الموصل- أ ف ب- في شوارع حي الشقق الخضراء في شرق الموصل الذي طرد الجهاديون منه السبت، تخرج النساء من المنازل ويطلقن الزغاريد ترحيبا بالقوات العراقية، فيما يتنقل آخرون حاملين رايات بيضاء مماثلة لتلك المرفوعة فوق البيوت.
في الحي نفسه، يفتح الحاج السبعيني ابو محمود ابواب متجره الصغير قائلا لوكالة فرانس برس “فتحنا المحل لأن الجيش وصل وانتهينا، استقبلناهم بالزغاريد والورود، ورفعنا لهم الأعلام البيضاء لنؤكد أننا مسالمون”.
يقاطعه المقدم في قوات مكافحة الإرهاب ثائر الكناني بالقول “نحن طلبنا منهم رفع الأعلام البيضاء، ولكن رغم ذلك دخل عليهم الدواعش واستخدموا منازلهم وجوامعهم”.
لا يأبه أبو محمود، كما غيره من سكان الحي، بإطلاق النار المتقطع وأصوات الانفجارات التي تهز المنطقة بين حين واخر، مؤكدا “لن ننزح من هنا، الوضع بات آمنا”.
في شارع مجاور، ينظف مواطنون منازلهم ويلوح آخرون للقوات الأمنية المارة قربهم.
يركض الأطفال خلف السيارات العسكرية، يرفعون شارات النصر فور رؤيتهم جنديا بلباس عسكري أو صحافيا يحمل كاميرا.
– ينصركم وينهيهم
بين المارة، امرأة تحمل كيسا بيد، وفي الأخرى راية بيضاء تلوح بها.
داخل أحد المنازل المكتظة، تتجمع النسوة في غرفة واحدة.
تقول ريما العشرينية “البارحة عند الساعة الواحدة ظهرا، تخلصنا منهم وتحررنا. وأخيرا أريد أن أكمل دراستي الجامعية”.
تقاطعها والدتها أم أحمد حمداني “هذا ليس منزلنا، نحن سبع عائلات في البيت نفسه، بعدما دخل علينا الدواعش البارحة وطردونا من البناية المجاورة التي نسكن فيها”.
وتتابع “دفنا موتانا في الحدائق، أمس الأول دفنا ثلاثة، وأمس اثنين”.
وقرب المنزل، تتصاعد أعمدة دخان أسود تغطي ملامح مجموعة من السكان الذين يتنقلون حاملين حاجياتهم ورايات بيضاء.
مع اشتداد المعارك قبل يومين، رفعت أم أكرم جوادية (54 عاما) راية بيضاء فوق منزلها.
تعرب هذه المراة عن خشيتها على أبنائها الأربعة الذين طلبتهم القوات الأمنية للتحقيق، بعدما عانوا لأكثر من عامين من التعذيب على يد تنظيم الدولة الإسلامية، حسب قولها.
وتضيف “قبل أن يأتي الدواعش، كان ابني منتسبا في الجيش. لم نغادر وكانوا يأتون يوميا تقريبا للتحقيق مع اولادي الأربعة، وبت أخاف عليهم كثيرا”، مضيفة “ان الجيش يحقق معهم، لا أستطيع سوى ان اقلق عليهم”.
ترى أم أكرم اثنين من أبناء جيرانها عائدين بعد التحقيق، فتبكي أملا بعودة أبنائها أيضا.
تركض مسرعة مع نساء عائلتها لتفتح أبواب منزلها، وتبدأ بإطلاق الزغاريد أثناء مرور موكب قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق عبد الغني الأسدي في المنطقة.
تتعالى أصوات الترحيب، فتبدأ النساء بالتهليل “الله ينصركم، الله ينهيهم، يا هلا يا هلا بالعراق”.
يقول الأسدي لوكالة فرانس برس “حقق هؤلاء السكان النصر نفسه الذي حققناه نحن، فقد وفروا لنا المعلومات وساعدونا، كما التزموا بالتعليمات التي اعطيناها لهم”.
-“أنا مريم أمين اسماعيل”
بعيد السيطرة على حي الشقق الخضراء، بدأت قوات مكافحة الارهاب “تطهير” المنطقة من عناصر تنظيم الدولة الاسلامية، وفق ما يقول لفرانس برس الملازم ناصر الركابي من “فوج الموصل” التابع لقوات مكافحة الإرهاب.
ويضيف “هناك أشخاص يتعاونون معنا من داخل الأحياء المحررة، سنعتمد عليهم اليوم لتحديد من هم الدواعش وما هي الطرقات المفخخة”.
وشاهدت مراسلة فرانس برس ثلاث جثث لجهاديين وعناصر من القوات الأمنية تلقي القبض على عدد من الشبان.
ويوضح الكناني أن “هؤلاء جنود استخبارات يلقون القبض على المتعاونين مع داعش، نأخذهم للتحقيق وإذا ثبتت إدانتهم نحيلهم إلى القضاء”.
يقول أحد السكان، رافضا كشف اسمه، “كل اسماء الدواعش موجودة لدى الجيش، هناك اشخاص متعاونون مع القوى الأمنية والشرطة، وأعطوهم كل الاسماء”.
تتلفت الحاجة مريم أمين اسماعيل يمنة ويسرة بحثا عن صحافية لبنانية أبلغها جيرانها أنها موجودة في المكان.
تركض اسماعيل مسرعة إلى الصحافية، تعانقها مرددة “هذه بنت بلدي، هذه بنت بلدي”.
تعيش المرأة المتحدرة من البقاع الغربي (في شرق لبنان) منذ 50 عاما في الموصل.
تقول “قصتي طويلة جدا، طمنوا أهلي عني، قلبهم مثل النار علي، أنا مريم امين اسماعيل”.
انه العراق
سيعود حرا عربيا ابيا كما كان
شعب واحد ومن دخل بينهم ليفرقهم خرج خائبا ذليلا
شكرا غادة