باريس- “القدس العربي’’:
قبل خمسة أيام من انطلاق أعمال مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” (دافوس الصحراء) الذي ستحتضنه العاصمة السعودية الرياض من الــ 23 إلى 25 أكتوبر/ تشرين الثاني الجاري، تتسع دائرة الدول والمؤسسات التي أعلنت انسحابها من المشاركة في المؤتمر، بسبب قضية اختفاء الصحافي السعودي البارز جمال خاشقجي، حيث أعلنت شركات ومصارف عالمية وشخصيات اقتصادية دولية ناهيك عن ممثليين لحكومات دول عظمى مقاطعتهم للحدث الذي يهدف إلى عرض الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ضمن “رؤية 2030’’.
وعن أسباب هذه المقاطعات وتبعاتها على الاقتصاد السعودي في ضوء إصلاحات محمد بن سلمان، قال الدكتور يونس بلفالح، أستاذ الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية بفرنسا، لــ“القدس العربي’’ إن :” هذه الانسحابات المدوية من مؤتمر “دافوس الصحراء’’ السعودي هي انعكاسٌ طبيعيٌ لاختفاء الصحافي جمال خاشقجي الذي تحول إلى قضية دولية، حيث باتت هناك علامات استفهام كبيرة يضعها العديد من صناع الرأي والقرار الاقتصادي العالمي الذين اعتقدوا أن السعودية دخلت مرحلة انفتاح سياسي وتحول نحو اقتصاد أكثر انفتاحاً وتنوعاً.
وأوضح الأخير أن السعودية كانت تعول كثيراً على “دافوس الصحراء’’، لجذب الاستثمارات الاجنبية، خاصة أن البلاد شهدت في العام 2017 انخفاضاً كبيراً على مستوى هذه الاستثمارات الأجنبية، حيث جذبت فقط 1,2 مليار دولار، مقابل 7,6 مليار دولار في عام 2016. وبالتالي فالمملكة هي الخاسر الأكبر من وراء هذه المقاطعات الكبيرة لمؤتمر “دافوس الصحراء’’ بالرياض، باعتبار أنها هي من بحثت عن الاستثمار واتجهت نحو تخصيص ميزانية ضخمة للترويج لـ “رؤية 2030’’ في الدوائر الغربية ونظمت فعاليات ومؤتمرات في هذا الإطار.
و يبدو الْيَوْم -بحسب الدكتور يونس بلفالح -أن كل هذه الجهود السعودية ذهبت سُدى، لأن المستثمرين الأجانب يبحثون دائما عن نقاط معينة يجب توفرها في أي بلد قبل أن يلجوا سوقه. تتمثل، في الاستقرار السياسي والأمني، بالإضافة إلى توفر مناخ اقتصادي مناسب والمحفزات لجذب الاستثمارات، وكذلك مسألة حكم وسيادة القانون.
فكل القرارات السياسية التي تم اتخاذها مؤخراً في المملكة متناقضة تماماً مع ما تروج له “رؤية 2030’’ من الاتجاه نحو الانفتاح على العالم. وهذا التناقض يبين أن “رؤية 2030’’ هي فقط مشروع سياسي بقطاع اقتصادي حالم وغير واقعي، الهدف منه هو إيصال محمد بن سلمان إلى الحكم. وقد فرض هذا المشروع بطريقة عشوائية دون أخذ بعين الاعتبار مكونات ومقدرات المملكة.
كما أن تعدد الأزمات إقليمياً ودولياً، على غرار الأزمة الأخيرة مع كندا، من شأنه أن يؤثر على صورة السعودية لدى المستثمرين الأجانب. ناهيك عن أنه إذا ثبت تورط الدولة السعودية في اغتيال جمال خاشقجي ، فإن ذلك يعني أننا أمام دولة انتقامية لا تدار بالقانون، وتلك أيضا نفطة ستعزز من عدم ثقة المستثمرين الأجانب.
المسألة معقدة بقدر ما تبرز مسألة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي رحمة الله عليه ان الخاسر الاكبر من هذه العملية هي مصر والسعودية والامارات المتحدة و الرابح الاكبر هي تركيا(اقتصادها سينتعش من جديد) و قطر و الاخوان المسلمين.