ذكريات مغترب

حجم الخط
0

اليوم هي الذكرى الثالثة لفراقنا فراق اللاعودة يا سيدتي كم هزني الحنين اليك والى ايامك. هزني الحنين وانا أعاتب الزمن عنما لمحت عيني المكان الذي تقابلنا وتعانقنا فيه لأول مرة فتخيلت ذلك اليوم الجميل من عمر الزمن الذي لن يتكرر – بدأت القصة عندما كان ابوك وأخواتك وعائلتك العريقة النبيلة ذات الأصول الإرلندية ‘إيرش’- يحذرونك من تلك الصور التي تتباهى بها أمامهم في علنية تامة بجمال صاحبها وطيب روحه – حسب ماقلت – تتباهى بتلك الصور وبقايا أحاديث له تستعيدها أمام الجميع في نشوة وسعادة غابت لسنين عن محياك والتي لم تستطع العائلة أوقل عز عليها تسليم قلبك وثقتك – وأنت الحاذقة الحازمة والأكثر عنادا في العائلة – لغريب لا يعرفونه ولا يمت بصلة لثقافتك ولاعرقك النقي ‘في نظرهم ‘ لكن قلبك وحواسك لم يترددا لحظة.
تبادلنا الحب كأننا ولدنا لبعضنا ولم نفترق يوما. صدقك وجديتك وتبسطك وزهدك في الماديات ومغريات الحياة – رغم الترف الذي تقلبت فيه مذ نعومة أظفارك – وتعلقك الشديد بقناعاتك وما تستهوين، ذلك كله ما لفت إنتباهي وجذبني إليك يوما بعد يوم. لم أقرأ عن الكرم في كتب الإنكليز أو لم تقع عيني خلال تصفحي لبعض كتبهم علي ميزة الكرم في ثقافتهم إلا عندماعرفتك حينها أدركت أين وكيف إختزن الإنكليز جودهم وكرمهم لقد أودعوا كل كرمهم في تلك الفتاة الإنكليزية الشقراء.
عرفتك حق المعرفة عرفت تلك التي غيرت حياتي كثيرا رغم لاحق الفراق وإنقطاع حبال الوصل إلا من رسائل عابرة تحمل تحايا الأعياد والمناسبات العامة. عرفت روحها وقرأت ولامست عقلها قبل أن ألامس جسدها الناعم وبقايا جمالها الأخاذ كم تبادلنا الغرام ولواعج الحب رغم رفض عائلتك وتحذيرهم من ذالك الغريب الذي دخل حياتك فجأة وكم وقفت في وجه الجميع ترتيلن آيات الحب العذري وتنتقين عبارات الغرام في جرأة لا تتأتى لغيرك في عناد لم أدرك مداه إلا عندما خبرتك عن قرب.
آه كيف جهلت تلك العائلة المجيدة ذي الأصول التليدة لمن سلمت سليلتهم نفسها وعواطفها وروحها. طبعا لم يعرفوا ولم يتخيلو ما يدور بخلد ذلك الشاب الأسمر المرهف الإحساس والرقيق والذي لا يملك لنفسه عزيمة بمقاومة فتنة الغيد الحسان من أمثال سليلة بيتهم الموغل في العراقة والجمال كابرا عن كابر .
روحك أيها الشقراء العنيدة ليست سوى بضعة مني التقيتها بعد غياب في رحم الكون ذهابا وإيابا نتلفح الزمن نبحث عن بعضنا . بعد لقاء تخيلناه كثيرا في أذهاننا حانت لحظة الحقيقة وأنا أنشد مع أحمد شوقي رائعته :
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت قلبي بأحلى قبلة شفتاكِ
وبلغت بعض مآربي إذ حدّثت عيني في لغة الهوى عيناكِ
لا أمس من عمر الزمان ولا غد بنواك.. آه من النوى رحماكِ
‘شقراء’ يا سؤالي وفرحة خاطري جمع الزمان فكان يوم لقاكِ.

محمود الطلبة – كندا
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية