نواكشوط -«القدس العربي»: غير الرئيس السنغالي الجديد بصيرو ديوماي فاي، تقليداً دأب عليه أسلافه رؤساء السنغال السابقون، حيث وصل إلى نواكشوط أمس الخميس، جاعلاً من موريتانيا جارة السنغال الشمالية، أول وجهة خارجية له بدلاً من فرنسا التي ظلت منذ استقلال السنغال عنها أول وجهة لرؤساء السنغال بعد انتخابهم؛ وقد حدث التغيير في الأولويات بالرغم من تلقي الرئيس فاي دعوة رسمية من الرئيس ماكرون لزيارة باريس، وهو ما فسره متابعو هذا الشأن بصدود إفريقي متزايد عن فرنسا.
وأجرى الرئيس السنغالي فاي، ظهر الخميس، مباحثات مطولة مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الرئيس الدوري للاتحاد الافريقي، تناولت استعراضاً لجميع ملفات التعاون يتقدمها ملف الاستغلال المشترك للغاز المنتظر أن ينطلق عبر حقل السلحفاة أحميم للغاز، الجاري تطويره والواقع على الحدود البحرية بين البلدين.
وحسب مصادر مقربة من مجريات اللقاء بين الرئيسين الموريتاني والسنغالي، فقد مكنت زيارة الرئيس السنغالي لنواكشوط من اطلاع كل طرف على موقف الطرف الآخر من القضايا المتعلقة بمشروع الغاز المشترك، ومن تنسيق المواقف إزاء مراجعة العقد المبرم بين البلدين مع شركة “بي. بي”، التي سبق أن قررتها الحكومتان للتحقق من أسباب زيادة كلفة الاستغلال بأضعاف ما كانت عليه في الأصل وبسبب التأخر الكبير الحاصل في التنفيذ والذي أرجعته الشركة المنفذة لتداعيات وباء كوفيد.
وسبق للرئيس السنغالي الجديد أن أكد خلال الحملة الرئاسية، عزمه على مراجعة الاتفاقيات والعقود المبرمة بين حكومة السنغال وشركاء السنغال الخارجيين، وعلى رأسها عقد استغلال الغاز المبرم بين موريتانيا والسنغال وشركة “بي. بي” البريطانية، وذلك لضمان أن تكون هذه العقود في صالح السنغال أكثر مما عليه الآن.
ومعلوم أن تكاليف مشروع استغلال الغاز في حقل آحميم الذي ستبدأ عمليات تصديره الأولى خلال الربع الأول من السنة المقبلة بتأخير تراكمي قدره ثلاثون شهراً، قد تضاعفت ثلاث مرات عما كانت عليه من قبل، وهو ما أثار شكوكاً لدى الطرفين الموريتاني والسنغالي.
ومن القضايا التي تباحث حولها الرئيسان الموريتاني وضيفه السنغالي، حسب مصادر مطلعة، الملف الأمني والتهديد الإرهابي المخيم في شبه المنطقة وعلى مقربة من البلدين، بعد أن أعادت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المُطاردة من الجيش المالي، تموقعها في الجنوب المالي على تخوم مدينة خاي المالية القريبة من السنغال وموريتانيا.
ورحبت الحكومة الموريتانية على لسان الوزير الناني ولد اشروقه الناطق باسمها، بزيارة الرئيس السنغالي معتبرةً “أن اختياره لموريتانيا كأول بلد يزوره، اختيارٌ يتضمن رسالة خاصة تنم عن متانة العلاقات الأخوية التاريخية التي تربط البلدين الجارين، وعلى حرص الرئيس السنغالي الجديد على توطيدها”.
وينظر المراقبون لزيارة الرئيس السنغالي لموريتانيا بأنها زيارة ترمز للكثير؛ وقد هيأت لها عوامل عدة، بينها تولي الرئيس الموريتاني دورية رئاسة الاتحاد الإفريقي، وحضور الرئيس الموريتاني تنصيب الرئيس السنغالي الجديد، والمكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيسان قبل يومين، والمكالمة الأخرى التي أجراها رئيسا الحكومتيْن يوم الأربعاء؛ ومن هذه الزيارة ستزيل تخوفات قابل بها ساسة موريتانيا وصول الرئيس السنغالي الجديد للسلطة، بالنظر لما سبق أن صدر عن قائد مجموعته ورئيس حزبه عصمان سونكو رئيس الوزراء الحالي من تصريحات تتناقض، حسب رأيهم، مع مقتضيات حسن الجوار بين بلدين تربطهما علاقات حساسة بفعل تشابك الحدود واختلاط تركيبتهما السكانية.