في زيارتي الأخيرة إلى بيروت قررت الالتقاء بصديقات الأمس المحببات واللواتي لم أتواصل وإياهن منذ زمن بعيد بسبب إقامتي خارج لبنان..
وسألت صديقا مشتركا عن ديزي الأمير فقال إنها مريضة ومنزوية في بيتها ولم تعد تكتب جديدا.. وغرقت في مشاغلي البيروتية وعدت إلى باريس، وهناك علمت بخبر رحيلها في الغربة الأمريكية.
العراق البلد البعيد الذي تحب
وهكذا رحلت الأديبة العراقية ديزي الأمير في «هيوستن» بعيدا عن «البلد البعيد الذي تحب».. وهو عنوان كتاب لها، ولأن النهايات تذكرنا بالبدايات تذكرت المرة الأولى التي سمعت فيها باسم ديزي، وكان ذلك من صديقتي الأديبة الفلسطينية الكبيرة سميرة عزام..
كنت قد وصلت من دمشق إلى بيروت لمتابعة دراستي في جامعتها الأمريكية وأجهل (الخارطة الأدبية) فيها. وتولت سميرة عزام الحبيبة اللامنسية تعريفي بذلك.. قالت لي سميرة ذات مساء: أنا ذاهبة للقاء ديزي الأمير.
ـ من هي؟
ـ قاصة عراقية ألمت بها مأساة منذ أيام إذ كانت على وشك الزواج من الشاعر خليل حاوي الأستاذ في الجامعة الأمريكية حين أعلن خليل فجأة أنه لا يريد الزواج!!.. وأضافت سميرة عبارة واقعية ما زلت أتذكرها حرفيا حتى اليوم: لقد وضّبا بيت الزوجية، حتى إن ديزي لم تنس شراء الملح والبهار..
وتعاطفت مع ديزي حتى قبل أن ألتقيها، وازداد اليوم حزني عليها لأنها ماتت بعيدا عن البلد الذي تحب حقا: وطنها العراق..
ديزي نجت من الموت وراحت بلقيس
ديزي ابنة البصرة التي ولدت فيها (1935) والدها عراقي هو الطبيب ميرز الأمير ووالدتها لبنانية. درست في جامعة كامبريدج الراقية، وعملت في التدريس في بلدها، ثم جاءت إلى بيروت وعملت في السفارة العراقية.
ولن أنسى يوما ذلك النهار المشؤوم حين استيقظت وأنا أشعر بالرغبة الغامضة في مغادرة بيروت إلى (الجبل) أي إلى عاليه وبحمدون وسوق الغرب، وسواها. قلت ذلك لزوجي فاعتذر لموعد عمل لا يستطيع الإخلال به. قلت له: سأذهب مع صديقتي الحبيبة العراقية بلقيس الراوي (زوجة قريبي الشاعر نزار قباني). واتصلت هاتفيا ببلقيس الحبيبة وحاولت إقناعها بالهرب من العمل ليوم واحد فقط، وكانت مثل ديزي تعمل في السفارة العراقية ولكنها اعتذرت.
قلت لها: سأكلم ديزي وقالت إنها على وشك مغادرة السفارة لموعد عمل خارجها.
وهكذا ذهبت وحدي، وشربت فنجان القهوة في «مقهى الصخرة» في بلدة سوق الغرب المطلة على بيروت في منظر أخاذ. ثم تناولت الغداء مع صديقة لي تعيش في «الجبل»، وحين عدت ليلا إلى بيروت سمعت بالنبأ المروع: تفجير السفارة العراقية ورحيل بلقيس تحت الركام. ديزي غادرت السفارة قبل الانفجار ونجت من الموت.
وانكسر قلبي لرحيل صديقتي الحميمة بلقيس الراوي قباني.
حياة مأساوية وإبداع أدبي
أصدرت ديزي الأمير العديد من الكتب منها: قائمة الانتظار: حكاية امرأة عراقية في الغربة ـ ثم تعود الموجة ـ جراحة لتجميل الزمن ـ في دوامة الحب والكراهية ـ وعود للبيع، وسواها.
ديزي لم تكن تنفر من الصداقات والمودات ولطالما دعتنا ـ زوجي وأنا ـ للعشاء في بيتها مع الأصدقاء.
بعدها التقيناها مصادفة برفقة الأديب حبيب صادق، رئيس المجلس الثقافي للبنان الجنوبي، وسعدنا بزواجهما واحتفلنا بهما على الغداء في مطعم جديد كان على بُعْد خطوات. بعدها بعامين تم الطلاق بينهما، والغريب أن المطعم أغلق أبوابه أيضا!!
ديزي ورسائل الحب
نشرت ديزي الأمير «رسائل الحب» التي كان قد بعث بها الشاعر خليل حاوي إليها وكانا على وشك الزواج حين بدل رأيه فجأة، كما سبق وذكرت، ثم مات منتحرا، وقيل إنه انتحر احتجاجا على الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وقالت ديزي إنه انتحر لمرضه بالاكتئاب والله أعلم.
ولكن ديزي التي نشرت رسائل حب خليل لها شطبت منها اسمها تماما، مما جعل العديد من النقاد ينتقدون ذلك.. وحين نشرتُ رسائل غسان كنفاني لي دونما حذف كلمة اختلفت في الرأي مع ديزي.. ولكنها بعثت لي برسالة تقول لي فيها إن لديها رسائل حب من شاعر سوداني معروف، وإنها أرسلتها إلى الناقد المصري الكبير رجاء النقاش ورجتني وزوجي التوسط لديه لإعادتها لها إذا لم يكن راغبا في كتابة تقديم لها بعد أن شطبت اسمها. واتصلنا، زوجي وأنا، بالصديق رجاء النقاش ـ رحمه الله ـ ويبدو أنه كان غير راض عن نشرها مع تقديم منه، وحاولنا استعادتها لديزي بسبب إصرارها على ذلك. ثم قلت لها إن ذلك الشاعر السوداني العزيز الكبير لم يكتب لها وحدها، ولدي رسائل كثيرة منه سأنشرها بدون شطب اسمي.
وباختصار، قلت لها بصراحة إنني لا أفهم لماذا عليها شطب اسمها والطلب من ناقد (رجاء النقاش) نشر الرسائل، واختلفنا في الرأي، ولكن صداقتنا لم تهتز رغم الاختلاف في وجهات النظر..
اليوم، وقد رحلت الحبيبة ديزي، أشعر أننا ننسى أحيانا موتنا الآتي ونتعامل مع بعضنا بعضا كأننا لن نموت أبدا. وهكذا رحلت ديزي ومضت قبل أن أقول لها كم كانت رائعة في نوبات تمردها كيوم صبغت شعرها بالأحمر ثم بالأشقر! وكم كانت رائعة أيضا في تحفظها، وكم كنت أتوهم أن في العمر متسعا لنلتقي وأقول لها إنها مبدعة ورائعة كإنسانة.
بتأريخ 4/11/2017 وصلتني هدية رائعة من العزيز عمرو مجدح من سلطنة عمان مقاله على شكل نسخة بالالوان نشرت في مجلة الحوادث اللبنانية للاستاذة غادة السمان حملت عنوان ( همس بغداد يثقب القلب ) بتأريخ 24/4/1989 ..
والمقال فيه محطات ولحظات غاية في الذوق الانساني ، وفيه تذكر الايقونة غادة السمان تلك الاديبة الراحلة ديزي الامير .. ومن طرفي سأكتفي بتدوين بعض النصوص ( وكدت أنسى الحكاية لو لم أستلم من بغداد كتابين لاديبتين عربيتين هما ديزي الامير (( مجموعة قصص على لائحة الانتظار )) ومي مظفر (( غزالة في الريح – ديوان شعر )) ولم يكن فيهما غير ابداع لا صله له بالحالة الصراخية ) .
وتضيف الايقونة غادة ( قصص ديزي الامير على لائحة الانتظار ، همسة من بغداد تثقب القلب .. الاحتجاج متقشف حتى الصمت ) .. كتاب ثري بالخيال ( عن غريبة في مدينة تشتري من المزاد البوم صور الاسرة بعدما بيع الاثاث كله وصلتها مع ذلك الماضي ) وفي وصف النبيلة غادة السمان لديزي الامير : ذهبت الى البلد البعيد الذي تحب شوقاً اليه فشفيت من حبه .
رحلت التي أحبت البلد البعيد ( العراق ) بعيداً في مدينة هيوتسن الاميركية ، ولم تتذكرها بغداد كذلك البصرة ، واحتفت بيروت بذكراها .. شكراً لبيروت وإلى الاميرة ديزي الامير لروحك السلام .
تحياتي
نجم الدراجي . بغداد
مرحبا أستاذ نجم الدراجي _ العراق
أستاذ لو سمحت بدنا مقال (فيروز: أنا وحيدة على قمة جبل) المتضمن حوار السيدة غادة مع السيدة فيروز حيث خاطبت السيدة غادة فيروز بالعبارة النادرة “الأسود يليق بك” كل الشكر سلفا
شكرا للاستاذة shoukreya al doos
سيتم نشر المقال في كروب ( ghada al samman غادة السمّان – امرأة عربية وحرّة )
تحياتي
نجم الدراجي . بغداد
//بسم الله
//كل نفس ذائقة الموت
//صدق الله العظيم
//تحيا الشآم مع العراق دياري
//وشعار وادي الرافدين شعاري
//(ديزي الأمير) لقد رحلت بغربة
//أشقى الشقا موت بلا استقرار
//كم غربة انا عشت فيها ماانتهت
//و الغربة النكراء في تكرار
//هي غادة السمان تبكي اختها
والدمع صوت القلب في الأقدار
///
//تحيا الشآم مع العراق دياري
//وشعار وادي الرافدين شعاري.
*اعترض على كلمة لبنان الجنوبي والأصل جنوب لبنان
[email protected]
حياة الجسد قصيرة أمام أزلية إبداع الرّوح.
//بسم الله
// في ظلال التشيع
//حب الوصي* وفاطم الزهراء*
//وهوى الحسين* وصنوه* بدمائي
//أنا عشت سنيّا ولكني أرى:
//أن التشيع من صميم وفاء!
//أوليس حب ذوي النبي* ووودهم°
//هو من هدى الإسلام خير ولاء
//أوليس حب المصطفى* و لآله*
//هو صحوة المعراج والإسراء
//أوليس للمستشهدين بكربلا*
//وجب البكاء بلوعةو سخاء
//إن الوفاء لآل بيت محمد*
//في الشيعة النصحاء والفضلاء
*عليهم الصلاة والسلام
أبو تاج الحكمة
حياك الله عزيزي أبوتاج وحيا الله الجميع
لم يوصي الرسول صلى الله عليه وسلم بالخلافة من بعده لسيدنا علي بن أبي طالب, بل أمر سيدنا أبو بكر الصديق بإمامة المسلمين بالصلاة أثناء مرضه, وفهمك يكفي!! ولا حول ولا قوة الا بالله
كتبت الأديبة غادة السمان مقالين عن الراحلة بلقيس الراوي في كتابها الموسوم “الأعماق المحتلة” عن نخلة عراقية ،و بلقيس .. بلقيس تقول فيه : وحين التقي الأديبة ديزي الامير رفيقتها في غرفة المكتب نبكي معا .. وحين اسمع اللهجة العراقية قادمة من صوت أنثوي حنون، تهاجمني ذكرى نبرتها المحببة ، واقف على حافة الانتخاب داخل كهف الذهول .
مقالك الْيَوْمَ سيدتي هيج أحزاني . رحم الله من غادرنا ، ولَك طول العمر ان شاء الله لتكتبي عنهم وتحيي ذكراهم .
افانين كبة- كندا
الصحيح (على حافة الانتحاب ) وليس الانتخاب .
تحياتي للجميع !
افانين كبة
تفجير السفارة العراقية 1981 هو هجوم انتحاري وقع يوم 15 ديسمبر 1981 عندما فجر حزب الدعوة الشيعي العراقي السفارة العراقية في العاصمة اللبنانية بيروت بسيارة مففخة يقودها انتحاري يدعى “أبو مريم”. سويت السفارة بالأرض وقتل 61 شخصاً، بينهم السفير العراقي في لبنان وجرح 110 آخرين. وقد قتلت أيضاً العراقية بلقيس الراوي زوجة الشاعر السوري نزار قباني التي كانت تعمل في المكتب الثقافي للسفارة.
بدأ حزب الدعوة الشيعي المناهض لحكومة حزب البعث الحاكمة في العراق متأثراً بنجاح الثورة الإيرانية عام 1979 باستخدام العنف في كفاحه ضد الحكومة بدعم عسكري ومالي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية. – عن الويكيبيديا –
أنا سياسي نرويجي منذ ربع قرن, ومع هذا أقول بأننا السياسيين في بعض الأحيان نقول ما لا نفعل! والسؤال هو: هل الأدباء والشعراء ووو يقولون في بعض الأحيان ما لا يفعلون؟ ولا حول ولا قوة الا بالله
وكأن الأدباء استبدلوا اسمائهم بأسماء مدنهم فلكل أديب حكايا عشق وفراق مع مدينة..
مدينة أحبها حد الثمالة وحالت بينهما الظروف بإختلافها وذهب هناك بعيدا وصقيع الشتاء يضرب عظامه وعينيه مازالت معلقه تراقب طرقات المدينة الأم.. وكما باحت سنديانة عتيقة يوما أن الغرباء لا يعرفون الدفء مهما تدثروا.
يوم اخترت أن أقرأ لهم وأحبهم وأنتمي لعوالهم نبتت بداخلي تلك المدن وأشرقت شمسها على جدران الذاكرة
سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه هو سيد شباب أهل الجنة! فبماذا بالله عليك يستفيد من بكائنا ولطمنا؟ ولا حول ولا قوة الا بالله
من مهازل القدر ، من دبّر و خطّط لتفجير السفارة العراقية في بيروت و تسبب بقتل أبرياء كثيرين ، الآن “رجال دولة” في العراق ، و كتف بكتف مع أمريكا في محاربة “الإرهاب”!
هزُلتْ!
و أعود أُكرّر أصدق كلمة قالها العراقيين : طاح حظچ أمريكا !
عفواً فأنا معجب ببلاغة صدق أهلي