بغداد ـ «القدس العربي»: كشف رئيس الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة، باسم البدري، عن شمول وزير الاتصالات العراقي الحالي، نعيم الربيعي، بإجراءات الهيئة، كونه كان عضو فرقة في حزب «البعث» المنحلّ، وفيما أكد تدقيق جميع أسماء مرشحي الحكومات السابقة، أشار إلى وجود وزيرين في حكومة حيدر العبادي مشمولين بإجراءات الهيئة أيضاً.
وقال، في لقاء موسّع مع «القدس العربي»، إن «الهيئة مرت بمرحلتين، الأولى كانت مع بداية تغيير النظام السياسي الجديد في عام 2003، عندما شُكلت بقانون هيئة اجتثاث البعث، بقرار من رئيس سلطة الائتلاف حينها بول بريمر»، مبيناً أن «بدايات عمل الهيئة كانت متلكئة، كونها كانت تحتاج إلى تنظيم قانوني. رغم ذلك أصدرت الهيئة 46 قراراً بين إقصاء أو إعادة إلى الوظيفة، وإبعاد البعثيين من المواقع والمسؤوليات».
وأضاف: «بعد عام 2008، سنّ قانون المساءلة والعدالة رقم 10 للسنة ذاتها، الذي حل محلّ قانون اجتثاث البعث. القانون جاء أكثر تنظيماً وتفصيلاً»، منوهاً أن «قانون الاجتثاث كان ينص على إقصاء الشخصيات التي كانت تعمل في الأجهزة القمعية للنظام السابق (الأمن، والمخابرات، والأمن الخاص، وجميع الأجهزة الأمنية والاستخبارية)، لكن في قانون المساءلة والعدالة، مُنحت هذه الشخصيات حق التقاعد، باستثناء فدائيي صدام».
وتابع: «أحلنا العشرات من هؤلاء إلى التقاعد وهم يتسلمون الآن رواتب تقاعدية، وفقاً للقانون»، موضّحاً أن «نحو 207 آلاف شخص كان ينتمي لحزب البعث، صدرت بحقهم قرارات ما بين الإحالة إلى التقاعد أو العودة إلى الوظيفة، وفقاً لقرارات مباشرة أو لأوامر ديوانية تتعلق بملف المصالحة الوطنية أو الكيانات المنحلّة. هؤلاء كانوا بدرجات حزبية كانوا يعملون في الأجهزة القمعية».
وعن إجراءات الهيئة، بشأن أساتذة الجامعات والكفاءات العراقية، التي أجبرت على الانتماء لحزب «البعث» في زمن النظام السابق، أكد البدري أن «القانون يشمل الأعضاء في حزب البعث صعوداً، كل فئة لديها تفصيلات، إضافة إلى منتسبي الأجهزة القمعية».
ولفت إلى أن «في وزارتي التعليم العالي والتربية، هناك الكثير من المشمولين بقانون هيئة المساءلة والعدالة، لكن يمكن أن يشمل العضو (في حزب البعث) بقانون المساءلة والعدالة، لكنه لا يحرم من وظيفته، ويبقى يمارس عمله بصورة طبيعية، لكن يمنع من تسلّم مناصب عليا من مدير عام صعوداً، أما أعضاء الفرق فلهم الحق في الاستمرار بوظائفهم أو الطلب بالإحالة إلى التقاعد. المئات من هذه الحالات موجودة بكثرة في وزارات التربية والتعليم العالي ودوائر الدولة الأخرى، في حين ينصّ القانون على إحالة أعضاء الشعب إلى التقاعد».
وأعتبر أن «المواقف السياسية ومحاولة البعض التسويق أن الهيئة موجهة ضد فئة أو مكون لحساب الآخر، كلها غير صحيحة. المستفيدون من قرارات وإجراءات الهيئة في المناطق السنّية أكثر من المناطق الشيعية، وبالعكس، من طالتهم إجراءات الهيئة في المناطق الشيعية أكثر من المناطق السنية».
