توقف بعض المراقبين كثيرا عند محطة قمة تيكاد 8، واعتبروا أن استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لزعيم «البوليساريو» يؤرخ لبداية تغير العقيدة التونسية في موضوع نزاع الصحراء، وهو الحدث الذي أعلن عن بداية أزمة دبلوماسية مع الرباط، لاسيما بعد خطاب الملك محمد السادس في ذكرى ثورة الملك والشعب الذي طالب حلفاء بلده التقليديين والجدد إلى نهج سياسة الوضوح في التعامل مع قضية الصحراء.
والواقع، أن هذا التحليل صحيح، من حيث التأريخ لتفجر العلاقات بشكل رسمي، وتبادل البلاغات والبلاغات المضادة بين البلدين، في حين، تبدو إرهاصات الأزمة بعيدة نسبيا في الزمن، وتمتد لأكثر من سنتين، وبالتحديد عند السنة التي استفحلت فيه الأزمة الاقتصادية في تونس، وبدأت القيادة الجديدة، تنظر لمحاور علاقاتها الخارجية، كجواب عن الأزمة السياسية والاقتصادية الداخلية.
تعود إٍرهاصات الأزمة لأول زيارة قام بها قيس سعيد للجزائر في فبراير 2020، تلك الزيارة التي أفسدت جائحة كورونا رهاناتها، إذ لم تأت زيارة الرئيس الجزائري لتونس إلا في متم سنة 2021، بأجندة محدودة، تتضمن 300 مليون دولار (قرض) وعقد عدد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين.
البعض ربط تأخر زيارة عبد المجيد تبون بتداعيات جائحة كورونا، وبانتظار انتهاء الحراك الشعبي في الجزائر، وبترك مساحة للرئيس الجزائري المنتخب، لكن، الوقائع، تؤكد بأن زيارة تبون، لم تأت إلا بعد
أن امتنعت تونس في مجلس الأمن عن التصويت على القرار 2602 القاضي بتجديد بعثة المينورسو في الصحراء لمدة سنة، وذلك في آخر شهر أكتوبر 2021، بما يعني بأن رد التحية (زيارة قيس سعيد للجزائر) لم تكن إلا بعد أن قدمت تونس ثمن ذلك بقرار الامتناع عن التصويت بمجلس الأمن.
رد فعل المغرب وقتها، لم يكن قويا، إذ انبنى على تقدير أن مطالب الجزائر من تونس تتعدى بكثير مجرد (الامتناع عن التصويت لصالح قرار في مجلس الأمن يخدم المغرب) وأنه من غير المناسب الاستثمار في تصعيد تجلب الجزائر نتائجه، وتحول الموقف التونسي المتردد إلى موقف منحاز بالكلية إلى الجزائر.
وزير التجارة والصناعة السابق، السيد مولاي حفيظ العلمي، أعلن في شهر يناير 2022، أي شهر بعد زيارة تبون لتونس، أن المغرب يعتزم
تعديل اتفاقية التبادل الحر مع تونس، وعلل ذلك، بكون القرار لا يتعلق فقط بتونس، وإنما بمسار اتجه إليه المغرب لمراجعة اتفاقيات التجارة الحرة مع البلدان، التي تعمق العجز التجاري للمغرب، وذلك لحماية القطاع الصناعي المحلي، والوظائف في عدد من القطاعات، وأن ذلك بدأ مع تركيا سنة 2020، ومع مصر التي تم التوصل إلى توافق على إزاحة العقبات من أمام الصادرات المغربية من السيارات وإعفائها تماما من الرسوم الجمركية وفقا لاتفاقية أكادير، وأن الأمر لا يتعلق بالمطلق بتغيير اتفاقية التجارة الحرة، وإنما يتعلق فقط بإحداث تعديلات جزئية، تخص قيمة الضريبة المفروضة على مجموعة من السلع.
