القاهرة ـ «القدس العربي»: فقدت معظم صحف القاهرة أمس مصداقيتها، إذ أخذت تلهث وراء الفراغ، وبدت كساحر يلهي زبائنه بما في جعبته من ألعاب وخدع.. على هذه الحال وبينما الأوضاع كارثية، والمشاكل الكبرى تعصف بالخطرالمائي، وبينما كشف الإثيوبيون عن وجههم الحقيقي، إذ بتلك الصحف تولي وجهها نحو مشاجرة بين ممثل وإعلامي مقرب من السلطة، أملاً في صرف عقول الأغلبية عما يحاك لها من قبل القوى التي تدير شؤون العالم.
ومن أبرز تقارير صحف الاثنين 12 إبريل/نيسان: أكدت الحكومة أنه لا صحة لهدم عدد من الأحياء السكنية المحيطة بالمتحف القومي للحضارة المصرية، بدعوى التطوير مع تهجير قاطنيها، بدون تعويضهم، مُشدداً على أنه تم توفير مساكن حضارية كاملة الخدمات والمرافق، ومفروشة بالكامل كبديل لقاطني تلك الأحياء فور إخلائها، باعتبارها منطقة عشوائية، مُشيراً إلى أن عملية تطوير المنطقة تأتي بهدف استعادة الوجه الحضاري لها، وتحويلها إلى مقصد سياحي متطور ذي طابع معماري حديث ومتكامل الخدمات، يحافظ على الهوية التاريخية للمنطقة. وفي سياق متصل، تم الانتهاء من تطوير 312 منطقة عشوائية من إجمالي 357 منطقة ضمن خطة الدولة للقضاء على العشوائيات، ويتبقى 45 منطقة جارِ العمل فيها حالياً.
ومن أخبار الحوادث: العديد من المفاجآت أسفرت عنها تحقيقات النيابة العامة في حادث تصادم قطاري سوهاج، الذي أسفر حتى الآن، عن وفاة 20 شخصا وإصابة 199 آخرين، بالإضافة إلى تلفيات بلغت قيمتها 26 مليون جنيه، بحسب بيان النيابة العامة حول الحادث. وأكد تقرير «مصلحة الطب الشرعي» عن عدم تناسب الإصابات المشاهدة والموصوفة بسائق القطار الإسباني ومساعده، مع ما أدعياه في التحقيقات من بقائهما في الكابينة الأمامية للجرار إبان التصادم، وأنه من الجائز تصور مغادرتهما الكابينة قبل وقوع التصادم. ومن أخبار الدراسة جهود مكثفة وضربات متلاحقة من الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، للجان الضبطية القضائية في الوزارة برئاسة السيد عطا رئيس قطاع التعليم في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أسفرت عن ضبط وغلق ما يقرب من 235 كيانا وهميا تعليميا منذ عام 2015. وكشف السيد عطا، أن الضبطية القضائية في الوزارة تمكّنت خلال فترة زمنية بسيطة لا تتعدى شهرين، من غلق ما يقرب من 35 كيانا وهميا في مختلف المحافظات، منحت شهادات مزورة مشيرا إلى أنَّه تمّت إحالة المسؤولين عن تلك الكيانات للنيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية. وتابع رئيس قطاع التعليم، أن الفترة المقبلة ستتمّ ملاحقة عدد من الكيانات الوهمية الأخرى .
