عشية اللقاء في البيت الابيض بين الرئيس الامريكي براك اوباما والرئيس الفلسطيني محمود عباس، يبدو ان مبادرة السلام الامريكية التي انطلقت على الدرب قبل ثمانية اشهر توجد في مراحل متقدمة من النزع الاخير. ففجوات أساسية كبيرة، مطالب علنية أدت الى تصليب المواقف وعدم ثقة عميقة بين القيادتين في القدس وفي رام الله تؤدي الى أن تصبح المعجزة الطبية وحدها هي التي يمكنها أن تنقذ هذا المريض. من غير المتوقع للقاء بين اوباما وعباس ان يغير بشكل دراماتيكي الوضع السيء الذي توجد فيه المسيرة السلمية. فالاخير يصل الى الغرفة البيضوية انطلاقا من النية لرفض وثيقة الاطار الامريكية، فقد فعل الرئيس الفلسطيني في السنة الاخيرة كل شيء كي يمتنع عن الشرخ مع الولايات المتحدة، ولكن مستشاريه اقنعوه بانه هو ايضا يمكنه أن يقول ‘لا’ لاوباما ويعود الى الديار بسلام. لقد ركز الامريكيون، ولا سيما وزير الخارجية كيري، في الاشهر الاخيرة على الخطة الاصلية تحقيق وثيقة اطار تتضمن مبادىء لحل المسائل الجوهرية وتشكل اساسا لاستمرار المفاوضات. رغم بعض التفاهمات بين اسرائيل والولايات المتحدة بالنسبة لقسم من بنود الوثيقة لا يوجد اليوم تقريبا اي بند في الورقة الامريكية يوجد عليه توافق بين اسرائيل والفلسطينيين. لقد أبدى كيري في الاشهر الاخيرة تفاؤلا كبيرا بالنسبة لفرص بلورة وثيقة اطار، ولكنه عمليا أخطأ في قراءة الواقع وأخطأ في تقوين مجالات المناورة لدى الطرفين. ليس واضحا اذا كان لم يفهم أو ببساطة سمع ما اراد ان يسمعه. فقد ظن أنه سينجح في تحقيق هذه الوثيقة منذ كانون الاول، ولكن بعد ثلاثة اشهر من ذلك لا تزال مثل هذه الورقة لا تلوح في الافق. بعد أن ينتهي اللقاء بين اوباما وعباس ستبدأ واشنطن باستيعاب الاعتراف الاخير في أنه لا يمكن الوصول الى وثيقة اطار متفق عليها. وعندما يحصل هذا، سيجد الامريكيون انفسهم مع 11 يوم فقط لبلورة خطة بديلة. واذا لم تتوفر مثل هذه الخطة حتى 28 اذار بحيث تؤدي الى تمديد المفاوضات، فان اسرائيل لن تنفذ الجولة الرابعة من تحرير السجناء والتي كانت تعهدت بها. والمسافة من هنا وحتى الانهيار التام للمسيرة قصيرة جدا. سيتعين على الامريكيون أن يختاروا بين خيارين سيئين. الاول أن ينتزعوا من عباس التزاما بعدم التوجه الى الامم المتحدة ومن نتنياهو بادرة كتحرير سجناء آخرين أو كبح جماح البناء في المستوطنات، الى جانب تمديد المحادثات دون وثيقة اطار. وستدحرج مثل هذه الخطوة الكرة في منحدر الطريق لتؤجل الازمة بتسعة اشهر حتى سنة، ولكنها لن تؤدي الى شيء غير المزيد من المحادثات العابثة. أما الخيار الثاني فهو أن توضع أمام الطرفين وثيقة اطار امريكية تعرض مبادىء لحل كل المسائل الجوهرية، ودعوتهما الى ادارة المفاوضات على اساسها. مثل هذا الاقتراح من حيث كل شيء أو لا شيء كفيل بان يؤدي الى اختراق، ولكنه ينطوي على خطر ان يرفضه الطرفان رفضا باتا. في مثل هذا الوضع لن يبقى أمام ادارة اوباما خيار غير الاعتراف بهزيمتها والاعلان عن سحب يدها من المسيرة السلمية. عندما يبدأون في البيت الابيض وفي وزارة الخارجية في واشنطن ببلورة خطة بديلة سريعة ستقف الى جانبهم حقيقة مركزية واحدة. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس عباس على حد سواء لا يريدان للمسيرة أن تنهار ولا يريدان ان يكونا متهمين بالمسؤولية عن الفشل. وكان يسرهما كليهما أن يحافظا على الوضع الراهن. اذا كان الامريكيون لا يزالون يحلمون بتقدم ما فان عليهم أن يوضحوا للزعيمين، ولا سيما لعباس أي آثار ستكون للفشل على علاقاتهما بالولايات المتحدة.