قد لا تكون هناك ضرورة حتمية للحديث مجدداً عن مقالب رامز جلال السنوية في شهر رمضان المنقضي، تلك التي أصبحت واحدة من مكونات التسلية المفروضة على الجمهور المصري والعربي بسياسة الأمر الواقع، حسب اختيارات الشركة المنتجة والجهات المتحمسة لهذا النوع من البرامج الخفيفة، ذات العائد الإعلاني الضخم، حيث لا حجة ولا مبرر لاستمرار البرنامج طوال هذه السنوات، سوى الحسبة الاقتصادية الربحية التي تقوم عليها الفكرة بالكامل، والتي تجعل بطل المقالب الممثل الشاب مُكتفياً بهذا القدر من العطاء والأداء، راضياً تماماً عن نفسه، بل معتقداً أنه أحد كبار النجوم، الذين برعوا في شغل الرأي العام وأثاروا ضجة إعلامية كبيرة بما قدموه من إسهامات فنية مختلفة.
ولا شك في أن هذه القناعة هي الدافع وراء إصرار رامز للمضي قُدماً في هذا الخط الترفيهي النوعي، المثير والمستفز، خاصة أن الحلقات التي تم تقديمها هذا العام بعنوان «رامز عقله طار» لم تخرج قيد أنمله عن فكرة توريط الضيوف من النجوم في دخول اللعبة الخطرة، التي تُفرض عليهم بسياسة الأمر الواقع فيكون رد الفعل من جانبهم وحالة الترقب من جانب الجمهور هما مقياس التفاعل، ونجاح الحالة الكوميدية المُفتعلة والمصنوعة لاستغلال نجومية الضيف، أو الضيفة، بغض النظر عن مدى استساغة وقبول اللعبة الطريفة التي تتكرر يومياً بحذافيرها بالإيقاع والآلية نفسهما، مع احتمالات الخطر الواردة في كل مرة ومع كل ضيف، إذ يتم إسقاط النجم أو النجمة من ارتفاع لا يقل عن عشرة أمتار داخل حمام السباحة، وعند لحظة الارتطام تتحقق لحظة النشوى المُرتقبة في فكرة البرنامج العبقري.
وقبل نهاية الحلقة تتم المواجهة، ويكشف الممثل المُغامر عن شخصيته الحقيقية، فتحدث ردود الأفعال الصبيانية، وتتولد كوميديا الموقف حسب التصور البدائي والساذج لصُناع الحلقات، وأصحاب القرائح الإبداعية النابهة، وللمزيد من الاستخفاف بالمخاطرة والاستهانة بالتجربة الصعبة يردد الضيف بعد استرضائه الجملة الاعتيادية الساخرة «رامز جلال خلاها خل وجابنا هنا علشان نتبل» وبهذا يُسدل الستار وتنتهي اللعبة ويبقى الجمهور في انتظار نجم آخر ومحاولة أخرى.
ما يدعو للتوقف قليلاً أمام البرنامج، الذي كاد أن يتحول إلى ظاهرة هو ذلك الاستثمار الآخر له في السينما بشكل دوري وعلى مدار سنوات، حيث الارتباط الشرطي بين نجاح البرنامج وانعكاساته الجماهيرية خلال شهر رمضان.
الحلقات تنوعت هذا العام في أبطالها ونجومها، ما بين عرب ومصريين، وممثلين ورياضيين، وهي محاولة لتغليب الطابع العام للفكرة، فلا تكون مقصورة فقط على النجوم المصريين وحدهم، وقد نجحت عملية الدمج بالفعل بين الحالة الكوميدية بنكهتها المصرية، ومثيلاتها من الحالات العربية الأخرى، لكن رغم الحرص على وجود النجوم العرب، إلا أن الحضور الأقوى كان للنجوم المصريين، خاصة الكوميدي منهم باعتبار توليفة البرنامج بالأساس كوميدية، وتستدعي تركيزاً على هذا الجانب، وبناءً عليه كانت حلقة محمد هنيدي، على سبيل المثال، من الحلقات ذات التأثير القوي جماهيرياً، لما يتمتع به هنيدي من شعبية، وما مثلته ردود أفعاله من خفة ظل، أضف إلى ذلك حلقة نهله سلامة التي كانت محل اهتمام، كونها النجمة التي لم تظهر منذ فترة طويلة في البرامج التلفزيونية ومُقلة إلى حد ما في أعمالها السينمائية والدرامية، غير أن هناك نوعيات من النجوم الشباب كنجوم مسرح مصر، كريم عفيفي وويزو وغيرهم، تتفق طبيعة أدائهم وعلاقتهم الكوميدية بالجمهور مع طبيعة الحلقات، وجو الإثارة والأكشن، ولزوم ما يلزم من تضمينات الخلطة المعهودة لبرنامج رامز بالكيفية المعتادة والمُتفق عليها.
ما يدعو للتوقف قليلاً أمام البرنامج، الذي كاد أن يتحول إلى ظاهرة هو ذلك الاستثمار الآخر له في السينما بشكل دوري وعلى مدار سنوات، حيث الارتباط الشرطي بين نجاح البرنامج وانعكاساته الجماهيرية خلال شهر رمضان، والاستغلال الإنتاجي من جانب صُناع السينما الخفيفة الذي باتوا يحرصون في كل عام على وجود بطولة مُطلقة لرامز جلال في فيلم يقترب في أجوائه الكوميدية من الإثارة والرعب والقلق، كأنها إعادة إنتاج للبرنامج بصيغة مختلفة، وبمعطيات سينمائية، للرهان على حالة التفاعل السارية في الشارع المصري بين جمهور المراهقين من هواة سينما الأكشن والكوميديا، والباحثين عن تلك الثنائية في فيلم العيد الذي ينتظرونه كل عام، ويدخرون له العيدية وفق الحسابات المتوقعة، وبمقاييس التجارب السابقة، وبالفعل استطاع رامز جلال أن يحصل على فرصة إضافية في بطولة فيلمه الجديد «أحمد نوتردام» مع غادة عادل وحمدي الميرغني وخالد الصاوي وشيماء سيف وبيومي فؤاد وانتصار ومحمد ثروت، وهو تنويع على الفيلم العالمي الشهير «أحدب نوتردام» ليدخل به سباق الأفلام المحدود هذا العام، ليس في دور العرض المُغلقة جراء تأثيرات كورونا السلبية، لكن على منصات السوشيال ميديا، التي أصبحت تمثل في حد ذاتها دور سينما أون لاين تعرض الأفلام، وتستقبل جمهور المشاهدين وتسجل نسب التفاعل والزيارات المتوالية للمواقع، كما أنها ترصد أيضاً حجم العائدات الإعلانية وتقدر مُعدلات الدخول والأرباح.
كاتب مصري
بالتأكيد مفهوم الكوميديا لاينطبق من قريب أو بعيد على هذا البرنامج. إذ إنه أقرب إلى ما يسمونه في مصر بالهلس الذي يراد منه تحطيم آخر ما تبقى من قيم وأخلاق وعقل لدى شعوب الأمة، وإلهائها عن قضاياها الأساسية. ومع السفه الذي يمارسه الأعراب في إنفاق مال الله في هذا الانحطاط والابتذال تبشرنا الأمور بهزائم أقسى وأعتى مما مر بنا. الآخرون يخصبون اليورانيوم ونحن نخصب الهلس ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . عاشت القدس حرة. المجد للمرابطين والشهداءوالمفاومين!