محاولة لمهاجمة ديمونا (المفاعل النووي)، وبحسب الادعاءات الإيرانية، مهاجمة المطار الدولي في اللد، وهذا مع عِلم الإيرانيين أن الصواريخ ليست دقيقة.
ويتطابق بن يشاي مع الرواية الإسرائيلية الرسمية بأن الهجوم الإيراني فشل، معلّلاً ذلك بالقول إن عدداً من المدنيين أصيبوا خلال هَرَعِهم نحو الأماكن المحصنة، أو جرّاء إصابتهم بشظايا الصواريخ الاعتراضية، كما قُتل فلسطيني في أريحا، ومن غير الواضح إذا ما كان جرّاء سقوط صاروخ أو شظايا اعتراضية، لكن عدد المصابين في القصف محدودٌ جداً، وأغلب الصواريخ التي وصلت إلى إسرائيل جرى اعتراضها.
كما يشير بن يشاي لوجود تعاون ممتاز مرة أُخرى بين منظومة الدفاع الجوي وسلاح الجو في الجيش الإسرائيلي، وبين منظومات الكشف والدفاع الجوي لسلاح الجو في السانتكوم (قيادة المنطقة الوسطى الأمريكية)، وعملت منظومة الدفاع الإقليمية على مواجهة التهديدات بصورة ممتازة، والنتائج تدل على ذلك”.
لكن إسرائيل، هذه المرة، برأيه، يجب أن ترفع درجة الإيذاء في ردّها، ليس فقط لأن الهجوم الإيراني كان بصواريخ باليستية بعيدة المدى تحمل رؤوساً حربية تزن قرابة 700 كيلوغرام من المواد الناسفة، ولا بسبب المحاولة الواسعة لضرب أهداف إستراتيجية، بل أيضاً لأن هذه المرة كانت هناك محاولة واضحة لتحدي إسرائيل واستفزازها عبر مهاجمة مواقع لم تُستهدف من قبل.
ويضيف: “كانت هناك محاولة واسعة النطاق أيضاً، بحسب الإيرانيين، لضرب قواعد سلاح الجو، وإعماء دولة إسرائيل بصورة غير مسبوقة، وما لا يقل أهمية أن هذه هي المرة الثانية التي تتواجه فيها إيران مباشرة معنا، وليس فقط عبر وكلائها، أي أن إيران أصبحت بالنسبة إلينا ساحة قتال أساسية كلبنان، وكغزة والضفة الغربية”.
ويدعو للفحص ما إذا كانت هناك علاقة بين الهجوم في تل أبيب، الذي نفذه شابان من الخليل، على علاقة بـ”حماس”، والذي أدى إلى مقتل سبعة أشخاص، وبين الهجوم الصاروخي الإيراني. لافتاً إلى أن للإيرانيين علاقة بممثلي “حماس” في مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في بيروت وصيدا وصور، وعناصر “حماس” هناك هم الذين يشغلون الهجمات في الضفة الغربية، ومن الممكن أنهم سعوا لتنسيق توقيت الهجوم مع الهجوم الصاروخي، وهذا يجب التحقق منه.
ويرى بن يشاي أنه في كل حال، من المعقول افتراض أن إيران افترضت أن إسرائيل سترد، فآيات الله أشخاص يدرسون الأمور بروية ولا يخاطرون عبثاً من دون التفكير مسبقاً. والإيرانيون هاجموا بواسطة صواريخ “الحرس الثوري” الإيراني، لأنه من دون ذلك، فهُم يخاطرون بخسارة نفوذهم في المنطقة، وخصوصاً وسط شبكة علاقاتهم مع وكلائهم؛ فقد ألحق كل من اغتيال إسماعيل هنية في طهران، ونصر الله في بيروت، وقائد “الحرس الثوري” في لبنان، ضرراً كبيراً بمكانة طهران وسط وكلائها”.
كما يقول إن الهجوم على مرفأ الحديدة يمكن أن يلمح إلى أسلوب الرد الإسرائيلي المتوقع على الهجوم الإيراني، بحسب التقرير الذي نشرته “وول ستريت جورنال”.
محلل إسرائيلي يدعو للنظر في ما إذا كانت هناك علاقة بين الهجوم في تل أبيب، الذي نفذه شابان من الخليل، على علاقة بـ”حماس”، والهجوم الصاروخي الإيراني
ويضيف: “بحسب التقرير، فقد بعثت إسرائيل برسالة إلى طهران أنها ستضرب المنشآت النووية الإيرانية، أو منشآت النفط، والمعلوم أن اقتصاد إيران يعتمد على تصدير النفط والغاز، وهناك أهداف كثيرة يمكن مهاجمتها بواسطة الطائرات، والرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الإيراني في نيسان/أبريل كان محدوداً جداً، وجعل الإيرانيين يتساءلون: ماذا أصابت بطاريات الصواريخ الاعتراضية S-300 الجديدة الروسية الصنع، التي تدافع عن مطار أصفهان ومنشآت نتانز لتخصيب اليورانيوم الموجودة في المنطقة.
ويرى المحلل الإسرائيلي أنه على الرغم من المصلحة الإسرائيلية في تعزيز الردع الذي حققته في لبنان، وفي المواجهة السابقة مع إيران، فإنها في حاجة إلى أن تأخذ في الاعتبار عدداً من القيود الأساسية، بينها الطلب الأمريكي ألا يؤدي الرد الإسرائيلي إلى إشعال حرب إقليمية؛ فإذا هاجمت إسرائيل، وفق ما جاء في تقرير “وول ستريت جورنال”، المنشآت النووية في إيران، فمن الممكن أنها ستحقق نتائج تتعارض مع مصالحها ومع المصلحة الأمريكية.
ويرجّح أن يؤدي الهجوم على المنشآت النووية إلى تسريع عمليات تطوير السلاح النووي في إيران، وأن يؤدي أيضاً هذا إلى حرب شاملة تتورط إيران فيها، وهو ما يسمى بالحرب الإقليمية. من هنا يستنتج بالقول إنه حتى لو كان لدى إسرائيل كل الأسباب لتوجيه ضربة مؤلمة جداً ضد المنشآت النووية، أو أهداف أُخرى، يمكن افتراض أنها ستختار هدفاً إيرانياً تعتبره واشنطن هدفاً مناسباً ومشروعاً ومدروساً من جانب إسرائيل. ويعتبر أن من مصلحة إسرائيل الآن إغلاق الجبهة الإيرانية كي تستطيع التركيز على الجبهات الأُخرى التي تعمل فيها، وخصوصاً لبنان.
ويقول بن يشاي إن الهجوم على المنشآت النووية، أو القيام بهجوم قوي ضد صناعة الوقود الإيرانية، كما تحدّث عنه تقرير “وول ستريت جورنال”، يمكن أن يؤدي إلى رد إيراني سيرتد علينا وعلى واشنطن، ولا مصلحة لنا في الانشغال بهذه الجبهة التي تبعد أكثر من 2000 كيلومتر عن إسرائيل، وتتطلب موارد، وتخطيطاً كبيراً جداً.