لم يعد هناك
سوى خمس دقائق
وساعات ليل متأخرة
خمس دقائقَ فقط..
يغلقُ دفاتر وذكريات
يسمح لليل أخيرا نزيلا
على الضلوع المتيبسة
ضلوعي المتحجرة
فغدا هنالك لي موعد
مع الريح
مع عصافيرِ الرَّب المتحررة
ستعود الشمسُ خائبة من بعد ثباتٍ
وتسبحُ في عيوني حمرة تلك الجميلة
تمشي على الأحلام المتبعثرة
غدا
سيصيح ديك حارتنا
وتتدلى عناقيدُ اللقاء
على أبواب حديقتنا
وغدا سيعود النبيذ الهارب
من زجاجاتِ الأمسِ المتكسرة
٭٭٭
سينتظر بكل لهفة خلف الأبواب
ينتظر أن يستقل حقيبة سفر
وأوراق الشعر العنيدة تحرسهُ
أما آخر القصائد فترقص وحيدة ..
تختالُ على الرفوف متكبرة
…
ليست سوى ليلةٍ
خمس دقائق أطير على بساطٍ مخملي
يصحبني لمدينة مدمرة
أتجول فيها وحدي
أركضُ وحدي
أهرب من مأساةِ الحنجرة
أبحث عن ظل البيتِ
عن بائع الورد والعسلِ
عن خبزةٍ تركتها
منذُ سنين مقمرة
أبحثُ
عن ظل الله
وعن رسائل العشقِ العابرة
قد غاب الحبُ منذ سنين
معلقٌ على مشانق المعذرة
غدا
ستُقام صلاةٌ وستبكي
عيونٌ كم تمنت أن
ترانا بلا أغنيةٍ
أن ترانا بلا صوتٍ
ستبقى طوابير الخبزِ والهواء
وسيحصي كل مقهور وعابر السبيلِ
سيحصي ساعات وأياما حائرة
وتبكي امرأةٌ والطفل على ثديها
يرضع ألم الأبِ العالقِ في الخاصرة
غدا..
سيعودُ الحبُ من منفاهُ الأخير
ليعانق الحسناءَ
مرة
ومرتين
وثلاثا وعشرا
وتطير على شباكي حمامةٌ..
ترمي بين كفّي عيونَ من بقيت
على كتفي ساهرة
ترتلُ حروفا دمشقية
ويلبسني شَعرُ امرأةٌ
ترتب في رأسي بقايا القصيدة
ترتب الخاطرة
فغدا
ستعود حقيبتي المسافرة ..
سنطير من بلاد الزنازين
وللزنازين حدودٌ
مفاتيح في يدِ جدتي المهاجرة
سنطير يوما..
سنعود يوما
نخرج فيه
من رحم ولادة بقيت طويلا خائفة
من رحمِ ولادةٍ عاسرة
٭ شاعر سوري