دول… خالتي ميمونة!

حجم الخط
0

المشهد السياسي والاجتماعي العربي دخل مرحلة الانفجار الانشطاري، نتيجة غياب رؤى سياسية لمواجهة الضغط الاجتماعي، مثل مادة البارود وجدت للحروب او الاستكشاف، لكن جعلناها للرقص الفلكلوري أو الاقتتال الداخلي.
الدول العربية في اتجاه شاقولي نحو ‘الفوضى الخناقة’ وإعادة إنتاج المجتمعات العربية في أنماطها العشائرية القديمة، وتتحول تدريجيا الى حقيقتها المكشوفة كقبائل متصارعة على الماء والكلأ والنار، دول الربيع والخريف العربي في مستوى واحد لمشاهد الانزلاق والجفاف السياسي المتكرر، سواء في مصر كما الجزائر أو السعودية، كما ليبيا وسورية والعراق والبحرين، وهي أنماط جمهورية او جماهيرية او ملكية اوتوقراطية لا نجدها في كتب دي توكفيل او ميكيافيللي، وكلما حاولت هذه النظم السياسية عملية التحديث السياسي، ولو مظهريا تزداد ولوجا في منحدرات الإغراق، لان الندوب القديمة والتشوهات السابقة تتكشف اثناء الظهور إلى العلن، بحيث ان جميع الدول العربية لا تتجه إلى المستقبل، بقدر ما هي تنحو لنبش ترسبات الماضي بدواعي الانتقام السياسي والاقتصادي.
مجتمعات مأزومة على جميع الأصعدة، فالإخوان في مصر يحاكمون المرحلة الناصرية، والسعودية تحاكم الدولة الوطنية في سورية، والليبيون يحاكمون مرحلة القذافي، والجزائريون والعراقيون واليمنيون وكثرتب الواواتب وفي ظل تناطح الأفكار في رأسي حول مصيرنا في صناعة الفراغ وغياب تصورات الحلحلة، تذكرت قصةب خالتي ميمونةب، ميمونة هذه سيدة عجوز يحكى أنها كابدت ظروف الحياة ومصاعبها وانتصرت على كثير من الصعوبات وربت ابناءها وصاروا متعلمين ومثقفين، لكن مشكلة السيدة ميمونة أنها متصوفة ومتدينة وولدت جاهلة وأمية الحرف تقتلها، وعاشت كذلك وبلغت من العمر عتيا، ميمونة تصلي كثيرا وتسبح كثيرا وتستغفر كثيرا لكنها لاتحفظ من القرآن حرفا واحد، او من ورود الاستغفار دعاء واحدا، وبدل أن تترك الأمر للأولاد في تسيير منزلها وتتعلم منهم ظروف الحياة الجديدة وترتاح، أمضت ميمونة حياتها تعاند وتناجي ربها بدعاء اميمونة تعرف ربي وربي يعرف ميمونة.. ميمونة تعرف ربي وربي يعرف ميمونةب في صلاة الفريضة والضحى والقيام والنافلة وسبحة الاستغفار. السخرية أن خالتي ميمونة لا تختلف كثيرا عن الأنظمة السياسية العربية وقضية الدول الغربية والاستعمار والانتداب، فبدل أن تقوم هذه الأنظمة العائلية الفاسدة بالتحديث والحلحلة والاعتماد على أولادها المتعلمين، أعادت نفس قصة خالتي ميمونة في إقصاء الأبناء والاعتماد على االزهرب في التسيير والدعاء. اننا نعرف دول الغرب ودول الغرب تعرفنا وتلك أزمة العرب، المؤسف أن الأنظمة العربية تزداد عن ميمونة برفض دخول عالم المعرفة والعلوم، هدموا الأنظمة التربوية واعتمدوا على الخارج، الذي نستورد منه جهاز سكانير الطبي، كما نستورد منه ألبستنا ونستورد منه تكنولوجيا تنقيب النفط، كما فرشاة الأسنان
وحالنا يدعو للأسى كمجتمعات وأنظمة عربية عريقة في الجمود والكسل بالإصرار على التخطيط بالشعوذة وحلول الترقيع، ونتجاهل الاخطار الداهمة علينا كأوطان عربية، فرغم أن أول آية في القرآن كانت ‘أقرا …’ نواصل مخالفة قواعد الحياة ونستقبلها بـ’طلع البدر علينا’ والبدر هذه المرة ليس رسولا وانما استعمار واقتتال داخلي بين شعوب ودول ميمونة.
لحسن حرمة ـ صحافي الجزائر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية