أحدث الجماعات التي ظهرت في المشهد العراقي، جماعة أطلقت على نفسها تسمية «ربع الله» وكلمة ربع في العامية العراقية تعني جماعة، أي إنهم (جماعة الله). سلوكيات هذه المجموعة وخلفيات أفرادها الاجتماعية والعقائدية تختلف نوعا ما عن بقية الجسد السياسي المطروح في مضمار الفعل السياسي. قيادة المجموعة غير معلنة بشكل واضح، طريقة عمل وتحشيد الأنصار في هذه المجموعة تكاد تكون مخفية، لكن الشيء الأبرز هو تشابه عمل المجموعة مع عمل ما يعرف بقوات تعبئة الفقراء والمستضعفين، أو الباسيج الإيرانية. فلماذا ظهرت هذه المجموعة الآن؟ وما هي الأدوار المنوطة بها؟ وما هي الفصائل الداعمة لها؟ وهل هي مجرد ميليشيا تضاف إلى قائمة الميليشيات الولائية في العراق؟
جماعة قوات تعبئة الفقراء والمستضعفين، وبالفارسية «سازمان بسيج مستضعفين» التي باتت تعرف اختصارا باسم «الباسيج» هي ميليشيا شبه عسكرية أنشئت تزامنا مع المد الثوري المصاحب للهياج الذي حدث إبان الثورة الإيرانية، وقد أسسها السيد الخميني في نيسان/إبريل 1980، وكانت تتبع بشكل مباشر لمكتب المرشد الأعلى، وتأتمر بتوجيهاته، وقد كلفها بمجموعة مختلفة من المهام. ويمكننا ملاحظة قرب هذه المجموعة من الحرس الثوري الإيراني (الباسدران) وربما يعدها البعض جزءًا من تشكيلته، أو فصيلا تابعا له، لكن الواقع على الأرض يشير إلى أن لها مهام مختلفة ومتنوعة.
وقد لعبت قوات الباسيج دورا مهما في حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران، وبشكل خاص فيما عرف بالهجمات البشرية، إذ كان مقاتلو هذه الميليشيا يرمون بانفسهم في أتون الحرب طلبا للموت، الذي يعتبرونه «استشهادا». لكن بعد انتهاء الحرب وتحول هذه الميليشيا إلى مهام أخرى، مثل تحولها إلى نوع من شرطة الأخلاق، مسؤوليتها مراقبة المجتمع والتأكد من الالتزام بقواعد السلوك الإسلامية، بدأت قيمتهم الاعتبارية في المجتمع الإيراني بالتدني، إذ تحول أفراد الباسيج من مقاتلين وحماة للوطن، إلى نوع من عصا السلطة الغليظة التي سلطت على معارضي النظام من الشباب والطلبة، ووفقا لصحيفة «نيويورك تايمز» فإنه بعد الاحتفالات العفوية لتأهل إيران إلى كأس العالم 1998 ثُمّ الاحتجاجات الطلابية في تموز/يوليو 1999؛ شعرت الحكومة بأنها فقدت السيطرة على الشارع، فكان تطوير قوّة الباسيج أمرًا ضروريًا حينها. وتحولت هذه الميليشيا إلى قوة ساندة لشرطة مكافحة الشغب الإيرانية، وأنصار حزب الله، الذين كان لهم دور نشيط في قمع المظاهرات الطلابية في إيران. بعد استلهام تجربتي الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني، في إنشاء الحشد الشعبي العراقي، اعتقد بعض ساسة الشيعة في العراق أن الأوان قد حان لاستلهام تجربة الباسيج، المعتمدة على تجنيد مجاميع من مقاتلي الحشد الشعبي، الذين يحظون باحترام المجتمع نتيجة الدور البطولي الذي قاموا به، على أن يتم الاختيار من بين الأشخاص محدودي الوعي، ذوي المستويات التعليمية المتدنية، الذين يتحلون بطاعة عقائدية صارمة لتحويلهم إلى باسيج عراقي، مقابل منحهم بعض الفوائد كالمرتبات والمميزات البسيطة.
استغلت بعض الميليشيات الولائية قوتها المسلحة في ضرب الحراكات الشعبية العراقية، الرافضة للوضع المأساوي في العراق
استغلت بعض الميليشيات الولائية قوتها المسلحة في ضرب الحراكات الشعبية العراقية، الرافضة للوضع المأساوي في العراق، وقد ظهرت هذه الحالة أولا في مدن الجنوب والوسط ذات الاغلبية الشيعية، مثال ذلك ما حصل في حركة الاحتجاجات الشعبية في محافظة البصرة جنوب العراق عام 2018، إذ تم تشكيل ما عرف حينذاك بـ»قوات التعبئة الاحتياطية الطوعية» من فصائل الحشد الشعبي، وقد وصفت هذه القوات بأنها ذات مهمات خدمية، إلا إنها شاركت في قمع المحتجين، مع قوات مكافحة الشغب الحكومية، بدعوى أن هنالك مندسين ومخربين استغلوا الانفلات وقاموا بإحراق القنصلية الإيرانية في البصرة، ما دفع بـ»قوات التعبئة الاحتياطية الطوعية» للمشاركة في قمع المحتجين بالهراوات والسكاكين، وحتى إطلاق الرصاص في بعض الحالات. لكن الظهور الأوضح لتورط بعض الفصائل الولائية في قمع وخطف واغتيال المعارضين في العراق، تجلى مع تصاعد انتفاضة تشرين 2019، إذ وجهت أصابع الاتهام لبعض الفصائل، وفي مقدمتها كتائب حزب الله العراقي، التي اتهمت بالتورط في عمليات قنص المحتجين، أو اغتيالهم، أو خطف الناشطين وتغييبهم، كما تجدر الإشارة إلى ظهور بعض التجمعات التي تبنت في البدء مسؤوليات تنظيمية وخدمية في ساحات الحراك، وهي في الأصل تابعة لفصائل شيعية، مثل مجموعة القبعات الزرق التابعة للتيار الصدري، التي تحولت لاحقا إلى نوع قريب الشبه من ميليشيا الباسيج الايرانية، ودورها في قمع التظاهرات الايرانية، إذ هاجمت مجاميع القبعات الزرق الصدرية ساحات التظاهر بالسكاكين والهراوات، إثر الخلاف الذي نشب بين التيار الصدري والمنتفضين.
ظهور هذه الفصائل المشابهة للباسيج الايراني تجلى بشكل واضح في الحوادث التي حصلت منذ كانون الثاني/يناير 2020 وحتى الان، بدءًا بالهجوم على السفارة الامريكية في بغداد، ومحاولة اقتحامها وإحراقها، ومن ثم المشاركة في عمليات هجوم على محطات تلفزيونية، أو مؤسسات حزبية وحكومية مختلفة، إلا أن التبلور الأوضح لظهور ما يمكن تسميته الباسيج العراقي، كان في الإعلان عبر منصات التواصل الاجتماعي أو التلغرام، أو اليوتيوب عن ظهور مجموعة باسم عراقي محلي هو (ربع الله). هذه المجموعة يصفها احمد عبد السادة في لقاء تلفزيوني، وهو صحافي يعرف نفسه بأنه مقرب من مجموعة «ربع الله» فيقول؛ إنها» حركة شعبية عفوية محبة للحشد الشعبي، تحاول تصحيح أخطاء السياسيين الشيعة بالاساس، عبر الرد على الاتهامات والتطاول والتهجم على فصائل الحشد الشعبي، الذي اطلقته جهات من حراك تشرين». ويضيف عبد السادة «بل هاجم المخربون مقرات فصائل الحشد، كما قتلوا شخصيات كان لها دور كبير في معارك الشرف التي خاضتها فصائل الحشد، عندما حمت العراق من هجمات عصابات «داعش» كما حصل مع الشهيد القائد وسام العلياوي في محافظة ميسان. ولأن حكومة مصطفى الكاظمي تمول عصابات تشرين، كان لابد لحركة «ربع الله» من الوقوف بشكل صلب بوجه كل هذه المحاولات».
وقد نفذت جماعة «ربع الله» مؤخرا عدة أعمال، ما أدى إلى تسليط الضوء عليها، إذ يصفها خبراء الجماعات الإسلامية بأنها مجموعة حديثة التشكيل، لكنها منظمة بشكل يوحي بأنها مرتبطة بجماعات أقدم وأكثر تنظيما، ويسود اعتقاد كبير أن هذه الجماعة تابعة أو مرتبطة بميليشيا كتائب حزب الله العراقي، وقد يكونون فرعا من مديريتهم الإعلامية، وحسب خبير الجماعات المسلحة العراقي، سلمان دهام، فإن «هجمات هذه المجموعة تحمل نسقا واحدا، فهي تبدأ بالتحريض من خلال عشرات الحسابات الوهمية على منصات التواصل الاجتماعي، للإيحاء بأن القضية التي تهاجمها مطلب شعبي، وتنتهي بإحراق مقرات أو قنوات فضائية تعتبر معادية لها». وربما كان الجانب الأخطر في الأمر، هو تورط هذه المجموعة مع ما بات يعرف بـ»خلايا الكاتيوشا» التي تطلق صواريخها على الهيئات الدبلوماسية، وأماكن تواجد القوات الامريكية العاملة في العراق. وربما كان الاسم الاهم الذي يتردد مع ذكر مجموعة «ربع الله» هو حسين المالكي، المعروف بـ»ابو خميني» وعلى الرغم من كونه شابا صغير السن، إلا أن «ابو خميني» يعد اليوم من بين أهم الشخصيات المدعومة إيرانيا في الساحة العراقية، فقد أسند إليه منصب المنسق العام لحزب الله العراقي، إضافة إلى منصب مسؤول استخبارات قوة «حزب الله» الموجودة بشكل مكثف في منطقة «جرف النصر» في محافظة بابل، التي تعد أحد المعاقل المهمة والبارزة للمليشيات المقربة من إيران.
ومن أبرز العمليات التي نفذتها جماعة «ربع الله» عملية إحراق قناة «دجلة» طرب التلفزيونية، وتكسير معدات القناة لانها كانت تبث أغاني في ايام محرم، كما هاجم ملثمون تابعون لـ»ربع الله» قناة «أم بي سي عراق» نتيجة تصريحات لم ترض إحدى الميليشيات الشيعية المقربة من هذه المجموعة، وكذلك ردت هذه المجموعة على تصريح هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي الاسبق، والقيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، باحراق مقر الحزب في بغداد، إذ دعا زيباري في لقاء تلفزيوني حكومة الكاظمي للحد من النفوذ الميليشياوي في المنطقة الخضراء، لضمان أمن البعثات الدبلوماسية الدولية، فما كان من مجاميع مقربة من «ربع الله» أن أطلقت حملة تهديدات وشتائم على السياسيين الكرد، وحددت موعدا علنيا على تويتر لمهاجمة مقر الحزب الكردستاني، وهذا ما تم فعلا، وأجهزة الحكومة واقفة تتفرج، من دون أن تتخذ أي اجراء ضد من قاموا بهذه الاعمال، بل تطور الامر مؤخرا وتحول أفراد هذه المجموعة إلى نوع من شرطة الأخلاق، إذ أخذوا يهاجمون محلات المساج في بغداد ويكسرونها، وينهالون على العاملين فيها ضربا بالهراوات، تحت ذريعة تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية، ويتم تصوير هذه الهجمات بالفيديو لتبث على اليوتيوب، وعلى منصات التواصل الاجتماعي المقربة من «ربع الله». فهل بتنا وفق هذا الحراك الميليشياوي بالقرب من التعامل مع الباسيج العراقي؟
كاتب عراقي
أقول للبعض من شيعة العراق: منكم وإليكم؟
الإيراني يتباهى بقوميته
التركي أردوغان أيضا يتباهى بقوميته و الا ما دخله في أذربيجان “الشيعية” .
الميليشيات الطائفية في العراق تتكاثر أكثر من فيروس كورونا !!
أردوغان كان إسلامي وأصبح إسلامي قومي بسبب شراكته مع الحزب القومي!
نعم أذربيجان شيعية, لكنها تركية القومية, ولهذا وقف معها أردوغان, لم تقف معها إيران!! ولا حول ولا قوة الا بالله