القاهرة ـ «القدس العربي»: كلما اقتربت ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني لاحت في الأفق مشاعر متباينة، فالسلطة وأنصارها لا يكفون عن قرع أجراس الخطر، وآلتها الإعلامية لا تلبث أن تطلق نيرانها الكثيفة على ما تبقى من حناجر تطالب بالشعارات، التي ما زال بعضها مكتوبا على أسوار الطرق والأزقة “عيش حرية كرامة اجتماعية”.. أما الحكومة فتمضي في الإجراءات الرامية لإلغاء الدعم العيني، وفق ما تشير إليه تصريحات بعض المسؤولين، وتبدو أذرع الدولة في كامل تأهبها مع الذكرى الحادية عشرة للثورة.
وقد واصلت صحف أمس الأربعاء 5 يناير/كانون الثاني تسليط الضوء على مزيد من المشروعات الجديدة التي يجرى تدشينها في العديد من المحافظات، وأولت اهتماما خاصا بالنسخة الرابعة لمؤتمر الشباب المقرر عقده خلال الفترة من 10 إلى 13 يناير الحالي في مدينة شرم الشيخ.. بحضور شباب من مختلف بلدان العالم.. ومن أبرز التقارير التي اهتمت بها الصحف قضية جنائية تحظى باهتمام الرأي العام، حيث كشفت مصادر أمنية، أن المتهمين في قضية فبركة الصور وابتزاز المنتحرة بسنت خالد طالبين في الأزهر الشريف، أحدهما طالب جامعي والثاني في الصف الثالث الثانوي، قاما بتركيب صور بسنت على صور جنسية، وتم القبض عليهما. وقالت مصادر إن المتهمين لديهما خبرة في تركيب وفبركة الصور والفيديوهات، وأن هناك العديد من الفتيات تعرضن للابتزاز من هذين المتهمين. وسألت النيابة العامة، خالةَ الضحية التي توفيت عقب تناولها قرصا لحفظ الغلال، فقررت عِلمَها منها قُبيلَ وفاتها بشرائها القرص منذ أسبوع، برفقة إحدى صديقاتها…. ومن تصريحات الدعاة: قال إبراهيم رضا أحد علماء الأزهر الشريف، أنه لم يثبت عن النبي أنه ضرب امرأة قط طيلة حياته. وأوضح أن الضرب لم يشرع للنساء كأحد الأدوات التي يلجأ إليها الإنسان، لكنه ذكر في حالة المرأة الناشز، التي تعطى جميع الحقوق، ولكنها عصية على طاعة ربها أو على طاعة زوجها. وأشار إلى أن القرآن الكريم تصدى لصورة نمطية سلبية كانت متداولة عن المرأة، وأنصف الله النساء بأنه سبحانه أنزل سورة “النساء” ولا توجد سورة باسم “الرجال”.. ومن أخبار الراحلين: توفي المطرب والملحن أحمد الحجار، شقيق النجم علي الحجار، إثر أزمة قلبية مفاجئة.
آسفين يا بسنت
لا حديث يشغل بال الشباب والكبار على حد سواء سوى عن الضحية التي اهتم بها خالد منتصر في “الوطن”: انتحرت “بسنت” 17 سنة، في الصف الثاني الثانوي الأزهري من كفر الزيات في الغربية، وكتبت قبل انتحارها خطابا لأمها التي غالبا لم تقتنع بدفاعاتها، وهي حية تصرخ من ألم التنمّر: «ماما يا ريت تفهميني، أنا مش البنت دي وإن دي صور متركّبة والله العظيم وقسما بالله دي ما أنا، أنا يا ماما بنت صغيرة ما استاهلش اللي بيحصل لي، ده أنا جالي اكتئاب بجد، أنا يا ماما مش قادرة، أنا بتخنق، تعبت بجد»، واختتمت الرسالة بجملة: «مش أنا حرام عليكم، أنا متربية أحسن تربية». انتحرت بقرص الغلة الذي تقول المراجع العلمية عن سر نجاحه الباهر في قتل ضحاياه إنه يتكوّن كيميائيا من فوسفيد الألومنيوم، وتُعزى سمية فوسفيد الألومنيوم إلى تحرير غاز الفوسفين الذي ينطلق عندما يتفاعل فوسفيد الألومنيوم مع الماء في الجسم الذي يسبب تآكلا مباشرا للأنسجة ويثبط الإنزيمات الخلوية، عادة ما تظهر أعراض التسمم في غضون دقائق. السبب الرئيسي في الوفاة هو انهيار الدورة الدموية التي تؤدي إلى التأثيرات المباشرة على عضلة القلب، بالإضافة إلى فقدان السوائل، تلف الغدة الكظرية، وحموضة الدم، ما يتسبب في حدوث صدمة شديدة والتهاب عضلة القلب، ومتلازمة الاختلال العضوي المتعدد. هذا هو المكتوب عن قرص الغلّة الذي انتحرت به بسنت، لكن ماذا عن قرص الغِل الذي منحها إياه أهل قريتها وكان قاتلها الحقيقي؟ السؤال: مَن قتل بسنت؟ قتلها مجتمع مستعد أن يقتل بناته لمجرد إشاعة، مجتمع زومبي يأكل ويلتهم لحم تاء التأنيث مستلذا ومستمتعا، مجتمع يطارد البنت لمجرد أنها بنت، هذه كل جريمتها، وكلما كانت البنت جميلة أو مبتهجة أو فرحانة، كانت الجريمة أشد وأخطر. المجتمع لا يريد تصديق أن الصور العارية مفبركة وفوتوشوب، لأنه عايز يصدق ده يريدها على هذا الشكل وفي هذه الكيفية التي يتكيف مزاجه الدراكولي من الفرجة عليها، يعطل حواسه ويخدع نفسه في سبيل ترسيخ الفضيحة وتجريس البنت، لأن الزومبي عندنا لا يعيش إلا على أشلاء أنثى.
حكاية السيسي والشاطر
كشف الصحافي والإعلامي ياسر رزق، تفاصيل اللقاء الذي جمع خيرت الشاطر وسعد الكتاتني مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقت أن كان وزيرا للدفاع، وهو الاجتماع الذي تحدث فيه الشاطر بلغة تهديد موجهة ضد القوات المسلحة. وقال رزق خلال لقاء مع الإعلامي أحمد موسى في برنامج «على مسؤوليتي» حظي باهتمام معظم الصحف ومنها “المصري اليوم” و”الأخبار” وغيرهما، أن خيرت الشاطر ظل يتحدث طيلة ساعة إلا ربع الساعة؛ ظل يهدد فيها الجيش، مؤكدا أن السيسي بعد انتهاء حديثه قال له: «خلصت؟ اتفضل اشرب القهوة. شربت. اتفضل». ليرد عليه أحمد موسى: «طرده يعني»، فيما أشار رزق إلى أن هذه الرواية سمعها بعد الثورة من السيسي واللواء عباس كامل. وأوضح أن عباس كامل قال له إنه لم ير السيسي بهذا الانفعال والغضب حيث أخبرهم: «انتوا عايزين إيه من البلد؟، كرهتوا الناس في الدين»؛ حيث أن اللواء عباس كامل على علاقة قديمة بالفريق السيسي منذ أن كان الأخير مقدما في القوات المسلحة. وشدّد على أنه بعد هذا اللقاء حدث اجتماع 25 يونيو/حزيران 2013، والذي جلس فيه الفريق السيسي مع مرسي وتم الاتفاق عن إلقاء الأخير «حديث تهدئة»، مشيرا إلى أنه بعد ذلك حصل مرسي على صيغة الخطاب من الفريق التراس، الذي سيلقيه في قاعة المؤتمرات القديمة في مدينة نصر، وكان رأي معاوني الفريق السيسي عدم حضور هذا اللقاء. وتابع أن الرئيس السيسي شدد على أنه سيذهب، وأنه مستعد لعمل أي شيء لصالح البلد، حيث سمع قادة القوات المسلحة خطابات بذيئة أثناء دخولهم القاعة، وأحد أكبر معاوني الفريق السيسي أرسل قوات خاصة تكون موجودة خارج القاعة، لضمان أمن رجال القوات المسلحة. ولفت إلى أن الإخوان كانوا يعدون قائمة اعتقالات لمدنيين، وتابع: “قلي عنها الوزير حاتم بجاتو. شخصيات من مختلف التيارات السياسية”..
أشقاؤنا في الخليج
مضى أكثر من أسبوعين كما أوضح مرسي عطا الله في “الأهرام” على التقرير الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية بشأن التحول «المذهل» في مسار العمليات العسكرية داخل إثيوبيا لمصلحة نظام آبي أحمد، الذي قالت الصحيفة الأمريكية إن الفضل في ذلك يعود لـ 3 قوى إقليمية قامت بتزويد أديس أبابا بطائرات مسيرة ضاربة، ولم يصدر حتى اليوم أي تأكيد أو نفي لما نشرته الصحيفة، سواء من إثيوبيا أو الدول التي ورد ذكرها في التقرير. وفي هذا الصمت المطبق من جانب كل الأطراف أصبح السؤال هو: هل ما نشرته “نيويورك تايمز” أمر صحيح، خاصة بعد أن ألمحت الصحيفة الأمريكية إلى أن آبي أحمد لم يشر إلى ذلك الأمر في خطاب النصر الذي ألقاه وسط جنوده على جبهة القتال، وإنما عزا الأمر لما سماه شجاعة القوات الإثيوبية قائلا: «إن إثيوبيا فخورة ببطولاتكم المذهلة.. لقد كنا على ثقة عندما قلنا إن إثيوبيا لن تخسر أبدا». والحقيقة أن «نيويورك تايمز» لم يفتها أن تقول صراحة: إن سبب الانقلاب في حظوظ آبي أحمد يعود إلى أسطول كبير من الطائرات المقاتلة بدون طيار التي حصل عليها مؤخرا من حلفاء في منطقة الخليج، وأماكن أخرى من جهات مصممة على إبقائه في السلطة. وأضافت الصحيفة عن مصادر مطلعة أنه في خلال الأشهر الأربعة الماضية زودت إيران وتركيا ودولة خليجية آبي أحمد بأحدث الطائرات المسلحة بدون طيار، في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة والحكومات الافريقية تحث على وقف إطلاق النار وإجراء محادثات سلام.
بحثا عن نفوذ
طبقا لتقرير الصحيفة الأمريكية التي استند إليها مرسي عطا الله فإن دوافع موردي الطائرات المسيرة لآبي أحمد تباينت بين كسب المال وكسب النفوذ في منطقة استراتيجية مهمة، وأن تأثير هذه الطائرات في تغيير مسار العمليات العسكرية كان مدهشا، حيث نجحت في قصف متمردي جبهة تيغراي وقوافل الإمدادات الخاصة بهم، أثناء اندفاعهم على طريق سريع رئيسي باتجاه العاصمة أديس أبابا، ما أدى إلى تراجع قوات جبهة تيغراي لمسافة 270 ميلا تقريبا عن طريق البر إلى الشمال، وحرمانها من المكاسب التي حققتها في ميدان المعركة. فهل ما نشرته “نيويورك تايمز” صحيح.. وهل الصمت والسكوت هو علامة الرضا والقبول من جانب كل الأطراف التي ورد ذكرها بصحة ما هو منشور.. سؤال يبحث عن إجابة عند من حددهم التقرير كمشاركين في المجهود الحربي الإثيوبي ضد جبهة تحرير تيغراي، ويعزز من أهمية السؤال ما صدر قبل أيام قليلة في تقرير رسمي للأمم المتحدة يكاد أن يتطابق مع مضمون ما نشرته “نيويورك تايمز” عن الحرب الجوية الشرسة التي رجحت كفة آبي أحمد.. ولكنها لم تحسم الصراع في بلد لا يمكن أن ينعم بالهدوء والاستقرار إلا تحت رايات سلام حقيقي يضمن استمرار وبقاء النظام الفيدرالي الذي يصنع وحدة الأقاليم المتعددة في أمة الأحباش.
ابن مريم
حرص الدكتور أكرم السيسي في “الشروق” على الاحتفاء بالسيدة مريم العذراء ـ صاحبة المعجزة الفريدة بأنها وَلَدت المسيح عيسى دون أن تتزوج، ودون أن يمسسها أحد، وعليه وُجِهَت من بني إسرائيل باتهامات تمس أعز ما تملك المرأة، ولكن مريم يأتيها التكريم الثالث من الله، فهى لم تتول الدفاع عن نفسها، بل دافع عنها رب العالمين بذاته العليا، وبرَّأها، وشرح لنا قصتها تفصيلا بقوله: «وَمَرْيَمَ ابْنَة عِمْرَانَ التي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ» (التحريم: 12)؛ ويؤكد المولى ـ سبحانه وتعالى ـ على هذا التكريم في آية أخرى بقوله: «وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَة لِلْعَالَمِينَ» (الأنبياء:91). ولم يكتف الله بأن برَّأها، فقد كرّمها بالتكريم الرابع، وهو الأقوى والأعلى، بقوله: «وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إن اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ» (آل عمران: 42)، ويريد الله بذلك جُل ثناؤه على السيدة مريم، فقوله: «اصطفاك» ـ مرتين في آية واحدة ـ يعني بها اختارك على نساء العالمين في زمانك، بطاعتك إياه، ففضَّلك عليهن أجمعين، وهذا ما خصّك به من كرامته وقوله: «وطهَّرك» يعني به طهَّر دينك من الرّيب والأدناس، التي في أديان نساء بنى آدم. وفي تكريم خامس من الله للسيدة مريم، أن وردت قصتها في أكثر من سورة قرآنية، ووضعها في صفوف الأنبياء، وذلك في قوله تعالى: «واذكر في الكتاب مريم».. (مريم: 16)، مثلها في ذلك مثل قصة إبراهيم (أبو الأنبياء) عليه السلام، حيث استهلت كذلك ـ في القرآن الكريم ـ بقول مماثل: «واذكر في الكتاب إبراهيم»..). كما أنه توجد ضرورة استوجبت ذكر اسمها صراحة، وليس تلميحا أو إشارة، وهو الحرص الشديد من الله على نَسَب عيسى إلى أمه، وعلى اقتران اسمه باسمها.
