‘في نهاية الاسبوع بدأت مرة اخرى تتطاير التخمينات والالاعيب. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال في دافوس انه لا يعتزم اخلاء اي مستوطنة من مكانها، ولوحظ أنه اهتم بان يطرح هذا القول العام والملزم فقط بعد ان سُئل عن مستقبل غور الاردن تحديدا. وزراء اليمين في الليكود الموالين لنتنياهو أو المتدينين الوطنيين الذين يريدون أن يصدقوا نتنياهو قالوا: ‘انتصرنا. رئيس الوزراء لن يحرك اي مستوطنة واذا كان هذا هو الوضع فهذا يدل على أنه لا يوجد اي تقدم سياسي بل ولن يكون إذ لا يعقل ان تكون تسوية سياسية دون أن تتحرك اي مستوطنة من مكانها’. يا له من جميل. ‘انتظروا، انتظروا، على ماذا الحماسة؟’ هكذا وبخهم الوزراء اليمينيون الاكثر شكا، ممن لا يصدقون اي كلمة لرئيس وزرائهم. ‘وهنا ولد التلوي التالي: نتنياهو بالاجمال اعلن: ‘انا لا اعتزم اخلاء اي مستوطنة من مكانها’. هذا جيد وصحيح، ولكن نتنياهو لم يتبرع للسائلين باي جدول زمني. بمعنى أنه يريد القول: نتنياهو سيعقد اتفاقا جوهريا مع الفلسطينيين، المستوطنات ستخلى بل وستخلى جدا، ولكن ليس رئيس الوزراء هو الذي سيخليها. فعلى اي حال، يدور الحديث عن مسيرة متدرجة، والى ان نصل الى اخلاء المستوطنات فان نتنياهو لن يكون هناك. ‘هذا لن يحصل في ورديتي’ وكأنه هكذا يلمح نتنياهو للمهتمين. وكان هناك وزراء في الحكومة رأوا في تصريحات نتنياهو اشارة ودليلا على انه تبنى نهائيا مذهب وزير الخارجية افيغدور ليبرمان. إذ ما هو معنى جملة ‘انا لن اخلي اي مستوطنة؟’. فقد وجدنا ان ليبرمان يطلب الا تتحرك المستوطنات ملمتر واحد، لا اليهودية ولا العربية، بل الحدود وحدها هي التي تتحرك. بمعنى ان نتنياهو ووزير خارجيته يبنيان خطة عظمى لتقسيم البلاد، واذا ما تحفز الليكود وترك زعيمه، فان ليبرمان سيقدم له البنية السياسية التحتية البديلة للدفع بخطته الى الامام. وحسب هذه الرياضيات المشوقة فان ليبرمان يتخذ عدة خطوات لزيادة قوة كتلته ‘اسرائيل بيتنا’ في الكنيست وهو كفيل بان يضع’ تحت تصرف نتنياهو قرابة عشرة اعضاء كنيست يسيرون معه الى مثل هذه التسوية (علامات استفهام على استعداد الوزيرين يئير شمير وعوزي لنداو في الانضمام الى الخطوة). اما نتنياهو نفسه فيجند الى التسوية السياسية المشتركة أربعة خمسة اعضاء كنيست آخرين من الليكود. والاسماء المذكورة هي تساحي هنغبي، يوفال شتاينتس، ليمور لفنات، غيلا جمليئيل ومتردد واحد أو اثنين. اعضاء آخرون في الكنيست سيسرهم الانضمام اذا تبين ان الخطوة تنال الزخم بين الجمهور، وكفيلة بان تعطي نتنياهو ليبرمان 50 مقعدا في الانتخابات القادمة. الى الامام: وزراء الوسط اليسار، ولا سيما رجال تسيبي لفني في الحكومة وفي الكنيست، شعروا بالحرج في ضوء التصريحات في دافوس. فقد ضايقهم إذ رأوا في رفض نتنياهو ان يخلي حتى ولو مستوطنة واحدة نوعا من التكتيك. وشرحوا بان نتنياهو يوشك على ان يتلقى على رأسه اتفاق اطار وزير الخارجية كيري وهو يرفع المستوى ويعد التحفظات. هذه مسيرة طبيعية في المفاوضات، هكذا واسوا أنفسهم رجال لفني، اما نفتالي بينيت، المفعم بالروح القتالية، فطار على نفسه في جلسة الحكومة وقال لوزيرة العدل ‘انها تتراكض في العالم فقط وتبرر المقاطعات ضد اسرائيل’. اما وزير كبير آخر (وزير كبير من ناحيتي فهو وزير في المجلس الوزاري)، شاهد الجدال المتحمس هذا من الجانب فقال لي ببساطة: ‘لن يحصل اي شيء. فهدفنا هو تذويب المفاوضات على مدى العام 2014، على الاقل حتى الانتخابات للكونغرس في السنة القادمة. هذه هي الاستراتيجية وهذا هو التكتيك ايضا. الكل يعرف بانه بعد الانتخابات للكونغرس، في منتصف الولاية الثانية، يصبح الرئيس اوزة عرجاء. اذا لم تكن الانتخابات جيدة من ناحية اوباما، فانه سيكون ايضا اوزة مقطوعة الساق’. وانا الصغير، بعد مسيرة ذاتية من الفحص والنظر، اميل الى ان اشتري هذه الرواية السياسية. ‘ معاريف 27/1/2014