إضافة إلى كونه عدوانا همجيّا من دولة تمتلك كل أسباب القوّة والمنعة والتكنولوجيا والدعم الدولي، فقد كان ما حصل في غزة خلال الأيام الأحد عشر الماضية معركة تشبه، من جهة، مئات المعارك التاريخية السابقة التي يتواجه فيها طرفان غير متساويين البتة، لكنّ الطرف الأقوى يضطر، لأسباب عديدة، لوقف هجومه، وهو ما يعتبره الطرف الأضعف انتصارا، لأنه منع القويّ من فرض إرادته، وكشف أن امتلاك القوة النارية والتكنولوجية والمالية والدعم الدولي لا يستطيع إسكات شعب يناضل، من دون كلل، لأكثر من سبعة عقود، لنيل حريته.
وبذلك تكتشف الدولة النووية المحظيّة عالميّا، مجددا، استحالة مطلوبها، وأن امتلاك أسباب القوة القاهرة ليس كافيا لمواجهة طرف أضعف منها عسكريّا لكنّه يتشبث بأرضه ويصرّ على حريته ولو دفع أكلاف ذلك الباهظة من دماء أبنائه وبناته، ومن بناه التحتية وأرزاقه، وكلّما سدّت الدولة العبرية بابا عليه ابتكر أبوابا أخرى للدفاع عن نفسه والاشتباك مع عدوه.
لقد كان تطوير السلاح الصاروخي والمسيرات والبالونات الحارقة، وتطوير بنية أنفاق عميقة، وحتى استشراف آفاق القتال التحت بحريّ، هي أدوات الفلسطينيين لكسر الحصار الإسرائيلي ولمواجهة السيطرة على الجو والبحر وامتلاك إسرائيل لآليات التكنولوجيا المتطورة المستخدمة في التجسس والمراقبة والتنصت والاستطلاع وغيرها، كما كان استخدام هذه الأدوات العسكرية مهمّا في الاستراتيجية السياسية الفلسطينية التي سعت لكسر الحصار السياسيّ على الفلسطينيين، ومقاومة تجزيئهم وتقسيمهم، والرد على عمليات التطبيع، المسماة «اتفاقات إبراهيم» التي مثلت، عمليا، خرطا للأنظمة العربية في المجهود الحربيّ الإسرائيلي للاستفراد بالفلسطينيين وتصفية قضيتهم.
أحد الدروس المهمّة للمعركة أنه جاء لتأكيد العلاقة الرحميّة لفلسطين مع القدس، ومن خلالها تمكّن المقاومون، بما يشبه المعجزة، من إعادة الوصل بين مكوّنات الشعب الفلسطيني مجموعة، بمن فيها فلسطينيو نكبة 1948، الذين هبّوا لمواجهة الاستفراد بأهل الشيخ جرّاح، واقتحام الأقصى، والعدوان على غزة، وعاد التناغم على أشدّه بين فلسطينيي القطاع والضفة الغربية، بحيث صار الجسم الفلسطيني يتداعى بالسهر والنضال كلّما أصاب جزء منه أذى.
كان شديد الدلالة، في هذا الصدد، أنه صباح إعلان الهدنة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وقطاع غزة كان الفلسطينيون في الأقصى يتصّدون بدورهم لاعتداءات جنود تل أبيب ومستوطنيها، وفي حين بدأت غزة باستكشاف آثار العدوان عليها ودفن الشهداء وعلاج الجرحى والبحث عن المفقودين واستنقاذ من بقوا تحت الأنقاض كانت القدس والضفّة مستمرّة بالنضال والاشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، وبذلك، يثبت الفلسطينيون بالضبط، عكس ما تسعى إليه إسرائيل، فتهلل القدس والضفة بالتكبيرات لخروج غزة من تحت القصف الهمجي وهي مشتبكة بقوة مع قوات الاحتلال، فيما يرفع أهل غزة رؤوسهم ويعلّمون الطغمة الاحتلالية دروس الشعب المدافع عن كرامته وحريته وأرضه.
مما يسعدني و اعرف انه ثمنه غال جدا من ارواح اهلنا في غزة ان هذه الارواح زرعت في قلوبنا الامل في الخلاص من سيسي و مبس و مبز كما انها صمدت امام معظم العالم فاننا ان بإذن الله سنتخلص من كل الصهاينة الذين اغتصبوا حكم بلادنا و خسفوا ببلادنا الى احقر درجة في جميع النواحي