دايلي بيست: هذه هي دروس السقوط السريع للإخوان وحركة غولن

إبراهيم درويش
حجم الخط
1

لندن ـ “القدس العربي”:

نشر موقع “دايلي بيست” مقالا تحت عنوان “كيف سقط الإخوان بهذا الحجم وسريعا؟” أعده البرفسور أحمد تي كورو، استاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية سان دييغو وأشار فيه إلى العوامل التي أنهت حكم الإخوان بعد ثورة عام 2011 وأهمها القوى الديكتاتورية والرؤية المثالية وأخطاء الإخوان في اختيار الأصدقاء.

وقال كورو إن محمد مرسي أول رئيس منتخب في تاريخ مصر توفي فجأة أثناء محاكمته في شهر حزيران (يونيو) 2019. وكان عضوا في حركة الإخوان المسلمين التي يعود إنشاؤها لقرن من الزمان تقريبا ووصلت إلى السلطة بعد ثورة مصر عام 2011.

ويقول إن فترة حكمه كانت قصيرة حيث أطاح به انقلاب عسكري عام 2013 بعد عام من انتخابه. وأعلن النظام العسكري الجديد في مصر عن حظر جماعة الإخوان المسلمين التي حصل تحالفها السياسي على نسبة 38% من اصوات الناخبين في الإنتخابات البرلمانية عام 2011. واعتقل أفرادها وسجنوا وعذبوا وحكم على مرسي بالإعدام مع أن الحكم الغي بعد الإستئناف.

ويقول الكاتب إن سقوط حركة الإخوان المسلمين المفاجئ يذكر بسقوط سريع لحركة أخرى وهي حركة فتح الله غولن في تركيا. ففي تموز (يوليو) أحيا الرئيس رجب طيب أردوغان الذكرى الثالثة على الإنقلاب الفاشل الذي اتهم حركة غولن بترتيبه ضد حكومته. وأنكر غولن وهو عالم ورجل دين تركي يقيم في الولايات المتحدة منذ 20 عاما التهم الموجهة إليه وأي علاقة بالإنقلاب الفاشل.

وأنشأ في السبعينات من القرن الماضي مجتمعا إسلاميا وبحلول عام 2013 كان لحركته ملايين الأتباع حول العالم ولديه مؤسسات إعلامية ومدارس في أكثر من 100 دولة وحوالي 150 فرعا في الولايات المتحدة وحدها. وصور تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الحركة بأنها تقدم “نموذجا معتدلا من الإسلام”. وفي عام 2014 وصفت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي غولن بأنه “ثاني أقوى رجل في تركيا” بعد رئيس الوزراء أردوغان. واليوم صنف الرئيس التركي الحركة بالإرهابية ويتم التحرش وملاحقة المنتمين إليها بشكل منظم.

ويتساءل الكاتب عن الكيفية التي سقطت فيها حركة الإخوان وحركة غولن بهذه الطريقة والسرعة. ويقول إن أبحاثة في الديكتاتورية الإسلامية تكشف أن الجماعات عادة ما تكون ضحية لمجموعة من العوامل الخطيرة: دولة ديكتاتورية وأفكار مثالية عن الإسلام وأصدقاء لا يمكن الإعتماد عليهم.

ففي كل من تركيا ومصر كافحت الحركات الإسلامية للنجاة في ظل أنظمة ديكتاتورية قامت بالسيطرة على الممارسات الدينية. فقد قام رؤساء مصر الديكتاتوريين بوضع المساجد والأزهر تحت سيطرتهم. وفي تركيا هناك مؤسسة حكومية “ديانت” تتولى الشؤون الدينية وتحدد للشعب التركي ما هو “الإسلام الصحيح”.

وفي ظل حكم الرجل القوي أردوغان الذي أقام حكمه منذ عام 2013 على توليفة من المحافظة الدينية والقومية والديكتاتورية، أصبحت ديانت أداة مهمة للتحكم الإجتماعي. وبناء على هذه الظروف السياسية كان لدى حركة غولن والإخوان المسلمين مخاوف مشروعة من الإضطهاد. ويقول إنه قادة الجماعتين الذين قابلهم منذ عام 2013  في أثناء إعداده لكتابه افترضوا أنهم لن ينجوا من الملاحقة إلا في حالة استطاعوا السيطرة على مؤسسات الدولة. ويبدو أن مخاوفهم هذه تحققت. وكانت محاولتهم للسيطرة على مؤسسات الدولة ناجحة في البداية ولكنها أدت لردة فعل. بشكل انقلبت النخب السياسية في كل من تركيا ومصر على الجماعتين وصنفتهما بالعدو.

ويرى الكاتب أن المقارنة التي يحاول تقديمها هنا لن ترضي الغولونيين. فهؤلاء ينظرون لأنفسهم كجماعة غير سياسية ومنظمة مجتمع مدني مختلفة عن الإخوان المسلمين التي تنتمي إلى جماعات الإسلام السياسي ولديها أجندة سياسية واضحة. صحيح أن الغولونيين لم ينشؤا حزبا سياسيا، لكن تحالفهم مع أردوغان ثم خلافهم معه يثبت أنهم قوة سياسية في تركيا. ومثل الإخوان المسلمين يحمل الغولونيون رؤية مثالية عن الإسلام، وكلاهما ينظر إليه وإن بطرق مختلفة كحل لكل مشاكل المجتمع. والدين لهاتين الجماعتين هو الإطار الذي يجب ان يرشد المسلمين في كل دقائق الحياة من أداب الحمام إلى الحكم ويجب أن يكون القضاء والجيش والشرطة “إسلاميا”. ومن هنا ففي محاولة  السيطرة على الحياة اليومية في مصر وتركيا خلق الإخوان والغولونيون أعداء كثرا لهم. ونفروا منهم المواطنين الذين رفضوا أسلمة المجتمع وأغضبوا الحركات الإسلامية الأخرى التي شعرت أنها أبعدت عن السلطة.

ويرى الكاتب أن هناك عامل مهم أدى لسقوط الحركتين وهو أنهما لم تكونا جيدتين في اختيار الأصدقاء. فبعد شهر من توليه السلطة رقى مرسي وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، وهو جنرال شاب. واعتقد مرسي أن السيسي ملتزم بالدين وإسلامي النزعة وأنه سيكون قريبا من الإخوان أكثر من القادة الكبار في الجيش. وبعد عام نظم السيسي انقلابا ضد مرسي. وعندما وصل إلى السلطة صنف الإخوان كحركة إرهابية. وهو نفس الخطأ الذي ارتكبه الإخوان في الخمسينات من القرن الماضي عندما اعتقدوا أن جمال عبد الناصر، المدبر للإنقلاب ضد الملكية واحدا منهم. ولكنه عندما وصل إلى السلطة قمع زملاءه السابقين.

وارتكب الغولونيون نفس الأخطاء الكارثية. ففي الفترة ما بين 2006- 2011 تحالفوا مع أردوغان وساعدوه للقضاء على المؤسسة العلمانية التركية. وعندما قوى أردوغان سلطته انقلب على كل أصدقائه بمن فيهم الغولونيين. ولخوفهم من قمع أردوغان أخذوا ينظرون إلى قائد القوات التركية في حينه خلوصي أكار للحد من سلطات أردوغان. وكانوا يتطلعون لتدخل عسكري ضد الرئيس. وسواء لعب أكار دورا في إنقلاب عام 2016 الفاشل يظل لغزا مع أنه ينكر أي علم به. وفي عام 2018 عين أردوغان أكار وزيرا للدفاع حيث قام بدعم منه بعزل أكثر من 16.000 ضابط لشبهة علاقتهم مع غولن. ويقول الكاتب إن الإخوان وحركة غولن كانوا قبل أعوام من أقوى الحركات الإسلامية لدرجة تخيلوا فيها إعادة تشكيل المجتمع بناء على الرؤية الأيديولوجية. أما اليوم فقادة الحركتين في المنفى ومعتقلون ومقراتهما مصادرة وسمعتهما مشوهة. ومن هنا فسقوط حركتين إسلاميتين قويتين هو درس تحذير للجماعات الإسلامية الأخرى ذات الطموح السياسي. فمحاولة إدارة البلاد بناء على رؤية مثالية في مجتمع إسلامي هي عملية محفوفة بالمخاطر وأضف إلى هذا الديكتاتورية وسوء اختيار الأصدقاء يعني نتائج قاتلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سعدون الباهلي:

    تقرير جيد..و الذي يبدو لي كمتابع ان هناك سببا اعمق ادّى الى هذا السقوط المدوي.و هو التجارة بالدّين.و التجارة بالدّين تغضب رب العالمين.و غضب ربّ العالمين يؤدي الى عقاب منْ يتاجر بالدّين..فالدّين لله لا للسياسة..مع تقديري لكل العوامل البشرية الاخرى.

إشترك في قائمتنا البريدية