ابنة عمران
وصل بنا الدكتور أكرم السيسي إلى التكريم السادس الذي يرد في الإجابة على سؤالنا: لماذا جُمِع بين اسم مريم وكنيتها «ابنة عمران» التي انفردت بها الآية (12) من سورة التحريم: «وَمَرْيَمَ ابْنَة عِمْرَانَ التي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا»..؟، والجواب عنه أن مقام ذكر مريم في هذه الآية ـ كما سبق القول ـ هو مقام المدح والثناء عليها، وضَرْب المثل بها في عظيم إيمانها بكلمات الله التي سبقت، وأعلنت البشرى بميلاد المسيح المنتظر من فتاة عذراء، ومقام المدح والثناء يقتضي الذكر الكامل لمن نمدحه ونثني عليه، أي التحديد الدقيق لشخصه وهويته حتى لا يلتبس لدى السامعين بشخص سواه قد يحمل اسمه الأول نفسه. وهنا نلاحظ أن آية التحريم ذَكرت أكثر من محدد واحد من محددات الشخصية أولا: الاسم العلم (مريم)؛ وثانيا: الكنية (ابنة عمران)؛ وثالثا: الصلة، أي الصفة أو الميزة، التي خص بها الله مريم بقوله: «التي أحصنت فرجها». لا مجال إذن بعد هذا التحديد الدقيق لحدوث أدنى لبس حول هوية «مريم»، أما لو أنه قد اكتفى بذكر اسمها فقط «مريم» فإن مَن يحملن هذا الاسم من «المريميات» ـ إذا صح القول ـ كثيرات في تاريخ الديانة اليهودية، بحيث لا يتبين معه من تكون مريم المقصودة من بينهن جميعا، وكذلك لو أنه قال: «ابنة عمران» فقط دون أن يذكر اسمها «مريم» فإن المراد لا يتحقق مطلقا.
غضب السماء
لا يجد فاروق جويدة في “الأهرام” تفسيرا لما أصاب العالم من تغيرات مناخية عصفت بعشرات المدن واجتاحت كل بلاد العالم: هذه السيول التي أغرقت المزارع، وهدمت البيوت وجعلت أزمة الطعام تتحدى ملايين البشر.. وهذه البيوت التي انهارت أمام السيول والبراكين والزلازل، وهذا المستقبل الغامض الذي يفسره البعض بأنه نهاية العالم.. بينما يقف العلماء يحاولون تفسير هذه الظواهر الكونية التي شملت العالم كله وما هي أسبابها، يقف علماء دين يؤكدون لشعوبهم أنها لعنة السماء على البشر، وأن الله سبحانه وتعالى غاضب على البشر.. وهناك فريق ثالث حاول أن يعيش الحياة ولا يفكر في كل ما يجري حوله.. إن أخطر ما في هذه الظواهر الكونية أنها فاجأت سكان الأرض، رغم أن العالم شهد في عصور سبقت انهيار أوطان وضياع أمم.. ولكن كثيرا من الناس لا يعرفون ما حدث لقوم سيدنا نوح وعاد وثمود ولوط، وهذه القصص التي عاشتها البشرية وسقطت فيها شعوب وانهارت أمم منذ سنوات.. والعلماء يتحدثون عن هذا الخطر المقبل ما بين تغير المناخ وذوبان تلال الجليد، والفيضانات والتصحر ولم يسمعهم أحد، والآن يقف العالم حائرا يتساءل عن أسباب ذلك، لأن الكوارث لم تترك أحدا.. إن أمريكا الأكثر تقدما غرقت بين البراكين والسيول وحتى البحار انفجرت فيها عيون اللهب والنيران، واجتاحت الفيضانات والسيول القرى والمدن في كل دول أوروبا واليابان وإندونيسيا والهند والصين وإيران والعواصم العربية. الغريب في الأمر هو حيرة العلماء الذين وصلوا إلى القمر منذ سنوات، بينما عجزوا عن تفسير الكوارث التي هبطت عليهم في الأرض.. هل هي السماء حين تغضب؟ أم هي الأرض حين تثور؟ أم هم العلماء حين فقدوا البصر والبصيرة؟ سوف يبقى هناك سؤال حائر بين الناس أمام هذه التحديات الصعبة: من يوقف هذا الطوفان؟ ومن يوقف هذه السيول؟ لا عاصم اليوم من أمر الله.. العالم في حاجة لأن يتجه إلى السماء ويطلب الرحمة من الخالق سبحانه وتعالى..
قلق مشروع
سلط الدكتور وجدي زين الدين في “الوفد” الضوء على المشروع القومي لتطوير التعليم: الغريب في الأمر أن هناك من يحاول عرقلة هذا المشروع، من خلال طرح أفكار غريبة وشاذة، ومنهم مثلا من يقول إن المدارس غير جاهزة لتطبيق المشروع، ونسي هؤلاء أن التطبيق للمشروع الجديد يبدأ مرحليا سنة بسنة، وتقوم وزارة التربية بتدريب المعلمين لكل صف، وتجهيز المدارس، ليس دفعة واحدة، وإنما كما قلت مرحليا، وهناك من يتطاول على فكرة الكتاب الإلكتروني، قائلين إن المدارس ليس فيها إنترنت، وحتى «فيش» الكهرباء غير متوافرة، في حين أن الكتاب الإلكتروني لا يحتاج إلى «نت»؛ لأن الداتا موجودة أصلا داخل الكتاب، ولا تحتاج أصلا إلى النت.. وهكذا نجد حملة شعواء على النظام الجديد، المطبق، فلماذا إذن هذا الهجوم غير المبرر؟ الحقيقة أن هناك كثيرين داخل المجتمع ستضيع مصالحهم الخاصة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، لن نجد مدرسا واحدا يعطى درسا خصوصية لرياض الأطفال، أو الصف الأول الابتدائي، وكذلك سيتم منع إن لم يكن قد حدث بالفعل طبع الكتاب الخارجي المخصص لهذا الصف، وبالتالي فهؤلاء لا يعجبهم هذا التطوير والتحديث للعملية التعليمية. والمعروف أن هؤلاء اعتادوا طريقة الحفظ والتلقين، وقتلوا حرية الفكر والإبداع والتأمل، وركزوا فقط على قيام التلميذ بحفظ أجوبة الأسئلة، ووضعها في ورقة الامتحانات، ووجدنا ما وجدنا من تلاميذ مع عظيم الأسف لا يتقنون القراءة أو الكتابة، ولا أكون مبالغا إذا قلت، إن هناك خريجين من الجامعات المصرية لا يحسنون الإملاء، ولا يتقنون اللغة سواء كانت عربية أو إنكليزية، رغم تخرجهم في مدارس لغات، لذلك دعا الكاتب الدكتور طارق شوقي، وجميع العاملين المعاونين له، طرح كل التفاصيل للرأي العام، والرد على كل الاستفسارات المتعلقة بمشروع التطوير.
أين المسار؟
سعى عمرو الشوبكي في “المصري اليوم” لفك طلاسم المشهد السوداني: رغم استقالة حمدوك فقد استمرت مليونيات الغضب في السودان، معلنة رفض استمرار المجلس العسكري في السلطة، ورفض التفاوض أو الدخول في أي شراكة معه. صحيح أن المجلس السيادي الذي يقوده البرهان مدعوم من قوى تقليدية وأحزاب سياسية، ولكنها لا تمتلك المهارات الاحتجاجية التي تمتلكها قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة. ويبقى خطر بعضها أنها قادرة على ممارسة عنف شرس في حال شعورها بالتهديد الوجودي، ما يضع البلاد أمام خطر الاقتتال الأهلي والفوضى. ورغم حضور الأحزاب المدنية، فإنها ما زالت أضعف من القوتين السابقتين (المجلس العسكري والقوى الثورية)، كما لا توجد نقابات لها قاعدة اجتماعية ومهنية وموقف سياسي، مثل الاتحاد التونسي للشغل، يمكن أن تقوم بدور الوسيط أو المنقذ، إنما هي نقابات مسيسة بالكامل، ولها طابع أيديولوجي، وبالتالي يمكن القول إنها طرف حزبي وليس نقابيا. وأصبحت صورة السودان الحالية تتركز في حالة احتجاجية تقودها قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) وتجمع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة، وتعلن كل يوم رفضها التفاوض مع المكون العسكري (يُلاحظ أن الأعداء وليس المختلفين تفاوضوا في ما بينهم)، وتعتبر الشراكة التي جرت معه «شراكة دم» ولا ترى إلا مظاهرات الشارع والصوت الاحتجاجي كورقة ضغط شبه وحيدة في يدها.
خروج آمن
الغريب من وجهة نظر عمرو الشوبكي، أن ما تطرحه القوى الثورية هو عكس كل خبرات النجاح التي شهدتها تجارب التغيير في العالم، في نصف القرن الأخير، بما فيها الديكتاتوريات العسكرية في أمريكا الجنوبية، حيث استمر التفاوض بين العسكريين والمطالبين بالدولة المدنية الديمقراطية، ومن بينهم فصائل يسارية ثورية حتى آخر لحظة، بل أعطيت ضمانات وخروج آمن لقادة عسكريين في أمريكا الجنوبية من أجل التخلي عن السلطة والنظر إلى المستقبل، لا تصفية حسابات مع الماضي. رفض الفصائل الثورية التفاوض مع الجيش السوداني أمر يحول طاقة التغيير من البناء وتقديم البدائل إلى الاحتجاج والرفض، وهو ما يتجاهل الإجابة عن السؤال الكبير عن أسباب عدم استمرار الحكم المدني في السودان منذ استقلاله إلا 15 عاما فقط؟ ولماذا كان الحكم العسكري يستمر لعقود والمدني لسنوات، رغم الثقافة المدنية العميقة والوعي السياسي الكبير الذي يتمتع به الشعب السوداني وانتفاضاته الشعبية الثلاث الكبرى، التي عرفها في تاريخه المعاصر؟ الوضع الحالي يحمل أخطارا كبيرة قد لا يراها الفاعلون «الثوريون» المنغمسون في العمل السياسي اليومي وهي: خطر الفوضى والمواجهات الأهلية.. وللخروج من هذه المخاطر مطلوب بحث أمرين: تقليص المرحلة الانتقالية إلى نهاية هذا العام، والثاني: البحث عن رجل/ مشروع جسر بين المكونات السودانية المختلفة، وقد يكون حمدوك أحد هذه الأسماء، وأن يعرف الجميع أن هذا «الرجل الجسر» لن يكون فقط صوت القوى الثورية، ولا مجرد لسان حال المجلس العسكري، إنما هو جسر بين الجميع، ويأتى عبر انتخابات حرة.
نهاية مخرج
من بين المتألمين بشدة سامح فوزي في “الشروق”: داود عبد السيد مخرج مبدع، لا يختلف أحد على إسهامه المتميز في السينما المصرية، والكثير من أفلامه تحتاج إلى أن نشاهدها عدة مرات حتى نستنطق منها رسائل اجتماعية وسياسية وثقافية، بعضها مباشر، وبعضها غير مباشر. أثار خبر اعتزاله موجة من الشجن، ودعوات مراجعة الذات، والتفكير في مستقبل صناعة السينما، وهي قضايا أظن انها بحاجة إلى مناقشة مستمرة، سواء اعتزل المخرج الكبير أم لم يعتزل. لكن ما لفت انتباهي أن داود عبد السيد، الذي بلغ 76 عاما، يرجع سبب اعتزاله إلى تفضيل الجمهور أفلام التسلية، التي يحتاج إنتاجها إلى أموال طائلة، في حين أنه يفضل أن يكون شباك التذاكر هو أساس تمويل الفيلم. يمثل حديثه منطقا سينمائيا احترافيا، يرى أن عنوان أي بضاعة رائجة هو الطلب عليها، ونظرا لأنه أدرك تبدل أذواق المستهلكين، فقد آثر الاعتزال منتصرا لتاريخه السينمائي، بدلا من السير في ركاب الأذواق المتغيرة. ذكرني ذلك بتاجر شهير اعتاد، وتعود على بضاعة يابانية الصنع، وعندما غزت المنتجات الصينية، الأقل جودة الأسواق آثر الانسحاب عن البقاء في السوق. منطق، ووجهة نظر تُحترم دون شك. ولكنني لست أميل دائما إلى جلد الجمهور، ناعتا إياه بصفات سلبية، والنظر إليه من أبراج الثقافة، لأن كل مرحلة لها جمهورها، وعنوان الاختلاف هو تبدل الأذواق، ولعل ذلك ببساطة الذي أدى إلى ظهور نجوم، وتواري آخرين، وبزوغ مخرجين، وتمتعهم بشهرة في حينه، تماما مثل سوق الرواية، الذي يشهد ظهور روائيين لهم حضور، وجمهور جديد يتابع أعمالهم، وهي مسألة قد لا تروق للنقاد الكبار، مثل الراحل الدكتور جابر عصفور، الذي عبّر عن ذلك صراحة في إحدى مقالاته. داود عبد السيد، وهو قيمة فنية مهمة، اعتزل في رأيي لأسباب تخصه أكثر ما تخص الجمهور، فهو لا يستطيع مسايرة تفضيلات رواد السينما الآن، ويرى أن ما كان يقدمه لم يعد يقبل عليه الناس الذين يبحثون عن التسلية في رأيه، فقرر الانصراف، ويظل السؤال هل كان يقدم سينما الطبقة الوسطى، وأدى تآكل هذه الطبقة إلى اختفاء المظاهر الفنية المعبرة عنها؟
يسير ببطء
يرى الدكتور محمد حسن البنا في “الأخبار” أننا في حاجة شديدة لنظام التأمين الصحي الشامل. وقد بدأت الدولة تنفيذه، لكنه يسير ببطء، بسبب الإمكانات المالية. الكثير من رجال الأعمال والأغنياء يعزفون عن دعم هذا المشروع، وميزانية الدولة عاجزة. ورغم هذا تم إطلاق المنظومة بافتتاح المرحلة الأولى عام 2019 لتكون البداية من بورسعيد، ثم 5 محافظات أخرى هي الأقصر والسويس والإسماعيلية وجنوب سيناء وأسوان بتكلفة تتجاوز الـ51 مليار جنيه. جاء قانون التأمين الصحي الشامل عام 2018 بفضل اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي ورغبته في توفير الخدمات الطبية ذات الجودة العالية للمواطنين. واستهدف أيضا خلق نظام صحي شامل لا يميز بين غني أو فقير، مسؤول أو مواطن. من هنا أتمنى الإسراع في تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل، الذي يلبي طموحات المواطنين في تأمين رعاية صحية شاملة ومتكاملة، وفق أعلى معايير الجودة العالمية. وهو ما يحقق أعلى مبادئ حقوق الإنسان. ولا يكون ذلك إلا بتكاتف جميع الجهات المسؤولة للبحث والدراسة في وضع نظام صحي يحقق العدالة والمساواة في العلاج بين أفراد المجتمع. ويكون بديلا عن المستشفيات الحكومية سيئة السمعة، والمستشفيات الخاصة والاستثمارية المستغلة لظروف المرض. يجب أن يعلم المواطن أن التأمين الصحي الشامل حماية لصحته، وركيزة أساسية في تحقيق أهداف ومبادئ خطة مصر للتنمية المستدامة 2030 بمحور الصحة، بما يشمله من النهوض بصحة المواطنين في إطار من العدالة والإنصاف. والاهتمام بكل ما يؤثر في صحة المصريين من محددات اجتماعية وبنية تحتية ووعي عام وتحفيز نمط الحياة الصحي السليم.
وهم العلاج
كان من سوء حظ محمد أمين في “المصري اليوم”، أن يصاب بارتفاع مفاجئ في ضغط الدم، خلال وجوده في القرية فكانت تجربة مريرة روى تفاصيلها: ذهبنا إلى مستشفى بنها الجامعي في منتصف الليل،، هل تعلم ما معنى مستشفى جامعي؟ يعنى دكاترة الطب والاستشاريين والأساتذة.. لا أحد كان موجودا، وكان هناك عدد من المرضى والممرضين والأهالي ويوم شتاء غريب.. والطين يملأ المكان.. والكل يجري.. دخلت في هذه اللحظة فتوترت وأدركت أنني لن أخرج منها.. ارتفع الضغط فوق الـ200.. استسلمت لما يفعله المرافقون.. قرروا أن نخرج. وتوجهت السيارة في قلب الليل إلى مستشفى الراعي الصالح بدعوى أن الخدمة عندهم منضبطة، وافقت على الفور، ولكنهم لم يكونوا مستعدين للتعامل مع حالة من هذا النوع.. لقياس الضغط والتعامل معه.. وصلنا إلى المستشفى الكويتي جوار التأمين الصحي للتعامل مع الحالة، والغريب أن فكرة التأمين الصحي لم تخطر ببالنا، وهكذا تعاملنا مع ثلاثة مستشفيات، واحد جامعي وآخر خيري والثالث قطاع خاص.. الأخير قبل دخول الحالة وتعامل مع ارتفاع الضغط وبدأ تدريجيا التعامل معه.. راح المؤشر يتجه إلى أسفل.. وهبط الضغط عشر درجات فتنفس الفريق، ثم بدأ يواصل الهبوط من 200 إلى 170، و160، و150، ثم هبط إلى 90.. وهنا أصيب الجميع بارتباك وخوف.. غبت عن الوعي وتمت محاولات لا أعرفها وانتهت على خير، وأدركت من حولي.. وكنت أحمد الله أنني مع شباب يجتهدون ويعاملون مرضاهم برفق وحنان. إنها أول مرة أدخل مستشفى في 60 عاما.. ولم يكن هناك خيار ثانٍ.. الوعكة حدثت في البلد فجأة.. والظروف صعبة للغاية، ولا توجد غير هذه الخيارات.. لا توجد أمامى بدائل.. على الأقل نعمل إسعافات حتى أذهب إلى القاهرة في الصباح. حظي أن أمرض في الريف.. حركة الحياة توقفت والجو ماطر.. لا تحدثني عن مصر الجديدة ما لم يكن كل مريض لديه فرصة العلاج في أي وقت من ليل أو نهار.
ملكة الكلام
سأل عادل السنهوري في “اليوم السابع”: هل هناك غرابة في أن نكتب عن شقة السيدة آمال فهمي الإعلامية والإذاعية المصرية الأشهر في تاريخ الإذاعة في مصر، صاحبة أشهر برنامج إذاعي مصري وعربي “على الناصية”، وبعد وفاتها بحوالي 4 سنوات تقريبا. الشقة التي تقع في شارع محمد مظهر في الزمالك، عاشت فيها الراحلة آمال فهمي أكثر من 60 عاما، ولم يمنحها الله تعالى نعمة الأولاد، فقد تزوجت لمرة واحدة فقط من المخرج الإذاعي ومعلمها الفنان محمد علوان، واستمر الزواج حوالى 18 عاما، ثم وقع الانفصال بينهما. وكما هو الحال وقع الخلاف بين الورثة أبناء أشقائها على الشقة والتراث الإذاعي والممتلكات والمقتنيات الشخصية، التي تعتبر ثروة تاريخية حقيقية لإمبراطورة الإذاعة، منذ التحاقها بالإذاعة وحتى وفاتها، بما فيها صورها ومذكراتها وشهادات تكريمها ودروعها، وهي كنز قومي يجب على الدولة الاحتفاظ به ولو في متحف الإذاعة المصرية. لكن صاحبة العقار الذي تقع فيه الشقة في الزمالك، كانت قد أقامت دعوى قضائية عقب وفاة السيدة آمال فهمي في 8 إبريل/نيسان 2018، وحصلت مؤخرا على حكم نهائي باستلام الشقة. المسألة لا تتعلق بخلاف بين الورثة أو حصول مالكة العقار بحكم قضائي على الشقة، وإنما تتعلق بمكان عاشت فيه أشهر إعلامية وإذاعية مصرية ويضم تراثها الشخصي، الذي أصبح الآن حقا عاما للأجيال الحالية، مثل تراث كبار الزعماء والسياسيين والأدباء والمفكرين والإعلاميين.
ووزارة الثقافة ممثلة في هيئة التنسيق الحضاري أطلقت منذ عام 2018 مع مجلس الوزراء، مشروع “عاش هنا”، يضم شخصيات من رموز الوطن في شتى المجالات لإتاحة الفرصة للأجيال الحالية والقادمة للتعرف على إنجازات هؤلاء الرواد ليكونوا قدوة، وجوهر المشروع هو الوعي والتنوير الذي تتبناه الجمهورية الجديدة، وتم توثيق حوالي 700 شخصية من كتاب ومبدعين. لكن يبقى السؤال هل المشروع يتعلق فقط بالتذكير بالمكان وبالمعلومات عن الشخصية، أم أن الأمر ينبغي أن يتعداه إلى الحفاظ على المقتنيات والدروع والتكريمات والصور والمذكرات وغيرها للشخصية العامة؟