يعرفه الجمهور المصري والعربي قاطبة، صاحب نكهة كوميدية من نوع خاص. بدأ هواية التمثيل في البرنامج الإذاعي الشهير “ساعة لقلبك” وبرغم خلفيته الاجتماعية الأرستقراطية تميز أداؤه التمثيلي بالبساطة الشديدة. اسمه الحقيقي محمد فرحات عم ، من مواليد 12 اب/أغسطس 1931. عمل والده مهندساً للآثار، وعملت أمه مدرسة. حرص منذ صغره على أداء الصلوات الخمس في المسجد وحفظ القرآن الكريم تجويداً وترتيلاً، ومن هناء جاء تفوقه في فن الإلقاء الذي كان سبباً في شهرته ودخوله عالم التمثيل.
بعد حصوله على شهادة البكالوريا التقى بالفنان حسين رياض وطلب منه أن يعمل في مجال التمثيل، لكن الممثل القدير نصحه باستكمال دراسته الجامعية أولاً، وبالفعل أخذ بالنصيحة والتحق بكلية الآداب قسم الفلسفة، جامعة القاهرة، وخلال الدراسة تعرف على الفنان زكي طليمات الذي كان يشرف على فرقة التمثيل في كلية الآداب. وفي السنة النهائية قدم دوراً متميزاً في مسرحية بعنوان “30 يوما في السجن” وحصل بموجبه على كأس نجيب الريحاني على مستوى الجامعات، فذاع صيته كواحد من المواهب الكوميدية الصاعدة آن ذاك واشترك في حفلات أضواء المدينة التي كان يقدمها الإذاعي الكبير جلال معوض عام 1965 وظل مرتبطاً بالتمثيل إلى أن تخرج في الجامعة وعمل مدرساً، ثم حصل على درجة الماجستير في تخصص نوعي للغاية حول القانون العلمي بتقدير جيد جداً وأشرف على الرسالة المفكر الكبير زكي نجيب محمود. وفي عام 1968 حصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة وألف كتاباً في فن المسرح لا يزال يُدرس حتى الآن في معهد الفنون المسرحية في أكاديمية الفنون.
ولم تفارق هواية التمثيل محمد فرحات حتى بعد أن صار واحداً من أساتذة الفلسفة الكبار، إذ شارك في العديد من الأفلام والمسرحيات مع نجوم الكوميديا الكبار ومنهم إسماعيل ياسين وزينات صدقي وعبد الفتاح القصري وحسن فايق وغيرهم، والغريب أن أحداً لم يذكر اسم محمد فرحات لارتباطه باسم الشهرة دكتور شديد، المستوحى من الشخصية الكوميدية التي ابتكرها مؤلف اسكتشات برنامج “ساعة لقلبك” عبد الفتاح السيد وهي شخصية الطبيب البيطري الساذج ضعيف الذاكرة، ولنجاح الدور علق الاسم في أذهان الجمهور فصار عنواناً للممثل الكبير الذي انسحبت عنه الأضواء بعد وفاة الزملاء ورفاق المشوار الفني، فترك بدورة الساحة الفنية وعمل ببعض الوظائف الحكومية كان من بينها عضو لجنة النشر بالهيئة العامة للكتاب كمسؤول عن مراجعة كُتب الفلسفة الصادرة عن الهيئىة، ثم التحق بالعمل في هيئة الإذاعة البريطانية بالقسم العربي في لندن كمحلل للأفلام والمسرحيات، واستمر بالوظيفة من عام 1965 إلى 1977.
بعد مضي نحو 12 سنة في لندن عاد للقاهرة ليعمل مره أخرى في عدد من الأعمال الدرامية فشارك في مسلسل “زينب والعرش” مع محمود مرسي وسهير رمزي وصلاح قابيل وحسن يوسف، ومسلسل “أوراق الورد” مع وردة وحسن مصطفى وزين العشماوي وملك الجمل، ومسلسل “عودة الروح” مع إحسان القلعاوي، و”أصل الحكاية كدبه” وقد اقتصرت مشاركته على الأدوار الثانوية البسيطة ولهذا ظل ما بين الحضور والغياب على الشاشة الصغيرة لوقت طويل فكان آخر ظهور له في عام 1996. بيد أنه لم يختف تماماً، إذ انتقل نشاطه من التمثيل إلى لعبة الشطرنج التي هواها منذ الصغر وحقق فيها نجاحات وبطولات كثيرة، حيث كان ضمن فريق نادي الزمالك في لعبة الذكاء المهمة ومثل مصر في العديد من البطولات الدولية وحصل على كثير من الجوائز وأدرج اسمه في قائمة المتفوقين في المنافسة والفوز.
رفض محمد فرحات الشهير بدكتور شديد كتابة مذكراته مٌتعللاً بأنه لا يريد المتاجرة بأيام الشقاء والكفاح، وكان بإمكانه طباعتها ونشرها بسهولة ويسر، لكنه أصر على الرفض ومضت رحلته في هدوء إلى أن لقي ربه راضياً مرضياً في الثاني عشر من تموز/يوليو عام 1997 ولم يمرض غير أيام قليلة.