رئيس وزراء الجزائر تغلبه الدموع عند الحديث عن ندرة سلع مدعومة ويعتذر للمواطنين- (فيديو)

حجم الخط
51

الجزائر- “القدس العربي”: بدا الوزير الأول ( رئيس الوزراء) الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، متأثرا بشدة عند حديثه عن نقص المواد الاستهلاكية في السوق، وذلك خلال رده على النواب بعد مناقشة عرض بيان السياسة العامة الذي تقدم به منتصف الأسبوع.

وتوعدت النيابة العامة من جهتها، باتخاذ إجراءات صارمة ضد المضاربين الذين تتهمهم السلطات بالوقوف وراء موجات الندرة غير المبررة.

لم يتمالك بن عبد الرحمن، نفسه وهو يرد على انشغالات النواب الذين أمطروه بوابل من الأسئلة خلال ثلاثة أيام من المناقشة حول القدرة الشرائية وعدم توفر سلع ضرورية للمواطنين. وقال مخاطبا النواب: “أتقدم باعتذار لكل رب بيت وربّة بيت وجدوا صعوبة في الحصول على بعض المواد واسعة الاستهلاك”، قبل أن يتوقف عن الحديث لثوان غلبته فيها الدموع، وهو مشهد قوبل بتصفيق حار من النواب. ولا يزال الوزير الأول يحظى بثقة أغلبية النواب. وحتى المعارضة البرلمانية ممثلة في حركة مجتمع السلم، تراجعت عن إيداع “ملتمس الرقابة” الذي يهدف لسحب الثقة من الحكومة، مبررة قرارها بأن الوقت غير مناسب، بالنظر لاقتراب موعد القمة العربية، وفقا لرئيس الكتلة البرلمانية لها أحمد صادوق.

ووعد بن عبد الرحمن في رده على انشغال النواب بأن “الدولة ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه اللعب بقوت الجزائريين وتهريبه لخلق جو من البلبلة ودفع الدولة إلى فتح الباب على مصراعيه للعودة إلى الاستيراد الوحشي الذي كان موجودا” من قبل. وأشار إلى أن كل المواد ذات الاستهلاك الواسع “متوفرة وبشكل كاف” مع وجود “مخزون إستراتيجي هام لكل المواد”، لافتا إلى أن لجنة التحقيق البرلمانية وقفت على هذا الوضع.

وأبرز الوزير الأول أن القدرة الشرائية للمواطن تظل في صلب اهتمامات السياسات العمومية، من خلال انتهاج سياسة للتجارة الخارجية تضبط الواردات ولا تكبحها، مضيفا أن ارتفاع الأسعار ليس خاصا بالجزائر، بل هو ظاهرة مسّت معظم دول العالم بما فيها النامية والمتطورة. وأضاف: “لا يمكن الحديث عن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لأي بلد، دون الحديث عن موضوع القدرة الشرائية للمواطن، الذي يبقى دائما في صلب اهتمامات السياسات العمومية”. وتابع: “لست بصدد التبرير، بل لأقدم توضيحات كي نساهم جميعا، كل فيما يخصه، من أجل ألا نترك مجالا للمغرضين للتسويد المقصود للوضع”.

تبريرات الحكومة

وعزا بن عبد الرحمن معدل التضخم المرتفع إلى زيادة تكلفة إنتاج السلع والخدمات، وضرب مثالا على ذلك بانتقال تكلفة نقل حاوية 40 قدما من الصين إلى الجزائر، من معدل 3.500 دولار في سنة 2019، إلى 20 ألف دولار في بداية 2022، أي بمعدل زيادة فاق 470%. ونفى المسؤول عن الحكومة تماما أن تكون السلطات قد أوقفت الاستيراد، وهو اتهام وجهه لها بعض النواب، مستدلا بكون فاتورة الواردات قد بلغت إلى غاية أغسطس الماضي، 26.5 مليار دولار، مقابل 24.5 مليار دولار في نفس الفترة من سنة 2021، وهو ما يدل بحسبه على أن الدولة لم تكبح أبدا الاستيراد.

وفي إحالة إلى فترة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، قال الوزير الأول إن مصالحه ستقف بالمرصاد لـ”الاستيراد الإجرامي” وإلى “الحاويات الفارغة” التي عرفتها الفترة السابقة، حيث “كنا نرى المئات من الحاويات تحتوي على الحجارة والنفايات تستورد بمئات الملايين من الدولارات مستنزفة لمقدرات الأمة من طرف من كانوا يريدون تركيع البلاد”. وكانت هذه الوسيلة تستعمل بكثرة من طرف مافيا الاستيراد لتهريب الأموال بالعملة الصعبة للبنوك الأجنبية، والاستفادة من سعر الصرف الرسمي المتاح للمستوردين.

