القاهرة ـ «القدس العربي» :يبدو أن الحرب التي تشن على رجل الأعمال نجيب ساويرس الذي منحته صحف أمس الجمعة 26 نوفمبر/تشرين الثاني لقبا جديدا هو “قارون العصر” لن تنتهي قريبا، إذ تصاعدت وتيرة الهجوم ضد الرجل الذي كان يحظى بنفوذ واسع طيلة السنوات الماضية، ومنذ تدشين مملكته الاقتصادية مترامية الأطراف، قبل أن يستيقظ على أصوات كتاب يفتشون في دفاتره القديمة والجديدة على حد سواء، مطالبين بضرورة تشكيل لجان رقابية للبحث في مصادر ثروته على وجه الدقة.
ومن أبرز التقارير التي تصدرت الصفحات الأول، حظيت وقائع احتفالية طريق الكباش باهتمام بالغ، إذ سلطت الصحف كافة الضوء على الحدث، وقدمت الإعلامية إنجي القاضي الحفل، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي وقرينته السيدة انتصار، ومجموعة من كبار رجال الدولة والسفراء الأجانب. وارتدت الإعلامية فستانا أبيض اللون من طراز فرعوني يتواءم مع الحدث المهيب. وحظيت الاحتفالية التي شهدها رموز السياسة والثقافة والفن والاقتصاد، باهتمام واسع، وقدرت الصحف المتابعين للحدث بقرابة مليار إنسان حول العالم “.
وعلى رأس قضايا الفساد التي اهتمت بها الصحف: تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من القبض على الدكتور عبيد صالح رئيس جامعة دمنهور، وآخرين تقاضوا مبالغ مالية على سبيل الرشوة بلغت أربعة ملايين جنيه مقابل تسهيل وتسلم توريدات لصالح الجامعة. المثير أن المتهم سبق وأعلن عن تأسيس جمعية لمحاربة الفساد داخل الجامعة.. ومن حوادث المدارس: تعدى ولي أمر وشقيقه، في قرية الحبيلات في مركز أبوتشت، شمالي محافظة قنا، بالضرب والسب والقذف على مدير مدرسة ابتدائية في القرية، أثناء محاولته فض نزاع بينهما وبين تلاميذ في المدرسة خلال طابور الصباح. ومن حوادث التحرش بالنساء: رصدت الأجهزة الأمنية في القاهرة، مقطع فيديو متداولا على “فيسبوك” يوثق لحظة تحرش أحد الأشخاص بفتاة داخل ميكروباص فيدائرة قسم شرطة حلوان، وبإجراء التحريات أمكن تحديد هوية المتهم، تبين أنه تاجر فاكهة وألقي القبض عليه. ومن أخبار المرضى: تم نقل الإعلامية بسمة وهبة، للمستشفى حيث توجد الآن داخل إحدى غرف العناية المركزة إثر تعرضها لأزمة طبية على الهواء مباشرة أثناء تقديمها البرنامج التلفزيوني الخاص بها، وكشف التقرير الطبي عن اصابتها بذبحة صدرية.
قارون وخصومه
توجه محمد حسن البنا في “الأخبار” بسؤال للحكومة: أين قوانين الذمة المالية والكسب غير المشروع ونشر الفساد والضلال والبلطجة من رجل الأعمال نجيب ساويرس؟ ثم لماذا تتركونه وقد تسبب في إفساد أجيال من الشباب في مهرجانات العري والبلطجة، وأفسد الذوق العام، وتغول على قيم وأعراف وتقاليد المجتمع، وقام بدعم أعمال تضر بالأمن القومي للوطن؟ ألم يقم بدور مشبوه في مظاهرات يناير/كانون الثاني 2011؟ ألم ينفذ أجندة أجنبية تستهدف تخريب وتدمير الوطن؟ من حقي أن أسأل كيف كون ثروته؟ بدأ طريقه سمسارا في شقة في ميدان سفنكس في المهندسين، وتاجر في “الزبالة” وطور نفسه ليشترى شركة موبينيل للمحمول، ويصبح أغنى رجل أعمال في مصر في سنوات قليلة، من دون أن يصنع مسمارا في ماكينة إنتاج. تاجر في كل شيء إلا أن ينتج مشروعا تنمويا صناعيا. وأنا أسأله كيف تقارن نفسك بالقوات المسلحة التي حمت مصر من الدمار والتخريب. ألم تشعر بأنه لولا قواتنا المسلحة ما بقيت أنت آمنا في بيتك؟ أنصحك أن تقارن نفسك برجل أعمال مثلك. وأقترح عليك أن تقارن نفسك برجل الأعمال العظيم الراحل محمود العربي. كيف كانت سيرته الحياتية والعملية حتى توفاه الله. وكيف خرج الناس يودعونه إلى مثواه الأخير، لماذا بكته مصر؟ قارن نفسك بما قدمه للوطن وما تقدمه أنت لتفسد الشعب. وما تقوم به لإفساد الفن والذوق العام. أقول لك من العيب أن تتحدث الآن، وأنت تبخل بمالك على الشعب الذي كونت ثروتك باستغلاله.