تونس، فهمت الرسالة، أي رفض المغرب التصعيد الدبلوماسي معها، وتفضيل تسقيفه بالحد الأدنى، أي بالاكتفاء بقرصة أذن، تشير إلى المكاسب التي تحققها تونس من جراء اتفاقية التجارة الحرة مع المغرب، وكيف تتكبد الرباط عجزا تجاريا مهما في سبيل دعم الاقتصاد التونسي، وأن المغرب فضل إعطاء هذه الإشارة لتنبيه تونس إلى ضرورة تذكر عقيدتها السياسية في نزاع الصحراء بدل خسارة قرارها السيادي بالاصطفاف مع الجزائر.
تونس اختارت هي الأخرى أن تدير الصراع مع المغرب من بوابة قانونية تجنبا للتصعيد، فلجأت إلى القضاء التجاري الدولي لحل المشكلة.
النخب العليا في تونس، لم تكن راضية على الخطوة الجزائرية نحو بلدهم، واعتبرت أنها مجرد خطوة صغيرة، فالبلد الذي يحتاج لحوالي 7 مليارات دولار لحل أزمته الاقتصادية، لا يمكنه أن يقدم على تغيير موقفه وخسارة حليف تقليدي (المغرب) لمجرد قرض بقيمة 300 مليون دولار واتفاقيات غير ذات قيمة اقتصادية.
هذه المؤشرات، تفيد بأن خيارات تدبير الأزمة الاقتصادية والسياسية بالرهان على الجبهة الداخلية، أصبح خيارا غير مطروح بالمطلق على الطاولة، وأن الأولى في هذه المرحلة، التفكير في اصطفاف إقليمي يضمن له مقاومة النخب السياسية في الداخل، واستعادة جزء أساسي من التوازنات المالية
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في زيارته لروما في شهر يونيو الماضي من السنة الجارية، أطلق تصريحا أغضب كثيرا النخب السياسية التونسية، وبشكل خاص نخبة الحكم، فقال خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيطالي سيرجيو ماتاريلا إن بلاده وإيطاليا مستعدتان لمساعدة تونس في تجاوز «المأزق الراهن والرجوع إلى الطريق الديمقراطي». العلاقة التي نسجتها الجزائر منذ عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة مع نخب المعارضة التونسية، لاسيما حركة النهضة، جعلت تصريحات روما ذات دلالة صريحة، بأن ثمن التردد التونسي في موضوع نزاع الصحراء، سيترتب عنه، تحول الموقف الجزائري من شرعية الحكم في تونس وذلك في ظرفية اقتصادية حرجة، وفي وضعية دولية وإقليمية ضاقت فيها الخيارات، لاسيما بعد تصريح وزير الدفاع الأمريكي، الذي حمل تهديدا واضحا للسلطات التونسية.
من زاوية المساطر القانونية، فقد كانت رواية المغرب الأقوى في توصيف حالة استقبال الرئيس التونسي لزعيم جبهة البوليساريو، وحتى المسؤولون الدبلوماسيون التونسيون السابقون، ومعهم جزء مهم من النخب السياسية التونسية، اعتبروا الاستقبال قرارا رئاسيا، بحسابات سياسية تخص الرئيس وحده، بعيدا عن العقيدة التونسية في إدارة هذا الملف، وأن الاختباء وراء المساطر القانونية، سواء التي تهم الاتحاد الإفريقي أو التي تهم قمة تيكاد في دوراتها السابقة، لا تقدم أي حجة مساندة لموقف الرئيس التونسي، وأن الرئيس بصدد تغيير موقف بلاده التاريخي من قضية الصحراء لحسابات خاصة هو يعلمها.
بعض التحليلات تعزو تغير الموقف التونسي، بالإضافة إلى الضغط الجزائري، إلى أجندة فرنسية، والبعض الآخر، يدخل الأجندة الإيرانية ضمن الحساب، وأن النفوذ الإيراني تنامى في تونس بعد إعلان قيس سعيد الانقلاب على الشرعية الدستورية والتجربة الديمقراطية في تونس.
الحسابات الخاصة للرئيس التونسي، ليست معقدة، فواقع تونس الاقتصادي، وارتفاع منسوب النقص في الشرعية السياسية في الداخل، فضلا عن الغضب الأمريكي (تصريحات وزير الخارجية والدفاع الأمريكيين) بالإضافة إلى احتواء الخلاف المغربي الخليجي (الإمارات والسعودية). هذه المؤشرات، تفيد بأن خيارات تدبير الأزمة الاقتصادية والسياسية بالرهان على الجبهة الداخلية، أصبحت خيارا غير مطروح بالمطلق على الطاولة، وأن الأولى في هذه المرحلة، التفكير في اصطفاف إقليمي يضمن له قدرا مهما من المقاومة (مقاومة النخب السياسية في الداخل) واستعادة جزء أساسي من التوازنات المالية (المؤشرات الاقتصادية) مع التفكير في خيارات تدبير المخاطر، أي خيارات مواجهة التصعيد المغربي.
الواقع الدولي والإقليمي، كما الدعم الجزائري، ساعد قيس سعيد في بناء هذا الخيار الصعب، والمحفوف بالمخاطر، مع أن خبرته السياسية والدبلوماسية جد محدودة في هذا الاتجاه، فبعد مقاومة للطلب الجزائري، دامت حوالي سنة، قدمت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وإعلان الشراكة الاستراتيجية المتجددة مع الجزائر، الغطاء السياسي، لتغير الموقف التونسي، بحيث، انبنى تقدير قيس سعيد (حساباته الخاصة) على محددين اثنين: الدعم المالي والطاقي الجزائري، والدعم السياسي الفرنسي، لاسيما في تدبير المخاطر الناتجة عن التوتر الدبلوماسي مع المغرب، فباريس تحتاج في هذه المرحلة، التي تعيش فيها أزمة دبلوماسية صامتة مع المغرب، أن تثبت للمغرب، أن مسار انتصاراته الدبلوماسية، لن تبقى دائما في تصاعد، وأنها لن تنتظر اللحظة التي يصل فيها الضغط إلى لي ذراع باريس، بل إنها ستعمل على بعثرة أوراقه وكسر انتصاراته، بالتسبب في نكوص بعض القوى الحليفة له وتراجع موقفها من الصحراء، وأن البداية التي أتت من تونس، ستجد صداها في بعض دول غرب إفريقيا، التي استثمرت الدبلوماسية المغربية كثيرا في تكوين كتلة قوية داعمة لمغربية الصحراء.
والحقيقة أنه ليس من مصلحة فرنسا أن تستثمر في هذه الأجندة، وإنما هي فقط تريد أن تقرص أذن المغرب، وتعطيه مساحة للتفكير، قبل البدء في التفاوض، ولعل الإعلان عن زيارة ماكرون للمغرب في أكتوبر، تبين إلى أي حد، تسعى فرنسا لاستعادة خط التوازن الاستراتيجي بين المغرب والجزائر، وكيف إنه من الضروري، بعد الانتصارات الدبلوماسية المغربية، الاستثمار في هدم بعض مكتسبات الرباط لإخراجها من دائرة التنافس إلى دائرة الذيلية.
كاتب وباحث مغربي
وكيف إنه من الضروري، بعد الانتصارات الدبلوماسية المغربية،….التطبيع يسمي انتصار دبلوماسية..
تركيا طبعت مع اسرائيل، بل ثم فتح السفارات. أين المشكل ؟
منذ ان استقلت الجزائر وهي تمد يد المساعدة الى تونس سواء بالمنح او القروض اذن فالقرض الاخير ليس هو الاول وليس مربوط بالاعتراف ولم تطلب الجزائر يوما من تونس او غيرها بالابتزاز الاعتراف بالصحراء
أرى أن الوضع الإقتصادي التونسي يأتي في المرتبة الثانية عند سعيد
فرنسا وصلت الاوج و المدى و هي ان لم قريبة من التقهقرفهي لا تسير و كاي مخلوق مخلوق فرنسا بعاني المسؤولون الفرنسبس او هكذا يضنون ان بلادهم لا زالت قوية….و مع الاسف بعض الدول المغاربة تضن نفس الشيء…لقد انقلب او يكاد اتجاه قطار فرنسا الى وجهة العالم الثالث …اجلا او عاجلا..ويصعب اعادة وضعه…يا فرنسا انتهى وقت العتاب..جاء وقت الحساب
تحليل موضوعي ودقيق للوضع في منطقتنا.
فرنسا وجدت مرة اخرى، الوسيلة المناسبة للدخول إلى المعترك المغاربي لزرع الفتنة وخلط الأوراق بما يجعل من تحقيق الوحدة المغاربية حلما بعيدا المنال.
فرنسا وفية لعقيدتها الاستعمارية، لا تريد تكتلا مغاربيا ينافسها في الأسواق ويخرج عن طاعتها في المحافل الدولية. تريد دولا ( أو دويلات ) تتولى هي نفسها إضعاف بعضها البعض في منظر يذكر بزمن ملوك الطوائف.
وبهذا يبقى قصر الإليزيه حكما يدير المبارزة بين الاخوة/ الاعداء، وقاضيا يشتكي له المتخاصمون بعضهم بعضا، فيفتي عليهم بما يطيل أطوار المبارزة ويضمن لباريس مصالحها.
ذبلت العروبة.
لست ادري لماذا تقارنون التطبيع بتركيا، تركيا ليست دولة عربية ثم إن علاقتها مع الكيان كانت منذ البداية كما من حق جيران الكيان ابرام اتفاقيات لكن ليس من حق البلدان العربية البعيدة ان تطبع فهي ليس مجبرة كالاخرين فدعكم من المقارنات السخيفة وكونوا شجعان للاعتراف بالخطأ والدفاع عن تصحيحه
فلسطين قضية إسلامية وليست عربية فقط. وخطة الاحتلال من البداية هي فصل القضية عن المجال الإسلامي. فبعد المفتي الحسيني بدأت تسمع أن فلسطين قضية عربية وبعد أوسلو أصبحت فقط قضية فلسطينية. النظام الذي جعل من التطبيع سببا في قطع العلاقات مع المغرب لم يجرأ على قطع العلاقات مع الإمارات أو البحرين وقد طبعتا أيضا مع الاحتلال. نحن لا ندافع عن التطبيع وأيضا لا ندافع عن النفاق. فكونوا شجعانا واقطعوا العلاقات مع هذين البلدين، وكونوا شجعانا وأرسلوا القليل من الغاز لقطاع غزة لكي لا تتوقف محطات توليد الكهرباء هناك كما تفعل قطر من خلال مساعدتها للفلسطينيين بالفعل وليس بالشعارات.
لا شيء يمكن التعويل عليه في كسب ملف الصحراء ، و التفاهمات بين الدول قابلة للتغير في أي لحظة تبعا للمصالح. لا بد من خطة بديلة أو موازية للعمل الديبلوماسي.. مثل تغيير البنية الديموغرافية في الأقاليم الجنوبية
لا شيء يمكن التعويل عليه في كسب ملف الصحراء ، و التفاهمات بين الدول قابلة للتغير في أي لحظة تبعا للمصالح. لا بد من خطة بديلة أو موازية للعمل الديبلوماسي.. مثل تغيير البنية الديموغرافية في الأقاليم الجنوبية..
لا يرهن اي حكيم متعقل مستقبل بلاده والمنطقة ككل مقابل حفنة من القرض
يجب على المغرب تغيير البنية السكانيةىللصحراء، بتشجيع الزواج والمختلط وإعمار المدن الصحراوية ، وتشجيع سكان الشمال على الهجرة إلى الصحراء بإعطائهم الارض للبناء مجانا وإعفاء اسثناراتهم في الصحراء من الضرائب، وتطوير البنية التحتية ، وخلق فضاءات سياحية من نوع الموجد في دبي والبحرين ، وتشجيع السياحة الجنوبية عوض سياحة الشمال وووو
ارحلوا و تركوا الارض لاهلها احسن لكم
إقليم تغراي يقاتل من أجل تقرير المصير ولم نرى دعمكم لهم. الكاتلانيون دعوا إلى استفتاء تقرير المصير ولم تدعموهم. الأزواد يريدون تقرير المصير ولم تدعموهم، والقائمة طويلة.