بغداد ـ «القدس العربي»: اعتبر رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، الأربعاء، الولايات المتحدة الأمريكية «شريك استراتيجي» لبلاده، وفيما تحدّث عن سعي بغداد لتعزيز التعاون مع واشنطن في جميع المجالات، نفى التدخل الإيراني في الشأن الداخلي، مؤكداً أن العلاقات مع طهران »إيجابية».
جاء ذلك خلال استضافته في جلسة حوارية عُقدت على هامش ملتقى السليمانية السابع الذي أنطلقت أعماله في وقت سابق من أمس، ويستمر مدّة يومين.
وطبقاً للسوداني، فإن «العراق ينظر إلى أمريكا على أنها شريك استراتيجي، ونسعى إلى تفعيل هذا الاتفاق في مجالاتها كافة، وهذا ما نعمل عليه».
وأوضح أن «ما نريده من الغرب عموما أن يتفهم الوضع العراقي، ونحن هنا نتكلم عن بلد لديه إرث حضاري، ولديه اعتزاز بنفسه، يرتبط بمصالح مع دول المنطقة» مبيناً أن «هذه النظرة يجب أن تكون حاضرة في تفكير الغرب تجاه العراق، ولا يمكن للعراق أن يصطف إلى جانب محور ضد آخر، بل قدر العراق أن يكون ساحة للتلاقي».
واعتبر أن «قوة واستقرار العراق هي قوة واستقرار العالم بأسره. نحن نجتمع بهذه النقطة مع الأصدقاء في الغرب».
علاقة «مميزة»
وردّاً على سؤال حول التدخلات الإيرانية في العراق، أكد أن «هناك مبالغة في الحديث عن التدخل الإيراني في الشأن العراقي، ويتم تصوير العراق أنه دولة غائبة، وفي الوقت نفسه لا نجد من الجانب الإيراني تدخلا أو وصيا أو فرضا بالتدخل، كل ما هنالك أن إيران دولة جارة ولدينا العديد من المشتركات معها، ومن مصلحتنا أن تكون العلاقة متميزة بحكم طبيعة العمل السياسي».
ولفت إلى أن «هناك علاقة إيجابية من إيران مع كل المكونات، وهذا عامل إيجابي» منوهاً بالقول: «أما أن يكون التدخل بطريقة تؤثر على أمن الدولة والتحكم في مؤسساته، هذا غير موجود، وهو أصلا غير مقبول. الكل حريص على استقلالية القرار الوطني العراقي».
في السياق أيضاً، تحدث السوداني خلال كلمته بافتتاح المُنتدى قائلاً: «نتطلع إلى شراكات اقتصادية عميقة ومستدامة، تجمعنا مع الشعوب الشقيقة والصديقة، ونتبادل الحرص على الأمن معهم، بالتعاون الاقتصادي الفعّال والمثمر، يمكن فقط التأسيس لأمن مستدام» مؤكداً بالقول: «لن نقبل أبداً أن تكون أرض العراق منطلقاً لتهديد أمن الجوار، ودستورنا يُلزمنا بعدم التدخل في شؤون الآخرين، مثلما لا نقبل بأن تمس كرامة أرضنا وسيادتنا انطلاقاً من الجوار أو من غيره».
دعم حرس الحدود
وحسب قوله، فإن حكومته «أولت، مبكراً، أهمّية خاصة لتدعيم قوات حرس الحدود، وزادت من جهود ضبطها ومنع التسلل، والقضاء على أي قوّة تسعى لزعزعة الاستقرار، سواء في إقليم كردستان أم في أي مكان آخر من أرض العراق» موضّحاً أن «تاريخ العراق وموقعه الجغرافي وإمكانياته وقدراته الاقتصادية وما يمتلكه من موارد بشرية، تؤهله للعب دور محوري في منطقة الشرق الأوسط والعالم؛ كي يصبح مرتكزاً إقليميا».