مرتش ومربي أجيال
أقصر خبر في قضية فساد كبيرة وذيولها طويلة، كما وصفها حمدي رزق في “المصري اليوم”: تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من ضبط رئيس جامعة دمنهور وآخرين.. تقاضوا مبالغ مالية على سبيل الرشوة بلغت أربعة ملايين جنيه مقابل تسهيل وتسلم توريدات لصالح الجامعة. قال الكاتب «الرقابة الإدارية» تضرب مجددا.. وبشدة، نادرا ما تتحدث عن عملياتها الناجزة، ولكنها حاضرة وبقوة في المشهد المصري، بعمليات نوعية في عمق دولاب الحكومة المصرية. تواليا، وسط دهشة الجميع، لا يمر يوم إلا ورجال «الرقابة» يُسقطون شبكات ورموز الفساد في مواقع شتى، وضرباتهم مؤثرة في مواقع حساسة. بعد قضية وزارة الصحة، التي لا تزال في طور التحقيق، تفجر «الرقابة» قضية رئيس جامعة دمنهور.. وهذا الدكتور وحده قصة ستُروى لاحقا، سيُحاكَم مجتمعيّا على الكذب قبل الفساد، عيّن نفسه محاربا ضد الفساد كذبا وزورا.. أما سقوطه في رذيلة الفساد، فهذا متروك للتحقيقات. وعْدا، لن تمر أيام حتى تسقط شبكة فساد جديدة، رجال الهيئة نشيطون، يُنقِّبون عن الفساد والفاسدين على مدار الساعة بلا كلل ولا ملل، وشغل احترافي مُوثَّق صوتا وصورة. الرقابة الإدارية تكافح الفساد.. وتُوقع بالفاسدين، هكذا يقولون، «الرقابة» صارت شبحا مخيفا لمافيا الفساد، لا يحُول بينها وبين الفاسدين منصب كبير أو موقع حساس. سقوط وزراء ومحافظين ورؤساء أحياء ورؤساء جامعات ومقاولين ومُورِّدين.. السر في فساد التوريدات. خلاصته: ليس هناك فاسد كبير ولا حصانة لفاسد ولا طرمخة على فساد، واللي يقع يسد بركته. ما يُنشر من عمليات ناجحة للرقابة الإدارية أقل القليل من حجم وعدد القضايا التي تحررها وتضبط فاسديها، “الرقابة الإدارية” حاضرة في كل المواقع، ما يُمكِّنها من دورها في الرقابة على المال العام.
أخطر من الفساد
كشف حمدي رزق، أن سقوط الفاسدين تواليا في قبضة رجال الرقابة مؤشر على سطوة الفساد وخطورته، ويبرهن على خطورة المهمة التي تقوم بها «الرقابة الإدارية»، الفساد طال عصب الدولة، وأخطر من الفساد الكبير يقينا هو الفساد الصغير، الذي يفسد المشروعات الكبيرة. عشنا زمنا نحارب الفساد بحوارات فضائية وصحافية، لم يكن الهدف حرب الفساد، ولكن للأسف وصْم الدولة بالفساد.. فارق كبير أن تتحدث عن حرب الفساد في المنتديات والندوات والاجتماعات، وأن تحارب الفساد وتُسقطه من فوق كالثمرة الفاسدة في حِجْر السلطات القضائية لتنفذ القانون على رقاب الفاسدين. وكما يحارب البواسل (جيشا وشرطة) الإرهاب على الحدود، يحارب البواسل الفساد جُوّة البلد، الإرهاب والفساد صنوان، عمليات “الرقابة الإدارية” خلال السنوات الأخيرة ونشاطها بطول البلاد وعرضها تبرهن على أن حرب الفساد ليست لذَرّ الرماد في العيون، بل هي عزم أكيد على حرب حتما ستطول، ولكنها تمضي واثقة الخطى لضرب معاقل الفساد. ليس سرّا أن “الرقابة الإدارية” صارت حاضرة لتوقيع كل العقود والمناقصات والمزايدات وتوقيع العقود ومحاضر تسلم الأعمال والإنشاءات.. ولا يمر عقد حكومي دون توقيع رجل من رجال “الرقابة الإدارية”، والجميع يخشاهم ويخشى خطب وُدِّهم.. فهم لا يخشون في حق الدولة لومة لائم.
أخيرا تحركت
يبدو والكلام لعلاء عريبي في “الوفد”، أن الحكومة قررت أخيرا فتح ملفات الشقق القديمة، فقد قررت الدفع بمشروع قانون لإعادة الشقق المستأجرة لشخصيات اعتبارية حكومية أو خاصة إلى أصحابها، وهي الشقق المستأجرة لشركات ومؤسسات ومصانع وعيادات ومحلات تجارية وغيره. لكن اللافت أن هذا المشروع يتضمن ثلاث مواد تحتاج لإعادة نظر، وهي الفترة التي فيها مدة العقد ويتم تسليم الوحدة للمالك، وقدرتها الحكومة بخمس سنوات، وهي في ظني طويلة، وقد سبق وكتبنا في هذا الشأن واقترحنا ثلاث سنوات فقط. المادة الثانية التي تحتاج إعادة النظر هي المادة الخاصة بالقيمة الإيجارية، حيث حددتها الحكومة في مشروع القانون بخمس أمثال القيمة القانونية السارية، وتزاد سنويا بصفة دورية 15%. وهو ما يعني الشقة التي يسدد مستأجرها 10 جنيهات يرتفع إيجاره 15% ويصبح 50 جنيها فقط، في السنة التالية يرتفع 7.5 جنيه، ويرتفع الإيجار إلى 57.5 جنيه، وهكذا لمدة خمس سنوات فقط. بعد خمس سنوات يجلس المستأجر مع المالك، إذا وافق على استمراره بقيمة إيجارية جديدة حررا عقدا بذلك، في حالة رفضه يخلى المستأجر، كان مؤسسة حكومية أو مكتبا تجاريا خاصا بالعين ويقوم بتسليمها، وفي حالة امتناعه في اليوم التالي لانتهاء المدة المبينة من هذا القانون. يلجأ المالك إلى قاضي الأمور الوقتية في المحكمة الكائن في دائرتها العقار.
لف ودوران
المفترض والكلام ما زال لعلاء عريبي، في حالة الامتناع أن يلجأ المالك إلى وحدة تنفيذ الأحكام قرار الطرد، لأن لجوءه إلى القاضي لإصدار قرار جديد فيه تحميل على القضاء، وعبء على المالك، لإقرار القاضي سوف يستغرق وقتا، ويحتاج مصاريف تقاضٍ وأجرة محامٍ، وبعد إصدار القرار يلجأ المالك إلى وحدة تنفيذ الأحكام. الحكومة مطالبة بالتخفيف على المواطنين، خاصة أن نص هذه المادة يلغي المادة المعنية بمشروع القانون. كما على الحكومة برفع القيمة الإيجارية إلى ألف جنيه تزيد 25% سنويا لمدة ثلاث سنوات، كما اقترحنا، القيمة الإيجارية لهذه الوحدات يجب أن ترتبط بالقيمة الجارية في السوق، ونعتقد أنها تقدر بمئات الآلاف من الجنيهات، وقيام الحكومة بتثبيتها على القيمة القديمة المتعاقد عليها فيه ظلم للمالك، ما الذي استفاد من مشروع القانون حتى بشكل مؤقت، بالطبع لا شيء، الإيجار بعد الزيادة لمدى خمس سنوات لا فائدة منه، والمستفيد الوحيد هو المستأجر. كما يجب أن تضع الحكومة في اعتبارها توريث العين لمرة واحدة في العقود الجديدة، لأنه من الصعب سحب محل تجاري صرف عليه شاغله آلاف الجنيهات، وفي حالة إصابته بمرض أو عجز أو وفاة نسحبه ونترك أولاده في الشارع. مشروع الحكومة يحتاج إلى إعادة نظر، وإنهاء هذا الملف بشكل عادل لصالح المالك وليس المستأجر، بعيدا عن عبء القضاء والمصاريف والفترة الزمنية، وأن يتضمن المشروع مادة لتسليم الوحدة فور انتهاء العقد دون لف ودوران.
مطلوب بدلاء
القرار الذي أصدرته نقابة الموسيقيين بشأن منع 20 من مطربي المهرجانات من الغناء كان مثارا للجدل الشديد بين مؤيد ومعارض، كما قال عماد الدين حسين في “الشروق”: المؤيدون يتبنون وجهة نظر النقابة بالكامل ويقولون إن ما يقدمه هؤلاء المؤدون يمكن أن يطلق عليه أي شيء باستثناء أنه فن أو غناء أو طرب وأنهم أفسدوا الذوق العام والقيم وأساءوا لسمعة مصر. المعارضون لهم رأي مقنع أيضا، ومنهم الناقد الموسيقي مصطفى حمدي الذي قال لموقع بي بي سي: «لا أحد يستطيع فرض وجهة نظره على الذوق العام، وتشكيل هذا الذوق أكبر من مجرد قرار تصدره أي جهة ولو كانت نقابة المهن الموسيقية، والمهرجانات باتت لونا موسيقيا منتشرا بين شرائح واسعة في المجتمع، وله أبعاد اجتماعية، وحميد الشاعري تم إيقافه قبل 30 عاما، بسبب اعتماده على جهاز موسيقي إلكتروني، وعاشت هذه التجربة، ومن اتخذوا قرار منعها لم يعد يتذكرهم أحد. ورأي آخر يقول إن كثيرين حاولوا منع عبدالحليم حافظ وعدوية، وغيرهم في بدايات ظهورهم بحجة أنهم ضد السائد، بل سخروا من أشكالهم وأصواتهم وأسمائهم، ولو كانوا نجحوا في ذلك لخسر الفن كثيرا. الطريف أن حمو بيكا ظهر في فيديو وقال: «عارف أنا مش مطرب أنا مؤدي مهرجانات وعارف أن صوتي وحش، بس عاجبني وعاجب الناس اللي بتسمعني والناس بتستقبلنا بره مصر أحسن استقبال» الصديق والكاتب الصحافي محمد عبدالله قدم حلقة متميزة الأسبوع الماضي على الفضائية المصرية، قال فيها: «المنع ممكن يبقى وسيلة ضغط لتصحيح المسار، لكنه ليس حلا نهائيا وهذه الخناقة عبثية، فالمطربون لن يتوقفوا عن العمل والنقابة لن تستطيع أن تكمل في عملية المنع».
فساد الأذواق
من الواضح كما يرى عماد الدين حسين، أن معظمنا يرى الأمور بطريقة الأبيض والأسود، وهو أمر لا يصلح في الظواهر الاجتماعية شديدة التعقيد، خصوصا تلك التي تتعلق بالذوق العام، وهو ما رأيناه في المناكفة بين هاني شاكر ونجيب ساويرس. شخصيا لا أسمع هذه الأغاني ولا أحبها، لكن لا أستطيع تجاهل أن هناك ملايين المصريين يسمعونها، ويحبونها ويتأثرون بها، وسؤالي العملي هو ماذا سنفعل مع هذه الملايين، وإذا أيدنا قرار المنع فمن الذي سيتقدم ويملأ هذا الفراغ الذي احتله مطربو المهرجانات طوال السنوات الماضية؟ هل تستطيع نقابة المهن الموسيقية وأعضاؤها ومطربوها المعتمدون أن يصلوا إلى الملايين الذين يستمعون لهذه النوعية من الأغاني؟ بدأت بحكاية السفير العربي، وعلى الرغم من أن الصورة ساخرة وفكاهية، فإنها واقعية، فعدد كبير من ركاب الميكروباصات وكل ركاب وسائقي التكاتك يستمعون لأغاني المهرجانات فقط، والأدهى أن معظم الطبقة الراقية ومعها الطبقة الوسطى ترقص على هذه الأغاني في أفراحها، فكيف يمكن تفسير هذا التناقض؟ الظروف والسياسات والقيم التي عاشها المجتمع المصري في العقود الثلاثة الأخيرة أفرزت هذا الواقع، ليس في الغناء فقط، بل في كل المجالات خصوصا التكاتك، وبالتالي فإن معالجة مشكلة مطربي المهرجانات لا تكون فقط بالمنع بل بالارتقاء بذوق الناس، أو الوصول إليهم بأي طريقة طبيعية ولن يتم ذلك إلا بإصلاح حقيقي للتعليم.
الجنازة حارة
ترى عبلة الرويني في “الأخبار” أن خناقة أغاني المهرجانات لا تستحق كل هذا الخلط والتراشق والتجاوز: ليس الخلاف حول شرعية وجودها لكن الخلاف حول مستوى الأصوات والأداء ونوعية الموضوعات المقدمة.. قامت نقابة الموسيقيين بمن 19 مؤدي مهرجانات من الغناء.. طبعا النقابة ليست سلطة منع، ولا سلطة لأحد على منع الغناء (شرط أن يكون غناء). أيضا الـ 19مطربا الذين حددتهم النقابة، ليسوا أعضاء في نقابة الموسيقيين، ولا علاقة للنقابة بهم. سلطة النقابة فقط في منح أو منع تصاريح الغناء في الحفلات العامة داخل مصر (شكل من أشكال المنع بالتأكيد) ورغم أن مسؤولية النقابة (وكل نقابة) هي حماية المهنة والارتقاء بها.. فإن الارتقاء بالموسيقى، لا يعني التعريف بالسلب، ولا يتحقق بالمنع، ومطاردة المخالفين، ولا ملاحقة الخارجين.. بقدر ما تعني المسؤولية، مساحات أكبر من الحرية.. توسيع دوائر الفن الحقيقي، والارتقاء بالذوق العام. في حملة مطاردة مطربي المهرجانات، كثير من التخبط واختلاط المعاني والقيم والمصالح.. على حين تطارد نقابة الموسيقيين مطربي المهرجانات الهابطة (كزبرة، شطة، بيكا، شاكوش، طيخة، أبوالروس، حنجرة، موزة، شواحة، فيفتي).. لا تقوى على الاقتراب من غناء محمد رمضان (رغم أن أسبابهم واحدة). يقول هاني شاكر نقيب الموسيقيين بوضوح، محمد رمضان “حماية” وفي الجنازة الحارة، يحرص البعض على الحضور والمزاحمة، لالتقاط الصورة.. هذا ما فعله رجل الأعمال نجيب ساويرس، حين أقحم نفسه في الخناقة.. لم يكتف بالمجاهرة بذوقه في محبة المهرجانات وغناء محمد رمضان (وهو حر تماما) لكنه دون مبرر، بادر بالسخرية من نقيب الموسيقيين هاني شاكر، من صوته وغنائه وتاريخه الفني. رأي لا يؤكد ذائقة، قدر ما يعبر عن رغبة في الخناقة.
فيروس بيكا
اهتم عبد المحسن سلامة في “الأهرام” بالنقاش العنيف الذي يدور بين أنصار الفن الهابط ومعارضيه. المؤيدون، بحسن نية، وهم أقلية، يعتقدون أنهم يدافعون عن مبدأ الحرية، والبعض الآخر يؤيد من منطلق أن «الجمهور عايز كده»، وهو صاحب القول الفصل. المعارضون للفن الهابط، وهم الأغلبية، يرون أن تلك الأعمال لا ترتقي إلى مستوى الفن، وأن الموضوع كله لا علاقة له بالفن، أو الإبداع، وإنما هو «إسفاف» و«سفه»، وتدمير لسلوكيات المجتمع، ولذلك لا بد من منع هذا «الإسفاف»، ووقفه، لأن تداوله يفسد الذوق العام. بهدوء، وبعيدا عن الانفعال، تعالوا نقارن بين أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، وتأثيرهما الإيجابي على كل أفراد المجتمع بكل طبقاته، وأمثال هؤلاء «المسخ»، الذين لا يتركون إلا التأثير السيئ، والسلبي، في كل من يسمعونهم. لم يكن عبدالحليم حافظ مطرب الصفوة، أو النخبة، وكذلك أم كلثوم، ولا تزال أغانيهما تصدح في كل المقاهي، والبيوت، في الريف والحضر، وفي كل دول العالم العربي، بلا استثناء. القصة ليست في المقارنة بين عبدالحليم وأم كلثوم، وهؤلاء، لأن المقارنة صعبة وربما مستحيلة، ولكني أتحدث عن مدى التأثير، وهل للفن تأثير أم لا في الكثير من الأفراد؟ الحال نفسها في السينما، والدراما، ولذلك، فإن الموضوع لا يتعلق بحرية الفن والإبداع، إطلاقا، وإنما يتعلق بنشر قيم شاذة، وغريبة، مثل نشر البلطجة، واستسهال أعمال القتل، والسرقة، والاغتصاب، وكأنها أمور اعتيادية عادية، نتيجة قيام البعض بتقمص شخصية الممثل «س»، أو «ص»، من الذين يقومون بنشر تلك القيم السلبية، لتنتشر تلك الظواهر بدلا من انحسارها. النقاش مهم ومطلوب، والدفاع عن حرية الرأي والإبداع شيء مقدس، لكن لا بد من أن يكون كل ذلك من أجل الارتقاء بأذواق المواطنين، ونشر القيم الإيجابية، ومحاصرة كل الظواهر الشاذة، والسلبية، التي باتت تنتشر في المجتمع كالسرطان.
الفقراء يدفعون الثمن
استعان الدكتور محمود خليل في “الوطن” بالمثل القديم “التشافيط ما بتملاش قرب”.. للدلالة على حرب تكسير العظام التي تدور حاليا بين منظمة أوبك وأوبك + والدول كثيفة الاستهلاك للنفط . الولايات المتحدة الأمريكية قررت ضخ 50 مليون برميل بترول من احتياطيها النفطي، واتجهت الهند إلى ضخ 5 ملايين برميل، والبقية تأتي، ورغم ذلك لم يتزحزح سعر البرميل إلى الوراء إلا قليلا. الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول كثيفة الاستهلاك للنفط تسابق الزمن حتى تجد حلا للمشكلة، قبل التوغل أكثر في أيام الشتاء، حيث يمكن أن يواجه الغرب أزمة عاتية نتيجة ارتفاع الحاجة إلى الوقود، وبالتالي زيادة أسعاره نتيجة اشتداد الطلب عليه. وقد جربت بعض الدول الأوروبية – مثل إنكلترا – أياما صعبة في الأربعينيات، عندما واجهت أزمة وقود شبيهة بالأزمة الحالية. في المقابل يبدو أن دول أوبك وأوبك بلس مصرة على تعويض خسائرها خلال فترة الانهيار المدوي في أسعار البترول (إبريل/نيسان 2020)، وقد أقبلت الصين وغيرها من الدول كثيفة الاستهلاك خلال هذه الفترة على شراء كميات هائلة من النفط وتخزينها، وهي الكميات التي تشكل الاحتياطيات التي تفكر الدول كثيفة الاستهلاك في السحب منها الآن. انهيار أسعار البترول عام 2020 ارتبط بجائحة كورونا، ووجود توقعات باستمرار الفيروس لشهور عديدة تالية، لكن المسألة بدأت تختلف الآن، بعد أن اتجه العالم كله إلى التطعيم كبديل للإغلاق، وبالتالي ارتفع الطلب العالمي على الوقود، ما أدى إلى ارتفاع سعره. كما كان الانهيار في سعر الوقود مؤقتا، فإن الارتفاع في أسعاره حاليا مؤقت، فالسعر يصنعه العرض والطلب، ويبقى أن الطفرة الحالية في أسعار النفط يجب ألا تغري دول أوبك وأوبك بلس بالتعويل على المستقبل كثيرا، لأن ثمة بدائل عديدة سوف تقلل من معدل الاعتماد على الوقود «الأحفوري» خلال السنوات المقبلة. يبقى أن الأزمة الحالية أكدت قيمة المدخرات كأداة لمواجهة الأزمات، فالاحتياطيات البترولية مثلت لدى الولايات المتحدة الأمريكية أداة جيدة للتخفيف من حدة الأزمات، لكن من المهم الانتباه إلى أن المدخرات لا يمكن الاعتماد عليها إلى ما لا نهاية.
ليلة لا تنسى
فى حفل أسطوري ضخم أخبر عنه محمود دياب في “اليوم السابع” بأنه مزج بين إنجازات الماضي والحاضر كانت مصر والعالم على موعد مع افتتاح طريق الكباش التاريخي في محافظة الأقصر، الذي يمثل إعادة إحياء طريق الكواكب الفرعونية بين معبدي الكرنك والأقصر، ويعد أكبر متحف مفتوح في العالم، وهو الحدث الذي جذب كل أنظار العالم مرة ثانية لمصر، بعد موكب المومياوات في إبريل/نيسان الماضي، وهو خطوة أكثر من رائعة لإحياء صناعة السياحة المصرية وازدهارها، بعد الكساد التي عانته بسبب جائحة كورونا وما قبلها من فوضى 25 يناير/كانون الثاني. إحياء طريق الكباش الأثري الذي هو أقدم طريق عرفته البشرية، ويمتد عمره إلى نحو 3 آلاف عام، ويبلغ طوله 2700 متر، وهو إنجاز طموح بلا شك ويؤكد ودون مزايدة، اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بحضارة مصر بالتوازي مع اهتمامه بإقامة المشروعات القومية الجاري تنفيذها الآن، والذي يكد ليل نهار ويسابق الزمن لبناء جمهورية مصر الجديدة، التي نحلم بها وللأجيال القادمة. ودون مبالغة كان الافتتاح حفلا ساحرا وأسطوريا يليق بقيمة مصر ومكانتها وعظمتها وأسعد كل المصريين وأبهر كل من شاهده عبر الفضائيات في العالم، حسب تعليقات جميع الوكالات العالمية التي نقلت هذا الحدث المهيب، الذي يبرز مدى الجهد الكبير والشاق والتنظيم الجيد الذي بذله كل من الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار ومن معه، والمستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر والدور المهام للواء محمود توفيق وزير الداخلية ورجاله في توفير الأمن لخروج هذا الحفل التاريخي في أبهى صوره، ويبين حضارة مصر العظيمة التي تمتد عبر آلاف السنين ضاربة جذورها في عمق التاريخ، وأخيرا كان يجب عزف السلام الجمهوري في نهاية الاحتفال، الذي لا يقلل من روعته وجماله ولا يبخس من حق وجهد وفكر من قام على ترتيبه وتنظيمه.
