رثاء واقع الإعلام العربي

حجم الخط
1

للإعلام حظوة لا مثيل لها في المجتمعات المتحضرة وحتى المتخلفة، وهنا يكمن الفارق وتتجلى الهوة الشاسعة في مستوى ضبطه واستخدامه ومحاولة تكييفه كل حسب درجة وعيه وثقافته وكذا انحطاطه.
ومع بزوغ فجر ‘الربيع العربي’ يلمس المتتبع لواقع الإعلام عربيا (اقصد) تطورا ملحوظا في طريقة التعاطي مع هذا ‘السلاح الفتاك’ فنجد ‘زعماء’ يلقون باللوم على ‘تحامله وتزييفه للحقائق’ في ما آلت إليه مصائرهم ومستقبلهم في التشبث بكراسي الحكم لفترات طوال.
كما تسلق أناس عاديون عبره درجات سلم الشهرة وحتى المجد مواكبين آو ‘راكبين’ صهوة الثورات، غير آن اللافت للنظر وبعد كل هذه التغيرات التي صاحبت هذا ‘الربيع’ (الذي استحال خريفا) ومعها صعود التيار الإسلامي بسرعة الصاروخ معلنا نفسه رقما صعبا لا يتزحزح مستثمرا على نحو ذكي كل المؤشرات (الايجابية لصالحه طبعا) يمكن القول آن ‘ريما عادت إلى عادتها القديمة’ بمعنى اصح تم تجاوز الحديث عن جدوى سلاح الإعلام ونجاعته (كما كان ذلك أول الأمر) ليصبح مرهونا بمدى قدرته على كسر الحواجز والألغام المزروعة في طريقه لثنيه ولجم طموحاته ‘الفضفاضة’ ليعود السؤال العريض ذاته ‘حرية التعبير’ ذلك الشعار ‘الهرم الذي يراوح ذاته حتى قبل ثورات العرب الحالية، واختزالا لكل ما سبق وكمثال حي بل وصارخ في هذا الشهر فقط وفي ظرف قياسي (أسبوع بالتمام والكمال) ‘اهتز’ (رغم أنها كلمة كبيرة) الإعلام العربي على وقع ثلاث حالات تلخص الواقع المزري والصراع الشرس الذي تدور رحاه حاليا بين قوى السلطة الممثلة في ‘الإسلاميين’ وبين وجوه إعلامية بارزة، فما معنى آن تتوقف الإعلامية والصحفية المغربية ‘فاطمة الإفريقي’ عن تحرير عمودها الأسبوعي في إحدى الجرائد المحلية المغربية (جريدة أخبار اليوم ) وهي المحتجبة عن الظهور تلفزيونيا منذ فترة ليست بالقصيرة دون آن يشفع لها الكم الهائل من البرامج الناجحة نقديا وشعبيا بعد تلقيها تهديدات تستهدف النيل من سلامة فلذات أكبادها في سابقة خطيرة تفتح الباب على مصراعيه للعديد من التساؤلات المشروعة حول واقع ومستقبل الإعلام في المغرب وأثار هذا الموضوع استياءا شعبيا عارما كانت مواقع التواصل الاجتماعي مسرحا للتعبير عنه، وبعد هذه ‘الواقعة المخزية’ سيكون الإعلامي المصري المميز آو الحالة الفريدة الرائعة الدكتور باسم يوسف هو الآخر على موعد مع منعطف حاسم في صراعه المستمر مع النظام المصري الجديد بعد سيل التهم الموجهة له بازدراء الدين الإسلامي وإهانة الرئيس مرسي، في أسلوب ولعبة باتت خيوطها مكشوفة للجميع مسعاها الرئيسي يهدف إلى تقييد خطواته وعرقلة مسيرة برنامجه الساخر الناجح جدا ليبقى السؤال المطروح: هل اختار باسم يوسف التوقيت ‘الخطأ ‘ ومع السلطة ‘الخطأ ‘ للترويح عن المجتمع المصري ؟
ومتى سنرتقي في تفكيرنا لمصاف الآخرين الذين يشدون على أيدي المبدعين من فئة صاحب برنامج ‘البرنامج’ ودعمه؟، وغير بعيد عن المحروسة وجوها المتشنج قبل ايام تعرض الزميل و الإعلامي المميز اليأس كرام لاعتداء شنيع أثناء تغطيته لفعاليات يوم الأرض الفلسطيني، في لقطات ‘بشعة ‘ تناقلتها وسائل الإعلام و رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأسى كبير، إذ كيف يتم التعامل مع إنسان وهب نفسه لخدمة القضية الفلسطينية التي تسعى جاهدة جل الفضائيات العربية ‘لتجاهلها’ بل وتصفيتها؟ (دون مبالغة)، قطعا هي حقيقة مرة وعصية على الاستيعاب فقد كان من المفترض تكريم وتشجيع كل هذه الطاقات السالفة الذكر وأخرى كذلك بدل التفنن في ‘إهاناتها’ وثنيها عن استكمال المشوار وإيصال الرسالة السامية للإعلامي الحر والأصيل، نعم يجوز وصفه ‘بالأسبوع الأسود’ لأقطاب الإعلام العربي الأحرار مما يحيلنا على ضرورة تجاوز بيانات الشجب والتنديد والاستنكار كي يتم وضع حد لهذا المسلسل الكئيب والمروع لان القادم سيكون اشد قتامة إن واصلنا السير على هذا المنوال ..

كاتب وصحفي مغربي
Almotamarid

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابو الامير:

    الاعلام العربي اسوء بكثير مما ذكرت،لقد ذكرت 3 امثال وهي تمثل جزء بسيط، ولكن الاسوء لم يذكر بالمقال، الاعلام العربي الفاسد مادي ومعنوي ولا يوجد دولة او مؤسسة يمكنها من اصلاح الاعلامي العربي المتردي والسئي،وواضح بان الامور تتراجع الى الخلف.

إشترك في قائمتنا البريدية