دون كيشوت، ، دن كيخوطي؛ وليسمها العرب ما شاءوا فهي ذات الرواية التي قال عنها ماريو بارجاس أو فارجاس يوسا في أحد حواراته إنه يقرأها سنويًا بانتظام في الكريسماس. ولنا ألا نصدقه، فنحن نعود إلى قراءة الروايات الكلاسيكية مرة في العمر أو مرتين، وليس بهذا الانتظام حتى لو كانت أم الروايات ” لكم كذلك أن تصدقوا أو لا تصدقوا إذا ادعيت أنني أكرر مشاهدة فيلم Mr. Bean’s Holiday منذ إطلاقه عام 2007، ليس كالإنجيل في الكريسماس؛ بل كلما اشتقت إلى وعجزت عن قراءتها لضيق في الوقت أو بسبب ضعف في الهمة.
من معجزات تلك الرواية أن روحها تسري في ثلاثة أرباع الفن الروائي والمسرحي والسينمائي، فالفارس الهزلي الذي اخترعه سرفانتيس للسخرية من مبالغات روايات الفروسية صار ـ من حيث لا يقصد صاحبه ـ أمثولة للحياة على الأرض، تلخص مأزق الإنسان الذي قسمت له الآلهة قبض الريح أوعشبة جلجامش أوخفي حنين أو الهيكل العظمي لسمكة هيمنجواي العملاقة، ثم الموت نصيبًا نهائيًا.
من فاته أن يكون دي لا مانشا لن يعدم دور خادمه المطيع والمغرر به سانشو، وإذا ما أمعن أحدنا في تأمل نتيجة لهاثه في الحياة فربما يجد نفسه حصان الإسكندر المقدوني أو حصان طارق بن زياد أو روثينانت؛ حصان دون كيخوت المثير للشفقة. ومن فاتها أن تكون بين النساء أوريانا ابنة ملك بريتانيا أو الولادة بنت المستكفي؛ فقد تكون المرأة العجفاء دولسينا دل توبوسو الفاتنة بعيون فارس سرفانتيس الهزلي، كلن كل ذلك إلى الموت، حتى لو بقيت سيرة الفارس أو الحبيبة بين قوم آخرين سيموتون بدورهم.
الفرصة الوحيدة لتحسين حياة الكائن على الأرض هي أن يبحث عن قليل من لذة القراءة أو المشاهدة؛ أن يتعقل وينزل نفسه منزلة القارئ للكيخوتة فينال ما يناله يوسا من متعة دورية، وإن آنس في نفسه ضعفًا فيقرأ ظلالها من الروايات: ‘موبي ديك’، ‘العجوز والبحر’، ‘صحراء التتار’ أو ‘ملحمة الحرافيش’ فإن آنس في نفسه مزيدًا من الضعف فليشاهد الأفلام المأخوذة عن الروايات نفسها أو تلك التي تحاكي بمصادفة كما يفعل فيلم ‘عطلة السيد بين’ الانكليزي!
الفيلم الذي يعتمد ـ كباقي السلسلة ـ على المفارقات الهزلية والمهارات الحركية الزائدة عن الحد للممثل روان أتكينسون يبدأ بفوز مستر بين برحلة إلى ‘كان’ الفرنسية، وفي الرحلة يعاني الكثير من المتاعب التي تقوم أساسًا على الجهل بالفرنسية والإصرار على الكفاح الدون كيخوتي الساذج.
يشحذ دون كيخوت الأصلي سلاحه توقًا إلى بطولات تخلد اسمه ولكنه لا يعرف كيف يجترحها ولا ضد من عليه أن يناضل، ويترك نفسه لحصانه يأخذه للوجهة التي يريدها. وقريبًا من هذا، يكسب ‘مستر بين’ رحلة لا يعرف ما ينتظره فيها ويكسب معها كاميرا فوتوغرافية لتوثيقها، ولا تقل رحلته عناء وتشردًا عن رحلة دون كيخوت، لكنها أكثر هزلاً، فمصارعة شبح في الليل من أجل بطولة متوهمة أكثر جدية من تتبع دجاجة ضالة من أجل بطاقة باص علقت برجلها.
يغادر ‘مستر بين’ لندن إلى الجنوب الفرنسي في رحلة مليئة بالتفاصيل وبينها فقدان حقيبته التي أقلع بها القطار وتركه على رصيف المحطة. ويكون عليه التسول لتدبير بطاقة الباص إلى ‘كان’ وعندما يحصل عليها تطير من يده لحظة ركوبه الباص وتعلق بأصابع دجاجة يشرع في مطاردتها وسط زحام سوق شعبي ويوشك أن يقبض على الدجاجة لكن فلاحًا يسبقه إليها ويحملها إلى القفص المثبت في صندوق سيارته النقل وينطلق، فيسطو ‘مستر بين’ على دراجة يطارد بها سيارة الفلاح محاولاً استعادة بطاقته، وتستمر المطاردة طوال الطريق حتى يتوقف الفلاح أمام مزرعته. يراقب الفلاح حتى يرى باب الحظيرة التي دفع بالدجاجة إلى داخلها ثم يتسلل بعد انصراف صاحب الحظيرة ليجد نفسه بين آلاف الدجاجات التي تشابهت عليه، فيتأكد من استحالة استرداد بطاقة الباص ويغادر الحظيرة بيد خالية، بعد هذه الرحلة العبثية.
عندما يخرج يجد أن سيارة غير متعقلة فرمت دراجته الملقاة في الطريق، لكنه لا يفقد الدجاجة والدراجة إلا ليجد فريق فيلم حربي يدخل بالصدفة في قلب معركته الهزلية وينقذ النادلة الجميلة ثم يتابع رحلته سيرًا حتى تتوقف له سيارة ونرى فيها الممثلة الشابة نفسها التي تتفوق بجمالها على أوريانا التي أهمل سرفانتيس وصفها وعلى دولسينا العجفاء التي وصفها من خلال خيال الفارس المهووس بفكرة الغرام لا الغرام نفسه.
تقله الممثلة سابين (إما دي كونز) وتخبره أنها ذاهبة إلى كان. تشد الكلام شدًا من فارسها، لكن ‘مستر بين’ أضعف من دون كيخوت، فلم يتسع قلبه لحب الفروسية والنساء معًا. ترك الممثلة الشابة نهبًا لخيال المشاهد وتفرغ هو لحلم الوصول إلى شاطئ البحر في ‘كان’ على الرغم من أنه لا يحمل لباس البحر، بينما كانت هي ترعى حلمها بالوصول إلى قاعة المهرجان السينمائي لترى عرض فيلم الافتتاح الذي يتضمن مشهدًا واحدًا من تمثيلها.
وعندما تصل وتجلس تتابع الفيلم بأنفاس محبوسة ، تفاجأ بأن المخرج قد اختزل المشهد الذي تظهر فيه، ولكن ‘مستر بين’ الأكثر وفاءً من سانشو يحقق لسابين حلمها فيتسلل إلى ماكينة العرض، يوقف الفيلم الأصلي ويبث اللقطات التي صورها لها خلال الرحلة، وينجح هذا العبث في الاستحواذ على إعجاب النقاد، فلا يكون من المخرج إلا السطو على نجاح الصدفة متحدثًا عن مغامرة فنية، نعرف أنها لم تخطر على باله!
ليس بسيطًا السيد ‘بين’ على الرغم من مبالغات الأداء الحركي، وهو بالمصادفة يبدو في السن التي حددها سرفانتيس لفارسه دون كيخوت (يناهز الخمسين) وهو مثله أعجف الوجه، جاف اللحم، وهو مثله ومثل بحار هيمنجواي ومثل جلجامش، ومثل حنين، يعود من المغامرة بقبض الريح.
نعم يا سيدي اني اوافق برغاس يوسا في قرائة رواية ثيربانتيس كل عام فاسمح لي ان اقص عليك فيما حدث معي فخلال سنين طويلة عشتها في اسبانيا قررت ان اشتري كتابا لهذه الرواية بللغة الاسبانية بعد ان قرأتها في سنين سابقة بالعربية هناك فرق بسيط في بعض الترجمة المهم بدات في قرائة هذه الرواية في البيت فقررت ان احمل الكتاب معي عندما اخرج للعمل واستغل الوقت ذةابا وايابا للقرائة في مترو الانفاق وكنت انسى التوقف في المحطة اللي يجب ان انزل فيها وكان شبه يومي اما الافضع من ذالك وانا في المترو خلال قرائتي كنت انس نفس انني بين الناس واضحك بصوت عالي دون شعور وهذا كان طوال الوقت حيث كنت انتبه لنفسي احيانا ان بعض الناس كانوا يضحكون لضحكي كان بعضهم يعتقد كما نقولها في بلادنا انني خفيف العقل ولكن حبي للرواية كان ينسيني ما يدور حولي—–في الحقيقة بانسبة لي بطل الرواية لم يكن دون كي خوتي بل كان سانشو باندة
رائعة جدا الرواية ، وانا احب مستر بين، بالرغم من الحساسية التي لدي ضد الانجليز.