قطر أحدثت مفاجأة السنة وفازت بكأس أمم آسيا رغم أنها لم تكن الأفضل قبل البطولة التي احتضنتها الامارات في أجواء مشحونة. الجزائر بدورها فازت بكأس أمم افريقيا وهي التي لم يرشحها أحد قبل دورة مصر 2019، حتى البرتغال التي فازت بدوري الأمم الأوروبية لم تكن مرشحة للتتويج أمام انكلترا واسبانيا وفرنسا وألمانيا، لكن على مستوى دوري الأبطال الأوروبية هامش المفاجأة يبقى ضئيلا جدا بسبب امتدادها على مدى موسم كامل، وخصوصيتها الزمنية وحتى الفنية، حيث تجري على مدى ثمانية اشهر، بمشاركة عمالقة أوروبا الذين يعتبرونها فنيا وماديا ومعنويا الأكبر والأجمل والأفضل والأكثر أهمية، لذلك يركزون عليها كثيرا ويعدون العدة لها بانفاق الملايين من أجل استقدام النجوم الكبار من اللاعبين والمدربين لتحقيق أرباح بالملايين.
بصيغتها السابقة بين الخمسينات الى غاية سنة 1993، كان صغار القوم من الأندية الأوروبية يفوزون بما كان يسمى كأس أوروبا للأندية البطلة، على غرار سيلتيك الاسكتلندي سنة 1967، وفينورد الهولندي سنة 1970، وهامبورغ سنة 1983، وستيوا بوخارست سنة 1986 وكذا النجم الأحمر لبلغراد سنة 1991، لكن منذ تحولت تسميتها الى دوري أبطال أوروبا، وتغيرت صيغة المنافسة سنة 1993، صار التتويج حكرا على الكبار، ليختفي عنصر المفاجأة تماما على مدى 26 عاما، توج فيها الريال ست مرات، وميلان ثلاثا، وليفربول والبايرن والمان يونايتد مرتين، ولقب واحد ليوفنتوس الذي بلغ النهائي خمس مرات طيلة هذه الفترة بدون أن يقدر على التتويج بها رغم سيطرته على مجريات الدوري الايطالي على مدى العقد الأخير من الزمن.
التتويج بلقب هذا الموسم لن يخرج بدوره عن اطار الكبار الذين يملكون التقاليد الكروية والأموال والنجوم الكبار، مثلما كان يحدث على مدى أكثر من عقدين من الزمن، حيث سيقتصر التنافس بين ليفربول حامل اللقب الأوروبي وبطل الدوري الانكليزي مانشستر سيتي، وبين الريال والبارسا حتى ولو كانا في أسوأ أحوالهما في بداية هذا الموسم، وكذا اليوفي والبايرن، لأن طبيعة المنافسة وخصوصياتها تقتضي أن تقتصر المنافسة على اللقب بين هؤلاء وأولئك الى أن تتغير خارطة كرة القدم الأوروبية بتغير صيغة المنافسة أو ظهور منافسة أخرى أهم وأكبر على غرار المسابقة الأوروبية الثالثة المقرر انطلاقها سنة 2021.
حامل اللقب الأوروبي ليفربول وصاحب لقب الدوري الانكليزي الممتاز المان سيتي، مرشحان فوق العادة للظفر بدوري الكبار، لأنهما احتفظا بنجومهما وكامل أسلحتهما في معركة الظفر بدوري الأبطال لهذا الموسم، خاصة أشبال يورغن كلوب، رغم سقوطهم بثنائية في الجولة الأولى أمام نابولي، رغم بدايتهم الموفقة في الدوري بخمسة انتصارات في خمس مباريات، في وقت ينتظر أن يظهر البارسا قويا في المنافسة الأوروبية رغم البداية المحتشمة في الدوري وتعادله في مباراته الأولى في دورتموند، رغم عودة ميسي الى أجواء المنافسة، الريال من جهته يبقى واحدا من المرشحين للمنافسة على اللقب لأن صاحب الثلاثة عشر تتويجا باللقب الكبير يبقى دائما أحد كبار هذه المسابقة الكبرى لدوري الأبطال، خاصة مع انضمام النجم البلجيكي ايدين هازارد.
اليوفي المتوج بدوري الأبطال بالصيغة الجديدة مرة واحدة فقط، والذي خسر منها 5 نهائيات من أصل سبعة عبر تاريخ البطولة، سيبقى أحد كبار القوم بقيادة الماكينة رونالدو حامل لقب دوري الأمم الأوربية مع البرتغال في شهر يونيو/حزيران الماضي، والذي يريد التتويج بلقبه السادس مع ثلاث أندية أوروبية عملاقة.
قد يقول البعض ان عامل المفاجأة هو واحد من العناصر المهمة الواردة في كرة القدم ولا يمكن الجزم بأن الكبار سيواصلون سيطرتهم على دوري الأبطال، وهو أمر وارد في الكثير من البطولات القارية والدولية، لكن ليس بالصيغة التي تجري بها مسابقة دوري الأبطال كونها ليست بطولة مجمعة مثل بطولات المنتخبات التي تخضع لمعطيات وتأثيرات آنية مختلفة، لأنها تأتي في نهاية كل موسم كما هو الحال في بطولة كأس العالم والبطولات القارية للأمم التي تجري خلال الصيف في كل القارات، كما أن منطق الاقتصاد الليبرالي الجديد لكرة القدم أصبح هو الغالب والمتحكم في تحديد السلم الكروي الأوروبي لأن مسابقة دوري أبطال أوروبا هي الأغلى، تزيد الأندية الكبيرة غناء وثراء، وتزيد الهوة بينها وبين الصغار الذي يضطرون لبيع منتوجهم من اللاعبين للكبار من أجل استمرار تواجدهم في الساحة بدون أن يطمحوا لأكثر من مجرد التواجد والمشاركة من أجل المشاركة.
٭ إعلامي جزائري