دولة يهودية أو دولة اسرائيل

حجم الخط
0

أخذت الحكومة تجهد على إثر تحذير وزير الخارجية الامريكي جون كيري، من أنه في عدم وجود حل سياسي ستصبح اسرائيل دولة فصل عنصري، في أن تحقق في سرعة قياسية نبوءته وتُثبت الفصل العنصري بسن القوانين. إن قانون القومية الذي يصاغ في هذه الايام يقسم اسرائيل الى مواطنين من النوع أ (اليهود) ومواطنين من النوع بـ(الأقليات) واشخاص شفافين، وهم النوع ج ممن ليست لهم حقوق مواطنة وحقوق اقتراع. وغاية القانون هي الغاء التعبير القديم المبتذل ‘دولة يهودية وديمقراطية’ وأن يُبين أن لليهودية الافضلية على الديمقراطية. إن قانون القومية هو مقدمة لقانون الضم فهو يُمكن من ضم مناطق دون منح سكانها حقوق مواطنة ـ وهذا هو حلم اليمين الرطب.
إن دولة اسرائيل حتى من غير قانون القومية أخذت تصبح يهودية أكثر فأكثر واسرائيلية وديمقراطية أقل فأقل. ولا تُستعمل اجهزة الاحتلال والقمع على الفلسطينيين فقط بل على مواطني اسرائيل العلمانيين ايضا.
فالاضطهاد الديني يسيطر على حياتنا في الزواج والطلاق والنقل العام وأحكام الحلال والدفن. وكل أمل في التحرر من هذه القيود يُطوى سريعا. حتى إن يوجد مستقبل الذي يعارض في ظاهر الامر الاضطهاد الديني، يتكمش في هذه المواضيع، وفضل حلفا مع البيت اليهودي على محاربة حكم الدين للدولة.
وبدل أن توجد دراسات للمواضيع الجوهرية في التربية الحريدية بُشرنا الآن بمبادرة نتنياهو الى دراسة الغمراه الالزامية في كل المدارس.
إن اليهودية الارثوذكسية لا تفرض نفسها على العلمانيين فقط بل على يهود متدينين ايضا من تيارات اخرى كالاصلاحيين، وتُحدث بذلك شعورا بالاغتراب عند طوائف يهودية في الولايات المتحدة والعالم نحو دولة اسرائيل. إن الحاخامية قد تحولت برعاية الدولة الى محتكرة مستبدة ومبتزة اموال لا تعرف الشبع. وتضطر معامل في أنحاء البلاد الى الانفاق على مراقبي الطعام الحلال. وليس الزواج المدني ممكنا في داخل الدولة خلافا لدستور كل دولة سليمة. لكن من يُقم عرسا يهوديا في غير اطار الحاخامية يخالف قوانين الدولة ويُعرض نفسه لخطر السجن سنتين.
حتى شولا زاكين تحتاج الى مراسم دينية للتحلل من النذر كي تقول الحقيقة عن ايهود اولمرت. إن نافذة فرص نادرة بصفة ائتلاف حكومي من غير حريديين أغلقها سريعا سن قوانين غير اخلاقية تزيد فقط في التمييز الواقع على العلمانيين في التجنيد للجيش الاسرائيلي والدفعات المصاحبة. ويزداد تمييز النساء والاقليات تسارعا، واذا كنت ولدا فلسطينيا فانه يجوز أن يُرمى بك من سيارة شرطية في منتصف الليل على مبعدة 15 كم عن بيتك.
أفادت أنباء في المدة الاخيرة أن اسرائيليا تزوج بامرأة من كوريا الجنوبية وبعد حياة مشتركة في كوريا هبط الاثنان في اسرائيل فطُردت المرأة فورا برغم أنها متزوجة قانونا بمواطن اسرائيلي. إن الدولة التي تعمل هكذا هي دولة لا تحاول حتى أن تغطي عنصريتها. أفربما يحسن أن يُضاف الى قانون القومية مادة تمنع الزواج المختلط من اجل طهارة العرق؟.
إن الدولة اليهودية هي نظام الابادة الذاتية لدولة اسرائيل والزمان يعمل في مصلحتها. وقد أصبح أكثر من نصف الاطفال في اسرائيل الآن يولدون لعائلات حريدية أو متدينة. ففي غضون مدة جيل أو اثنين لن يكون هنا أكثرية متدينة فقط بل أكثرية حريدية تعارض الدولة والعمل. فهل نتحول آنذاك الى دولة شريعة يهودية؟ أو نختفي في غضون مدة جيل أو اثنين عن الخريطة بصفتنا كيانا سياسيا ونبقى، اذا بقينا أصلا، طائفة جالية فقيرة جاهلة؟.
هذا هو الوقت لنقول بصوت واضح: أقانون الفصل العنصري؟ لا، شكرا، وربما يكون هذا هو الوقت ايضا بعد حرب التحرير بـ 66 سنة لنحارب عن استقلالنا ولنؤسس آخر الامر دولة اسرائيل بدل الدولة اليهودية.

هآرتس 13/5/2014

عنار شيلو

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية