لن أنسى يوما أنني تلقيتُ لسعتين على يديّ من عصا أستاذنا الغليظة وأنا في المرحلة الإبتدائية حين طلب مني أن أعدد على مسامع التلامذة دول بلاد الشام، فقمتُ مضطربا وقلت متحفزا: دول الشام هي فلسطين، الأردن، لبنان، روسيا.. كلا، لم تخنك عيناك، ولم تقع مني على خطأ إملائي.. نعم هي روسيا وليست سورية، فمنذ طفولتي وأنا أجد صعوبة في التمييز بين الدولتين لتشابه الحروف بينهما، ولكثرة حديث أبي وأقاربي عن دولة روسيا العملاقة، باعتبارها القطب الآخر لكوكبنا آنذاك، ضد عدوة العرب والمسلمين أمريكا.. الآن صار الحق معي، وما كنت قديما أظنه هراءً بات اليوم حقيقة واقعة، فسورية هي روسيا لا فرق بينهما مع شقلبة بسيطة في الحروف والأماكن.. فمنذ اندلاع ثورة الأحرار في درعا، لم يكن العالم يلقي بالا إلا لتصريحات سيرغي لافروف وزير الخارجية السوري بالنيابة .
اليوم وغدا وعلى وقع طبول الحرب سيرتب الأمريكان لقاء مع الخارجية الروسية، وهو آخر اجتماع سيجمع بين البلدين قبل شن الهجوم، الهدف واضح معروف، والسيناريو مكتوب مألوف، تكرر أكثر من مرة، وشاهدناه أكثر من مرة، حلف الناتو كالعادة يريد ببساطة الحصول على الشيفرات السرية للرادارات والصواريخ المضادة للطائرات، ومعرفة أسرار وخبايا جميع القطع العسكرية الروسية الموجودة على الأراضي السورية، كما أنه سيطلب من الروس تسليمه خرائط حديثة حية محدثة لأمكنة هذه القطع على الأرض، فالضربة لنظام بشار يجب الخلاص منها وإنهائؤا في وقت قياسي، فليس لدى حلف الناتو شغف كبير في الإطاحة بنظام ظل يحمي إسرائيل لعقود، لكنه الأمر هكذا يُحسم حين يبلغ منتهاه، خصوصا حين يتطاول الطفل المدلل على أسياده، الاجتماع بين الدولتين الكبيرتين تأجل أكثر من مرة، مما ينبئ بأن الروس لا زالوا يصارعون الرمق الأخير من أجل الحفاظ على كرامتهم المزعومة، وحفظ ماء وجوههم المهدور أمام العالم، فروسيا وإن هي وقفت مع بشار ونظامه طيلة حقبة الصراع ضد كتائب الثوار، فإنها الآن على أتم استعداد لتبيعه لأول مشترٍ، خصوصا إن تعلق الأمر بعزلة روسيا بين دول العالم، ناهيك أن لا وقت لديها الآن لتضيع وقتا ثمينا آخرا على حرب باردة ثانية، خرجت من أولاها كسيرة ذليلة خاسرة، بغير هدف ولا فائدة.
إيران وحزب الله لا يعول عليهما في حرب عالمية كهذه، فمَثلهم كمثل عصفور تحدى أسدا من فوق شجرة، فإن هو استلقى نائما قام العصفور قريبا من رأسه ينقر أذنه تارة وأنفه تارة ثم يلوذ فارا مدبرا مذعورا، وهذا ما خبرناه من ديدن إيران في المنطقة حين تعجز عن المواجهة، فبعد زوال بشار لن يهنأ الشعب السوري بحياته من كثرة ما سيقتل منه نتيجة المفخخات والتفجيرات هنا وهناك، وهو سيناريو كلنا رأيناه يحدث في العراق.
لا أدري بعد كل ما ذكرناه، مَن من الممكن أن يكون الكاسب والخاسر في حرب إقليمية فاصلة كهذه، حرب نتائجها عصية التنبؤ حتى على أصحاب العقول والأفهام من الساسة والعسكر.. إن غدا لناظره قريب.. اللهم سلم.. اللهم سلم.. دمتم
الأردن
الحرب لن تقع وإن وقعت فهي في صالح العرب والفلسطينيين بالذات. الحرب التي يقع الترويج لها سوف تكون المفتاح الذي مازال البعض من الفلسطينيين يحتفظ بمفاتيح بيوتهم ومنازلهم التي انتزعت منهم بالقوة قبل وبعد 1948.
الحرب إن أصر الغرب على تفعيلها والتي هي في الظاهر ضد سوريا سوف
تكون الفرصة لإزاحة الجاثم على المنطقة. لن تقع حرب إلا بإرادة العرب والتراكمات على جميع المستويات تؤسس الآن لذلك وهي أي الحرب سوف تزيح وإلى الأبد وجود الكيان الصهيوني. أيا الغرب لا يغرنك حال العرب اليوم فالغد هو للعرب وكل المؤشرات تدل على أن هذه الأمة هي من ستقود العالم فكفى مساندة
للطغاة والعاقل من اعتبر.
والله والله مايثير استغرابي واحباطي بنفس الوقت هو : ماذا تنتظر ايران لازالة اسرائيل كما نسمع من تصريحاتهم ، ارجو الاجابة .