انتهى دور المجموعات لأكبر حدث كروي هذا الصيف، يورو 2024، التي تستضيفها ألمانيا، وكأن لا حدث آخر سواه، رغم أن في الجانب الآخر من الكرة الأرضية، وحين يغط غالبية العالم في النوم، تشتد منافسات كوبا أميريكا.
نعود الى اليورو، ودروس الدور الأول، وهي أنه رغم المفاجآت، الا انه في الواقع حدث كل ما هو متوقع، باقصاء ثمانية منتخبات من الدور الأول، ربما أبرزها بولندا، وفقط لأن لديها الهداف روبرت ليفاندوسكي، لكن حقيقة فان نجم برشلونة وزملاءه عانوا في مجموعة صعبة بوجود فرنسا وهولندا والمتالقة النمسا. وأيضا خروج أوكرانيا كان صعباً، لأنه جاء بكونها الوحيدة في تاريخ المسابقة جمعت 4 نقاط وفشلت في التأهل، والأنكى أنها تساوت في عدد النقاط مع متصدر المجموعة، رغم حلولها رابعة. تشيكيا خرجت بصورة مأساوية مع كرواتيا والمجر واسكتلندا، أي أن كل المنتخبات الثمانية كانت لديها فرصة في التأهل الى الدور التالي حتى حلول موعد المباراة الاخيرة، بل أن المجر انتظرت حتى نهاية كل مباريات الدور الاول لمعرفة مصيرها.
نعم كانت هناك لحظات ممتعة، لكن المشاهدة كانت ممزوجة بغصة وعدم ارتياح، ربما بسبب ما يحدث لأهلنا في غزة وفلسطين عموما، لكن متعة الاهداف طويلة المدى كانت حاضرة، مثلما رأينا قرارات «الفار» تنجز بسرعة، رغم أن نجم بلجيكا لوكاكو قد يخالف الرأي.
منذ الامس بدأت البطولة الحقيقية، واليوم هو الثاني في أدوار خروج المغلوب، وكانت فرنسا وإنكلترا تُعتبران الأبرز للتتويج بلقب البطولة قبل انطلاقها، لكنهما لم تلعبا بشكلٍ مقنع، إذ اكتفتا بتسجيل هدفين فقط في ثلاث مباريات رغم أن صفوفهما تضمان بعض أفضل المهاجمين في العالم. المنتخب الأكثر إبهاراً كان الإسباني، ثم نظيره الألماني المستضيف، وكنا سنضيف البرتغال لولا السقوط المريع أمام المفاجأة السارة جورجيا، التي لم تتأهل الى البطولة بصورة تقليدية عبر التصفيات، بل عبر ملحق دوري الأمم وباقصاء اليونان بركلات الترجيح، لتكون الى جانب سلوفاكيا وسلوفينيا ورومانيا، والى حد ما النمسا، أبرز المفاجآت الجميلة، في حين أن خيبة العروض المتواضعة كانت سمة غالبية المنتخبات الكبيرة، لكن كل هذا قد يتغير الآن في الأدوار الحاسمة، وقد نرى الوجه الحقيقي لهذه المنتخبات.
خيبة أمل جماهير كرة القدم المحايدة، ينبع من عدم رؤية تألق النجوم، وهو ما يهمها أكثر من فوز منتخب على آخر، فهي منجذبة الى هذه البطولة بسبب نجوم يعشقونهم في أنديتهم، وليس تشجيعا لمنتخب بعينه، فمدرب فرنسا ديدييه ديشان افتقد مهاجمه الأبرز كيليان مبابي في التعادل السلبي مع هولندا ضمن الجولة الثانية بسبب كسر في أنفه، وهو افتتح رصيده التهديفي من ركلة جزاء في تعادل فرنسا مع بولندا 1-1، لكن معدّل أهدافه المتوقعة (مقياس شائع لقياس الأداء الهجومي) يبلغ 2.12، وهو الأعلى لأي لاعبٍ في البطولة رغم أنه لم يلعب سوى مباراتين. وقد يكون من الصعب اختيار لاعبٍ بارزٍ في دور المجموعات، إلا أن توني كروس وجمال موسيالا تألّقاً مع المنتخب الألماني، كما برز الجناح نيكو ويليامز مع إسبانيا. وقدم قلب الدفاع البرتغالي بيبي أداء مذهلاً وهو في سن الـ41 عاماً، في حين لم تكن جورجيا لتصل إلى هذا الدور لولا هدّاف البطولة حالياً جورج ميكوتادزه الذي سجّل ثلاثة أهداف. وكان دور المجموعات أقل إنتاجية من البطولة الأوروبية الأخيرة، حيث سُجّل 81 هدفاً بعد ثلاث مراحل مقارنة بـ94 هدفاً في 2021. ولم يجد المهاجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي يشارك في كأس أوروبا للمرة السادسة (رقمٍ قياسي)، الطريق إلى المرمى بعد رغم أنه بدأ جميع المباريات أساسياً. وفي حال سجّل، سيصبح الأكبر سناً الذي يُسجّل في البطولة بعمر الـ39 عاماً. وسجّل ثنائي انكلترا هاري كاين وجود بيلينغهام من اللعب المفتوح، لكن مستواهما لم يرتقِ لذلك الذي يُقدمانه مع بايرن ميونيخ وريال مدريد. أما الفرنسي أنطوان غريزمان والإنكليزي فل فودن، فغابا أيضاً عن قائمة الهدّافين رغم تقديمهما مستوياتٍ كبيرةٍ مع أتلتيكو مدريد ومانشستر سيتي. ومهاجمٌ لامعٌ آخرٌ لم يدوّن اسمه بين الهدّافين، هو روميلو لوكاكو، الهدّاف التاريخي لبلجيكا. لكن لا يُمكن إنكار أنه حاول التسجيل، إذ ألغى له «الفار» ثلاثة أهداف. وودّع المخضرم الكرواتي لوكا مودريتش البالغ 38 عاماً، البطولة رغم تسجيله هدفاً أمام إيطاليا بعد إهدار ركلة جزاء في الجولة الثالثة ومعاناته مع زملائه في أول جولتين. وكان ملاحظاً تسجيل 7 أهداف عكسية في دور المجموعات، ما يمثّل 26% من الأهداف الـ27 العكسية المسجّلة في تاريخ البطولة.
لكن مثلما هناك جورجيا في البطولة الأوروبية، هناك فنزويلا المتألقة في كوبا أميريكا بعد تحقيقها انتصارين في أول مباراتين على الاكوادور والمكسيك للتأهل الى الدور التالي، فيما في آسيا أطلقت «زغاريد» التأهل المونديالي مبكرا بعد ضمان تأهل منتخب عربي الى المونديال بوجود خمسة منتخبات عربية ضمن ستة فرق في مجموعة يتأهل منها الأول والثاني مباشرة الى النهائيات.