غزة – “القدس العربي”: بوضع صحي خطير للغاية، يستمر الأسيران الإداريان خليل عواودة(40 عاما) من بلدة إذنا في الخليل، ورائد ريان( 27 عاما) من قرية بيت دقو شمال غرب مدينة القدس في إضرابهما عن الطعام، في وقت يواصل فيه باقي الأسرى الإداريين معركتهم ضد السجان الإسرائيلي “قرارنا حرية”، والتي تقترب من الخطوة الكبيرة المتمثلة في الدخول في إضراب جماعي كبير عن الطعام، فيما لا تزال سلطات الاحتلال تهمل مطالبهم.
ودخل الأسير عواودة شهره الرابع في معركة الإضراب حيث وصل إلى اليوم الـ 93 بدون تناول الطعام، فيما يواصل الأسير ريان إضرابه لليوم الـ 58 على التوالي.
وكانت سلطات الاحتلال، قد أعادت المعتقل عواودة قبل عشرة أيام مجددا إلى “عيادة سجن الرملة”، رغم وضعه الصحي الخطير جدا، وذلك بعد يوم من قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بنقله إلى المستشفى بشكل عاجل، نظرا لحالته الصحية الحرجة.
وفي هذا الوقت يعاني الأسير عواودة من أوجاع حادة في المفاصل، وآلام في الرأس ودُوار قوي وعدم وضوح في الرؤية، ولا يستطيع المشي، ويتنقل على كرسي متحرك، ورغم ذلك تتعمد إدارة معتقلات الاحتلال نقله بشكل متكرر إلى المستشفيات المدنية، بدعوى إجراء فحوصات طبية له، لكن في كل مرة تتم إعادته دون إجرائها، بذريعة أنه لم يصل إلى مرحلة الخطورة.
وحذرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين من “انتكاسة صحية مفاجئة” قد تؤدي لاستشهاد الأسير عواودة، بسبب نقص كمية السوائل والأملاح في جسمه.
وقال “نحذر من تعرضه لانتكاسة صحية مفاجئة قد تؤدي لاستشهاده، أو إصابة جهازه العصبي بسبب تضرر وظائف أعضائه الحيوية، كالقلب والكبد والكلى والرئتين”.
وأكد نادي الأسير أن الاحتلال يواصل سياسات التنكيل بحق المعتقل عواودة، ويرفض الاستجابة لمطلبه المتمثل بإنهاء اعتقاله الإداري.
وكذلك يعاني الأسير ريان، الموجود في زنازين العزل الانفرادي في “سجن عوفر”، من آلام في الرأس والمفاصل وضغط في عيونه، ويشتكي من إرهاق شديد وتقيؤ بشكل مستمر، ولا يستطيع المشي ويتنقل على كرسي متحرك.
ورغم الوضع الصحي لهذين الأسيرين، لا تزال سلطات الاحتلال تتنكر لمطالبهما، وترفض إطلاق سراحهما وإنهاء اعتقالهما الإداري.
وفي السياق ذاته، يواصل نحو 500 معتقل إداري مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال لليوم الـ 154 على التوالي، وذلك في إطار مواجهتهم لجريمة الاعتقال الإداري تحت شعار “قرارنا حرية”.
وشرع المعتقلون الإداريون بتنفيذ خطوات نضالية، منذ مطلع العام الحالي التي تشمل مقاطعة محاكم الاحتلال، كما أضافوا مؤخرا خطوات نضالية جديدة مثل الامتناع عن الوقوف للعد وكذلك الاعتصام في ساحة الفورة.
وتشكل مقاطعة محاكم الاحتلال إرباكا لدى إدارة معتقلات الاحتلال، وتساهم في تعريف الوفود الأجنبية التي تزور المعتقلات كل فترة بقضية الاعتقال الإداري، وبالتالي تسليط الضوء عليها ونقلها للعالم.
والاعتقال الإداري هو اعتقال دون تهمة أو محاكمة، ودون السماح للمعتقل أو لمحاميه بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة، ويعد ذلك خرقا واضحا وصريحا لبنود القانون الدولي الإنساني، حيث باتت إسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة، وتزعم سلطات الاحتلال، بأن المعتقلين الإداريين لهم ملفات سرية لا يمكن الكشف عنها مطلقا.
وفي أغلب الأوقات يتعرض المعتقل الإداري لتجديد مدة الاعتقال أكثر من مرة، وتشمل مدة التمديد ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو ثمانية، وقد تصل أحيانا إلى سنة كاملة، ووصلت في بعض الحالات إلى سبع سنوات.
وكانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، طالبت بسبب الوضع الذي يعيشه الأسرى الإداريون، بوضع حد لمعاناتهم، كما طالب بوضع حد لمعاناة المعتقل محمد الحلبي الأب لخمسة أطفال، والموقوف إداريا لستة أعوام متتالية في سجون الاحتلال.
وطالبت الأمانة العامة، في بيان صحافي، جميع المنظمات الدولية والعربية وفي مقدمتها مجلس حقوق الإنسان، لممارسة المزيد من الضغوط على سلطات الاحتلال لإنهاء الظلم الذي يتعرض له الأسير الحلبي بهذا الاعتقال، إذ يتجدد انعقاد جلسات محاكمته على مدار السنوات الست ليبلغ الجلسة رقم (170) المقرر لها هذا الشهر، بظروف تفتقر إلى أدنى شروط العدالة، وقالت “إن محاكمة الأسير الحلبي الموظف في منظمة دولية إنسانية، إنما تستهدف عمل المنظمات الحقوقية والإنسانية، وهي تهديد مباشر لهذا العمل، للتعتيم على الممارسات والجرائم الإسرائيلية التي تنتهك أبسط قواعد القانون الدولي، وذلك ما يضاعف من مسؤولية المنظمات والهيئات الدولية المختصة في فضح ووقف هذه الممارسات”.
كما دعت إلى مضاعفة الجهود لوضع حد لمعاناة المعتقلين الإداريين الصامدين في وجه المحاكم الإسرائيلية الظالمة، وإلغاء أوامر الاعتقال الإداري.
هذا وقد تفاعل المئات من الفلسطينيين والنشطاء الأمريكيين مع حملة شعبية أطلقتها مؤسسات ومنظمات فلسطينية في الولايات المتحدة تطالب أعضاء الكونغرس الأمريكي بالضغط على حكومة الاحتلال للإفراج عن الأسير أحمد مناصرة الذي يعيش ظروفا إنسانية في غاية الصعوبة إثر تردي حالته النفسية مؤخرا جراء استمرار اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال منذ نحو سبع سنوات وهو طفل.
واشتملت الحملة على تنظيم وقفات احتجاجية في عدة ولايات أمريكية على مدار الأسابيع الماضية كان آخرها في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي أمام مكتب عضو الكونغرس جان سكاكوسكي لتسليط الضوء على قصة الأسير مناصرة والأسرى الأطفال في سجون الاحتلال.
هذا وقد تواصلت أيضا معاناة الأسرى المرضى من قلة الدواء، وعدم الاكتراث بحالتهم من قبل إدارة السجون، وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن المعتقلين ناهض الأقرع ومنصور موقدة، يتعرضان لإهمال طبي متعمد ومماطلة من قبل إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي في تلقي العلاج
وأوضح محامي الهيئة فواز شلودي، أن المعتقلين الأقرع وموقدة في “عيادة سجن الرملة”، مقعدان ويتنقلان على كرسي متحرك، في ظل غياب متطلبات الرعاية الصحية الخاصة بوضعهما، حيث يعاني الأول من أوجاع عديدة، نتيجة الإصابة التي تعرض لها قبل اعتقاله، وأدت إلى بتر قدمه اليسرى، ليتفاقم وضعه الصحي فيما بعد داخل السجن، فقد رفضت عيادة السجن، إجراء العمليات الجراحية اللازمة له، لإزالة شظايا الرصاص، واكتفت بإعطائه المسكنات، فأصبحت قدمه اليسرى تشكل خطرا على بقية جسده، بسبب تعفن أنسجتها الداخلية، فقررت إدارة مصلحة السجون بتر قدمه اليمنى، وذلك في عام 2013 في مستشفى “أساف هاروفيه” الإسرائيلي، ليصبح بعدها مبتور الساقين.
ونوهت الهيئة إلى أن وضع المعتقل موقدة لا يختلف كثيرا عن الأقرع، كونه يعتبر من أصعب الحالات المرضية في سجون الاحتلال، ويتواجد بشكل دائم “عيادة سجن الرملة”، منذ اعتقاله قبل عشرين عاما، حيث كان قد أصيب بعدة رصاصات بجسده خلال محاولة اعتقاله، رصاصة بالبطن ورصاصة في العمود الفقري ورصاصة في منطقة الحوض، مما أدى الى إصابته بشلل ليصبح الكرسي المتحرك مرافقه الدائم.
وجاء ذلك في وقت أبقت فيها قوات الاحتلال على وتيرة اعتقالاتها المرتفعة، حيث رصد تقرير جديد، قيام تلك القوات باعتقال 530 مواطنا، خلال شهر مايو/أيار الماضي.
وأوضحت الهيئة في بيان صحافي، الخميس، أن غالبية المعتقلين من القدس المحتلة وأحيائها، في حين بلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة في الشهر الماضي 157 أمراً من بينها 82 أمرا جديدا، و75 أمر تمديد.