بغداد ـ «القدس العربي»: شدد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الخميس، على ضرورة انتهاء مهام التحالف الدولي، لاستقرار الوضع الأمني في العراق، كما تطرق للحرب الإسرائيلية على غزة قائلا: «نحن أمام إبادة جماعية للفلسطينيين».
وقال في جلسة حوارية ضمن منتدى «دافوس» الاقتصادي في سويسرا، إن «العراق حكومة وشعبا يحترم الموقف الدولي الذي أسهم في دحر داعش» مشددا على أن «مبررات وجود التحالف الدولي في العراق انتهت بعد دحر داعش».
وأضاف: «بدأنا بتنفيذ التزامنا عبر إجراء حوار مع التحالف الدولي لإنهاء وجوده في العراق» منوها بأن بلاده تريد «المباشرة فورا بإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق، وأن انتهاء مهمة التحالف الدولي ضرورة لأمن العراق».
ورأى أن «مبررات وجود التحالف الدولي كانت لمواجهة داعش، واليوم التنظيم لا يمثل تهديدا للدولة العراقية» مردفا بالقول: «حاليا هناك مجاميع لداعش منفردة تختبئ في الكهوف والجبال والصحاري تطاردهم الأجهزة الأمنية وتقتص منهم».
وأكد أن «جاهزية القوات المسلحة عامل استقرار للوضع في العراق. من أجل ذلك بدأنا في تنفيذ التزام للحكومة بترتيب حوار انتهاء مهمة التحالف الدولي في البلاد».
وفيما أشار إلى أنه «بعد الاعتداءات التي تحصل على المقار العراقية فنحن سندخل في حوار لترتيب جدول لانتهاء مهام التحالف الدولي في العراق» وأوضح أن هذا هو «مطلب شعبي رسمي وجادون بهذا الأمر».
وشدد على أن «انتهاء مهام التحالف الدولي ضرورة لاستمرار العلاقات الطيبة بين العراق ودول التحالف».
واعتبر أن «للعراق مصالح مشتركة مع الجميع، كما أن علاقتنا مع إيران هي كدولة جارة لدينا معها مشتركات اجتماعية وثقافية وتاريخية ومصالح متبادلة، ووقفت معنا في العملية السياسية والحرب ضد داعش، وكذلك الأمر مع الولايات المتحدة الأمريكية التي ساهمت في إسقاط النظام السابق» مشيرا إلى أن «هذه ميزة للعراق أن يمتلك مثل هكذا علاقات».
وعن الحرب التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة، ذكر رئيس الحكومة العراقية بأن «إشكاليات الشرق الأوسط الأمنية تتجاهل حقيقة نضال الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته وعاصمتها القدس» مستدركا بالقول: «نحن أمام إبادة جماعية للفلسطينيين في غزة؛ والمجتمع الدولي يتجاهل ذلك، وسبق أن حذرنا من اتساع مساحة الصراع وقد اتسعت».
حث على وجوب إنهاء مهام التحالف الدولي في بلده
ودعا المجتمع الدولي إلى أن «يأخذ مسؤوليته القانونية والأخلاقية تجاه فلسطين وضد الاحتلال، لاسيما وأنه في كل لحظة هنالك أطفال ونساء يسقطون ضحايا في غزة وهناك فشل في المجتمع الدولي تجاه هذا الأمر» مبينا أن «أكثر من 78 قرارا لم ينفذ في المجتمع الدولي».
وعلى هامش المؤتمر، التقى السوداني، رئيسة المفوضية الأوروبية اورسيلا فون ديرلاين. وشهد اللقاء «استعراض العلاقات العراقية الأوروبية، ومسارات تنميتها، وكذلك بحث الأوضاع الدولية في منطقة الشرق الأوسط، وتطورات الأحداث في قطاع غزة» وفق بيان لمكتب رئيس الحكومة.
كما جرى التباحث «في مستقبل دور التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق، إذ أشار السوداني إلى تمكن القوات المسلحة العراقية، بجميع صنوفها، من بسط الأمن وقطع دابر الإرهاب، وباتت الأوضاع مؤهلة لإنهاء دور التحالف والانتقال إلى علاقات التنسيق الأمنية الثنائية بين العراق والدول الصديقة».
وبيّن السوداني «أهمية أن تخطو الدول الأوروبية خطوات مسؤولة، وأن تتعاون مع العراق في إنهاء ملف مخيم الهول، وأن تتسلم مواطنيها وتتحمل المسؤولية الأمنية المتعلقة بهم».
وبشأن الحرب على غزة، جدد «تأكيد موقف العراق ورؤيته مخاطر استمرار العدوان على الفلسطينيين» مشيرا إلى أن «مجمل استقرار المنطقة مرهون بإيقاف الحرب، التي قد تتوسع وتؤدي إلى تدهور أمني شامل، لاسيما وأن شعوب المنطقة تشعر بالغضب إزاء العدوان والإبادة الجماعية التي تُرتكب في غزة».
وأعربت ديرلاين عن «تقديرها مواقف العراق تجاه تطورات الأوضاع في غزة، وجهود الحكومة العراقية في احتواء التداعيات، مؤكدة قلق المفوضية إزاء اتساع رقعة الصراع، وعزمها الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين».
كما رحبت «بالجهود الساعية إلى تعزيز علاقات التعاون والشراكة بين العراق والاتحاد الأوروبي، مؤكدة المضي في مجال توسعة الاستثمارات ومشاركة الشركات والمؤسسات الأوروبية في مشاريع التنمية الاستراتيجية الجارية في العراق».
السوداني، التقى كذلك الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حيث اتفقا على أهمية وقف الحرب الجائرة في قطاع غزة، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني الأعزل.
بيان حكومي عراقي أفاد بأن الاجتماع تضمن «بحث تطورات الأوضاع الجارية في الساحة الدولية، وتأثيرات الحرب في غزة وانعكاساتها على استقرار المنطقة والعالم، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من خطر الإبادة الجماعية».
وفي مستهل اللقاء عبر السوداني عن شكره لغوتيريش لـ«مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية وجهوده في إيقاف الحرب الجائرة على غزة» مؤكدا «موقف العراق الثابت والمبدئي إزاء حق الشعب الفلسطيني في العيش الكريم على أرضه».
فيما عبر غوتيريش عن «تضامنه مع الشعب الفلسطيني» مؤكدا «مواصلة الأمم المتحدة جهودها الساعية إلى إنهاء الحرب في غزة وإيقاف معاناة المدنيين العزل».
وتطرق اللقاء إلى «قرار الحكومة العراقية في تحديد شكل العلاقة المستقبلية مع بعثة الأمم المتحدة (يونامي) بعد أن استكمل العراق بناء مؤسساته الدستورية وأوفى بالتزاماته الدولية، فضلا عن الاتفاق على الانتقال بالعلاقة وإعادة ترتيبها، خصوصا مع الوكالات الأممية وحسب تخصصها، فضلا عن استمرار التعاون مع المنظمة الدولية في جهود الحد من تأثيرات التغيرات المناخية، والتصحر وشح المياه».
لقاءات السوداني شملت كذلك، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وجرى خلال اللقاء، «التباحث في الأوضاع الأمنية والسياسية للمنطقة، والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تدعيمها» وفق بيان منفصل لمكتب السوداني، أكد أن اللقاء شهد «التباحث في الأوضاع الراهنة في غزة واستمرار العدوان على الشعب الفلسطيني، إذ جدد السوداني التأكيد على دور المجتمع الدولي والدول الفاعلة الكبرى، ومن بينها فرنسا، في العمل على وقف المعاناة ومنع إبادة الفلسطينيين، وإيجاد حل جذري للقضية يضمن حقوق الشعب الفلسطيني على أرضه التاريخية».
كما استعرض الجانبان «فرص التعاون في المجالات الاقتصادية، ومجال تطوير القدرات العسكرية العراقية، وتنفيذ عقود التسليح مع شركة (تاليس) الفرنسية، وتوسعة الشراكة في المجال النفطي وتعزيز التعاقدات المختلفة مع شركة (توتال) وباقي الشركات الفرنسية الكبرى».
وأشار السوداني، حسب البيان، إلى «تطور القدرات الفنية والميدانية للقوات العراقية المسلحة في مختلف صنوفها، وترسيخها الانتصار على داعش الإرهابية، ما يفتح المجال للانتقال إلى إنهاء دور التحالف الدولي لمحاربة داعش، والاستمرار في التعاون الأمني والعسكري الثنائي بين العراق والدول الصديقة التي ساندته في حربه ضد الإرهاب».
وفي السياق، رأى السوداني إن وقف العدوان على غزة «مفتاح» لاستقرار المنطقة.
وأكد خلال لقاء جمعه برئيسة الاتحاد السويسري فيولا أمهيرد في دافوس، أن «إيقاف العدوان يعد مفتاح عودة الاستقرار إلى المنطقة، كما يشكل مسؤولية أخلاقية وإنسانية تقع على عاتق المجتمع الدولي، ودول الاتحاد الأوروبي وباقي الدول الكبرى».
وأكدت أمهيرد مساندة بلادها «جهود وقف الحرب، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، واستعداد سويسرا لتقديم جميع أشكال المساعدات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين».