لندن- “القدس العربي”:
نشر موقع “ذا هيل” مقالا مشتركا لويليام هارتونغ من مدير التسلح والأمن في المركز الدولي للسياسة وإلياس يوسف، نائب مدير برنامج مساعدة الرقابة، طالبا فيه الرئيس الأمريكي المقبل جوزيف بايدن بإلغاء قرار الرئيس دونالد ترامب بيع صفقة قنابل إلى السعودية.
وجاء فيه أن دور ترامب في أحداث العنف التي اندلعت في واشنطن يوم السادس من كانون الثاني/ يناير أكدت وبطريقة لا تدعو للشك دعمه للأنظمة الشمولية والممارسات غير الديمقراطية في داخل أمريكا وخارجها. وعلى المستوى الدولي فلا يوجد أوضح من اقتراح إدارته لصفقتي أسلحة مكونة من قنابل موجهة بدقة بقيمة 800 مليون دولار تقريبا. وقالا إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد يقود واحدا من أكثر الأنظمة قمعا في العالم.
وكشف القتل الشنيع للصحافي جمال خاشقجي في تشرين الأول/ أكتوبر 2018 وبتوجيهات من الأمير عن ضراوة ولي العهد. مع أن دعم إدارة ترامب للسعودية ظل قويا. وتحدث ترامب وبشكل صريح عن الموارد المالية التي حققتها شركات السلاح مثل ريثيون من مبيعات السلاح إلى المملكة وأنها سبب دعمه للنظام فيها.
ولكن أكبر جريمة للنظام السعودي هي حربه التي مضى عليها خمسة أعوام في اليمن. وقتل التحالف الذي قادته السعودية آلافا من المدنيين في غارات لم تميز، واستهدفت المستشفيات والأسواق والبنى التحتية المدنية ومجالس العزاء. وتم تنفيذ معظم الغارات بقنابل زودتها الولايات المتحدة وأسقطتها طائرات أمريكية الصنع.
وترافقت الحملة الجوية مع حصار بحري وجهود أخرى لعرقلة توزيع الدعم الإنساني مما أدى لخلق ما وصفته الأمم المتحدة أسوأ كارثة إنسانية، ووفاة أكثر من 100.000 شخص وتجويع الملايين واندلاع أمراض كان يمكن منعها لو توفرت المواد الأساسية.
وفي داخل المملكة، حاول محمد بن سلمان تقديم نفسه كمصلح لكنه قام بحملة قمع ضد نقاده المحتملين والمدافعين عن حقوق الإنسان بمن فيهم الناشطة لجين الهذلول التي قادت حملة لرفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في السعودية. ولا تزال المرأة الشابة في السجن بتهم خرق الأمن القومي بعد محكمة مزيفة لا علاقة لها بأي تهديد للحكومة أو السلامة العامة.
واستمر دعم إدارة ترامب للنظام السعودي رغم زيادة المعارضة من الرأي العام والمشرعين الذين صوتوا لمنع بيع صفقة سابقة من القنابل لسلاح الجو السعودي ليقوم الرئيس باستخدام الفيتو ضده. وصوّت الكونغرس على قرار يحظر دعم الولايات المتحدة اللوجيستي في حرب اليمن وذلك بناء قرار سلطات الحرب، وهو الذي تجاهلته الإدارة. وتم تبرير صفقة 2019 بناء على قرار للطوارئ مشكوك فيه وكان موضوع تحقيق من المفتش العام لوزارة الخارجية.
ولم تمنع هزيمة الرئيس من مواصلته بيع الأسلحة لدول الخليج وتجاهل فيها الأعراف التي تتبع في صفقات السلاح والتشاور أولا مع الأعضاء البارزين في الكونغرس قبل التقدم للأمام. وتعتبر شركات تصنيع السلاح المستفيد الأول من صفقات ترامب التي لم تقم على تفكير. فشركات مثل ريثيون وبوينغ التي ستقوم بتصنيع القنابل المقدمة للسعودية، قامت بالضغط على الكونغرس والإدارة ودعم التجارة مع الرياض. وكانت جماعات ضغط رئيسية محورية في قرار الطوارئ عام 2019 والذي مهد الطريق للصفقة الأولية.
وتحدث الرئيس ترامب بمبالغة كبيرة عن الوظائف التي ستخلقها صفقات السلاح للأمريكيين، مشيرا في مرة لرقم مدهش وهو نصف مليون وظيفة. مع أن الرقم الحقيقي لا يصل عشر ما تحدث عنه ترامب. ومعظمها ستكون في السعودية نتيجة اتفاق الإنتاج المشترك الذي يشترط إنتاج القطع وتجميعها النهائي.
وسيعود الأمر إلى بايدن لإلغاء القرارات الأخيرة لترامب وبيع الأسلحة للسعودية. وهو أمر قابل للتحقيق في ظل تصريحات بايدن أنه لن “يترك القيم على الباب” وذلك فيما يتعلق بصفقات السلاح إلى السعودية ودورها في حرب اليمن. وعمل هذا لن ينقذ أرواح أهل اليمن بل سيكون إشارة للعدو والصديق أن أمريكا لن تغض الطرف عندما تستخدم أسلحتها لتقوية الديكتاتوريين وقتل المدنيين.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه بايدن عن التجدد الأمريكي فإن وقف صفقات الأسلحة للأنظمة القمعية ستكون خطوة مرحب بها ويؤكد أن دور أمريكا في العالم يعكس قيمها والتزاماتها التي تريد تطبيقها في الداخل.
بإيجاز، على أمريكا أن تكف عن دعم الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية وتختار موقعا تاريخيا في صف التاريخ إلى جانب الحركات والشعوب المكافحة من أجل الحرية والديمقراطية والعيش الكريم. مستقبل أمريكا يمكن أن يكون ضمن هذا النهج الديمقراطي العالمي والأمر ليس مجرد فخر معنوي بل هو من أجل بناء سوق ملموسة للعمل والتعاون والاستثمار والتجارة والبحث العلمي ومكافحة الإرهاب…