لو غاب هؤلاء
مرحاً بالدنيا إذا اقتصر أنذالها على ثلاثة. كذلك رد الشيخ علي سعيد مهران – في رواية “اللص والكلاب” لنجيب محفوظ – حين صرخ أمامه الأخير، وهو يحكي عن خيانة زوجته وصبيه «عليش سدرة» وصديقه الصحافي «رؤوف علوان» له، وأن الثلاثة تواطأوا معاً من أجل الدفع به إلى السجن والضياع. لحظتها ابتسم الشيخ وعلق عليه، قائلاً: «مرحاً بالدنيا إذا اقتصر أنذالها على ثلاثة». وبدوره يصف الدكتور محمود خليل في “الوطن” التعليق السابق بالحكيم والعميق، ويمنحنا مؤشراً عن خطأ إنساني شائع يتورط فيه البعض أحياناً حين يعلقون المشكلات الكبرى في رقبة شخص أو اثنين أو ثلاثة أو أكثر. نمط التفكير هذا يعني ببساطة أن الدنيا سوف ينصلح حالها، إذا اختفت هذه الشخصيات. فحال السياسة سوف يختلف إذا اختفى فلان وعلان، وحال الإعلام سينصلح إذا غاب هذا أو ذاك، وحال الاقتصاد سوف يستقر إذا خرج من السوق هذا أو تلك، وحال الفن سيتحسّن إذا تراجعت سيطرة النجم الفلاني أو العلاني على سوق الأعمال الفنية، وحال الخطاب الديني سوف يتطور إذا اختفى هذا الداعية أو ذاك. هذا النمط من الطرح، ناهيك من طابعه الاختزالي، يضر أكثر مما ينفع، وهو بحال لا ينتج إصلاحاً في الواقع، بل يُشخصن القضايا الكبرى المهمة والملحة، ويُحول النقاش حولها إلى سجالات استهلاكية لا تؤدي إلى تغيير ذي قيمة على مستوى القضية. ما أسهل حل المشكلات لو كان السبب فيها شخصاً أو ثلاثة أو عشرة أو مئة شخص. لو كان الأمر كذلك لهانت أي مشكلة، وحُلت بمجرد أن تتخلص من هؤلاء الأشخاص. المسألة أكبر من ذلك بكثير، والمشكلات داخل أي مجتمع هي جزء من تركيبته، ولا حل لها إلا بالمعالجة الموضوعية.. وطريق المعالجة الموضوعية هو الطريق الصعب والأشد إرهاقاً والأكثر طولاً. أكبر المصلحين في التاريخ الإنساني وهم أنبياء الله، واجهتهم آفة عدم الفصل بين الذات والموضوع.
إسرائيل هناك
ما زال الدكتور أحمد الصاوي كما أوضح في “المشهد” يرى أن لإسرائيل دورا مؤثرا في المؤامرة التي تهدد المصريين: “على الرغم من أن تل أبيب لم تضبط متلبسة بأي تصريح يتصل بسد النهضة من قريب أو بعيد ولو حتى بالدعوة للتفاهم بين أطراف الأزمة، إلا أنه بوسع المراقب السياسي أن يشتم رائحة خبراتها في “الدعاية” وادعاء الحق، بالمخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية ثم قبل ذلك وبعده بتقسيم التعامل مع بناء السد، وما يثيره من خلافات بأسلوب كيسنجر، أي سياسة الخطوة خطوة، وأيضا الفصل بين المسارات بتفريق الأطراف التي يمكن أن تتخذ موقفا موحدا ضدها. وفي ما يتعلق بسد النهضة، فإن إثيوبيا اعتمدت منذ بداية التنفيذ الفعلي سياسة من شأنها تشجيع السودان على عدم الالتقاء مع الموقف المصري الرافض ابتداء لفكرة إقامة سدود تتحكم بفيضان النيل الأزرق. وقد وجدت تلك السياسة مناخا ملائما في ظل حكم البشير، أولا بحكم الخلافات “الإخوانية” مع مصر، وثانيا لوجود رافد سوداني داخلي معاد لمصر على خلفية تاريخية تمتد من الثورة المهدية إلى استفتاء تقرير المصير”.
اخت بلادي
تابع الدكتور أحمد الصاوي: “ظل السودان يرفل في الشعار المريب “إثيوبيا أخت بلادي” وهو على يقين بأن السد يمكن أن يلحق الأذى بمصر، ولكنه أبدا لن يمس السودان بسوء، وكانت قمة نجاح خطة الفصل بين مصر والسودان في هذا الشأن، امتناع الوفد السوداني في مفاوضات واشنطن عن التوقيع على مسودة الاتفاقية، مثلما فعل الوفد الإثيوبي، مع ملاحظة أن ذلك كان بعد الثورة وسقوط نظام الكيزان. وقد تعثرت خطة الفصل بين المسارين السوداني والمصري، بعد أن عاين السودان فعليا النتائج السلبية للملء الأول على سدوده الصغيرة ومحطات توليد الكهرباء، وأصبح هناك تناغم، وربما تنسيق جزئي بين مواقف القاهرة والخرطوم مع إدراك حجم التهديد الذي تشكله كمية المياه، وراء سد هناك شكوك حقيقية حول درجة أمانه إنشائيا، ناهيك من القوة الهائلة التي يمنحها للطرف الإثيوبي للتحكم بدولتي المصب. من جهتها فإن القاهرة عمدت إلى تدفئة هذا التنسيق، بل ووافقت بدون تردد على اقتراح السودان للوساطة الرباعية وبدت الأمور في أوج حيويتها مع إسهامات قيمة من الخبراء السودانيين في مجال الري ، لكن ذلك كله ربما يكون على المحك في مقبل الأيام”.
هدف سري
لجأت إثيوبيا منذ التسعينيات من القرن الماضي كما أوضح محمد البرغوثي في “الوطن” إلى الحديث المكثف حول حاجتها لمياه النيل الأزرق في الزراعة، ولكن عدم صلاحية أراضي حوض هذا النيل لأي زراعة، دفعها إلى اختلاق حجة بناء سد عملاق على النيل الأزرق لتوليد الكهرباء، بهدف استخدامها في التنمية المحلية أولاً، ثم تصدير الفائض منها إلى دول الجوار، والمثير في الأمر كله أن الاهتمام ببناء سدود على النيل الأزرق لم يكن مطلباً إثيوبيا من الأساس، لأنها لم تكن في أي وقت، ولن تكون أبداً، في حاجة إلى حجز أو استثمار مياه هذا النهر تحديداً، لأنها تملك 11 نهراً آخر تجري في أراضيها، وتعوم فوق خزان مياه جوفي متجدد يكفيها لمئات السنين، وتنهمر عليها أمطار كثيفة تجعل منها واحدة من أغنى دول العالم امتلاكاً للمياه.. وهناك إجماع من كل خبراء العالم في ملف المياه، على أن مشكلة إثيوبيا الحقيقية تنبع من أنها «نافورة مياه» هادرة تعمل بدون ضابط، وتحيل أرضها إلى مستنقع يحتاج إلى معالجات علمية لزراعته وتنميته، بدلاً من الخضوع لضغوط الوحش الرأسمالي، الذي تشير كل الأدلة إلى أنه يؤجج الصراع حول موارد المياه لاختطافها والاتجار فيها لصالح شركاته أولاً وأخيراً.. وأن إثيوبيا ذاتها التي ستحرم مصر من موردها الوحيد للمياه العذبة، لن تحقق أدنى استفادة محلية لشعبها.
قنبلة مائية
مؤخراً والكلام ما زال لمحمد البرغوثي، كشفت إثيوبيا عن هدفها الأساسي من بناء سد النهضة، وأصبح الحديث عن حقها في حجز مياه النيل الأزرق باعتباره مورداً طبيعياً يخصها وحدها، مسموعاً وصاخباً، بدون أدنى اعتبار للأعراف والقوانين الدولية الحاكمة لتوزيع مياه الأنهار العابرة في أكثر من دولة، وتعرف إثيوبيا جيداً أن هذه الأعراف والقوانين تلجأ إلى حساب كل المصادر المائية المتاحة لكل دولة على حدة، وأنه لا يحق أبداً لدولة – لمجرد أنها مكان المنبع – أن تحتجز قطرة واحدة من المياه، إذا ثبت أنها تملك مصادر أخرى للمياه، ثم إذا ثبت أن دولة المصب لا تملك أي مصادر أخرى للمياه تعوّضها عن احتجاز ما يصلها من مياه من المورد المراد حجزه، والثابت لكل خبراء العالم أن إثيوبيا ليست في حاجة إلى احتجاز مياه النيل الأزرق، وأن مصر بدون هذا المورد ستتعرض لكارثة تهدد وجودها ذاته.. ورغم ذلك بلغ التعنت الإثيوبي حداً لا يمكن احتماله، وهو ما دفع الرئيس السيسي إلى التلويح بالحرب دفاعاً عن حق مصر في الوجود، ودفعاً لخراب ماحق ومدمر إذا تم حجز مياه النيل الأزرق. وفي قلب هذا التفاعل الخطر دخلت أمريكا إلى حلبة الصراع، وكشفت القناع عن وجهها الصريح.. وإذا بوزير خارجيتها يحاول تجريد مصر والسودان من اللجوء إلى الخيار العسكري دفاعاً عن وجودهما، ويعيد أطراف النزاع إلى بداية طريق التفاوض حتى تنتهي إثيوبيا من الملء الثاني والثالث لخزان سد النهضة، ويتحول إلى «قنبلة مائية» تفرض على الجميع الخضوع لقوى السوق، والاتفاق جبراً على أثمان بيع وشراء المياه من هذا البنك العملاق، الذي سيتحول بالتدريج إلى عدة بنوك تحتجز المياه للاتجار فيها وتحقيق فوائض مالية سيذهب معظمها إلى الوحش الرأسمالي، وليس إلى إثيوبيا كما يتصور بعض قادتها.
الوقت يداهمنا
سلاح الوقت ضاغط علينا جدا في ما يتعلق بقضية سد النهضة الإثيوبية، تابع عماد الدين حسين في “الشروق”: “الوقت يلعب ضدنا ولصالح إثيوبيا. هي أعلنت بكل الطرق أنها سوف تنفذ الملء الثاني للسد في الصيف المقبل في كل الأحوال، بل أطلقت حملة قبل أيام قليلة عنوانها «لن تمنعنا قوة على وجه الأرض من إكمال ملء السد». أعتقد بل ربما أجزم بأن أصحاب القرار في هذا الملف في مصر لديهم تصورات كاملة عن المستقبل. هم يملكون المعلومات والبيانات الكاملة، وبالتالي لديهم خطط مكتملة وسيناريوهات صالحة لكل التطورات. فى هذه السطور سوف أقترح مجموعة من الخطوات التي يمكن تنفيذها بدءًا من الآن، وحتى بداية موسم الأمطار في هذا الصيف، والمرجح أن يكون في شهر يوليو/تموز المقبل، لكن السودان أعلن أن الملء قد يبدأ في مايو/أيار ويونيو/حزيران المقبلين أي بعد أيام. أول هذه الاقتراحات أن نكثف نشاطنا السياسي على كل الجبهات المؤثرة خارجيا، بدءا من القارة الافريقية. علينا أن نرسل مبعوثين إلى أكبر عدد من الدول الإفريقية خصوصا كل دول حوض النيل، ومبعوثين للدول العربية والإقليمية المؤثرة والقوى الكبرى، خصوصا الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. نشرح لهؤلاء القصة من بدايتها قبل عشر سنوات، حتى وصلت للطريق المسدود. علينا أن نخطر مجلس الأمن رسميا بأننا بذلنا كل جهودنا من أجل التوصل لاتفاق سلمي، لكن تعنت إثيوبيا أفشل ذلك. علينا أن نضمن تأييد أمريكا، خصوصا أنها قدمت اتفاقا في فبراير/شباط قبل الماضي، لكن إثيوبيا تهربت من التوقيع عليه. وإذا لم نتمكن من كسب تأييدها، فعلى الأقل نضمن حيادها. والخطوة الثانية هي أن نذهب للاتحاد الافريقي رسميا ونشهده أننا التزمنا بالمسار الافريقي طوال عام كامل، ولم نصل لنتيجة، وأننا سوف ندافع عن حقوقنا بكل الوسائل”.
إنذار أخير
مضى عماد الدين حسين مقترحاً ما ينبغي عمله: “الخطوة الثالثة أن نبلغ إثيوبيا بأننا سوف نجمد توقيعنا على اتفاق المبادئ الثلاثي الموقع في الخرطوم في مارس/آذار 2015، إذا لم تمتثل وتوقع اتفاقا قانونيا ملزما، في مهلة معينة ولتكن أسبوعين. الخطوة الرابعة، هي توجيه إنذار لإثيوبيا بأن عدم توقيعها على الاتفاق، أو على الأقل توقفها عن الملء الأحادي، سوف يجعل مصر في حل من كل اتفاقياتها السابقة، وأنها سوف تتخذ كل الخطوات بما فيها العسكرية لضمان حقوقها المائية. الخطوة الخامسة هي سحب بعثتنا الدبلوماسية من إثيوبيا، أو تقليصها لأقل عدد ممكن، أو استدعاء سفيرنا في أديس أبابا حتى نشعر إثيوبيا بأن الأمر جاد ولا هزل فيه. الخطوة السادسة: هي إبلاغ إثيوبيا بأن إصرارها على الملء الأحادي، يعنى إعلان الحرب على مصر، باعتبار أن ذلك سوف يؤثر في حقوق مصر المائية. وأنها سوف تعتبر المنطقة الواقع فيها السيد منطقة عمليات عسكرية، كل من فيها سيتم التعامل معه باعتباره هدفا عسكريا. إذا أصرت إثيوبيا على السير في طريق التعنت والتحدي والمكابرة. فوقتها لن يكون هناك مفر أمام مصر، سوى استخدام قوتها الشاملة من أجل إجبار إثيوبيا على الإنصات لصوت العقل والحكمة. الخطوة السابعة هي ضمان التنسيق مع السودان الشقيق في كل الأوقات والمراحل، باعتبار ذلك إجراءً جوهريا للضغط على إثيوبيا،. الحرب ضارة وخطيرة، لكن مرة أخرى هي في بعض الأحيان تكون حتمية، خصوصا إذا تعلق الأمر بحياة ومستقبل كامل لبلد كبير مثل مصر، تشكل مياه النيل أكثر من 95٪ من موارده المائية”.
شكراً قيس
عبر الدكتور أسامة الغزالي حرب في “الأهرام” عن خالص تقديره للرئيس التونسي قيس سعيد – الذي وصل لمصر يوم السبت الماضي – على كلمته الرائعة، في المؤتمر الصحافا المشترك مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي أرجو أن يطلع عليها المصريون جميعا. ويهمني هنا أن أكرر نص ما قاله الرئيس قيس سعيد بشأن قضية سد النهضة.. بالنسبة إلى التوزيع العادل للمياه، أقولها و أكررها أمام العالم كله: نحن نبحث عن حلول عادلة، ولكن الأمن القومي لمصر هو أمننا، وموقف مصر في أي محفل دولي سيكون موقفنا. أقول هذا عن قناعة تامة لأننا قرأنا التاريخ جيدا، ونستشرف المستقبل جيدا، ولن نقبل أبدا بأن يتم المساس بالأمن المائي لمصر. وتابع الكاتب: سيادة الرئيس تحدث منذ قليل عن حلول عادلة، نعم عن حلول عادلة، ولكن ليس على حساب مصر، وعلى حساب أمتنا. هذا نموذج لموقف واضح، ولكلمات قوية حاسمة تأييدا لمصر في معركة حيوية بالنسبة لها، كلمات ومواقف لم تصدر عن آخرين كان يتصور أن يكونوا هم أيضا داعمين لمصر.. كما يزيد من أهمية هذا الموقف عضوية تونس غير الدائمة حاليا في مجلس الأمن، بما ينطوي ذلك عليه من إمكانية تدعيم النشاط الدبلوماسي المصري لحشد التأييد لموقفها من سد النهضة. غير أن كلمة الرئيس سعيد ولدت حنقا وغضبا لدى القوى الإخوانية في تونس وخارجها. حقا، لم تصدر حركة النهضة (إخوان تونس) بيانات رسمية حول الزيارة، إلا أن شخصيات مقربة منها، وصفحات تابعة لها (كما قالت سكاي نيوز) عبرت عن موقف واضح، بوصف قيس سعيد بأنه أحد أبرز خصوم الحركة داخل تونس. ولكن سؤالا بريئا بسيطا يمكن هنا أن يثار وهو: ما الذي يغضب الإخوان من دعم تونس لمصر في قضية سد النهضة؟ الإجابة بسيطة للغاية: أن الإخوان ــ كعادتهم ــ لا يهمهم أمن مصر المائي، ولا تعطيش شعبها، ولا بوار أرضها، الإخوان يهمهم فقط أن يحكموا ويتحكموا، وفي ما عدا ذلك فلتذهب مصر وشعبها إلى الجحيم.
فلنتجه لهناك
نبقى مع الخطر الداهم بصحبة جلال دويدار في “الأخبار”: “على ضوء فشل الجولة الأخيرة لمفاوضات سد النهضة نتيجة استمرار التعنت الإثيوبي.. أعتقد أنه لم يعد أمامنا سوى اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي باعتباره الفرصة الأخيرة قبل ما هي آت. إن على هذه المؤسسة الدولية الموكول إليها حماية الأمن والسلم العالمي، أن تتحمل مسؤولياتها، ذلك أصبح حتميا بعد أن وصلت الأمور إلى منعطف خطير.. يتمثل في استهانة إثيوبيا بالحقوق المشروعة لمصر والسودان في مياه النيل وفقا للمواثيق الدولية، باعتباره نهرا عابرا للحدود. حقا لم تعد هناك فرصة للصبر من جانب مصر والسودان.. بعد أن أمضيا عشر سنوات في مفاوضات عقيمة وبلا جدوى. الدولتان أكدتا دوما التزامهما بحسن النية واحترام انتمائهما الافريقي والحفاظ على الروابط والعلاقات التاريخية التي تربط دول حوض النيل. هذا الأمر دفعهما إلى القبول بوساطة الاتحاد الافريقي التي لم تلق أي استجابة أو آذانا صاغية من جانب إثيوبيا. قبلها كانت المفاوضات التي شاركت فيها أمريكا والبنك الدولي، وتوصلت إلى اتفاق تهربت إثيوبيا من تنفيذه. اللجوء إلى مجلس الأمن سوف يكون الخطوة المقبلة والأخيرة لكل من مصر والسودان.. قبل التحرك للدفاع عن أمنهما القومي المائي.. التي تصر إثيوبيا على انتهاكه. إن الدولتين تتطلعان إلى نقل ملف الأزمة إلى مجلس الأمن.. إقناع إثيوبيا بالتعاون وحسن الجوار والعلاقات الأخوية والتخلي عن السلوكيات المعادية لسلام وأمن المنطقة، وبالتالي سلام وأمن العالم. على مجلس الأمن والمجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم وحاسم تجاه إثيوبيا. إنهما بهذا الموقف يكونان قد اضطلعا بواجبهما بالتصدي لإصرار إثيوبيا على تعريض أمن وسلام العالم إلى ما لا يحمد عقباه. أملنا أن يدرك مجلس الأمن هذا الواقع وخطر سلبية السكوت على سلوكيات المسؤولين عن حكم إثيوبيا”.
إنجاز لو تحقق
اهتم المستشار بهاء أبوشقة في “الوفد” بتصريحات الدكتور سعد نصار، مستشار وزير الزراعة، بشأن مشروع الدلتا الجديدة، حيث أكد أنه تم البدء في تكليف مركز البحوث الزراعية لتحديد واستنباط التراكيب المحصولية المطلوب زراعتها في المشروع، وبما يتناسب مع طبيعة منطقة محور الضبعة. كما أن توجيهات الرئيس السيسي تشدد على أهمية الارتقاء بالملف الغذائي والتركيز على التوسع الأفقي والرأسي في المساحات الخضراء، خاصة مشروعات الصوب الزراعية، التي تنفذها الحكومة وتسليمها إلى المنتفعين لزراعتها ضمن الـ1.5 مليون فدان. والمعروف أن اهتمام الدولة بمشروعات التوسع الزراعي يأتى ضمن استراتيجية تقليل الفجوة الغذائية وخفض فاتورة الاستيراد التي تكلف الدولة الكثير من العملات الصعبة، إضافة إلى سد العجز الكبير الذي تسببت فيه الزيادة السكانية خلال الفترة الأخيرة. كما تم التوجيه بتطبيق نظم الرى الحديثة والتقنيات المتطورة في منظومة الزراعة كافة. كما تم الاتفاق على زراعة محاصيل بمساحات كبيرة للقضاء على الحيازات الصغيرة، إضافة إلى إنشاء مجمعات خدمية من مدارس ومستشفيات وشبكات اتصال ومراكز خدمية. ويقول الدكتور نعيم مصيلحي مستشار وزير الزراعة، إن الرئيس السيسي حريص دائمًا على تنمية القطاع الزراعي، وإطلاق المبادرات القومية لتدشين المشروعات الكبرى لدعم اقتصاد البلاد. والمعروف أن الاهتمام بالقطاع الزراعي يعود إلى أهمية إنتاج الحاصلات الزراعية، في ظل الزيادة السكانية الكبيرة التي تحدث في مصر.. والدولة المصرية بدأت خلال الفترة الأخيرة التوسع في المشروعات الزراعية، ومن بينها مناطق توشكى والوادي الجديد وسيناء والعديد من المناطق الجديدة إلى جانب مشروع مستقبل مصر في محور الضبعة، الذي سيحقق طفرة كبيرة في إنتاج الحاصلات الزراعية. وقد بدأت الأجهزة المعنية في التجهيز للمساحة وتوصيل المرافق وأجهزة الري وحفر المواسير والآبار المطلوبة، ويشارك في ذلك جهاز الخدمة المدنية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة ووزارتا الزراعة والري.
معارك وهمية
أعلن الإعلامي عمرو أديب مقاضاته للفنان محمد رمضان، بعد إساءته له بشكل مباشر، حيث قال وفقاً لآية عادل في “الوفد”: “يا أنا يا أنت.. ولو محدش رباك أنا هربيك.. انهارده طلبت من المحامي بتاعي الاستاذ طارق جميل سعيد، أن يرفع قضية على محمد رمضان لإساءته ليا.. وندرت ندر قدام الناس كلها أي فلوس هاخدها منه هتبرع بيها لمستشفى الأطفال في أبو الريش”. وتابع: “الأيام الجاية كلها نكد خلينا ندخل بقى في قضايا ومحاكم، أنا راجل محترم ومش باخد حقي بالتجاوز ومش هدخل في سجال قليل الأدب لأني مش راجل قليل الأدب، أنا راجل محترم وبعبر عن آراء الناس والناس لما استاءت أنا عبرت عن استيائها.. إنما أنت لو فاكر إنك مسنود، القانون مبيسندش حد والبلد دي مفيهاش حد مسنود مهما كنت أنت مين.. وادينا قاعدين بينا القضاء”. وكان الإعلامي عمرو أديب قد شن هجوما عنيفا على الفنان محمد رمضان، بعد رد فعله على الحكم القضائي الصادر ضده بدفع 6 ملايين جنيه تعويضا للطيار أشرف أبواليسر، حيث ظهر وهو يلقي أموالا في حمام السباحة، ليوجه له رسالة صريحة قائلاً: “الناس مش لاقية فلوس وإنت بترميها حتى لو مزيفة.. اللي فاكرينه موسى طلع فرعون»، في إشارة إلى اسم مسلسله الجديد “موسى”، الذي من المقرر أن يخوض به السباق الدرامي لشهر رمضان المقبل 2021. شارك الفنان محمد رمضان جمهوره بمقطع فيديو جديد عبر حسابه الشخصي على موقع تبادل الصور و الفيديوهات أنستغرام، رداً على تصريحات الإعلامي عمرو أديب التي أدلى بها خلال الحلقة السابقة من برنامجه “الحكاية” المذاع عبر قناة mbc مصر الفضائية، حول فيديوهات محمد رمضان الأخيرة واستفزازه للجمهور بشكل دائم. ودمج “رمضان” مقطعا من مسلسله “نسر الصعيد” بحديث الإعلامي عمرو أديب الذي قال فيه: “يا بني إهدا يابني أرجع لعقلك يا حبيبي بلاش غرور”. ليرد عليه “رمضان” بهذا المشهد وهو يصفع أحد الممثلين بالقلم على وجهه قائلا : “إنت حاشر دماغك ليه”.
