رئيس سابق لـ”الشاباك”: الضمّ خطر إستراتيجي على إسرائيل وسيحّولها لدولة ثنائية القومية

وديع عواودة
حجم الخط
1

الناصرة: “القدس العربي”:

أعلن رئيس المخابرات العامة الإسرائيلية (الشاباك) وقائد سلاح البحرية سابقا عامي أيالون، عن انضمامه لمنظمة “يكسرون الصمت” المناهضة للاحتلال، وسبق أن لوحقت من قبل السلطات الإسرائيلية وتعرض قادتها للشتم والتخوين.

ويعلل أيالون انضمامه للمنظمة بالقول إنه في عالم سليم كان مقاتلو “يكسرون الصمت” يكرمّون ويحظون بلقب “كاشفي الآثام أو الفساد بغية الدفاع عن نظام الحكم وتحصين الديموقراطية”.

ويتابع: “لكن  هؤلاء في إسرائيل اليوم يتم إسكاتهم ويتعرضون لنزع شرعية منهجي وبتوجيهات من المؤسسة الحاكمة، وأنا أسأل: هل هناك دولة أخرى تركل خيرة أبنائها الذين أدوا الخدمة العسكرية في كل مراحلها ودافعوا عن أمنها بدلا من تكريمهم؟ هل هناك عاقل واحد يدعم إدارة الصراع دون أن يفهم أن العكس هو الصحيح وأن الصراع هو من يديرنا؟”.

يشار إلى أن “يكسرون الصمت” قد بدأت نشاطها قبل نحو 15 عاما من خلال معرض صور لعدد من الجنود الإسرائيليين الذين أدوا خدمتهم العسكرية في مدينة الخليل إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وكان المبادر إلى تنظيم المعرض، يهودا شاؤول، الذي أدى خدمته العسكرية في الفرقة 51 التابعة للواء ناحال في الخليل، بداية كجندي ومن ثم كقائد للفرقة. وقد قام بجمع صور التقطها بنفسه في أثناء خدمته مع صور التقطها جنود آخرون وتم عرضها في معرض “فلنكسر الصمت” تم في تل أبيب، وتظهر بشاعة الاحتلال، وبواسطتها يحذر من التبعات الأخلاقية والسياسية والأمنية على إسرائيل والإسرائيليين، معتبرا إنهاء الاحتلال مصلحة إسرائيلية استراتيجية.

ووفقاً لما أكده شاؤول وزملاؤه فإن الهدف الرئيس من المعرض في حينه تمثّل أكثر شيء في “استجلاب الخليل الخاصة بهم إلى قلب مدينة تل أبيب”، التي وصفوها بأنها أشبه بالفقاعة التي يعيش فيها أشخاص لا يعرفون أو لا يأبهون بما يجري على بُعد عشرات الكيلومترات منهم في قلب مدن الضفة الغربية وبلداتها وقراها ومخيماتها”.

السيطرة على شعب آخر

أيالون، الذي سبق وأطلق قبل سنوات مشروعا للسلام بالمشاركة مع المحاضر الفلسطيني الدكتور سري نسيبة بهدف التوصل لتسوية الدولتين، يرى أن المحاربين كما هو الحال مع القيادة الأمنية يدركون أن استمرار السيطرة على الشعب الفلسطيني هو قضية سياسية على كل مواطني إسرائيل أن يقدموا جوابا عليها، بمن فيهم المعارضون لحكم اليمين وسياسات الحكومة، ولا يخطر ببالهم عدم أداء الخدمة العسكرية.

ويضيف منبهاً لكون هؤلاء المعارضين للاحتلال ويسعون لإنهائه وطنيون إسرائيليون: “لئلا تختلط الأمور عليكم فإن أعضاء منظمة يكسرون الصمت لا يخدمون في مقر وزارة الأمن في تل أبيب أو في وحدات استخباراتية بعيدة. هم مع زملائهم في الوحدات المختلفة يلتقون الفلسطينيين في الحواجز والمعتقلات والمداهمات وعمليات التفتيش الليلية داخل منازلهم. هؤلاء يلتقون ناشطي الإرهاب ويرون الأطفال الفلسطينيين المرعوبين مثلما يرون النساء والشيوخ خلال مداهمة البيوت. هؤلاء يصطدمون بواقع يسيطر فيه شعب على شعب آخر ويشهدون الثمن الذي نسدده من أجل ضمان أمننا. هؤلاء وبعدما أنهم يواجهون وجها لوجه أشد أعدائنا ويرون حمر العيون الفلسطينية المرهقة، هم يروون لنا ما يشاهدونه ونحن منذ سنوات نرفض سماعه ورؤيته ونفضل نسيانه وتجاهله”.

حراس العتبة

وفي سياق تعليله الانضمام لهذه المنظمة الإسرائيلية، يقول أيالون إنه من المدهش أنه عندما يتم تغليف هذه الشهادات من الخدمة العسكرية في الأراضي الفلسطينية ضمن إطار “يكسرون الصمت” تصبح الشهادات هذه شرعية ومقبولة.

ويضيف: “أنا وخمسة من رؤساء الشاباك كسرنا الصمت قبل سنوات وتحدثنا في البرنامج التلفزيوني حراس العتبة، ولا يجرؤ أحد على محاولة إخراجنا من الإجماع الإسرائيلي. أما المحاربون الشباب من يكسرون الصمت فقد تم إخراجهم”.

ويشير إلى أن قيادات اليمين لا يحملون فقط على “يكسرون الصمت” بل بشكل عبثي يهاجمون قيادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي لا تتساوق مع توجهاتهم، معتبرا قضية الضمّ مثالا على ذلك.

ويضيف: “مثل من كان هناك، أستطيع القول إن معظم القيادة الأمنية تعارض الضمّ الذي سيؤدي لنهاية المشروع الصهيوني. يمكن عد رجال الأمن المناصرين لمخططّ الضم على أصابع يد واحدة”. ويقول إن سبب ذلك “مفهوم جدا فالضمّ الأحادي الجانب يشكّل تغييرا مفاهيميا في سياسة حكومات إسرائيل على مدار سنوات “. موضحا أنه على خلفية ذلك، فإن كل مواطن يؤمن بإسرائيل آمنة ويهودية وديموقراطية بروح “وثيقة الاستقلال” من 1948 ملزم بإعادة احتساب المسار من جديد، واللحاق بالمعارضين، خاصة أن الحديث يدور عن موضوع لا يقسّم الإسرائيليين بخلاف قضايا أخرى، إذ يظهر استطلاع رأي للقناة 12، أن 96% من الإسرائيليين يبدون موقفا يراوح بين اللامبالاة حيال مخطط الضم وبين معارضته.

ويتابع: “الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية ببساطة لا يهم الإسرائيليين”.

معظم الإسرائيليين ضد الضمّ

ويقول أيالون إن عملية الضمّ المخططة ربما تكون طقسا لإزالة الأقنعة عن حكم اليمين بعد سنوات من اعتبار السياسات الإسرائيلية الرسمية المستوطنات كبلدات مؤقتة وهدفها أمني فقط كما تم التوضيح أمام المحكمة العليا وأمام المجتمع الدولي.

ويتابع: “يتضح أن هناك أقوال وهناك أفعال، والحكومة المنفصمة عن الواقع تتجاهل الحقيقة أن معظم الإسرائيليين يعارضون الضمّ، وأن أغلبية كاسحة داخل المؤسسة الأمنية ترى بالمخطط تهديدا أمنيا من شأنه أن يفاقم العنف ويزعزع العلاقات واتفاقات السلام مع الأردن ومصر ويعزز القوى الراديكالية في المنطقة بقيادة إيران وتركيا اللتين تقودان مقاومة إسرائيل”.

ويؤكد أنه من الواضح أن هذا المخطط سيغيّر بشكل دراماتيكي طابع إسرائيل، منوها إلى أن استمرار السيطرة على ملايين الفلسطينيين دون أفق سياسي، يؤمن لهم “تقرير مصير” سيضع إسرائيل أمام واقع دولة ثنائية القومية أو دولة غير ديموقراطية لأنه لا يوجد مكان وسط.

طهارة السلاح

ويضيف أيالون: “وهنا يعود السياق الخاص بمحاربي يكسرون الصمت ممن يربطهم خيط حرير مع الواقع المركّب الذي يعيش فيه الإسرائيليون: من حقهم وواجبهم تقديم روايتهم، وواجب الإسرائيليين الإصغاء لهم، فكيف عندما يدور الحديث عن تغيير دراماتيكي في سياسات الحكومة حيال الضفة الغربية؟”.

ويحّذر أيالون من أن واقع الحياة المذكور سيكون أكثر عنفا وتعقيدا. ويقول إن هذا هو السبب الذي يؤدي لتحويل النضال من أجل “طهارة السلاح” بقيادة “يكسرون الصمت” إلى أكثر أهمية.

ويقول أيضا إن “طهارة السلاح” هي قيمة عليا لدى جيش الاحتلال، داعيا لتبنيها داخل المجتمع الإسرائيلي كونها إحدى أركان الديموقراطية. معتبرا أن شهادات ناشطي “يكسون الصمت” والأسئلة التي يطرحونها في وجه الإسرائيليين، هي الضمان لعدم اختفاء  خطاب المسموح والمحظور.

ويتابع: “هم يحولون الجيش لأكثر أخلاقية والإسرائيليين لأكثر ديموقراطية وأكثر تسامحا “. ويخلص أيالون للقول في مقال نشره موقع “واينت” إنه عندما ينظر للمستقبل العنيف الذي يقود نحوه رئيس الحكومة لأسباب غير واضحة لأحد، فمن الواضح أن نضال أفراد “يكسرون الصمت” من أجل الصورة الأخلاقية للجيش، هو نضال أهم اليوم من الماضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الشاهد على هلاك القطعان:

    حتى أعتى مجرمي قطعان الصهاينة من قادة الموساد والشباك وأصحاب المال وأكاديميين ينذرون بسوء المنقلب لهذا الضم، لأنهم أدركوا في نهاية كانوا خاطئين في فهم أنصر أخاك ظالما أومظلوما، لطالما شجعوا كيان القطعان على ارتكاب فضائع في حق الشعب الفلسطيني ونهب المزيد من أرضه، معتقدين أن نصرة الأخ الظالم هي دعم دولة القطعان الظالمة وتشجيعها على المزيد من ارتكاب جرائم الحرب والسلم في حق الأرض الفلسطينية وأصحابها، لكن هذا ما سيؤدي إلى زوالها قريبا بإذن الله، ليس لقوة المقاومة وصمودها المقاومين فحسب، بل كنتيجة طبيعية لمعاكسة سنن الحياة والوجود …..!

إشترك في قائمتنا البريدية