الدقة غائبة
وضع عبد القادر شهيب في “فيتو” يده على خطأ مهني: قام الرئيس السيسي بجولة تفقدية لقرى أسوان التي تضررت من السيول مؤخرا، والتقى عددا من الأهالي فيها.. وقد تابعت ما نشر وأذيع عن هذه الجولة فلفت انتباهى أن كل المنشور والمذاع تناول توجيها للرئيس السيسي بضم قرى مركز أسوان إلى مبادرة حياة كريمة لتطوير الريف المصري.. وهذه المبادرة تحولت بتوجيه رئاسي سابق إلى مشروع شامل لتطوير كل قرى الريف المصري البالغ عددها 4500 قرية ونحو ثلاثين ألف تابع من القرى والكفور والنجوع.. أي إنها تشمل سلفا كل قرى مركز أسوان.. غير أن المرحلة الأولى لهذا المشروع لا تشمل قرى مركز أسوان، نظرا لأنه تم توزيع القرى وتوابعها في هذا المشروع على مراحل ثلاث.. الأولى تضم القرى التي يزيد معدل الفقر فيها عن نسبة 70%، والثانية تضم القرى التي تتراوح فيها نسبة الفقر بين 50% – 70%، والثالثة تشمل القرى التي تقل فيها نسبة الفقر عن 50%. ولذلك الخبر الصحيح هو أن الرئيس السيسي وجه بضم قرى مركز أسوان إلى المرحلة الأولى من مشروع تطوير الريف المصري، نظرا للظروف التي ألمت بأهلها بعد تضررهم من السيول.. وهنا تبرز أهمية تحري الدقة من قبل الزملاء الأعزاء في الصحافة والإعلام.. فهذه الدقة تجعلنا نهتم بتقديم كل ما هو صحيح وسليم من أخبار ووقائع للقراء والمستمعين والمشاهدين، وهو ما سيضمن لنا الحفاظ على مصداقيتنا لديهم وأيضا مصداقية وسائل الإعلام والصحافة التي نعمل فيها.. والأهم سوف يجعل عموم المصريين يثقون فينا ولا يبحثون عن الأخبار لدى وسائل إعلام أخرى غير مصرية، بعضها يلون أخباره أو يجتزئها ليوجه الرأي العام المصري كما يحلو له وطبقا لمصالح ملاكه.
من حقه
الحقيقة المؤكدة التي يؤمن بها عبدالغني عجاج في “المشهد” أن تكريم الإنسان وهو حي يرزق، يشعر ويحس ويرى التقدير في عيون الآخرين ويحس بدفء مشاعرهم، أفضل كثيرا من تكريم الإنسان بعد أن يرحل عن الدنيا ويصبح في عالم آخر.. صحيح أن البعض ينتفعون بعلمهم ودعوات الآخرين لهم بعد رحيلهم، ولكن من حسن الفطن أن نبادر بتكريم من يستحقون التكريم وهم أحياء يرزقون. والحقيقة المؤكدة أيضا أن البروفيسور مجدي يعقوب من أهم ينابيع قوة مصر الناعمة، مع الدكاترة العظام أمثال إبراهيم بدران وأحمد شفيق وخيري السمرة رحمة الله عليهم، والدكتور محمد غنيم متعه الله بالصحة والعافية وأمد في عمره. والدكتور مجدي يعقوب من أهم مصادر افتخارنا وكيف لا؟ والرجل خريج كلية طب القصر العيني وحقق شهرة عالمية كواحد من أعظم جراحي القلوب في العالم.. وكيف لا؟ والرجل اختار بمحض إرادته أن يترك حياة الرغد في بريطانيا التي كرمته بلقب سير، وتخلى عن إلقاء محاضرات وعقد ندوات في أكبر جامعاتها مقابل مئات الألوف، وربما الملايين من الجنيهات الإسترلينية ويعيش في أسوان ليداوي قلوب أطفال مصر وافريقيا وقلوب كل من يستغيثون به، بغض النظر عن ألوانهم أو عقائدهم أو غناهم أو فقرهم. مجدي يعقوب يستحق لقب الطبيب الإنسان رقم 1 ويستحق لقب الطبيب الدولي رقم 1 على غرار الموظف الدولي رقم 1 (الأمين العام للأمم المتحدة) ولذلك سبق وتمنيت على الهيئة العامة للاستعلامات – التى أنتمى إليها وعشت في جنباتها معظم سنوات عمري – أن تصدر كتابا عن مجدي يعقوب بعدة لغات وتخصص مبيعاته لصالح مستشفى الدكتور مجدي يعقوب ومشاريعه الخيرية (يمكن توزيع الكتاب مجانا مع قسيمة تبرع اختيارية لحساب مستشفى مجدي يعقوب) غير أنه لأسباب لا أعلمها؛ لم تتم الاستجابة لمطلبي، رغم إمكانيات الهيئة العامة للاستعلامات الهائلة وكونها تضم محررين ومترجمين على أعلى مستوى، اذا ما أتيحت لهم الفرصة لإبراز قدراتهم. أعرب الكاتب عن أمله في أن تبادر الجامعات والمؤسسات المصرية والعربية والافريقية لترشيح مجدي يعقوب لنيل جائزة نوبل للسلام.. مجدي يعقوب الذي عالج قلوب اطفال إثيوبيا يستحق نوبل للسلام التي سبق وفاز بها آبي أحمد الذي أدخل إثيوبيا في دوامة الحروب الأهلية الدامية.
كان إنسانا
كانت زوجة الكاتب سيد أبو داوود، الذي توفي قبل أيام، الصحافية والكاتبة الدكتورة ليلى بيومي تقول عنه: كنت أتنفس من خلاله، كان يعطيني الزاد للحياة والعطاء للفقراء، لم يبحث يوما عن الدنيا أو المال، لم يأمرني يوما أن أصنع له طعاما معينا، إذا لم يجد شيئا يأكله كان يأكل خيارة أو بعض الخضرة، كان بيته مفتوحا للجميع، كان يحب الناس جميعا، لم يكره في حياته أي إنسان حتى الذين أكلوا حقه تسامح معهم، وكذلك الذين خدعوه، يقول دوما: «الدنيا لا تستحق الخصام».كان متصالحا مع نفسه ومع الدين ومع الناس، وقبل ذلك كان متصالحا مع ربه، كانت رسالته في كل كتاباته الدفاع عن الدين وثوابته، كان يتسامح مع الجميع إلا من يهاجم أسس الدين الواضحة، أو يتجاوز في حق النبوة. كان يستضيف وزوجته أي مكروب ويتحمله تحملا كبيرا، استضاف مرة جريحا فلسطينيا وأمه، كانا عصبيين جدا ما أغاظ أولاده فكان يقول: لا بد أن نتحملهما فقد تحملا الكثير عن الأمة العربية. تقول زوجته كان دوما يناديني: «يا دكتورة ليلى» ولم ينادني باسمى إلا قبل موته بأيام، كان يرجو لقاء ربه، يقول لنفسه بين الحين والآخر: «يالله بالسلامة يا نفسي، أنا أغبط الناس التي تموت». كل من عاشره كان يرى فيه ملكا متسامحا لا يمت للبشر بصلة، ولا يمت للأرض وصراعاتها وأحقادها وأسافينها، كان مظلة لكل من حوله في هجير الحياة.
الحمد لله
واصل الدكتور ناجح إبراهيم، نقل كلام زوجة صديقه الكاتب الراحل سيد أبو داوود قالت زوجته بعد فراقه السريع الذي فوجئت به: أنا أعيش اليوم هذه الآية: «وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغا» لا أدري ماذا أقول، ولا ماذا أفعل، ولا كيف أتصرف، ولا أين أتوجه، فقدت بوصلتي في الحياة كلها، كيف سأجد مرة أخرى إنسانا يحب الخلق جميعا، ولم يضبط مرة يكره أحدا مهما قسا عليه أو ظلمه، بعد أن رأيته عدة مرات في مجلة “المختار الإسلامي” ونحن شباب قالت لى صديقتي الصحافية: ما رأيك في هذا الشاب قلت لها بتلقائية: هذا الذي أريد أن أتزوج مثله؟ وارتبطت أرواحهما برابطة لم تنفصم أبدا.. لما رأت زوجته هذا الزهد الكبير فيه خافت على مستقبل أولادها المادي من تفريطه في حقوقه، فقال لها والدها وكان حكيما: «أنت رزق سيد، فلا تخافي»، وكأنه يقرأ طالع الأيام وأنها ستحسن تدبير الحياة والعيش لزوجها، ولذلك أراد زوجها المرحوم سيد أن يريحها من أي عناء إداري أو قضائي فكتب لها توكيلا عاما تتصرف من خلاله في كل أملاكه قبل أن يموت بفترة. هو أحد رواد الصحافة الإلكترونية في العالم العربي وأسس وأدار عدة مواقع كبرى منها ذاكرة الإسلام، رسالة الإسلام، لواء الشريعة، ومن كتبه «كتاب الصحافة الإلكترونية» وعلّم عشرات الصحافيين كيفية إنشاء وإدارة المواقع الإلكترونية بطريقة صحافية شريفة وحديثة ومتطورة. كان يقول قبل موته بأشهر وقبل الأزمة الصحية إنني سأموت، عندما فقد معظم وعيه كان لا يردد إلا كلمتين: يا رب، الحمد لله.
رحم الله الصحفي سيد أبو داود وغفر له وأدخله الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وألهم زوجه الفاضلة الصبر وعوضها خير العوض، وإنا لله وإنا إليه راجعون.