وكان النواب في تدخلاتهم حتى من المحسوبين على الموالاة، قد نقلوا انشغالات المواطنين حول حياتهم اليومية التي باتوا يفتقدون فيها بعض المواد الأساسية مثل الزيت والحليب وعدد من الأدوية، ناهيك عن أزمة سوق السيارات التي توقف الاستيراد الرسمي لها منذ 3 سنوات، وأشاروا إلى الغلاء الفاحش الذي تعرفه المواد الاستهلاكية، هو ما أثر كثيرا على القدرة الشرائية للمواطنين.

وعد بن عبد الرحمن بأن الدولة ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه اللعب بقوت الجزائريين وتهريبه لخلق جو من البلبلة ودفع الدولة إلى فتح الباب على مصراعيه للعودة إلى الاستيراد الوحشي

قرار النيابة

وفي تبرير الحكومة لهذه الظاهرة،  اتهم وزير العدل عبد الرشيد طبي، في تصريح للتلفزيون العمومي، جماعات منظمة تسعى إلى زعزعة استقرار المجتمع ومؤسسات الدولة، بالوقوف وراء ظاهرة المضاربة وندرة بعض المواد الواسعة الاستهلاك.

وأوضح أنه “ثبت للجميع وبما لا يدع مجالا للشك، بأن هذه الأفعال (المندرجة في إطار المضاربة) أصبحت جرائم منظمة ترتكبها جماعات تسعى إلى زعزعة استقرار المجتمع ومؤسسات الدولة” من خلال ”زرع اليأس في نفوس المواطنين عبر ضرب قدرتهم الشرائية بصورة مباشرة”. وذكر الوزير أن المضاربة “انتقلت حاليا إلى مرحلة أخرى تتعدى رفع الأسعار، وهو ما يتأكد من خلال وجود قرائن ودلائل تدفع إلى الاعتقاد بأنها أضحت “أفعالا منظمة تهدف إلى ضرب استقرار الدولة مباشرة”. وكشف في نفس السياق، عن “ضبط شبكات تنشط في مجال المضاربة لها ارتباط بأفعال تهريب تتم على الحدود الغربية والشرقية”، ويؤكد ذلك الهدف الإجرامي للعملية، إذ “كيف لمواد نجدها متوفرة في دول مجاورة وحتى في فرنسا، أن تكون مفقودة داخل الجزائر وهي مواد مدعمة ومحمية بأطر قانونية منظمة؟”، وفق الوزير.

وفي إجراء لافت، طلبت نيابة الجمهورية على مستوى محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، من نيابات الجمهورية المحلية معالجة قضايا المضاربة غير المشروعة، على مستوى قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. واعتبر بيان للنيابة أنه في ظل تنامي ظاهرة المضاربة غير المشروعة في المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع، والرفع غير المبرر للأسعار بشكل يمسّ القدرة الشرائية للمواطن، وفي ظل المجهودات المستمرة التي تبذلها الدولة، من أجل توفير هذه المواد، فإن هذه الأفعال الإجرامية تعتبر ضربا للاقتصاد، وإجراما متعمّدا يقتضي التصدي له. وأشارت النيابة إلى إنها ستقدم التماسات بتسليط عقوبات مشدّدة ضد كل الأشخاص المتورطين في هذه القضايا وفقا للقانون.

وكانت السلطات الجزائرية، قد أصدرت قانون مكافحة المضاربة غير المشروعة في نهاية سنة 2021، على خلفية موجات ندرة مسّت بعض المواد الأساسية، في ظل وباء كورونا. وينص القانون الذي يحارب كل أشكال المضاربة على عقوبات مشددة تصل إلى 30 سنة سجنا نافذا في أوقات الكوارث والأزمات الصحية والحالات الاستثنائية.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول اسماء من المغرب:

    الجزاءر دولة غنية، فاقتصادها يعتمد اساسا على بيع الغاز والبترول. ونعرف ان اسعارهما اليوم في ارتفاع مهول. فاين تذهب عاءدات الغاز والبترول؟. المفروض ان الشعب الجزاءري يجب أن يعيش في بحبوبة مثل الشعوب الخليجية.

    1. يقول DJAAFAR GHERAB:

      سبحان الله هناك شعب يهمه اخبار الجزائر أكثر من الجزائريين نحن بخير والحمد لله

  2. يقول حدفاة حسن:

    فلاح عادي حين يبيع محصوله في السوق يعود لأهله بكل الضروريات وأيضا الكماليات من حلوى للأطفال. ربما قمح أو شعير أو فول. ألا يستطيع من يحمل ناقلة من الغاز وبالآلاف من الأطنان أن يعود لأهله بعشرات الأطنان من المواد الضرورية ولو في سفيفينة.

