نواكشوط –”القدس العربي”: حذرت توصيات نشرت للتو صادرة عن المؤتمر الإقليمي لأمن البحار الذي انتظم الشهر الماضي بالعاصمة أكرا، من تهديدات تتزايد يوما بعد يوم لنشاط القرصنة البحرية في المياه المتاخمة لخليج غينيا التي أصبحت تشكل وكرا مكتظا للسطو على السفن واختطاف الرهائن.
ولاحظ التقرير الصادر عن المؤتمر المذكور “أن 92 في المئة من عمليات اختطاف الرهائن المسجلة على مستوى بحار العالم، خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري من طرف المكتب البحري الدولي، منفذة كلها في خليج غينيا.
وسطا القراصنة على 27 من أعضاء طواقم السفن المارة عبر هذه المياه ذات الخطورة البالغة في خليج غينيا خلال النصف الأول من السنة الجارية، مقابل 25 عملية سطو على الطواقم سجلت السنة الماضية.
ومن بين السفن التي تعرضت للسطو باخرة محملة بمواد كيمائية وباخرة أخرى جرارة.
كل هذا أثار مخاوف حكومات دول المنطقة مما جعلها تنسق جهودها عبر مؤتمر أكرا لضبط الأمن في منطقة خليج غينيا التي باتت أخطر منطقة تهدد الملاحة التجارية على المستوى الدولي.
وأكد مصدر من منظمي مؤتمر أكرا حول سلامة الملاحة في خليج غينيا “أن الأرقام المنشورة والمتعلقة بإحصاء عمليات القرصنة غير دقيق؛ فعليات القرصنة المنفذة، حسب قوله، أكثر من الإحصائية المعلنة والسبب أن ربابنة السفن يفضلون عدم تقديم الشكاوى لأن تقديمها سيشل نشاط سفنهم وبواخرهم لما تتطلبه التحقيقات من إيقاف السفن أثناء التحقيق وبعده.
وكانت المتابعات الأمنية الدولية للملاحة البحرية قد أكدت في تقرير سابق لها “أن نشاط القرصنة البحرية قد ازداد خلال عام 2018.
وعلى مستوى منطقة غرب افريقيا، تضاعفت حوادث السطو والقرصنة البحرية خلال العام الماضي، في المنطقة الممتدة من كوت ديفوار حتى جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وأكد المكتب البحري الدولي “أن تطور القرصنة البحرية في خليج غينيا الذي يؤوي نيجريا وأنغولا البلدين الافريقيين المنتجين للبترول، يهدد الخطوط البحرية، ويتسبب في خسارة كبيرة للاقتصاد العالمي تقدر بعدة مليارات من الدولار.
ويؤكد موقع وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية أن المناطق البحرية الأكثر خطرا في عمق خليج غينيا تقع ما بين حدود ليبيريا وكوت ديفوار وعلى مستوى الحدود بين جمهورية الكونغو الديموقراطية وأنغولا.
وأوضح الموقع أن الخطر يشمل المياه الإقليمية والسواحل المقابلة لدول غينيا وسيراليون وليبريا وأنغولا.
وينتمي قراصنة البحر المدربون لعدة جنسيات، غير أن مشكلة القرصنة البحرية هي بالأساس مشكلة نيجرية بالنظر لانتماء غالب القراصنة لجمهورية نيجريا الاتحادية.
وينفذ قراصنة نيجريا عملياتهم انطلاقا من منطقة دلتا النيجر بشكل يتوسع ليشمل منطقة غرب افريقيا كلها.
ويؤكد البعض أن لقراصنة البحر النيجريين علاقات وروابط منفعية مع بعض المسؤولين العسكريين في نيجريا، حيث ينفذ القراصنة عملياتهم ودورات هروبهم، تحت حراسة قطاعات من البحرية النيجرية، كما أنهم يهاجمون السفن المارة بعد الحصول على معلومات مدققة عن طاقمها لدى البحرية التابعة للقوات البحرية النيجرية.
وينضاف لهذا أن البحرية النيجرية عاجزة عن أداء عملها بسبب كثافة نشاط البواخر المتوازي مع نشاط القراصنة، كما أن البحرية النيجرية نفسها غير مجهزة فيما ينشغل الجيش النيجري بمواجهة جهاديي حركة بوكوحرام ونشاط انفصاليي خليج النيجر، وهي منطقة تؤوي نشاطا تجاريا بتروليا واسعا جدا.
وأمام هذا الوضع تسعى الدول المطلة على خليج غينيا والدول المتضررة من نشاط القرصنة البحرية الدولية وهي سبع عشرة دولة، لإرساء تنسيق فيما هيئاتها الأمنية، وهو تنسيق تدعمه الولايات المتحدة وفرنسا التي وقعت عام 2013، على معاهدة ياووندي المركزة على نشاط القرصنة في خليج غينيا.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر عام 2018 نظمت البحرية الفرنسية مناورات “أغرانك أفريك ميمو 18” البحرية بمشاركة تشكيلات عسكرية من خمس عشرة دولة افريقية.