جرحنا الكبير
هذا هو ثمن الفوضى وتلك هي فاتورة الحرب الأهلية، عن لبنان وبأسى بالغ يتحدث مرسي عطا الله في “الأهرام”: “أتحدث عن البلد الشقيق لبنان الذي لم يذق طعم الراحة والهدوء منذ أن هبت عليه عواصف الفتنة عام 1975 وأشعلت حربا أهلية بأبعاد طائفية ومذهبية، بامتدادات دولية وإقليمية، ورغم التوصل إلى اتفاق الطائف عام 1989 فإن توقف هدير المدافع لم يصحبه توقف للمكايدات والصراعات السياسية، التي بلغت ذروتها بمسلسل الاغتيالات السياسية، الذي أعاد وضع لبنان على أبواب حرب أهلية جديدة، بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط عام 2005 لينقسم لبنان إلى فريقين.. فريق 14 شباط وفريق 8 آذار. وبدلا من أن تستوعب الطبقة السياسية الحاكمة دروس الحرب الأهلية، ومخاطر استمرار الانقسام السياسي الحاد فإن الجميع لم ينظروا سوى تحت أقدامهم فقط بحثا عن المكاسب السياسية، بأي ثمن، وبأي وسيلة، ما فتح المشهد اللبناني ليكون ميدانا للحرب الباردة التي تتصارع فيها القوى الإقليمية وتتصادم على أرضها سياسات القوى العظمى. وهكذا تحول لبنان من بلد كان يتميز عن باقي دول المنطقة بمستوى عال من المعيشة والتعليم والخدمات الصحية والاجتماعية، إلى بلد يتقاتل فيه الناس حول رغيف الخبز ويهبط سعر الليرة إلى مستويات رهيبة، وبينما الطبقة السياسية مشغولة بتقسيم الكعكة الوزارية وحسابات الثلث المعطل، وليس بين كل هؤلاء السياسيين من يملك شجاعة الاعتراف بالمسؤولية عما يجري اليوم. هذا بالفعل هو ثمن الفوضى التي تتحمل الطبقة السياسية بمختلف أطيافها كامل المسؤولية عنها، فالأزمة كبيرة وهؤلاء أصغر منها لأنهم لا يعرفون قيمة لبنان ووضعه الخاص كميدان للتصالح والتسامح، وليس كميدان للخلاف والتصارع. وآسفا أقول: إن اللعب في لبنان أصبح اليوم على المكشوف، لأن تجار السياسة الذين كانوا يستحون في الماضي، ويغذون النزاعات الطائفية من وراء الستار، أصبحوا اليوم يجاهرون بالدعوات المكشوفة لطلب الضمانات من قوى أجنبية وراء البحر لبعضهم، ومن قوى إقليمية عربية وغير عربية سندا للبعض الآخر”.
تكريمات وألقاب
لا تنقطع منشوراتهم على فيسبوك، ولا تخل صفحاتهم من تكريمات وألقاب وجوائز شبه يومية، يشاركون في أحداث وهمية، ويتحدثون عن شخصيات لا وجود لها في الواقع، ليكون التكريم عبارة عن صورة على الصفحة الرئيسية أو درع “افتراضي”، يواصل محمد أحمد طنطاوي كلامه في “اليوم السابع”، وقد انتشرت وتضخمت هذه الظاهرة وباتت إدمانا لدى البعض، لدرجة أنني أعرف شخصاً يحصل على تكريم كل 12 ساعة تقريباً، أي بمعدلات أكبر من تناول حبات دواء الضغط اليومية. الحقيقة التي اكتشفتها أن العديد من أصحاب التكريمات الوهمية يستغلونها في أعمال نصب على المواطنين البسطاء، ورواد السوشيال ميديا، وكل من ليس لهم خبرة في التعامل مع الوسط الصحافي والإعلامي، فالأمر ليس أكثر من مجموعة أخبار في مواقع مجهولة، أو مدونات مغمورة تتحدث عن تكريم فلان الفلاني من الأمم المتحدة، أو أي منظمة تحمل اسما غريبا، وتوصيفا لا نعلم عنه شيئا، وبذلك يصبح الضحية مؤهلا وجاهزا لعملية نصب كاملة الأركان، فبعض هؤلاء اللصوص بارعون في إيهام زبائنهم بقدرتهم على توفير وظائف لهم أو خلق فرص عمل في المجالات الإعلامية، وفي هذا الاتجاه ما أكثر الكيانات الوهمية والكارنيهات المضروبة والبطاقات المزيفة. بعض النصابين على السوشيال ميديا يضعون لأنفسهم ألقاباً علمية، ووظائف أكاديمية، وصفات تحتاج إلى عشرات الأبحاث والدراسات والجهود، حتى يحصل الباحث عليها، مع العلم أن بعضهم لم يستكمل بعد مرحلة تعليمه الأساسي، وربما كل ما لديه من شهادات أنه يجيد القراءة والكتابة، وهذا يشكل خطورة كبيرة على المجتمع، ويحط من قدر الشهادات العلمية، ويصيب الباحثين الذين يواصلون الليل بالنهار حتى يصلوا إلى درجاتهم العلمية بالإحباط واليأس. عمليات النصب والاحتيال موجودة في كل مكان في العالم، ولا ترتبط بما إذا كانت الدولة فقيرة أم غنية، متقدمة أم نامية، إلا أنها في مصر تأخذ أبعاداً متعددة، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بات الفضاء الأزرق يضج بالمناصب والألقاب الوهمية، ويحاول أصحابها إكساب أنفسهم صفات ووظائف لا أساس لها ولا قيمة، ولا تعبر إلا عن ضحالتهم وشعورهم بالدونية، وعدم القدرة على اقتحام مجالات العمل الحقيقية، ليظلوا فقط على الواقع الافتراضي، والفضاء الإلكتروني. على كل رواد السوشيال ميديا بمختلف منصاتها أن يتفهموا محاولات النصب التي تتم، وادعاءات البعض بشغلهم وظائف معينة، أو أدوار معينة أو تكريمات معينة لا أساس لها في الواقع، خاصة أن بعض البسطاء تنطلي عليهم مثل هذه الألاعيب، ويقعون في شرك النصب والاحتيال، وعلى الجهات المعنية أن تراجع وتحاسب منتحلي الصفة، خاصة أن هؤلاء يشكلون خطورة مباشرة على المجتمع، ويلعبون دوراً محورياً في أغلب عمليات النصب.
فيليب وأخرون
مات الأمير فيليب زوج الملكة إليزابيث، مؤخرا عن عمر 99 عاما. عاش الرجل الذي اهتم بحاله مصطفى عبيد في “الوفد” طويلا كشجرة صنوبر. وكم من بشر عاشوا كثيرا، ولم يحيوا، بينما رحل آخرون صغارا بعد أن عاشوا عملا وقولا وفكرا! ليس المهم أن تموت في التسعين، لكن المهم ما تفعله في عمرك أيا ما كان. ما تنتجه، وما تُنجزه، وما تتعلمه، وما تُعلمه للآخرين. ما تتركه لغيرك من ذكر، فكر، علم، تقدير مُجتمعي، وخير ممتد. إن الحياة الرتيبة، التقليدية، المعتادة، المتكررة، تمر على أصحابها كبضع ساعات. أما الحياة المتجددة، المتغيرة، متعددة المعارف والعلوم والمواقف، فتشعر صاحبها بأنه عاش طويلا طويلا. وليس أدل على ذلك من أن الشاعر التشيل العظيم بابلو نيرودا عاش سبعا وستين عاما وهو عمر قريب من متوسط الإنسان في بلده، لكنه كتب مذكراته معنونا إياها بـ”أشهد أني عشت». كذلك فإن الفنان الكبير يوسف وهبي سمى سيرته «عشت ألف عام»، رغم أن عمره امتد لأربعة وثمانين عاما فقط.
هذا العدو الصهيوني واجب طرده