  3. يقول صلاح الدين المغاربي:

    الحلّ في النذرة واضح و معروف. بدَل تدعيم الأسعار ينبغي مساعدة العائلات المحدودة الدَخْل. ساعتها تزول النذرة و معها الطوابير.

  4. يقول عبد الباقي:

    الحل الدائم هو رفع الدعم العام و تبديله بالدعم الموجه بحيث كل محتاج يأخذ ما يستخقه من الدعم نقدا .
    الإحصائيات تقول أن الدولة تصرف 17 مريار دولار في كل سنة علي الدعم العام .
    في حال إستعمال الدعم الموجه سوف تنخفض هذه الميزانية الي 7 مليار فقط.

  5. يقول يوسف:

    الحل هو الإبتعاد عن الصراعات الخارجية المسلحة وتوفير تروة الشعب لمصلحة الشعب بدل التسابق نحو التسلح لا يعقل دولة تبيع اغلى مادة وهي عصب الاقتصاد العالمي بمليارات الدولارات تم تصرفها في التسلح ودعم الجماعات المسلحة والإنقلابات العسكرية وتترك الشعب يعاني من قلة المواد الأساسيةة

  6. يقول حدفاة حسن:

    هو أصلا ما فيها لا غاز ولا ذهب ولا دعم هو إن يعلم الله في قلوبنا خيرا يوؤتين خيرا وصدق الله العظيم.

  7. يقول عبد الرحيم المغربي .:

    رئيس الحكومة عندما يبكي فهو يعلن من ناحية عن حقيقة وواقع حاول الإعلام الرسمي التستر عنه بكل سبل المزايدة…ويكشف في نفس الوقت عن محدودية الوسائل المعتمدة في توفير الضروريات للمستهلك…؛ ولكنه عندما يلقي باللوم على من سبقه…وعلى المضاربين…وعلى سوء التوزيع…. فإنه يداري حقيقة عمق الأزمة التي تم التأسيس لها منذ الستينات….عندما تسلطت الديماغوجية على الواقعية…وتم اخضاع قطاع الزراعة الموروث عن الإستعمار…والذي كان قطاعا انتاجيا وتصديريا ضخما… إلى مختبر التجربة الايديلوجية تم مسمى الثورة الزراعية….فانتهى الأمر إلى فقدان أهم عنصر في التطور الزراعي والأمن الغذائي…وهو الفلاح…الذي هجر الأرض…وقطع سلسلة توريث المهنة لأولاده واحفاده….؛ ولم يشعر المواطن بفداحة الخسارة إلا حين وجد نفسه بدون مقدمات بعد طفرة أسعار البترول في السبعينات… أمام واقع ضعف الإنتاج الذاتي….وارتفاع الحاجة إلى الاستيراد لكل شيء كان بالإمكان إنتاجه محليا….وبعد تكسير حلقة الفلاح وثقافة الفلاحة…كان من البديهي أن تنكسر باقي حلقات الإنتاج والتوزيع…

  8. يقول عبد المجيد فرنسا:

    اقترح على الحكومة الجزائرية ان تفتخ الحدود المغربية و سنغرق سوقها بالمواد الغذائية بأسعار معقولة و ارخص بكثير من السلع الاوروبية و الصينية و الروسية.

  9. يقول Ahmed HANAFI اسبانيا:

    حولوا انظاركم نحو دولة اسمها السنغال. لا تملك حقولا للغاز ولا ابارا للبترول، لكنها تحقق كل عام معدلا للنمو يفوق بكثير ذلك الذي تحققه الجزاير.

    السنغال توجد في منطقة جغرافية تحبل بالصراعات والأزمات والانقلابات، لكنها تعيش سلما اجتماعية واستقرارها سياسيا. الانتخابات فيها دورية ونظام الحكم فيها ليس مغلقا ولا حكرا على أحد. الحكم في السنغال تتداول عليه القوى السياسية التي تحظى بثقة الناخبين.

    نصف المعيشة ليس بترولا ولا غازا، نصف المعيشة تدبير كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم.
    فانظروا من وكيف يدبر اموركم؟؟.

    1. يقول Ali:

      و كيف تدبر الأمور في المملكة و…

  10. يقول عبد الغني:

    نحن نهتم لمواطنينا ونحس بما يعانونه ” ومن لم يهتم لأمر المسلمين فليس منهم” كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فما بالك بولي أمرهم.

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية