العملية الانتحارية التي نفذت ضد السفارة الايرانية الواقعة في حي النجاح، معقل حزب الله في بيروت، تعبر عن تصعيد ومرحلة جديدة في المواجهة بين ايران وحزب الله وبين محافل المعارضة في سوريا وفي لبنان. ان تعميق تدخل ايران وحزب الله في الحرب الاهلية في سوريا في السنة الاخيرة جعل الطرفين السند الاساس لبقاء نظام الاسد. وقد أوضحت هذه الحقيقة للجهات التي تقاتل ضد نظام الاسد، وعلى رأسها محافل الجهاد العالمي في سوريا وفي لبنان، بانها ملزمة بان تعمل ضدهما في لبنان ايضا كي تحاول تغيير المعادلة في المعركة في سوريا. ويمكن أن نجد تعبيرا عن ذلك قبل بضعة اشهر عندما هاجمت محافل الجهاد العالمي معقل حزب الله في الضاحية بواسطة سيارة متفجرة واطلاق صواريخ نحو مواقع تتماثل مع حزب الله في البقاع وفي سوريا. هذه العمليات، ولا سيما في بيروت، كانت بين الاسباب التي دفعت حزب الله الى طلب تدخل الجيش اللبناني في ما يجري والسماح له في ادخال قواته الى الضاحية بعد أن كانت المنطقة خارج النطاق لاي جهة عسكرية امنية لبنانية، غير حزب الله. متحدثون مختلفون من محافل الجهاد العالمي في لبنان وفي سوريا هددوا في الاشهر الاخيرة صراحة بانهم سيضربون حزب الله وسينتقمون من المنظمة على اجتياحها الاراضي السورية، تدخلها في ذبح المواطنين وقتالها الى جانب جيش الاسد في المعارك. وقد ازدادت هذه التهديدات بشكل خاص في اعقاب المعركة في القصير والتي ادت فيها قوات حزب الله دورا مركزيا. وبالفعل، في تموز من هذا العام احبطت عملية كبيرة في بيروت خططت لها محافل الجهاد في لبنان، بعد ان اعلنت وكالة الاستخبارات الامريكية للجيش اللبناني عن التخطيط لها. وأعطى أمين عام حزب الله حسن نصرالله الذي يعي الخطر المحدق به، تعبيرا عن ذلك في خطابه الاخير بتصريحه بان تهديدات ‘التكفيريين’، كما وصف المجاهدين في لبنان و سوريا، الذين يعملون على ضرب منظمته، لن يردعوه من التمسك باخلاصه للاسد. ان اختيار السفارة الايرانية كهدف للهجوم يشكل بوضوح ارتفاع درجة في نشاط المنظمات السلفية الجهادية في سوريا ولبنان والرامي الى اثبات قدرتها على ضرب من يعتبر من قبلها كرأس الافعى وكمحور مركزي للنشاط العسكري الجاري ضدها في سوريا. تبني المسؤولية من كتائب عبدالله عزام اللبناني، الى جانب حقيقة ان العملية نفذت بواسطة مخرب انتحاري او اثنين، تعزز الفرضية بان الحديث يدور عن المجاهدين، الذين بالنسبة لهم يعتبر الاستشهاد هو رمز تجاري. ‘وتعبر العملية الاجرامية في بيروت بشكل واضح عن نهاية مجال الحصانة التي تمتعت بها ايران حتى الان. والرسالة التي اراد مخططوها نقلها واضحة: من الان فصاعدا كل الممثليات الايرانية، بما فيها السفارات وقوات الحرس الثوري في سوريا وفي لبنان تشكل هدفا مركزيا لنشاط عموم منظمات الجهاد العالمي في هاتين الدولتين، وعلى رأسها كتائب ‘عبدالله عزام’، ‘جبهة النصرة’ و ‘الدولة الاسلامية في العراق والشام’، التي تقود المعركة العسكرية الارهابية في سوريا، الى جانب نحو دزينة اخرى من المنظمات والشبكات الاسلامية المحلية. والان ستضطر ايران وحزب الله الى ‘تذوق الدواء المرير’ الذي اسقوه العالم كله عندما كانوا أوائل من ادخلوا نمط العمليات الانتحارية الى سجل الارهاب العالمي. فاستخدام الانتحاريين في الهجوم على السفارة الايرانية في بيروت يشكل النفي المطلق للمحاولات اليائسة من’ ايران وحزب الله لالقاء التهمة على اسرائيل وكأنها المسؤولة عن الهجوم الذي وقع في بيروت. ورغم الميل الطبيعي في اسرائيل للشعور بالشماتة من طهران وحزب الله اللتين تتعلمان على جلديهما الطعم المرير للارهاب، يجدر ب تل أبيب ان تتذكر بان مخططي هذه العمليات هم اعداء لدودون لاسرائيل وأنه في حلمهم، سلاحهم سيتجه في المستقبل نحوها ايضا.
‘ رئيس برنامج بحوث الارهاب في معهد بحوث الامن القومي معاريف 20/11/2013