دعوة بشار الأسد إلى قمة غزة تظهر استمرار مسار التطبيع مع عرقلة إجراءاته

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: حضر رئيس النظام السوري بشار الأسد، الجمعة، القمة العربية الطارئة بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة، ونشرت قناة “الإخبارية السعودية” مقطع فيديو لوصول الأسد ووزير خارجيته فيصل المقداد إلى مطار الملك خالد بن عبد العزيز، واستقبله الأمير محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض.
وانعقدت في الرياض السبت 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 قمّة عربية إسلامية مشتركة غير عادية بشأن حرب غزّة، شارك فيها رئيس النظام السوري، والذي كان من المقرّر أن يحضر قمّة عربية غير عادية دون الإسلامية الاستثنائية قبل أن تُعلن المملكة العربية السعودية بشكل مفاجئ دمج القمتين؛ لأسباب تعود -غالباً- إلى فشل وزراء الخارجية العرب خلال الاجتماعات التحضيرية في الاتفاق على بيان ختامي يُمكن أن يتبنّاه القادة في القمّة العربية، وهو ما يُمكن تلافيه في قمة مشتركة لن تحتوي غالباً على عبارات وبنود تلقى تحفُّظاتٍ أو رفضاً من قِبل المشاركين.

أمر روتيني

وخلال مشاركته في قمة الرياض، ألقى بشار الأسد “خطابا فلسفياً” وفق وصف متابعين ومحليين، تحدث فيه عن أهمية المقاومة. كذلك انتقد الأسد، الذي قتل أكثر من مليون سوري خلال الحرب التي شنها على شعبه منذ مطلع عام 2011، وحشية العدوان الإسرائيلي على غزة، معتبراً أن “الصهيونية تفوقت على نفسها في الهمجية”.
وقبيل إلقاء بشار الأسد لكلمته غادر قاعة الاجتماع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وكذلك الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، كما أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان غادر القاعة قبيل حديث رئيس النظام السوري بفترة وجيزة، وهو ما اعتبره محللون وخبراء بأن هذه الدعوة لم تصب في صالح الأسد.
الكاتب والمحلل السياسي باسل معراوي، اعتبر أن دعوة الأسد للقمة العربية الاستثنائية، أمر روتيني كون سوريا عضوا رسميا في جامعة الدول العربية.
وأبدى المتحدث اعتقاده لـ “القدس العربي” أن هذه الدعوة لم تكن في صالح الأسد حيث قاطع كلمته الأمير محمد بن سلمان وهو البلد المضيف، في موقف يشير إلى فقدان الأمل من كل وعود الأسد التي لا يلتزم بها وقطع كل المحاولات لتعويمه عربياً.
وكانت مقاطعة الرئيس التركي وفق المتحدث إشارة إلى موت مسار المصالحة بين أنقرة ودمشق الذي رعته موسكو، لكن الأمر المحير الذي حدث في القمة الاستثنائية هي مغادرة الرئيس الإيراني للقاعة عندما بدأ الأسد بإلقاء كلمته، في إشارة إلى الامتعاض الإيراني من مواقف الأسد الأخيرة، وبذلك يكون الأسد قد خرج من القمة بمقاطعة عربية تركية وتدهور علاقات مع إيران.
ويأتي حضور بشار الأسد القمّة المشتركة رغم تعليق عضوية النظام في منظمة التعاون الإسلامية منذ عام 2012، ولا يبدو أن هناك قراراً بإعادة النظام للمنظمة في الوقت الحالي، لذلك لم يُشارك وزير خارجية النظام فيصل المقداد في الاجتماعات التحضيرية للمنظمة رغم عقدها برئاسة وزير الخارجية السعودي فيصل الفرحان بينما شارك في الاجتماعات التحضيرية للجامعة العربية.
مركز جسور للدراسات الاستراتيجية اعتبر في إصدار حديث له أنّ دعوة بشار الأسد للمشاركة في القمة يعني أنّ مسار التطبيع العربي مستمرّ بغضّ النظر عن مدى جِديّة أو التزام النظام بالاستجابة إلى الشواغل الأمنية والإنسانية التي أشارت إليها لجنة الاتصال العربية، أي أنّ التعثُّر موجود فقط في إجراءات التطبيع وليس في المسار، وقد استغل فيصل المقداد وجوده في السعودية للاطلاع على مساعي استكمال فتح السفارة في الرياض بعد أن تسلّمت بعثة دبلوماسية تابعة للنظام المقرّ مطلع تشرين الأوّل/أكتوبر 2023.
وأكدت الورقة التحليلية أن جميع قادة الدول الإسلامية تقريباً تجنبوا لقاء بشار الأسد على هامش القمّة، وذلك من بين قُرابة 55 دولة شاركت فيها، باستثناء لقاء وحيد جمعه مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، كذلك عربيّاً تجنّب معظم القادة العرب لقاءه عدا رؤساء مصر والعراق وموريتانيا، وقد كانت القمة فرصة على الأقل لعقد لقاء ثنائي مع الملك الأردني عبد الله الثاني -نظراً للدور الأردني المهمّ في مسار التطبيع العربي مع النظام- إلا أن ذلك لم يحدث.

وكأنه غير موجود

واعتبرت الورقة أن قمّة غزّة كرست من العزلة الدولية المفروضة على النظام السوري، فإعادة العلاقات الدبلوماسية معه تسير دون تغيير رغم دعوة بشار الأسد لحضور قمّة عربية للمرّة الثانية -قبل أن تصبح قمّة مشتركة- حيث تم التعامل معه وكأنّه غير موجود وغير مرحَّب به من معظم الزعماء والوفود، كما أنّ وضع العقوبات المفروضة على النظام ما زال دون تغيير، وهو لم يُحصّل أيّ مكاسب اقتصادية من الدول العربية، بمعنى أنّ كسر العزلة الدولية بشكل واسع عن النظام يبقى مرتبطاً بانخراطه الجادّ في المبادرة العربية ونهج الخُطوة مقابل خُطوة الذي يعمل عليه المبعوث الأممي الخاص، بما يتّفق مع الموقف الأمريكي والغربي عموماً، بالتالي إنّ حضور بشار الأسد في القمة أقرب لأن يكون حافزاً جديداً للنظام من أجل دفعه نحو تلبية المطالب الدولية والإقليمية منه.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية