«تجديد البيعة للرئيس القائد حافظ الأسد» في يناير/ كانون الأول 1991 كانت المناسبة التي قادتني إلى زيارتي الأولى إلى سوريا حيث فاز الرئيس بنسبة 99.99 % في استفتاء رئاسي لم ينافسه فيه أحد طبعا.
كانت المنطقة تعيش على وقع قرع طبول حرب قد تندلع في أي لحظة بعد إصرار العراق على رفض الانسحاب من الكويت الذي اجتاحه في آب/أغسطس 1990 وتشكيل تحالف عسكري دولي عريض لطرده منها، كانت سوريا جزءا منه. كنا وفدا من تونس وجهت إليه الدعوة لحضور الحدث، كنت فيه موفدا من جريدة «الرأي» الأسبوعية القريبة من المعارضة صحبة الأديب التونسي أبو القاسم محمد كرّو وكمال بن يونس من جريدة «الصباح». ومع أننا جميعا قادمون من تونس حيث كانت شخصية الرئيس بورقيبة طاغية لعقود إلا أن عبادة الرئيس الأسد كانت مخنقة وأفظع مما تعودنا عليه. مررنا بأحد تماثيل حافظ الأسد العديدة في دمشق فاقترح علينا المرافق التوقف لأخذ صورة هناك ففعلنا دون تردد إلا كرّو فقد فضّل الانتظار داخل السيارة. أحرجه كمال بالسؤال لماذا لم تنزل معنا فأجاب أنه يفضل أن يلتقط صورا مع نصب آخر أكبر وأجمل يقع في منطقة أخرى!! مؤجلا عتابه له إلى وقت لاحق.
هذا الحرج لا يساوي شيئا أمام ما تعرضت له حين قال لنا بين الجد والهزل طالب قاضي أمين المسؤول في وزارة الإعلام السورية أنه كان مطلعا في موسكو من خلال أصدقائه الطلبة التونسيين الذين درسوا معه على بعض ما كان يكتب في الصحف التونسية ضد القيادة السورية وسياساتها. لست متأكدا أنه كان يقصدني تحديدا لكن شعرت أنه كان يوجه حديثه لي، ذلك أنني لم أتردد أبدا في مناسبات مختلفة من فعل ذلك سواء خلال أحداث حماة عام 1982 بمقال عنيف تحت عنوان «حماة عوض الجولان!!»، أو في التشهير بالانشقاق داخل حركة «فتح» بقيادة أبو موسى الذي وقفت وراءه دمشق وما أعقبه من حرب على المخيمات الفلسطينية في طرابلس اللبنانية عام 1983 وحصارها بدعم سوري مفضوح.
كانت المنطقة تعيش على وقع قرع طبول حرب قد تندلع في أي لحظة بعد إصرار العراق على رفض الانسحاب من الكويت الذي اجتاحه في آب/أغسطس 1990 وتشكيل تحالف عسكري دولي عريض لطرده منها، كانت سوريا جزءا منه
لم أعد إلى سوريا إلا بعد ذلك بستة عشر عاما لتسجيل سلسة من المقابلات التلفزيونية وهي الزيارة التي احتجز فيها جوازي في المطار وتعرضت فيها لتحقيق المخابرات السورية (مقالي «محضر تحقيقي في فرع فلسطين في سوريا» القدس العربي 23 أيار/مايو 2017). كان بعض تلك المقابلات مع رسام الكاريكاتور الشهير علي فرزات وأستاذ الفلسفة بجامعة دمشق المفكر أحمد البرقاوي، فيما تهرب الممثل دريد لحام بعد الموافقة وتعذر الأمر مع الشيخ الراحل محمد سعيد البوطي، فيما لم أوفق في إقناع الشاعر الكبير مظفر النواب رغم الجلسة الطويلة معه في مقهى «هافانا» الشهير وسط دمشق حيث تعود أن يجلس أغلب المثقفين والنشطاء السياسيين. أما فشلي المؤلم فكان في إقناع الزعيم التاريخي للجبهة الشعبية جورج حبش بإجراء مقابلة. استقبلنا في بيته صحبة جورج صليبا صاحب مكتب الخدمات التلفزيونية المعروف في دمشق، ظللنا نحاول بكل السبل تخفيف تحفظاته التي كان أهمها أنه لا يريد التطرق إلى مسائل قد تزعج رفاقه في الجبهة. بعد طول نقاش اقترحنا عليه ما لا يمكن أن يـُــقترح على أي ضيف: «ما رأيكم في تسجيل حلقات نترك لك أشرطتها فلا نأخذها معنا، سنترك لكم وحدكم تحديد الموعد المناسب للإفراج عنها وبث فقط ما تسمح به أنت منها!!» ومع ذلك ظل «الحكيم» متشبثا بالرفـض (أوَ ليس هذا اختصاصه الذي أدمنه طوال مسيرته؟!) فلم نخرج من تلك الجلسة سوى بمتعة الدردشة مع من كان يسميه أبو عمار «ضمير الثورة الفلسطينية» والاشادة بمتابعتي الدقيقة للشأن الفلسطيني الداخلي.
لم ألتق وقتها بأي مسؤول سوري ولم تكن لي في الزيارات التي تلتها من لقاءات سوى مع وزير الإعلام عدنان عمران الذي قضى سنوات عديدة في تونس مساعدا للأمين العام لجامعة الدول العربية الشاذلي القليبي وهو اللقاء الذي ركز فيه الوزير جل حديثه لإقناعي بأن قناة «الجزيرة» ما هي إلا «مشروع إسرائيلي خبيث»، ولكم أن تتخيلوا كيف كان النقاش عقيما طوال تلك الجلسة.
وإذا لم يكن لنا مع الأسد الأب سوى مشاهدة صوره العملاقة فقد كان لنا مع الأسد الابن لقاءان الأول بروتوكولي إثر ندوة عقدت في دمشق نظمها الباحث السوري سمير تقي الذي التحق بالمعارضة واستقبلنا في نهايتها بشار الأسد في قصره في جلسة دردشة خفيفة، أما الثاني فكان في باريس في مقابلة تلفزيونية مطولة صيف 2008. حز في نفسي وقتها أنني لم أستطع خلال تلك المقابلة أن أظفر باقتلاع أية إشارة إيجابية لإمكانية الافراج عن شخصيات مسجونة من أبرزها ميشيل كيلو. كان بشار عنيدا رغم الحاح الأسئلة الطامعة في أية جملة يمكن أن تعني انفراجا قريبا في وضع هؤلاء ووضع الحريات عموما.
ما كنت أتخيل وقتها أن هذا العناد يمكن أن يتطور إلى ما هو أسوأ فيوصل سوريا بعد ثلاث سنوات فقط إلى ما وصلت إليه الآن…
٭ كاتب وإعلامي تونسي
العناد الذي أصاب بشار هو نفس العناد الذي أصاب صدام! إنها المواقف الشخصية للرؤساء وليست المواقف الوطنية!! ولا حول ولا قوة الا بالله
إن كانت دول شرق أوروبا قد تحررت وسقط الإتحاد السوفياتي بعد أن حكمت بالحديد والنار فإن عقيدة ستالين قد نقلت في سوريا من الأب إلى الإبن وممارسات ستالين هي نفسها حتى أن للبراميلي لجأ إلى روسيا لتحميه وتدعمه رغم أن الشيوعية قد قبرت بل إن ستالين كان مثل بوتين مافياوي.
جميلة هي هذه الحلقة من الذكريات حول سوريا بعد الذكريات المغربية. من خلال القراءة فيما بين السطور نستشف مواقف الكاتب والتزامه بقضايا الحرية و العدالة الاجتماعية. يبدو جليا قسوة النظام السياسي و نفاق بعض النجوم الذين خادعوا الجمهور العربي بالشعارات الثورية الفارغة لأنظمة الصمود والتصدي والممانعة والبحث عن التوازن الاستراتيجي لمحاربة إسرائيل. النموذج الساطع حسب المقال الممثل دريد لحام. شكرا للأستاذ محمد كريشان. نتمنى مزيدا من هذه الحلقات حول باقي البلدان العربية.
بالمناسبة ، فإن من يعتقد ان الجزيرة هي مشروع اسرائيلي خبيث ربما زاد عدده بشكل كبير هذه الأيام
اغلبهم ضحايا غسيل ادمغة لإعلام يهيمن عليه أمثال عدنان عمران
و لزن ذباب إلكتروني يهيمن عليه و يوجهه أمثال سعود القحطاني
.
الذي لاحظته و عايشته، أن معظم من يظن ذلك هم صنفين، الأول مؤدلج بطريقة العين العوراء ذلك الذي جعلته آيدلوجيته لا يستطيع ان يرى لأبعد من أنفه
اما الصنف الثاني فهم القطيع الذي لايشاهد و لا يتابع قناة الجزيرة، بل لا تجدها حتى على جهازه، وإنما يقرأ و يسمع كل يوم، انها ربيبة إسرائيل و صنيعتها و موجهتها ، حتى باتت هذه لديه ، من المسلمات
.
ماذا فعل أمثال عدنان عمران أمثال نظامه بعقول جماهير من الأمة لا يستهان بها؟!
ماذا تتوقع يا استاذ محمد كريشان وأنت الإعلامي المخضرم من نظام الأسد الأب والابن . كلاهما تعاقبا على قيادة نظام شمولي استبدادي قمعي وهي سمة أغلب النظم العربية ولكنها تبدو أكثر شدة في سوريا والعراق حيث حزب البعث حكم البلدين بذات القبضة الحديدية لذا نرى عواقب حكمهما الوخيمة على البلدين حيث الدمار الناجم عن دخان الحروب والحصار والغزو وفصل الطائفية الذي مازال يلقي بظلاله على واقع االبلدين
*كمل يا أخ كريشان هل قابلت الرجل
الشبح(وديع حداد) بصحبة جورج حبش؟
*(الجزيرة) : ستبقى شوكة في حلق كل
حاقد وجاهل ومتخلف..
أنا قابلت الدكتور جورج حبش في 2007 ووديع حداد أغتيل 1978.
لقد احدثت الجزيرة ثورة ونهضة إعلامية في الإعلام العربي غير مسبوقة ، كشفت المستور ، وأظهرت الحقائق ، برامجها الإعلامية تتحدث عن نفسها ، فهي مدرسة وقامة إعلامية شاء من شاء وأبى من ابى.
لسنان حالها. وإذا اتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأنني كامل
كل التحية لك أستاذ محمد على هذا المقال المختصر جداً. يناير هو كانون الثاني وليس الأول كما ورد بالمقال فيما كانون الأول هو ديسمبر.
كفى المرء نبلاً أن تعد نقائصه
تحية للاستاذ كريشان على مقال اليوم ، مجرد عرض حادثة مهمة للامانة ، أنه اثناء الغزو العراقي للكويت ، وأثناء بداية الحرب الجوية في فجر ١٧ / ١ / ٩١
أتت الأخبار عبر وكالات الأنباء أن قائد غربي مشارك في حرب تحرير الكويت اشتكى من تقاعس القوات السورية المشاركة من شن اي هجوم قتالي ضد العراقيين بدافع العروبة والوطنية ، وبعد التحرير دخلت القوات السورية ككل القوات ارض الكويت المحررة وكان بعض اخواننا وأصدقائنا السوريين عندما يذهبون لتحية القوات السورية في احدى المدارس الكويتية بين المناطق يكونون سعيدين جدا معهم ، عكس القوات المصرية التي أبعدت الى مكان بعيد عن المناطق السكنية منعا لمشاركتهم في فتنة ضد الفلسطينيين الذين اتهموا ظلما وعدوانا بأنهم أيدوا الاحتلال العراقي ، رغم تأييد البعض واستنكار الأغلبية ،ما كتبته في هذه السطور شهدته بحواسي الكاملة لاجل كلمة حق .
عروبة سوريا الأسد شهدناها في المجازر التي ارتكبها بحق الفلسطينيين في تل الزعتر بلبنان، عروبة سوريا الأسد شهدناها في عمليات قتل وإذلال العروبيين في درعا وفي حمص السنية لقد شاهدنا عروبة الأسد الولد في كمية الحقد والعنف والتدمير لعروبيي حماه وإدلب والرستن وبانياس٠
*شكرا للأخ كريشان على الرد.
(وديع حداد ) كان يمثل القوة الضاربة
للجبهة الشعبية وهو شخص غامض
والمعلومات عنه شحيحة لهذا سألت.
تحياتي لك وللجميع.