خدام وتغيير النظام السوري
خدام وتغيير النظام السوري تفاوتت الآراء تجاه مسألة انشقاق السيد عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري المستقيل بين مؤيد ومعارض، كل حسب موقـــــعه السياسي، وتقييـــــمه الشخصي او التنظيمي.فالفريق الاول انتقد السيد خدام بشدة، ووصف تصرفه بالانتهازية السياسية والتحالف مع اعداء بلاده من اجل تصفية حسابات شخصية، وتباري اعضاء هذا الفريق في الحديث عن الفساد، ودفن النفايات النووية، وتكوين الثروات الهائلة استغلالا للموقع الوظيفي، وذهب البعض الي ما هو ابعد من ذلك، اي تحميل السيد خدام مسؤولية الكثير من اخطاء وخطايا النظام السوري في سورية ولبنان، بحكم مشاركته في عملية صنع القرار علي مدي خمسة وثلاثين عاما، ومن هذه الخطايا اغتيال شخصيات لبنانية مثل كمال جنبلاط وحسن خالد وبشير الجميل ورينيه معوض، وكذلك مجازر تل الزعتر وحرب المخيمات، واخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان، وفرض حصار المخيمات.اما الفريق الثاني فقد انحاز الي السيد خدام وثمّن انشقاقه، واعتبر انتقاداته للنظام السوري عملا مشروعا جاء في وقته، فقد استعصي النظام علي الاصلاح، واغلق الابواب في وجه كل الدعوات في هذا الاطار، واطلق العنان لقواته واجهزته الامنية للفتك بالمعارضة. ويعترف اعضاء هذا الفريق بان السيد خدام ليس الوحيد الذي اثري من اموال الشعب السوري، فالدائرة الضيقة داخل النظام غرقت في الفساد حتي اذنيها، وهناك مقربون من القيادة السورية فاقت ثرواتهم المليارات، وبات فسادهم علي لسان القاصي والداني في سورية، وبعضهم هرب آلاف الملايين من الدولارات الي اوروبا ودبي، ولم يتحدث اعضاء مجلس الشعب او الصحافة السورية بكلمة واحدة عن هؤلاء.ويظل هناك فريق ثالث يقف ضد الطرفين خدام والنظام معا، ويري انهما يتحملان مسؤولية الوضع الراهن المزري في سورية، فالنظام دكتاتوري قمعي، وخدام احد رموزه، ويردد هؤلاء المثل العامي فخار يكسر بعضه اي ان صراعهم يصب في مصلحة الشعب السوري، لان هذا الصراع سيظهر كل ما جري اخفاؤه علي مدي ثلاثين عاما من القمع والارهاب والنهب.ومن المفارقة ان السيد خدام نصب مدفعيته الثقيلة ضد النظام في وسائل اعلامية كانت حتي الامس القريب حليفة النظام الحاكم في دمشق، والاثيرة الي قلبه.السيد خدام قد لا ينجح في حربه التي اعلنها لتغيير النظام في سورية، لانه ليس الوجه المقبول الذي يمكن ان يوحد المعارضة خلفه، او يحرك الشارع السوري في مظاهرات غاضبة، مثل تلك التي حدثت في اوكرانيا او جورجيا. فلم يمض علي انتقاله من سدة الحكم الي صفوف المعارضة الا بضعة ايام فقط، حيث كان حتي الامس القريب يطارد هؤلاء وامثالهم، ويصفهم بالعمالة للاجنبي. اما تحريك الشارع السوري لاسقاط النظام من الداخل فيبدو مهمة شبه مستحيلة بالنسبة اليه، فاذا كان السوريون يأكلون من القمامة، مثلما قال في مقابلته مع محطة العربية الفضائية، فان هؤلاء لا يمكن ان يقبلوا ان يحركهم زعيم يقيم في قصر فاخر في باريس، ويملك مئات الملايين من الدولارات في حساباته الشخصية او حسابات اولاده وافراد اسرته.امر واحد نجح فيه السيد خدام بشكل كبير وهو انتقامه من النظام ورموزه، هذا النظام الذي جمده علي مدي خمس سنوات وحرمه من تحقيق طموحه في الوصول الي مقعد الرئاسة. ولكنه انتقام صغير، وقد يكون مكلفا للغاية، له شخصيا، وللنظام، وربما للشعب السوري ايضا.9