قضية المناخ
وزاد: «هذا الأسبوع كان حافلاً بالنجاحات وتسليط الضوء على قضية إنسانية تربط العراق بمحيطه الإقليمي والدولي عبر عقدنا مؤتمر المناخ في البصرة» لافتاً إلى سعي حكومته ضمن منهاجها الوزاري إلى «منح الأولوية لمواجهة آثار التغيرات المناخية عبر عدد من المشاريع التي تسهم في تقليل الانبعاثات منها إنشاء محطات الطاقة المتجددة، وتأهيل مواقع الطمر الصحّي المغلقة، ومشاريع مكافحة التصحر، وتقنيات الرّي المقنِّنة للمياه، ومعالجات المياه الثقيلة».
أكد أن بلاده لن تكون منطلقاً لتهديد أمن الجوار و«المصالح تربطنا مع جميع الدول»
وتابع: «وقّعنا مؤخراً عقود جولة التراخيص الخامسة لاستثمار الغاز المصاحب ووقف حرقهِ، لخفض الانبعاثات الكربونية بنسب كبيرة، وسنمضي في تطوير المشاريع التي تحوّل الغاز المصاحب إلى مصدر للطاقة الكهربائية» منوهاً بالقول: «يمكن للعالم أن يتعلم الدروس الكثيرة من معركة الشعب العراقي، بمختلف أعراقه وأديانه، في حربه ضد الإرهاب».
وزاد: «تعهدنا في برنامجنا الحكومي بتقديم الخدمات لشعبنا وبناء اقتصاد قوي متماسك، وقد تمكنَّا من تحقيق نسب كبيرة من البرنامج الوزاري» عادّاً في الوقت ذاته أن «الاتفاق على مشروع قانون الموازنة، يمثل خطوة جريئة، تتفادى الإخفاقات السابقة، وتعبّر عن الوضوح في الرؤية المرسومة لأهدافنا المُعلنة في خدمة المواطن».
وأكد أن «الموازنة مفتاحٌ مهم لفتح أبواب الحل لمشاكل عدة، وتحقيق أولويات معالجة البطالة، ومكافحة الفقر، والفساد، والشروع بالإصلاح الاقتصادي» مشيراً إلى أن «الاستقرار المالي والسياسي، يعبِّد الطريق أمام استثمار أمثل لثروة بلدنا الأولى، وتشريع قانون النفط والغاز، والتفاهم مع إقليم كردستان العراق بهذا الصدد».
ودعا أيضاً إلى «مغادرة مصطلح (المشاكل العالقة) واستبدلها بعبارات المشاريع المستدامة، والفرص الاقتصادية المشتركة، من أجل رفاه مُستدام وعادل لكل العراقيين».
وزاد: «لقاءاتنا في أربيل كانت مثمرة، والتقيت مجموعة من رؤساء الأحزاب وممثلي المكوّنات، وتحاورنا بلا قيود، لأننا قولاً وفعلاً أبناء وطن واحد، ومصير واحد. أثني على الجهود المبذولة للتوفيق بين القيادات السياسية الكردستانية لتوحيد الصف، ونحن داعمون لهذه الجهود».
وطبقاً للسوداني، فإن «النعرات المشوهة لوحدة العراق، التي ترى أن قوة جزء من أجزائه هي بإضعاف الحكومة الاتحادية أو بإضعاف المكونات الأخرى في البلاد، كانت مدخلاً لتنظيم داعش الإرهابي للانقضاض على قلب الدولة، مهدداً جميع المكونات من دون استثناء».
في السياق أيضاً، تضمّنت الزيارة إلى السليمانية أمس، اللقاء مع زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بافل طالباني.
بيان لمكتبه أفاد أن اللقاء شهد «التأكيد المتبادل على أهمية تدعيم التفاهمات السياسية بين مختلف التيارات الوطنية، بما يؤمّن الاستقرار والازدهار الاقتصادي».
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى «أولوية تحقيق تطلعات المواطنين في تلقيهم الخدمات اللائقة، وتعزيز فرص الشباب وأدوارهم في التنمية والبناء». فيما رحب طالباني، بزيارة رئيس مجلس الوزراء، مثمناً «أداء الحكومة المتصاعد في تنفيذ المنهاج الوزاري» ومؤكداً دعمه «خطوات الحكومة، ضمن أولويات تنفيذ برنامجها الإصلاحي» وفقاً للبيان.
وجاءت زيارة السوداني إلى السليمانية، المعقل الرئيسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بعد زيارته مدينة أربيل.
وقد التقى أول أمس، القادة الأكراد في عاصمة الإقليم، إذ أكد خلال اجتماعه مع رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، أن الحكومة الاتحادية تمتلك «الإرادة والرغبة الجادة في إنهاء الملفات العالقة بين بغداد واربيل».
وذكر المكتب الإعلامي للسوداني في بيان، أن اللقاء تضمّن «بحث عدد من القضايا والملفات المشتركة، والتأكيد على العمل المشترك والتعاون لحل كل الإشكالات بين بغداد وأربيل».
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن «الحكومة تمتلك الإرادة والرغبة الجادة في إنهاء هذه الملفات العالقة وبشكل جذري، والانتقال إلى أفق واسع من العمل المشترك والفرص الاقتصادية، التي تعود بالخير على أبناء شعبنا في كردستان وكل المحافظات».
استمرار المباحثات
فيما بين مسرور بارزاني «حرص حكومة الإقليم على استمرار المباحثات مع الحكومة الاتحادية، التي أحرزت تقدما، وتمخضت عن إقرار مشروع قانون الموازنة، والمضي نحو معالجة النقاط الخلافية، مثمناً قرار مجلس الوزراء بخصوص تحويل قضاء حلبجة إلى محافظة، الذي يتزامن مع استذكار فاجعة قصف حلبجة بالسلاح الكيميائي من قبل النظام الدكتاتوري» حسب البيان.
كذلك التقى السوداني، رئيس إقليم كردستان، نيجرفان بارزاني، الذي تحدث تحدّث مكتبه في بيان صحافي، عن تفاصيل اللقاء، قائلاً: «أكد (رئيس الإقليم) كامل المساندة والدعم لدولة رئيس الوزراء والحكومة الاتحادية العراقية، ووصف الأعمال التي أنجزت حتى الآن من المنهاج الوزاري بالإيجابية والباعثة للأمل».
فيما أشاد السوداني، بدور رئيس الإقليم في «الجمع بين الأطراف وعلاقاته مع القوى والأطراف السياسية ومكونات العراق وجهوده وخطواته في اتجاه تحقيق الوئام والتفاهم» مؤكداً أن «استقرار وأمن وازدهار العراق وضمنه إقليم كردستان مرتبط بعضه مع بعض» فيما عدّ تحويل حلبجة إلى محافظة «خدمة صغيرة في مقابل الجريمة التي ارتكبت بحق هذه المدينة» على حدّ البيان أشار إلى «اتفق الجانبان في الرأي بأهمية وضرورة التلاحم ووحدة الصف بين قوى ومكونات العراق حفاظاً على الاستقرار السياسي للبلد وحل مشاكل أربيل وبغداد على أساس الدستور» وشدد على أهمية «القطاع الخاص ودوره في تقدم البلد في المجالات كافة».
ولفت إلى أن «علاقات العراق وإقليم كردستان مع الدول المجاورة وآخر تطورات المنطقة بصورة عامة شغلت محوراً آخر للاجتماع».
كما التقى السوداني، وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني. وفي ختام زيارته، قال رذيس حكومة العراق، في «تدوينة» له: «أجرينا مباحثات مثمرة وبنّاءة في مدينة أربيل مع كلّ من رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيسي الإقليم والحكومة في إقليم كردستان».
وأضاف: «لقد وجدنا تفاعلاً إيجابياً مع خطواتنا في تنفيذ برنامجنا الحكومي، كما لمسنا رغبة جادّة في العمل سوية لتحقيق تطلعات أبناء شعبنا العزيز في كل مكان».