ضغوطات سياسية
وكشف عن تعرض الهيئة لـ«ضغوطات سياسية خصوصاً في فترة الانتخابات أو عند تشكيل الحكومة، لكن في النهاية فإن قرارات الهيئة ستكون تحت المجهر، ومعرضة لرقابة البرلمان وإجراءات القضاء والهيئة التمييزية التي تنظر في جميع قرارات الهيئة»، مبيناً أن «هناك نحو مليوني وثيقة مدخلة في قاعدة بياناتنا عن درجات حزبية وأجهزة قمعية موزعة في جميع المحافظات».
وأضاف: «في الانتخابات التشريعية الأخيرة (جرت في 12 أيار/ مايو 2018) دققنا ملفات أكثر من 8 آلاف مرشح لعضوية مجلس النواب»، منوهاً أن «نسبة المشمولين في هذه الانتخابات قليلة، مقارنة بالسنوات الماضية (نحو 700 مرشح في جميع القوائم)، كونهم استفادوا من التجربة السابقة، وبدأوا يبحثون عن عناصر توجد عليها مؤشرات».
وبشأن التصريحات السياسية التي أفادت أن مرشحي جميع الكابينات الوزارية لم يعرضوا للتدقيق من قبل الهيئة، أو المؤسسات الرقابية الأخرى. أوضح أن «هذا الكلام غير دقيق. في الانتخابات السابقة (2006-2010-2014)، تشكلت الكابينة الوزارية من أعضاء مجلس النواب الفائزين في الانتخابات، وهم مدققون بشكل تلقائي قبل الانتخابات، وما ينطبق على النائب قبل ترشحه للانتخابات، ينطبق على الوزير أيضاً».
وأكد أن «هيئة المساءلة والعدالة دققت التشكيلة الوزارية في عام 2014، وبشكل مباشر بيننا وبين مكتب رئيس الوزراء (حينها) حيدر العبادي، قبل طرحها على البرلمان (…) التدقيق شمل أيضاً التعديل الذي جرى لاحقاً على الكابينة الوزارية في فترة العبادي. من بينهم من كان مشمولاً بإجراءاتنا ولم يرفع إلى البرلمان».
وزاد بالقول: «في تعديل الحكومة السابقة، كان هناك وزيران شملا بإجراءات الهيئة، وتم إبلاغ مكتب رئيس الوزراء بذلك، غير إنهم مرروا في البرلمان». من دون الإفصاح عن الأسماء.
تدقيق الوزراء
وتابع: «في هذه الدورة، أسماء الوزراء التي طرحت على البرلمان لم تعرض علينا (التشكيلة الكاملة 22 وزيراً والتي صوت البرلمان على 14 وزيراً منها)»، موضّحاً أن «بعد ذلك ورد كتاب رسمي إلى الهيئة من رئيس البرلمان يطلب فيه تدقيق الوزراء المطروحين (22 وزيراً)، وبالفعل تم تدقيقهم، وأخبرنا رئيس البرلمان ورئيس الوزراء بالنتائج».
وزاد : «كان هناك مرشحان مشمولان بإجراءاتنا، هما مرشح وزارة الدفاع فيصل فنر الجربا (سقط بتصويت البرلمان)، كونه شارك في قمع الانتفاضة الشعبانية (عام 1991)، وكان ضمن السرب الجمهوري الخاص، وأشعرنا رئيس البرلمان ورئيس الوزراء بذلك، بالإضافة إلى شمول وزير الاتصالات (نعيم الربيعي) كونه كان عضو فرقة (في حزب البعث)، وكذلك تم الإعلام به».
وبين أن «الجربا قدم طعناً للهيئة التمييزية، التي رأت أن إجراءاتنا أو الوثائق المتحصلة غير كافية لشموله، ونقضت قرارنا، وكذلك الحال بالنسبة لوزير الاتصالات الذي لجأ إلى القضاء وقدم طعناً، والهيئة تنظر فيه حتى الآن».
أكد عدم وجود أي تنسيق أو تعاون مع إقليم كردستان
وأضاف: «وزير الاتصالات قدم طلباً إلى مجلس الوزراء يطلب فيه استثناءه من إجراءات المساءلة والعدالة، وفقاً للمادة (12) التي تخوّل الوزير المختص باستثناء أي شخص مشمول بإجراءات هيئة المساءلة والعدالة. هذا يثبت أن إجراءاتنا بحق الوزير، دقيقة».
استثناء ضباط
ووفق رئيس «الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة»، «في وزارتي الدفاع والداخلية، بعد عام 2014، تم تقديم طلب أصولي لاستثناء 97 ضابطاً في وزارة الدفاع، ونحو 300 ضابط في وزارة الداخلية، من إجراءات هيئة المساءلة والعدالة، ووافقنا بعد أن رأينا أن الجهة المعنية ترى أنهم قدموا تضحيات وجهودا في قتال داعش، لكن موافقتنا أو عدم ممانعتنا ليست الأمر النهائي، باعتبار أن هناك سلسلة مراجع، تحتاج إلى مصادقة مجلس الوزراء ومن ثم البرلمان».
ورأى أن «حالات الاستثناء قليلة في المؤسسات المدنية»، مؤكداً أن «لدينا الكثير من التحفظات فيما يتعلق بوزارة الخارجية. في فترة قريبة جداً تم التدقيق بملفات موظفي هذه الوزارة ( في فترة الوزير السابق إبراهيم الجعفري)».
وقال أيضاً: «في فترة الوزير الأسبق هوشيار زيباري لم يتم التدقيق. التعيينات في الوزارة حينها كانت تتعارض مع إجراءات هيئة المساءلة والعدالة. تم تعيين أشخاص بعد 2004 مشمولين بإجراءات الهيئة ولا يحق تعيينهم».
وأكد أن «في زمن الجعفري حدث هذا التدقيق، وكثير من الأسماء تم شمولها ونُفذت الإجراءات بحقها، لكن في السنة الأخيرة من حكومة العبادي، تم تشكيل لجنة لتدقيق كادر وموظفي وزارة الخارجية، الذين أغلبهم من البعثيين وجهاز المخابرات السابق، إضافة للعوائل».
وأضاف: «وصول الوزارة إلى هذه الحالة، يتحمل الجزء الأكبر منه الوزير الأسبق هوشيار زيباري، بالإضافة إلى استمرار هذا الوضع وعدم إصلاحه في الوزارات المتعاقبة».
وطبقاً للمصدر «تم تدقيق المئات وأعطينا تفصيلاتهم للجنة، التي قررت بإخراج عدد من الموظفين (38 شخصاً) من الوزارة- كوجبة أولى، ونقلهم بكونهم لا يصلحون للعمل في الخارجية، لكن الإجراء توقف».
وعن طبيعة التعامل بين الهيئة وإقليم كردستان العراق، أكد البدري: «لا يوجد أي ربط أو تنسيق أو تعاون بيننا وبين إقليم كردستان العراق. هم لديهم تجربتهم الخاصة بهذا الموضوع»، كاشفاً عن وجود «مطلوبين بقضايا جنائية وإرهابية، غير البعثيين الذين يقيم الكثير منهم في إقليم كردستان».
وختم حديثه بالتطرق إلى ظروف عمل موظفي الهيئة في المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» في عام 2014، قائلاً: «ليست لدينا دوائر في المحافظات. لدينا لجان فرعية أعداد موظفيها بسيطة جداً (أفراد)»، موضّحاً أن «هذه اللجان أصبح لديها أماكن بديلة في 2014، عندما سيطر تنظيم داعش الإرهابي على عدد من مدن البلاد، فمن كان يعمل في الموصل انتقل إلى أربيل، ومن كان في صلاح الدين أو الأنبار انتقل إلى بغداد أو إلى مواقع بديلة أخرى».