برلين ـ “القدس العربي”: كشف تحقيق أجرته مجلة “دير شبيغل” الألمانية عن تمكن السعودية من الحصول على أسلحة عبر شركة ألمانية. ووفقا للتحقيق فإن الأمر يتعلق بالرادارات المنصوبة في المنطقة الحدودية مع اليمن، بالإضافة إلى أسلحة متنوعة ومركبات عسكرية. كما كشفت الوثائق أن الحكومة الاتحادية الألمانية تملك حوالى ربع الشركة التي صدرت الأسلحة.
وبحسب التحقيق بدأ الأمر عبر اتصالات تمت بين الحكومة السعودية وشركة هنسولدت الألمانية ومقرها بافاريا، حيث تم رصد عدد من الصفقات بين الشركة الألمانية والمملكة السعودية، تم بعضها بشكل سري.
في 24 سبتمبر 2020 كان الحماس يسود الشركة الألمانية حيث تم التواصل بين الرياض والإدارة التنفيذية، للحصول على رادارات من نوع خاص.
وكشفت تبادلات البريد الإلكتروني كيف حاولت هينسولدت التعامل مع الحكومة السعودية، بالرغم من تحفظ ألماني سابق لا سيما بعد حرب اليمن ومقتل الصحافي جمال خاشقجي. بيد أن الأمر كان بالغ الأهمية للشركة كون الطلبيات كانت بمليارات الدولارات.
وتتحدث لوثائق التي حصلت عليها المجلة الألمانية عن تزويد السعودية بمركبات للقوات الخاصة السعودية وأيضا بتكنولوجيا المراقبة ورادارات لكاسحات الألغام وحرس الحدود. كما عرضت هنسولدت على جهاز المخابرات العامة السعودي نظامًا لمواجهة الطائرات بدون طيار.
وتساءلت المجلة كيف يمكن لشركة ألمانية أن تكون نشطة للغاية في تجارتها مع المملكة العربية السعودية، على الرغم من فرض حظر على التصدير في البلاد منذ عام 2018؟ ولماذا مجموعة من كل الشركات حوالي ربعها مملوكة للحكومة الاتحادية تتعامل مع السعودية؟
ولطالما تفاخرت ألمانيا بفرض قيود صارمة على الصادرات الحربية. وكان مصطلح لا أسلحة في مناطق الحرب، هو القول المأثور في السياسة الخارجية الألمانية. وأرادت ألمانيا عبر سياستها الخارجية التأكيد على أن دورها كصانع سلام لا ينبغي أن يشكل تهديدًا بعد الآن
بيد أنه منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، انحرفت الحكومة بحذر عن هذا الخط. حيث تم الإذن بتصدير الأسلحة إلى الأوكرانيين. وزودت هيتسولدت كييف أيضًا بالأسلحة. لكن بالنسبة للمملكة العربية السعودية فإن هذا كان يشكل “نقطة التحول” الكبيرة بالنسبة لسياسة تصدير الأسلحة، كما ترى شبيغل.
ووفقا للتحقيقات فيبدو أن هنسولدت اتبعت طرقًا صعبة للقفز عن اللوائح الصارمة. ويبدو أن تأكيد المصالح الاقتصادية ضد المبادئ السياسية كان أقوى من المنع كما رأت المجلة الألمانية.
وتكشف الوثائق الداخلية، من ناحية أخرى ، كيف كانت هنسولدت تحاول بشغف الحصول على طلبات جديدة من المملكة العربية السعودية – بما في ذلك عبر مرافق الإنتاج في المملكة المتحدة وجنوب إفريقيا، والتي لا تنطبق عليها لوائح التصدير الألمانية.
وتم توفير الوثائق لشبيغل من قبل هاكرز مختصين، وأكدت المجلة أنها لم تدفع ثمن هذه الوثائق وأنها قررت نشرها بعد التشاور مع السلطات من اجل الصالح العام.
دور الحكومة في الاستحواذ على الشركة
وتكشف الوثائق أنه في ديسمبر 2020، أعلنت الحكومة الفيدرالية أنها ستشتري حصة 25.1٪ من شركة الأسلحة، ودفعت سعرا باهظا يبلغ 450 مليون يورو. بررت الحكومة وقتها أن “تقنيات رئيسية لصناعة الأمن والدفاع” التابعة لهنسولدت لا ينبغي أن تقع في الأيدي الخطأ. وترى المجلة أنه من الواضح أنه سُمح لهنسولدت بالعمل مع الحكام الأثرياء في الشرق الأوسط.
وتزود هينسولدت العديد من الحكومات بأحدث الأجهزة الإلكترونية الدفاعية في جميع أنحاء العالم.
وقامت الشركة بتثبيت رادارات وأجهزة الاستشعار وأنظمة الكشف عن الهدف وأجهزة التشويش في مشاريع التسلح الأوروبية الكبيرة مثل طائرة مقاتلة يوروفايتر. وهو الجيل القادم من الطائرات المقاتلة، المعروف باسم FCAS، والذي سيتم تجهيزه أيضًا بتقنية من هنسولدت.
تم تحديد تفاصيل الاستحواذ الحكومي للشركة في اتفاقية أمنية غير معلنة. وأوضحت وزارة الدفاع، عند سؤالها، أنه لا يجوز للحكومة الفيدرالية التدخل إلا إذا تم رصد “أنشطة حساسة” في ألمانيا تؤدي إلى “تهديد مصالح الأمن القومي”. وتتطلب الطلبيات الخارجية من الشركة إبلاغ الحكومة الألمانية وهو ما ينطبق أيضا على “جميع الأعمال التجارية مع المملكة العربية السعودية، ويجب على الشركة عند الضرورة ، الحصول على تصاريح من الحكومة الألمانية . لذلك فمن غير المرجح أن الحكومة لم تكن قد لاحظت أي شيء عن الأنشطة المتنوعة في بيع السلاح التي استفادت منه المملكة العربية السعودية.
التوجه نحو السوق السعودي
بعد الانفصال عن شركة إيرباص، واصلت شركة هنسولدت العلاقات التجارية مع زبائن خاصة من شركتها الأم، حيث قامت شركة إيرباص بالفعل بتصدير نظام مراقبة حدودي واسع النطاق إلى المملكة العربية السعودية منذ عام 2009. وهو ما استفادت منه الشركة الألمانية في اتصالاتها وقاست عليه.
أنشأت الشركة مكتب مبيعات في الرياض، تم تسجيله في السجل التجاري تحت رقم 1010473985 Hensoldt Holding Germany GmbH، فرع المملكة العربية السعودية. وفقًا للوثائق الداخلية، فقد أبرم فرع الشركة الألمانية العقد بنفسه.
في مارس / آذار 2018، نص الاتحاد والحزب الاشتراكي الديمقراطي في اتفاق التحالف بينهما على أنه “من الآن فصاعدًا لن يوافقوا على أي صادرات إلى دول يثبت تورطها بشكل مباشر في حرب اليمن”. في ذلك الوقت، وصفت الأمم المتحدة النزاع، الذي أودى بحياة الآلاف من المدنيين، بأنه “أكبر كارثة إنسانية في عصرنا”. بيد أنه تمت الموافقة على صادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية بقيمة 416.4 مليون يورو على الأقل لعام 2018 وحده.
التغلب على الحظر عبر وسيط
ولكي تتمكن من التغلب على الحظر من توريد السلاح للسعودية قامت شركة الأسلحة الألمانية بالتعاقد مع تاجر أسلحة فرنسي يدعى سبستيان تشيدو، وهو مقيم في الرياض.
وقد تفاخر الفرنسي في رسالة بالبريد الإلكتروني أنه على علاقة جيدة مع الشركة وأيضا مع “بعض مسؤولي المخابرات من القوات الخاصة للبحرية السعودية، وهو ما استفاد منه في كسر الجليد، وعرض التاجر الفرنسي على المسؤولين السعوديين توريد منتجات أمنية كان أحدها تأمين أربعة سجون في المملكة العربية السعودية بشكل تقني، كما عرض على السعوديين نظام الصواريخ Hensoldt’s Xpeller المضاد للطائرات بدون طيار. كما كتب تشيدو إلى الشركة أن السعوديين مهتمون بأجهزة رادارات على مدى 3 كيلومترات لاكتشاف الطائرات بدون طيار.
وأولى تشيدو اهتماما خاصًا بالهجمات التي يُزعم أن المتمردين الحوثيين نفذوها على المملكة العربية السعودية. حيث استمروا في مهاجمة المملكة العربية السعودية بالصواريخ والطائرات بدون طيار. ولهذا السبب تبذل السلطات كل ما في وسعها لاعتراض الصواريخ والطائرات بدون طيار. ويمكن أن يساعد نظام Hensoldt’s Xpeller المضاد للطائرات بدون طيار في صد هذه الهجمات وهو ما ركز أساس المحادثات بين التاجر الفرنسي الوسيط وبين السعوديين. وبينت الوثائق أن الشركة الألمانية قامت كذلك بتوريد رادارات جديدة لسفن سعودية.
ويرى التحقيق أن شركة هنسولدت استفادت بشدة حاليا من الحرب الروسية الأوكرانية حيث ارتفع سعر السهم بنحو الثلثين منذ الحرب على أوكرانيا، كما ارتفعت مبيعات المجموعات بنسبة 40 في المائة في النصف الأول من هذا العام ، وكشفت الوثائق أن الشركة الألمانية تريد إنشاء شركة مستقلة بموجب القانون السعودي، والتي ستحل محل الشركة التابعة الحالية للشركة القابضة الألمانية.
لا أسلحة لمناطق الحرب والنزاع أمانيا غير صحيحة بدليل تزويد ألمانيا أوكرانيا بملايين الدولارات من الأسلحة الدفاعية والهجومية.والسعودية قادرة على شراء أسلحة من كل مكان.أنتم لا تعلمون ان أسلحة روسية متطورة وصلت إلى السعودية السنة الماضية.