دعوات لعدم تسليم الراية لأبوظبي وعدم السماح للكويتيين بإهانة المصريين

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: من فوق منبر واحدة من أبرز الصحف المصرية «الشروق» أعلن الأكاديمي الإماراتي البارز الدكتور عبد الخالق عبد الله، تصريحات أثارت صخباً واسعاً، إذ ألمح إلى أن القاهرة انتهي دورها التاريخي في قيادة أمتها العربية قائلاُ: «هذه لحظة الخليج في التاريخ العربي المعاصر، وإن كانت هناك مجموعة من الدول قادرة وراغبة في قيادة الأمة العربية في هذه الظروف العصيبة فهي دول الخليج العربي.. فالراية والقيادة جاءت للخليج طوعا وهرولة، وقد جاءت لتبقى حتى إشعار آخر، لتحقق مشروعا حضاريا ونهضويا وتنمويا عربيا طال انتظاره».

ضحايا حوادث السيارات سببه انعدام المسؤولية الاجتماعية ومنظمة الصحة الدولية تبيع الخوف للعالم

وتابع عبد الخالق إطلاق صواريخه في «الشروق»، «دول الخليج العربي التي كانت حتى وقت قريب تعيش على هامش القرار العربي هي اليوم مركز الثقل العربي الجديد، وتعيش لحظتها في التاريخ العربي المعاصر. هذه ليست لحظة المشرق العربي ولا لحظة المغرب العربي، وليست لحظة مصر ودول حوض النيل بل هذه لحظة الخليج. هناك موازين قوى عربية جديدة دفعت الكل العربي أن يسلم قيادته طوعا أو كرها للجزء الخليجي حتى إشعار آخر. قيادة الأمة خليجية ليست بالتمني، بل وفق معطيات وشواهد على أرض الواقع. دول الخليج العربي لا تتنطع لقيادة الأمة، فالقيادة مسؤولية وليست وجاهة، وتأتي عن جدارة واقتدار وبالتزامن مع تحولات في موازين القوة. فالجزء الخليجي هو عملاق اقتصادي وسياسي وإعلامي ومعرفي». ورد أمس الجمعة 5 يونيو/حزيران الكاتب جمال سلطان رئيس تحرير «المصريون» معلقاً : هذا نص مقال منشور في صحيفة «الشروق» المصرية أمس، لكاتب إماراتي مقرب من الشيخ محمد بن زايد الدكتورعبد الخالق عبد الله، منشور في ذكرى النكسة، غير أن النكسة الأولي يونيو/حزيران 1967» كسرت مصر عسكريا لكنها لم تهنها عربيا لهذا الحد».

الطبيب الإيطالي

أدرك سليمان جودة في «المصري اليوم»، أن هناك مخططا لتخويف البشرية: «ما أفترضه في منظمة دولية كبيرة مثل منظمة الصحة العالمية، أن تكون الأولوية لديها في أجواء الوباء قضية واضحة تماماً، وأن تكون هذه الأولوية هي ضخ التفاؤل بين البشر، لا العكس، وأن يكون هذا كله واصلاً بقوة إلى كل الناس. ولكن العكس مع الأسف يبدو أنه هو الحاصل!
وقد بدا ذلك في أكثر من موقف على مستواها، وعلى مستوى الطريقة التي تتعامل بها مع فيروس كورونا منذ بدأ يزحف وينتشر.. ولكن موقفها مع الطبيب الإيطالي ألبرتو زانجريلو قبل أيام، هو الموقف الأحدث ضمن سلسلة مواقفها في هذا الاتجاه، ولن يكون الأخير في الغالب، قياساً على ما سبق. الطبيب ألبرتو يدير مستشفى سان رافاييل في مدينة ميلانو شمال إيطاليا، وهو اسم بارز بين الأطباء في بلده، وقد أخذ عدداً من المسحات من مصابين مؤخراً، وتبين له عند المقارنة بينها وبين مسحات أخرى جرى أخذها عند بدء ظهور الفيروس وانتشاره، أن كورونا يفقد قوته يوماً بعد يوم، وأنه اليوم ليس بالقوة التي كان عليها في بداياته، وأنه صار أقل فتكاً. وقد خرج الرجل وأعلن ذلك على الإيطاليين وعلي العالم، وكان يعلن ما يعلنه بوصفه طبيباً يعرف حدود ما يتكلم فيه، وكان يعلنه بغرض تخفيف وطأة كورونا وأيامه على الناس، وكان يعلن أن دليله على صحة ما يقول هو كذا وكذا، وأنه طبيب يتحدث في أمور الطب. ولكن هذا لم يعجب منظمة الصحة العالمية، فخرجت ماريا فان كير خوفي، مسؤولة الأوبئة في المنظمة، تنفي ما قاله كلياً، وتحذر من الأخذ به أو الاعتقاد فيه، وتقول إنه مجرد كلام لا يوجد عليه دليل علمي، وحشدت المنظمة كل أسلحتها للرد على الطبيب، والتقليل من أهمية ما يقول، وكأن مهمتها هي بث الخوف لا الأمل بين الناس».

فاض الكيل

حالة من الاحتراب تلوح في الأفق بسبب هجوم كتاب كويتيين على مصر وشعبها، وهو ما آلم عادل نعمان في «الوطن»: «الأمر فاق الحد والاحتمال، والصبر والطاقة، وأصبح السكوت والانصراف عن هذه الصغائر مستهجناً من أولادنا، ضعيفاً أمام أنفسنا وأمام العالم، وإن خرج البعض منا مدافعاً ومهاجماً، كان لهم في نقائصهم وعيوبهم الكثير، ما يدفعهم إلى ذكره، ووصفهم به، ومعايرتهم عليه، وإفشاء أسرارهم وتاريخهم، وقد كنا يوماً نعزف ونعف عن ذكرها، إلا أن باباً فتحه الجهلاء والحمقى أمثال البغيلي وصفاء الهاشم وأخيراً هذه «الريم» من أم مصرية قد أساءت تربيتها وتأديبها، فربما يتجاوز الرد حدود الغضب، ويتخطى التقريع والتسفيه خطوط الردح والشرشحة، ولا لوم علينا ولا عتاب، وليس في محله، فلا سيطرة لنا على مشاعر الناس، ولا حدود لغضب البعض إذا استشعر الإهانة، وكانت لبلده وجنسه وتاريخه وأبنائه وأجداده وترابه وعرضه وشرفه، وتكون قد جنت على نفسها براقش، والعيب كل العيب على من بدأ وليس على من انتهى، والصمت والترفع وعدم الرد، قد يدفع السفيه والجاهل إلى الإفراط والشطط، وينسى نفسه، وربما يظن أنه على الصواب وعلى الحق، ويتمادى في غيه وضلاله، وأن الساكت منا على الباطل شيطان، وبمئة لسان مهزوم ومغلوب وموافق وراض على كل الإهانة والسب، ويلام على السكوت، ويعاتب على الركون، وإذا دافعنا ودفعنا الإساءة بالإساءة، كانت مؤلمة وقاسية، وأخذت في طريقها الأحباب والأصحاب، إلا أن الأمر السائد والمقبول في العرف الإنسانى، أنه إذا اختبأ المخطئ والمجرم في رحال المتفرجين، فقد جلب لهم الإساءة والأذى، إلا أن أخرجوه ولعنوه ورفضوه، ولم ينتظروا ساعة الغضب، أو المساومة أو المقايضة، لهدأ الطيبون وسكتوا، وليس عيباً أن يجرنا المعتوه في حالتنا هذه إلى حظيرة السفهاء، نرد عليه ونهينه كما أهاننا».

لابد من حل

نبقى مع الاحتراب بين ناشطين وكتاب إذ يسأل علاء عبد الهادي في «اليوم السابع»: «هل نترك مستقبل العلاقات المصرية الكويتية في أيدي مجموعة من المنفلتين من أبناء الشعبين المصري والكويتي؟ هناك ثوابت وأرضية يجب أن تكون أقوى وأكثر متانة من صنيع هؤلاء السفهاء من الجانبين ، ما يربط الكويت بمصر، ليس وليد اليوم أو أمس القريب، ولا نحتاج إلى براهين وأدلة تؤكد أو توضح كيف تعاملت الشقيقة الكبيرة مصر على مدار تاريخها مع الكويت، وبقية الأشقاء العرب، ليس مَناً ولا عطاء، ولكن عن حب وطيب خاطر، ولروابط التاريخ والدين والعروبة والمصير المشترك، واشياء كثيرة تجمع ولا تفرق، وعندما حدث وبغت العراق على جارتها الكويت، لم يجد أهلنا في الكويت أفضل ولا أحن ولا آمن من مصر ليحلوا عليها، أعزاء كراما بين أهلهم وأخوتهم، وعندما آن أوان أن تفيق العراق من غطرسة ونشوة القوة الكاذبة، كانت مصر وجيشها القوي في الصدارة حتى يعود أهل الكويت إلى أرضهم، ويتأدب من بغى، ويعود إلى وكره.. وبالمنطق نفسه، لا نحتاج أن نذكر أو نعدد المواقف التي سارعت فيها الكويت حكومة وشعبا للوقوف بجانب مصر حبا وكرامة أيضا. ما الجديد إذن ولماذا حول البعض وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة للتراشق، وقطع الأرحام، وتقطيع الوشائج التي تربط البلدين، وتبادل السباب والعنصرية بين الشعبين؟».

أخرسوها

يواصل علاء عبد الهادي في «اليوم السابع» كلامه: «ما حدث أحد تبعات كورونا، معروف أن هناك من يسمون بتجار التأشيرات في كل دول الخليج وليس الكويت فقط، يبيعونها بمقابل كبير، ويستجلبون على أساسها عمالة وهمية من مصر ومن غيرها من الدول، في شتي المجالات حتى إذا دخلوا الكويت بصورة قانونية، يتركونهم يبحثون عن عمل بمقابل شهري يدفعونه للكفيل، حتى يبقيهم تحت مظلته الشرعية، فلما حدثت كارثة كورونا، انقطعت السبل بالجميع، ووجد عشرات الآلاف أنفسهم بلا عمل، ولا مورد رزق، ولا يجدون حتى ثمن تذكرة الرجوع، وانفلتت الأعصاب ومعها اللسان، «كلمة من هنا وأمامها كلمة من هناك»، وتحول الأمر إلى «ردح» متبادل، كل طرف يحاول أن يدعي أنه صاحب الفضل والمن والكرم، وأن يده هي الأعلى، هذا التراشق نال للأسف من ثوابت ما كان يجب الاقتراب منها، ومستقبل العلاقات المصرية الكويتية، لن تقرره هذه الفتاة الكويتية المنفلتة اللسان، التي تستعدي الجميع ضد مصر وتحاول الزج باسم الأمير، والأسرة الحاكمة، رافعة شعار «الكويت للكويتيين» وكأن المصريين ينازعونهم هذا الأمر، وفي المقابل هناك من السفهاء سليطي اللسان من الجانب المصري يردون الإساءة بأسوأ منها».

لماذا لا ينتصر الحق

رحيل الكاتب رجائي الميرغني دفع عمار علي حسن في «المصري اليوم» للتنقيب في ذاكرته: «في سيرتي التي أصدرتها عام 2018 تحت عنوان «مكان وسط الزحام.. تجربة ذاتية في عبور الصعاب» أتيت على ذكر حوار دار بيني وبين الميرغني ذات يوم، كان له أثر عميق في تصوراتي وتصرفاتي اللاحقة، حيث قلت فيه: «حددت في زمن مبكر موقعي وموقفي بوضوح، بفضل نقاش دار بيني وبين رجل نابه على ثقافة وخبرة، تجعل لديه ما يجب الإنصات إليه، وهو يكبرني بعشرين عامًا على الأقل. يومها بدأ حديثنا بسؤال لي: لماذا لا ينتصر الحق؟ كان سؤالي نابعًا مما أراه في البلد بصفة عامة، وفي المؤسسة التي أعمل فيها على وجه الخصوص، وكنت قد انتهيت للتو من قراءة رواية «سبارتكوس محرر العبيد»، وأردد مع صديقه السؤال، وهما معلقان على مشانق المغيب: هل كان من الممكن أن ننتصر؟ بينما أغوص في عمق التاريخ باحثًا عن لحظات النور والعدل والحرية فأجدها شحيحة، لا تكاد تبرق حتى تنطفئ، ويحل الظلام والظلم والقهر. وكنت أبدو هنا متسائلًا عن جدوى النضال في نهاية المطاف؟ كان سؤالًا يحمل من الاندهاش والاستنكار بقدر ما يحمل من الاستفهام، ولأنه سؤال وجودي إلى حد كبير، فقد تطلب ساعات من النقاش، بيني وبينه في مكتب مغلق، انتهينا فيه إلى أن الحق إن لم ينتصر، والصواب إن لم يسُد، أغلب فترات التاريخ، فإن وجود من يدافع عنهما ضروري كي لا يتوحش الباطل والخطأ، وأن هذا هو معنى التدافع في الحياة، وأن كل فرد مسؤول عن أقواله وأفعاله، لا يضره من ضل أو غوى، وعليه ألا يستوحش الطريق الذي يطمئن إليه، مهما قل عدد سالكيه. ولهذا صرت محصنًا من الشعور بالهزيمة».

يشبهوننا تماماً

نتوجه نحو واشنطن إذ يرى محمود خليل في «الوطن»: «مع تصاعد الاحتجاجات وانتقالها من مدينة لأخرى داخل الولايات المتحدة خرج ترامب واصفاً ما يحدث في الشارع بأنه نوع من الإرهاب الداخلى، وأمر جنوده بقمع الاحتجاجات، واتهم أعضاء الحركة الأناركية وحركة أنتيفا بالوقوف وراء عمليات السلب والنهب، التي شهدتها بعض المدن الأمريكية. ولعلك تذكر أنني شرحت لك قبل ذلك، أن ما يحدث حالياً في أمريكا ليس مرده مقتل جورج فلويد، فهو ليس أول أسود يموت برصاصات شرطية، بل له أسباب أعمق ترتبط باضطراب المعادلة التي ظل يباهي بها ترامب طيلة السنوات الماضية، وهي معادلة الاقتصاد، ونجاحه في محاصرة البطالة، بعد ما حصد مئات المليارات من أموال الخليج. فيروس كورونا ضرب معادلة الفيل الجمهوري في مقتل، وهز الأرض من تحته قبل بضعة أشهر من الانتخابات. لم يجد ترامب أمامه سوى استدعاء شيطان الإرهاب وتحضير عفريته ومغازلة ناخبيه به، حتى يثير في داخلهم نوازع الخوف ويعيدهم مرة أخرى إلى «حظيرة الصندوق». ليس ذلك فقط، بادر ترامب أيضاً إلى حمل الإنجيل في يده ليغازل طبقة المتدينين الأمريكيين، واليمين العنصري المتطرف، في محاولة تجارية بحتة لرأب الصدع، الذي حدث في حائطه الانتخابي. لم يكن أداء بايدن الذي يعبر عن الحزب الديمقراطي، ورمزه الحمار، أقل ولاء للصندوق من ترامب، فقد انخرط في بكائية على الأوضاع التي وصل إليها الشارع الأمريكي. وفي مشهد تمثيلي بارع خرج يحدث الأمريكيين برسالة «كلنا مجرمون وكلنا ضحايا» ويعدهم بعالم أفضل في مقبل الأيام، بشرط أن يمنحوه أصواتهم في الانتخابات، لكونه رجل المبادئ، الماسك والمتمسك بالقيم الأمريكية، التي أهال عليها منافسه التراب. الكلام حلو ولطيف ما دمت لم تصل إلى الكرسي بعد، والوعود أرخص أنواع الدعاية التي يمكن اللجوء إليها في المنافسات الانتخابية».

ترامب يتآكل

أكد مدحت الزاهد في «درب» عن أن الانتفاضة التي اجتاحت المدن الأمريكية كشفت ظواهر مهمة، تحتاج مزيدا من الدراسة أبرزها، أنه خلافا لتوجهات فكرية ظهرت بعد كورونا، مفادها أن كورونا وتداعياته سوف تعزز القبضة التسلطية للحكومات نتيجة للبعد عن التجمعات أو ضرورات الاصطفاف في مواجهة الوباء، فإن مظاهرات أمريكا وهي من أكثر الدول التي ضربها الوباء، أظهرت أن كورونا لم يمنع حركات الاحتجاج، وربما أدى العكس، وهي نتيجة تظهرها الحالة الأمريكية وحالات أخرى. ولكنها لا تصلح للتعميم في كل الأحوال، فكل شيء يتوقف على السياق. وكورونا على العكس يمكن أن يحفز الحركات الاحتجاجية، فالانتفاضة الأمريكية ليست مجرد انتفاضة ضد العنصرية وعنف الشرطة، بل تنساب على خلفية اقتصادية واجتماعية وكتلتها تنتمي إلى قاعدة اجتماعية ضربها كورونا بفقدان عشرات الملايين وظائفهم، وانكشاف ضعف المنظومة الصحية، مع توقعات بانضمام عشرين مليون أمريكي إلى جيش البطالة، حتى بعد كورونا. ولم يقوي كورونا قبضة ترامب، بل أضعفها كنتيجة لاستمراره في غطرسة القوة في ظروف أزمة محتدمة، وتحداه علنا وزير الدفاع بعد حكام الولايات، ورفض استخدام الجيش ونشر القوات، وقال إن الوضع لا يستدعي تدخل الجيش، وإنما معالجات أخرى، رغم عمق وعنفوان حركة الاحتجاج في كل الولايات وكل المدن.

إبداع الكمامة

مضى مدحت الزاهد في موقع «درب» متأملاً حراك المدن الأمريكية: «أظهر كورونا شكلا جديدا للاحتجاج، وهو مظاهرات الكمامات كما رأيناها في أمريكا والبرازيل، وهي أيضا من أكثر الدول التي ضربها الوباء، وانتهجت سياسة مناعة القطيع، وفي عدة دول أخرى. وكما تخاطر الحكومات ممثلة مصالح الشركات والبورصات بفتح المجال الاقتصادي، قبل زوال الخطر، تخاطر القوى الاجتماعية المهمشة أصلا، وبفعل الأزمة وتتظاهر وتختلط الجموع لأنها تواجه وباء العنصرية والفقر ووباء الفيروس، فاختارت أن تموت واقفة، وان تقلل بالكمامة مخاطر عدوى الجموع وعندها فإن مخاطرة القطيع افضل من مناعة القطيع. كما كشفت كورونا فقر المضمون الاجتماعي للديمقراطية الغربية في عصر العولمة وهيمنة الليبرالية الجديدة، وهي لم تثبت أن النظام السياسي الأمريكي والغربي استبدادي، بل أظهرت كيف تحكمت البورصات والاحتكارات في النخب والأشكال التمثيلية، فأصبحت تعكس أكثر من أي وقت مضى مصالح الاحتكارات، ولم تنجح في إدراك عناصر الضعف في البناء السياسي والاجتماعي، واقتراح نماذج جديدة تخفف من حدة الأزمة وتستجيب لدواعي الاستقرار السياسي والاجتماعي. ويري الكاتب أن هذه النتيجة ليست غريبة في نظم تتقرر فيها أشكال الحكم من خلال عملية متحكم فيها، يدور فيها الصراع بين نخب ضيقة، والخلاف يدور في نطاق أجندة الليبرالية الجديدة وصراعات الحصص، وأشكال السيطرة في ما يسمى ديمقراطية الخمس دقائق أو ديمقراطية التفويض».

الموبايل هو البطل

من هو البطل الحقيقي في الاحتجاجات الأمريكية والدولية ضد مقتل المواطن الأمريكي؟ المؤكد أن هناك خلفيات كثيرة وراء هذا الحادث، حسب رأي عماد الدين حسين في «الشروق»: «إنه من دون الشخص أو مجموعة الأشخاص الذين قاموا بتوثيق المشهد على أرض الواقع، ما كان يمكن للقضية أن تصل إلى هذه الدرجة من السخونة والانتشار والتأثير. وإذا صح هذا الاستنتاج فإن البطل الحقيقي هو جهاز الموبايل، الذي صور المشهد، ووضع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي. سيقول قائل: ولكن مشاهد التميز العنصري ضد ذوي البشرة السمراء وربما ضد كل ما هو غير أبيض، موجودة وراسخة في الثقافة الأمريكية منذ قرون، فما هو الجديد في هذه المرة؟ الإجابة نعم التمييز موجود، وحوادثه كثيرة، ومتكررة كل فترة، وتثير الكثير من الاحتجاجات، لكن الأمر هذه المرة مختلف إلى حد كبير. العالم كله شاهد الشرطي عديم الرحمة تشوفين، وهو يبرك بكل جسمه على عنق فلويد لمدة ثماني دقائق وثانية، والشاب يستغيث قائلا: «لا أستطيع أن أتنفس». والشرطي لا يستجيب، وحوله مجموعة من زملائه عديمي الرحمة أيضا، لا يقومون بإيقاف هذه الجريمة، في حين شاهدنا العديد من المارة يحاولون إقناع الشرطي بالتوقف عن تعذيب فلويد، أي إنسان عادي شاهد هذا الفيديو، لابد أن يتضامن مع فلويد، وأن يدين ويشجب ما فعله تشوفين. الفيديو نقل بوضوح حقيقة القضية، وهي التميز العنصري، الذي ما يزال كامنا في المجتمع الأمريكي، بل يعتقد كثيرون أن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغذيه يوما بعد يوم. قبل ثورة الفيديو كان الأمر أقرب إلى القضايا المجردة لكن مثل هذا المشهد، لعب وسيلعب دورا مهما في تسليط الضوء على التمييز العنصري ضد السود في الولايات المتحدة. كتبت وكتب غيري كثيرا عن الأضرار والسلبيات التي نتجت عن ثورة السوشيال ميديا، لكن علينا أن نكون موضوعيين أيضا،. لولا هذا الفيديو، ما كان كثيرون سمعوا عن القضية».

ربيع مزيف

نبقى مع ما يجري في أمريكا بصحبة سيد علي في «الأهرام»: «ليس تهوينًا ولا شماتة من واقعة مقتل جورج فلويد؛ لكنه الخراب الذي حلّ على المنطقة بسبب ما رأته أمريكا ربيعاً عربياً، وعشناه نحن خريفاً ما زلنا نعاني من تبعاته، خريفاً نتمنى أن تتذوق أمريكا مراراته ولو لأيام، ليس من باب الشماتة، ولكن سعادة بتفعيل قانون السماء (كما تدين تدان) قانون يسعد بتطبيقه أمثالنا من البشر في مصر والمنطقة. فقد بلغ عدد ضحايا ما يسمى الربيع العربي مليونا و400 ألف إنسان، وما بين 16 إلى 18 مليون لاجئ، وهناك 15 مليون طفل خارج التدريس، وارتفعت نسبة الفقر بنسبة 60٪ في العالم العربي، وأصبحت الدول الخمس الأكثر فسادًا في العالم هي دول عربية، و80٪ من لاجئي العالم هم عرب، وما بين 60 إلى 80٪ من ضحايا الحروب عرب، مع تدمير ممنهج للآثار والتاريخ والذاكرة الإنسانية. وفقد الناتج المحلي الإجمالي في بلدان «الربيع» 700 مليار دولار، وما يحدث في أمريكا الآن من سرقه ونهب وتدمير محلات السوبر ماركت ومعارض السيارات ومولات وغيرها، وظهور جماعة أنتيفا وحركة أوتبور وغيرهما من حركات الثورات الملونة في شوارع أمريكا ليست صورة حضارية للاحتجاج على مقتل فرد أسود؛ بل هي نوع من أنواع السطو المسلح، وسوء سلوك من شعب المفروض أنه يعاني من تفشي فيروس كورونا والأول عالميا في أعداد المصابين والموتى، وكأنه شعب من الدرجة الرابعة، لا يبالي ولا يراعي ظروف وطنه وما يمر به من أزمات اقتصادية، قد تستمر أعوامًا للعودة إلى ما قبل كورونا المشاهد نفسها، التخريب نفسه، الكر والفر نفسهما، المطالب نفسها، التي لم تتبلور بعد. وربما يتحرك سقفها في الأيام المقبلة، العشوائية نفسها التي يديرها مجهولون، لم يتبق من هذه المشاهد سوى صور تذكارية لمجموعة من الناشطين الأمريكيين مع هيلاري كلينتون، وتقارير للمنظمات الحقوقية، وبذلك يكون ما يحدث في أمريكا استنساخ لما حدث في الربيع العربي».

أمريكا شيكا بيكا

يبدي علي سيد عثمان في «البوابة نيوز» الامتنان لما تشهده المدن الأمريكية : لقد انقلب السحر على الساحر وأصبحت أمريكا بحق ـ شيكا بيكا- فلا يمكن لحادث قتل واحد أن يحدث هذا في بلد يتباهي بأنه واحة الديمقراطية وأقوى قوة في العالم، وأن أبناءه مسخرة لهم كل سبل تحقيق الثروة، ولكن في لحظة غضب ظهر الوجه الآخر المجهول والقبيح. رأينا في أمريكا مقتل رجل أسود بوحشية، كما قيل على يد شرطي أبيض فاشتعلت نار الغضب التي رأيناها، على شاشات التلفزيون، ونحن لا نصدق هل هذه هي أمريكا التي يحلم الملايين من شباب العالم في الهجرة إليها والاستمتاع بالعيش فيها والفوز بجواز سفرها. والله أشعر مع كورونا وما يعيشه العالم الآن كأننا في فيلم خيال علمي، مع نشوب حقيقي وليس هوليوودي لحرب الكواكب، ففي الوقت الذي يعمل فيه البشر منذ عشرات السنين عبر الدول الكبرى، خاصة أمريكا لغزو الفضاء، وإقامة مستعمرات في الكواكب الأخرى، ورأينا نزول أول إنسان أرض القمر ووصول مركبات فضائية لكواكب أخرى، ثم قيام هوليوود بعرض عشرات الأفلام عن حروب الكواكب، نفاجأ بغزو فيروسي للعالم عبر كورونا، الذي قيل إنه من صناعة البشر، وتتقاذف أمريكا والصين والدول الكبري الاتهامات حول من صنعه في معامله، ومن تسبب في نشره وأهدافه من وراء ذلك. ورغم علمنا أن كورونا مثل صناعة القنابل النووية والهيدروجينية والفراغية، ثم الفيروسية، إلا أننا مصرون على أن نظهر ضحايا للحيوانات والطيور، التي نعلق عليها شماعة جرائمنا الإنسانية واتهامها بأنها سبب تفشي الأمراض الفيروسية، فرأينا الإيدز والإيبولا وأنفلونزا الطيور والخنازير، ثم كورونا، وقيل إن تلك الأمراض إحداها منقول للبشر من القرود ،والآخر من الطيور والثالث من الخنازير وكورونا من الخفافيش، ولكن الكل يعلم أن هذه أكاذيب.

علينا الاستعداد

ذكّر كورونا علي مرجان في «الوفد» بالزلزال الذي ضرب مصر مطلع التسعينيات: «الجائحة هي الوجه الآخر من أزمة زلزال القرن الماضي، لكنها تبدو أكثر حدة وقسوة، لما تتطلبه من حتمية توخي الحذر والحرص الشديدين في أسلوب حياة كل فرد. (يكفي أنه عليك ارتداء الكمامة والابتعاد مسافة مترين عن أقرب شخص إليك من أجل سلامة كل منكما). ربما يبدو الاختلاف واضحاً بين الأزمتين في طرق الحماية.. زمن «الزلزال» وزمن «كورونا»!.. ربما نواجه اليوم تحديات جديدة وصادمة أحياناً لم يعشها الأطفال في تسعينيات القرن الماضي.. لكن، هل يجب حقاً إلغاء أو تعديل مواعيد عقد امتحانات الثانوية العامة؟ لا توجد إجابة صحيحة أو خاطئة، طالما كان المعيار الرئيسي هو ضمان صحة وسلامة الطلبة، وتَفهُّم كل إنسان لمدى قدرة المنظومة التعليمية القائمة على استيعاب الاختيارات البديلة هناك امتحانات قد أُلغيت بالفعل في العديد من دول العالم، الأمر الذي دفع بالجامعات لتسهيل عمليات تسجيل وقبول الطلبة في هذه الظروف الاستثنائية، لكن يبقي لكل دولة تجربتها، والتحديات التي تدفعها نحو اتخاذ القرار الصعب، الذي يراعي سلامة كل طالب وطالبة من جهة، وعدم تأثر مستقبلهم في هذه الأوقات الاستثنائية من جهة أخرى. إنها مسؤوليتنا معاً، من أجل تهيئة الأجواء للطلبة لخوض التجربة في بيئة صحية آمنة وتوعيتهم بالقواعد الصحية الصارمة للتباعد الاجتماعي».

دماء بلا مبرر

نتوجه نحو ضحايا الحوادث إذ يرى جلال دويدار في «الأخبار»: «أنه ليس هناك من توصيف لحادثة دهس سيارة يقودها صبي أهوج ومتهور لسيدة وأم لأربعة أطفال وإصابة سيدة أخرى في حالة حرجة في القاهرة الجديدة.. سوى أنه حادث إجرامي ومأساوي. انه يعكس الاستهتار والتسيب وسوء التربية والانفلات العائلي. يضاف إلى ذلك.. التدليل المخزي القائم على انعدام المسؤولية المجتمعية. انه يرتبط أيضا بمفسدة المال.. التي سمحت لولي الأمر.. أن يترك لابنه الطفل قيادة سيارته تحت أي ظروف. لا جدال في أنه كان يعلم ويدرك خطورة هذا التسيب، وعدم قانونيته، حيث أن الابن لا يملك رخصة قيادة. تابع دويدار: حول هذا الشأن حرص النائب العام المستشار حمادة الصاوي، بحكم مسؤوليته عن حماية أمن وحقوق أفراد المجتمع.. على التحذير من التسيب في تربية ومتابعة ورقابة الأسرة للأبناء وتصرفاتهم. أنهى تحذيره ونصيحته لهم قائلاً: «إرعوا أبناءكم واتقوا الله فيهم». ما يجب أن يقال، إن قيادة الأطفال لسيارات ذويهم أصبحت ظاهرة شائعة ومنتشرة. ردع هذا التسيب يقتضي تشديد العقوبة على ولي الأمر حتى لو تطلب الأمر تعديلا تشريعيا. إن ذلك سيكون جزاء لإهماله واستهتاره في تربية أولاده، ليس خافياً أن حادثة دهس الطفل لسيدة القاهرة الجديدة ليست الأولى.. وإنما هو حادث متكرر. ارتباطا وفي إطار هذا المسلسل أيضا، قام صبي لا يتجاوز عمره 15 عاماً في محافظة أسيوط بالسيناريو نفسه الشهر الماضي. أقدم على دهس أربعة أطفال وأفقدهم حياتهم.. ثبت من تحقيقات النيابة أنه كان يقود سيارة والده بدون رخصة. ما يجب أن يقال في هذا الشأن، إن أي مواطن وفي ظل هذا السلوك السائد داخل بعض فئات المجتمع.. يمكن أن يتعرض لفقدان حياته».

نحن وروسيا

مصر كما يراها بهاء أبو شقة في «الوفد» دولة ليست معزولة عن الدنيا أو تعيش بمفردها وإنما لها تأثير كبير وواضح وظاهر في محيطها العربي والإقليمي والافريقي والدولي. ومن قبل أيضاً دار الحدث عن الدور المصري الفاعل في العلاقات العربية والافريقية والأوروبية، ويبقى الحديث عن الدور المصري مع روسيا وأمريكا الشمالية والولايات المتحدة. بعدما كانت مصر قبل ثلاثين عاماً أو يزيد، تعمل في إطار التعامل مع قطب واحد، تغيرت الأمور تماما، لأن المشروع الوطني المصري يؤمن إيمانا قاطعا بأن نهضة مصر وتقدمها لا يتأتي إلا من خلال علاقات مشتركة جيدة مع كل دول العالم بلا استثناء أو تمييز، وبدأت القاهرة في شراكة روسية أكثر من رائعة، ما حدا بالرئيس عبدالفتاح السيسي، لأن يقوم بزيارات إلى روسيا، وكذلك الرئيس الروسي يزور البلاد، ويتم عقد شراكات اقتصادية في مجالات عديدة، ويأتي على رأسها قاطبة مشروع الضبعة النووي، الذي سيوفر لمصر الكثير من الطاقة، ويعد من أعظم المشروعات التي ستتحقق على أرض البلاد، ويساهم مساهمة فاعلة وقوية في التنمية المستدامة، وبدأت بالفعل إجراءات تأسيس المشروع النووي الذي علمت به مصر من قبل، ولم يتحقق حتى جاء الوقت الذي يشهد على عظمة مصر الجديدة، التي يحلم بها كل المصريين. وفي إطار هذه العلاقات الجيدة والشراكة المصرية الروسية، وقع الرئيسان المصري والروسي في مدينة سوتش في روسيا على أهم اتفاق تاريخي خلال القمة الروسية الافريقية، وهذا الاتفاق يقضي بأهمية احترام قواعد القانون الدولي، ودعم وتنفيذ التنمية الإفريقية. وبعد ذلك ليس خدمة لمصر وحدها وإنما للقارة الافريقية التي تنتظر مستقبلا أفضل، وكان السبب فيه هو الدور العظيم ـ كما تحدثنا عنه من قبل ـ من القيادة السياسية المصرية. وهذا يؤكد على أن المشروع الوطني المصري لا يركز فقط على تحقيق مصالح البلاد وحدها بل للقارة الافريقية جميعها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية