رئاسة البرلمان العراقي: ضغط شيعي لترشيح المشهداني … وتحذيرات من شخصية تنتمي لـ«سنّة الإطار»

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: يقف السياسيون السنّة في العراق منقسمين أمام الضغط الشيعي واسع النفوذ في البلاد، الرامي لاختيار رئيس جديد للبرلمان، خلفاً لمحمد الحلبوسي، الذي عزل على خلفية قضية تزوير، وإنهاء مهام الرئيس الحالي بـ”الإنابة”، محسن المندلاوي، من دون التوصل إلى اتفاق على مرشحٍ يحظى بقبول البيت السياسي السنّي، وسط دعوات قد تُفضي إلى إيجاد مخرج للأزمة، في غضون يومين، وتحقيق إجماعٍ سياسي مأمول على شخصية تمثّل “الأغلبية السنّية” وتلبي طموحات جماهير المكوّن.
في منتصف الأسبوع، عقد قادة “الإطار التنسيقي” الشيعي، اجتماعاً اعتيادياً في منزل زعيم تيار “الحكمة” وائتلاف “قوى الدولة” عمار الحكيم في بغداد، وخرجوا باتفاق يقضي بدعوة أعضاء مجلس النواب إلى عقد اجتماع يكون اليوم السبت، لـ”حسم رئاسة المجلس” ووضع حد لشغور هذا المنصب المهم طوال الفترة الماضية.
وحتى وقت إعداد التقرير، لم تحدّد هيئة رئاسة مجلس النواب موعداً لعقد جلسة اليوم، باستثناء نشر جدول أعمال جلسة مقررة يوم غد الأحد، لم يتضمن جدول أعمالها أيّ فقرة تتحدث عن اختيار رئيس جديد للبرلمان.
ومنذ قرار المحكمة الاتحادية إنهاء عضوية الحلبوسي من مجلس النواب في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، لم تتوصل القوى السياسية السنّية إلى اتفاق حول مرشحٍ وحيد يمّنح المكوّن استحقاقهم السياسي في رئاسة السلطة التشريعية، القائم وفقاً للعرف السياسي السائد منذ 2003 (رئاسة الجمهورية للأكراد، والحكومة للشيعة، والبرلمان للسنّة).
ويتمحور الخلاف حول شخصيتين سياسيتين محمود المشهداني وسالم العيساوي اللذان ينتميان لفريقين سنّيين منقسمين في الأساس، أحدهما “العزم” مقرّب من “الإطار”، والآخر “تقدم” بزعامة الحلبوسي.
ومن الحلول المطروحة للخروج من الأزمة، الاتفاق على مرشح جديد “توافقي”، غير أن ذلك يصطدم بتشريعات تُلزم البرلمان تعديل نظامه الداخلي أولاً قبل الشروع بهذه الخطوة، وهو أمر يصعب مناله في الفترة المتبقية من الدورة البرلمانية الحالية؛ حسبما يبدو.
غير أن الضغط الشيعي الأخير، فتح الباب أمام السنّة للتفكير جدّياً بإنهاء الخلاف السنّي ـ السنّي حول المنصب.
ويقول نائب رئيس اللجنة القانونية النيابية محمد عنوز، في تصريح لإعلام نقابة الصحافيين العراقيين، أن “الإطار التنسيقي يضغط على الكتل السياسية السنية لحسم المرشح لتولي منصب رئيس مجلس النواب، خاصة وأن ائتلاف دولة القانون (ممثل لجميع الأحزاب السياسية باستثناء التيار الصدري) وبعض الكتل المتحالفة معه، ترغب بالمرشح محمود المشهداني، وهذا ما ترفضه بعض الكتل السنية الأخرى، لأنها ترى أن الموضوع فرض إرادات عليها”.
وأوضح أن أقرب المرشحين للمنصب هما المشهداني وسالم العيساوي، ولكن “يبقى التوافق السياسي غالب على كل الأمور”، مشيرا إلى أن “يمكن تعديل قانون مجلس النواب لإضافة مرشحين جدد، إذا توفر التوافق السياسي لهذا الأمر”.
ورغم ضغط “الإطار” على القوى السياسية السنّية لحسم عقد جلسة انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، لكن لم يتم تحديد موعد ثابت لعقد الجلسة لغاية الان، حسب المتحدث باسم كتلة “الصادقون” النيابية، محمد البلداوي، الذي يؤكد في تصريح أورده إعلام كتلته، “عقد عدة لقاءات بين الكتل السياسية في الإطار التنسيقي مع مختلف التوجهات السياسية السنية بشأن ضرورة حسم أزمة رئاسة البرلمان، كذلك جرت حوارات بيت المكون السني وبدعم من قوى الإطار للغرض نفس ، لكن لم يتم الاتفاق على تحديد موعد ثابت لعقد جلسة انتخاب رئيس البرلمان”.
وأضاف أن “قوى الإطار حريصة إلى حسم هذا الملف كونه يؤثر في استقرار العملية السياسية”، مبينا أن “الضغوط التي مارسها الإطار التنسيقي ولازال لحسم الموضوع قد نجحت نسبيا”.
ويلاقي التدخل الشيعي في اختيار رئيس البرلمان، رفضاً لدى قوى سياسية سنّية تعترض على محاولات الشيعة التحكّم باستحقاقاتها.
وحذر السياسي العراقي السنّي مشعان الجبوري، مما وصفه بـ”الخطأ الجسيم” يخص عقد جلسة انتخاب رئيس جديد للبرلمان.
وقال في “تدوينة” له، “إذا أدى قصر النظر ونهج الاستهانة بالشركاء لذهاب قوى الإطار في اتجاه عقد جلسة انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب تختاره من (سنة الإطار) ممن يتبنون نهجها، وبمقاطعة أغلبية النواب السنة (أصحاب الاستحقاق) فإنها بذلك ترتكب خطأ جسيماً، وتتسبب بأزمة ومشاكل للبلاد وعندها هي وحدها من تتحمل التبعات”.

مساران

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، حددت ست قوى سُنية يتزعمهم الحلبوسي، مسارين لحسم انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب.
جاء ذلك، خلال بيان مشترك، لكل من (تقدم، والجماهير الوطنية، والحسم، والمشروع الوطني العراقي، والصدارة، والمبادرة)، أكدت فيه هذه القوى أن هذه المسارات تتعلق أن “تقوم جميع الأطراف المتنافسة بسحب مرشحيها، وأن تلتزم كل القوى الوطنية الحاضرة بدعم المرشح (محمود المشهداني) الذي حظي بتأييد الأغلبية النيابية والسياسية السنية”.
أما الخيار الآخر، وفق البيان، فيصار إلى “الذهاب نحو اتخاذ الإجراءات القانونية في مجلس النواب لترشيح مرشح جديد من الأغلبية السياسية السنية، مدعوماً بأغلبية نيابية كبيرة؛ لحفظ حق الأغلبية السنية في تسمية من يمثلهم بهذا المنصب”.
وجددت هذه القوى، تمسكها بوجوب “حسم ملف رئاسة المجلس بمخرجات الجلسات الوطنية الجامعة، التي حضرها قادة وممثلو الأحزاب السياسية من قوى الإطار التنسيقي وممثلي الحزبين الكرديين، بحضور رؤساء الأحزاب السنية”.
ودعا البيان المشترك، القوى السياسية كافة، إلى “عدم الانجرار إلى رغبات أشخاص وجهات تسعى للقفز على استحقاق الأغلبية السنية ومصادرة رأي المجتمع والجمهور الذي وضع ثقته ومنح أصواته لهذا الفريق السياسي المتمثل بأكثر من 55 نائباً في مجلس النواب، بطريقة تتجاهل المبادئ الديمقراطية والحقوق الوطنية الأساسية، التي تضمن مشاركة كل العراقيين دون إقصاء أو تهميش في صنع مستقبلهم”.
في الطرف المقابل، يرفض زعيم تحالف “العزم” مثنى السامرائي، المشاركة في أي جلسة برلمانية لا تتضمن اختيار رئيس البرلمان، معتبراً أحقية الأحزاب السنّية المشاركة في ائتلاف “إدارة الدولة” في المشاركة بالقرار السياسي في البلاد.

التوافقات السياسية

وشدّد في كلمة متلفزة على أهمية “التوافقات السياسية في إدارة الدولة”، مؤكداً أن “تحالف العزم والسيادة وتقدم جزء من القرار السياسي ضمن ائتلاف إدارة الدولة، والذي نتج عنه ورقة الاتفاق السياسي التي تشمل استحقاقات المكون السني”.
وأضاف أن “البرلمان بحاجة إلى قوانين رصينة لمعالجة الأخطاء السابقة وتلبية طموحات الشعب”، مشيرًا إلى أن “تحالف العزم يدعو إلى عدم المشاركة في أي جلسة برلمانية لا تتضمن انتخاب رئيس البرلمان”، كما دعا أيضاً الكتل النيابية إلى “التركيز على هذا الموضوع لتحقيق الاستقرار وإصدار القوانين المطلوبة”.
وأقرّ السامرائي بوجود “خلل كبير في المؤسسة الرقابية التشريعية ومنذ سنة أو أكثر، ولاحظنا إخفاقا كبيرا في جميع الفقرات الموجودة”، مفصلا ذلك بقوله: “لا يوجد هناك جدول أعمال منسجم. القرارات المهمة معطلة، فضلا عن قضايا أساسية اتُّهمت بها رئاسة البرلمان في تغيير الجداول وفقرات أخرى لم يتضح للنواب صحة ذلك من عدمه، والكثير من المشاريع والقوانين المعطلة”.
ولفت إلى أن “القوانين المهمة والتشريعات المهمة والدور الرقابي والاستجوابات، كل هذه الأعمال متوقفة”، مطالبا الجميع بـ”الالتزام في إعطاء الحقوق للمكونات، وعلى أُسس الشراكة الوطنية، خاصة وأن منصب رئاسة البرلمان هو للعراقيين جميعا، ولكن هو لمكون وهذا حق طبيعي في ان يشارك الجميع فيه”.
ووسط تعمّق الانقسام السنّي، دعا رئيس حزب “السيادة”، خميس الخنجر، أمس الجمعة، إلى عدم عقد أي جلسة لاختيار رئيس مجلس النواب إلا بـ”تخويل من المجتمعين السنة”.
وذكر في بيان صحافي، أنه “بناء على المناقشات المستفيضة والاتصالات مع الأخوة قادة القوى والكتل السياسية العربية السنية، التي جرت خلال الأيام الماضية، سيقوم حزب السيادة بتوجه دعوات رسمية لقادة القوى والأحزاب والكتل السنية، لعقد اجتماع استثنائي في العاصمة بغداد خلال اليومين المقبلين”.
وأضاف أن “الاجتماع سيتم فيه مناقشة الوضع الداخلي السني، وبحث ملف رئاسة البرلمان، والاتفاق على دعم شخصية توافقية تمثل الأغلبية السنية وتُلبي طموحات الشارع”، داعيا الشركاء في العملية السياسية، إلى “احترام خيار الأغلبية السنية وعدم عقد أي جلسة لاختيار رئيس مجلس النواب إلا بتخويل من المجتمعين السنة”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية