تم الحديث في الاسبوع الماضي كثيرا عن مهاجمة الوسائل القتالية في سورية التي كانت في طريقها الى حزب الله، ونسبت مصادر اجنبية الهجوم الى اسرائيل، واتصل بالقضية استقرار الرأي على هجوم آخر اذا احتيج الى ذلك وحينما يُحتاج اليه، وخطر رد سوري محتمل يدفع المنطقة الى حرب، وأنباء منشورة جديدة تصف استعدادا مختلا للجبهة الداخلية لحماية نفسها من السلاح الكيميائي. ليس نقل السلاح من سورية الى حزب الله أمرا جديدا، فان جزءا كبيرا من القذائف الصاروخية والصواريخ التي عند حزب الله سلحته بها ايران عن طريق سورية، ونُقل جزء منها من مستودعات ذخيرة الجيش السوري وهي من صنع سوري ذاتي أو اجنبي. وتتابع اسرائيل منذ زمن انتقال السلاح، وحذرت من انها لن تقبل نقل سلاح نوعي. ولقد نقلت سورية في الماضي قليلا جدا من الوسائل القتالية النوعية الى حزب الله.
تتطلب العملية، اذا كانت اسرائيل قد نفذتها قبل كل شيء، قدرة استخبارية في الوقت المناسب وقدرة من المستوى العسكري والسياسي معا على اتخاذ قرار، بعد تحليل جملة العناصر واحتمالات الرد بعد العملية، وجهازا عسكريا يعرف كيف ينفذ المهمة تنفيذا دقيقا، مع الاعتماد على المعلومات الاستخبارية في الوقت المناسب. وقد برهنت اسرائيل في الماضي أكثر من مرة على أن لها قدرة على تنفيذ عمليات من هذا النوع.
قبل كل عملية كهذه يتم تقدير عام للوضع في هيئة القيادة العامة، وفي المستويات السياسية بعد ذلك، وبعد فحص جملة عناصر يوافقون أو لا يوافقون عليها. والعناصر الرئيسة في اتخاذ القرار هي: الفحص عن النظام السياسي الذي يشتمل على النظام العالمي والاقليمي (القوى الكبرى ودول المنطقة)، والرد السوري والخطر على قواتنا، والقدرة على تنفيذ هذه العملية مرة اخرى، والفحص عن المعلومات الاستخبارية، مع تأكيد القدرة على تنفيذ العملية، حسب الشروط التي أقرها المستوى السياسي وغير ذلك. وتُفرض احيانا قيود على المستوى التنفيذي لمضاءلة الخطر ومنع التورط، أو تُختار طريقة عمل سرية تُمكّن الطرفين من احتواء العملية بعد انتهائها.
إن الوضع الذي نشأ الآن يُعقد جدا مسار اتخاذ القرار في المستقبل ويُصعب قدرة اسرائيل على العمل، فروسيا ترى ان سورية هي آخر قلعة يمكنها منها التأثير في الشرق الاوسط، وإن تسليح السوريين بصواريخ إس300 قد يضائل بقدر ما حرية عمل سلاح الجو الاسرائيلي في المنطقة. إن الولايات المتحدة في هذه المرحلة غير معنية بمواجهة الروس، وتريد احتواء الحرب الأهلية في سورية. وترى تركيا الهجوم على قوافل السلاح – حتى حينما يضر ذلك بالاسد – فعلا غير مناسب قد يُشعل المنطقة كلها ويضر بمكانتها. وترى ايران الاسد حليفا يُمكّنها من تسليح حزب الله وتهديد دولة اسرائيل به. وتهدد سورية بالرد على كل هجوم في المستقبل بتشجيع من ايران وحزب الله.
ستجد اسرائيل نفسها في مفترق قرار معقد اذا اضطرت الى ان تهاجم مرة اخرى قافلة/ مخزن سلاح نوعي في سورية، وتُعرض نفسها لخطر رد سوري بعد هجوم من هذا النوع، لكن عدم رد اسرائيل من جهة اخرى قد يُفسر بأنه موافقة على نقل وسائل قتالية نوعية تُعرض للخطر مواطني دولة اسرائيل في المستقبل.
إن الخيارات المعروضة على اسرائيل الآن هي: اجراء دبلوماسي بمساعدة روسية وتأييد امريكي (ويبدو ان هذا الاجراء لن ينجح بسبب المصالح الروسية في سورية)، وهجوم على شاكلة الهجوم الأخير مع التعرض لخطر رد سوري، قد ينزلق الى حرب أو الى جولة عنيفة مع سورية وحزب الله، أو هجوم تحت ‘سقف الضجيج’ بعملية سرية تتم باستعمال وسائل خاصة ووحدات خاصة وتترك أثرا اسرائيليا خفيا وتُمكّن اسرائيل من الانكار والسوريين من احتواء الحادثة.
يواجه قادة الدولة وقادة الجيش مهمة معقدة، لكنها ليست غير ممكنة. يمكن ويجب منع تهريب السلاح النوعي الى حزب الله وعند دولة اسرائيل وسائل شتى لفعل ذلك من غير أن تتعرض لخطر الافضاء بالمنطقة الى حرب.
اليعيزر ماروم
يديعوت 26/5/2013