رئيس الوزراء القطري السابق قاد سياسة خارجية جريئة

حجم الخط
0

الدوحة ـ من ريجان دورتي: استخدم رئيس وزراء قطر السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الذي رفع مكانة بلاده عالميا العذوبة والصلابة والنفوذ الاقتصادي للتوسط في اتفاقات سلام والإطاحة بحكام دكتاتوريين في الخارج والقيام باستثمارات تنفع الأجيال القادمة.
وشمل التعديل الوزاري الذي أعلن الأربعاء الشيخ حمد الذي شغل منصبي رئيس الوزراء ووزير الخارجية بعد أن أصبح الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (33 عاما) أميرا للبلاد.
ولم يتضح على الفور ما اذا كان الشيخ حمد سيحتفظ بمنصب نائب رئيس جهاز قطر للاستثمار وهو صندوق ثروة سيادي يعتقد أن أصوله تتراوح بين 100 و200 مليار دولار غير أن مراقبي الشأن القطري يتوقعون ان يبقى في المنصب.
في عهده كوزير للخارجية الذي استمر 20 عاما استضافت قطر أكبر قاعدة جوية امريكية في الشرق الاوسط لكنها أقامت في الوقت نفسه علاقات ودية مع ايران وسورية وحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) اعداء الولايات المتحدة في مسعى لكسب النفوذ. كان وراء توجه أنظار العالم الى الدوحة قرار اتخذ في بدايات حكم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني هو التوقف عن الإذعان التلقائي للسعودية القوة المهيمنة في شبه الجزيرة العربية.
ونتيجة لهذه السياسة الاستقلالية فاق أداء دولة قطر الصغيرة حجمها في الشؤون العالمية وأصبحت وسيطا للسلام في صراعات في مناطق يقطنها مسلمون. وأسهمت جرأة البلاد في نجاح قطر كوسيط إقليمي كما اكتسبت قدرة على التعامل مع الجميع بدءا من الولايات المتحدة وانتهاء بحزب الله اللبناني بل تعاملت حتى مع السعودية الخصم السابق صاحبة النفوذ الإقليمي.
وأدهشت تحالفات قطر الخارجية غير المألوفة أصدقاءها وأذهلت منتقديها. على سبيل المثال فعلت ما لم يفعله معظم جيرانها حين أقامت اتصالات مع اسرائيل على الرغم من توقف هذه الاتصالات فيما بعد.
الى جانب السياسة الخارجية جاء دور الشيخ حمد في جهاز قطر للاستثمار ليصبح له القول الفصل في عمليات الاستحواذ العديدة التي نفذها الجهاز ومن بينها متجر هارودز الشهير في لندن وفندق رافلز في سنغافورة وحصة في شركة بورشه الألمانية للسيارات وبنك باركليز. وهو يملك شخصيا حصصا في شركات قطرية منها الخطوط الجوية القطرية وكذلك شركة بروجكت جراند المالكة لمشروع وان هايد بارك بلندن وعدة فنادق في الدوحة. وتقدر ثروته الشخصية بالمليارات.
وقال ديفيد روبرتس مدير المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن ومقره الدوحة ‘كان واحدا من المهندسين الاساسيين للمشروع القطري بمشاركة الامير. نفوذه العملي في الداخل لا يضاهيه أحد.’
وأضاف ‘كما كان يجيد تسويق قطر وساعد في تحسين أدائها في الخارج بقوة.’
ولعب الشيخ حمد الذي عين وزيرا للخارجية عام 1992 دورا رئيسيا في تسهيل انقلاب عام 1995 الذي نجح خلاله ابن عمه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في الاستيلاء على السلطة من والده.
ويبدو أنه كوفيء على هذا بنفوذ مدى الحياة.
وقال مايكل ستيفنز الباحث بالمعهد الملكي ‘سيصعب جدا العثور على من يحل محل حمد بن جاسم لما يتمتع به من كاريزما. عنده كاريزما مميزة وطاقة وهي صفات يلزم توافرها في دبلوماسي جيد.’
عين الشيخ حمد رئيسا للوزراء عام 2007 ولعب دورا شخصيا في تسهيل جهود قطر في حل صراعات عدة وقام بالوساطة في محادثات متعلقة بصراعات من لبنان الى اليمن ودارفور الى الأراضي الفلسطينية.
وفي عام 2007 نجح في عقد اجتماع في قطر بين الحكومة اللبنانية والمعارضة التي قادها حزب الله لإجراء محادثات في مسعى لانهاء مواجهة سياسية أصابت البلاد بالشلل لاكثر من عام مما ساهم في إنهاء أسوأ اقتتال داخلي في لبنان منذ الحرب الأهلية.
وفي عام 2009 شارك في الوساطة في اتفاق للسلام بين حكومة السودان وحركة العدل والمساواة السودانية مما ساهم بدرجة كبيرة في إخماد الصراع في دارفور.
وشجع الشيخ حمد ايضا انتفاضات الربيع العربي فقدمت قطر دعما ملموسا لمقاتلي المعارضة الذين أطاحوا بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي من خلال مدهم بالسلاح والوقود. وكانت قطر ايضا من اكبر الداعمين ماليا لمصر وعبرت عن عزمها للقيام بدور بارز في إعادة بناء اقتصاد البلاد بعد انتفاضة عام 2011.
ويعتقد بعض المسؤولين في دول خليجية اخرى أن قطر لديها استراتيجية طويلة المدى تنطوي على الاستعانة بجماعة الاخوان المسلمين في إعادة رسم المنطقة. والجماعة هي حركة عالمية تسعى الى إقامة حكم إسلامي في الدول الإسلامية من خلال وسائل سلمية.
وفي مارس اذار نفى الشيخ حمد علنا للمرة الأولى الانحياز لجماعة الاخوان.
وقال في مؤتمر صحفي إن الاخوان لم يكونوا في السلطة حين زار مصر ومنحتها قطر ملياري دولار بل كانت حينها تحت الحكم العسكري. وأضاف أن قطر كانت متواجدة قبل أن تجرى الانتخابات. ومضى يقول ‘اتهمنا اننا نريد أن نشتري مصر ومصر اكبر من ان نشتريها.’
وانتقد بعض المسؤولين في دول غربية وعربية خليجية دعم قطر لمقاتلي المعارضة السورية وقالوا إنها توفر السلاح والمال دون تمييز لإسلاميين متشددين يريدون إقامة دولة سنية في سورية.
وتقول قطر إنها لا تريد الا الإطاحة بالاسد ووقف اراقة دم المدنيين. لكن بعض المحللين يقولون إن دعمها لمقاتلي المعارضة ربما يضر بقدرتها على ان تكون وسيطا أمينا في صراعات تحدث مستقبلا.
وقال نيل باتريك الخبير في أمن الخليج ‘بعد الصراع في سورية لا تستطيع قطر أن تأخذ هذا الوضع في العالم العربي.’ (رويترز)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية