أنقرة – “القدس العربي”: هددت وزارة الدفاع التركية بأنها “ستحاسب عاجلاً أم آجلاً” منفذي الهجوم على القنصلية التركية في الموصل وذلك في أحدث حلقة من مسلسل التصعيد العسكري والسياسي بين أنقرة وبغداد على خلفية هجوم دهوك الذي خلف 9 قتلى مدنيين واتهمت العراق تركيا بتنفيذه التي نفت بدورها الاتهامات وطالبت بلجنة تحقيق مشتركة.
وليل الثلاثاء، استهدف هجوم بأربعة صواريخ مبنى القنصلية التركية في مدينة الموصل شمالي العراق، حيث اكدت مصادر تركية وأمنية عراقية مختلفة أن الصواريخ سقطت في محيط المبنى وخلفت أضراراً طفيفة في الحي دون تسجيل وقوع قتلى أو جرحى.
الهجوم على القنصلية التركية جاء بعد أيام من هجوم استهدف منتجع سياحي في دهوك شمالي العراق أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 23 آخرين جميعهم من المدنيين، حيث اتهم مسؤولون عراقيون كبار وقيادة أحزاب سياسية تركيا بالمسؤولية عن الهجوم وهو ما نفته أنقرة بشكل قاطع واتهمت تنظيم بي كا كا بتنفيذه وطالبت بلجنة تحقيق مشتركة.
وفي بيان شديد اللهجة، هددت وزارة الدفاع التركية باستهداف المسؤولين عن الهجوم الذي أدانته وطالبت السلطات العراقية بمحاسبة المسؤولين عن الهجوم الذي وصفته بـ”الدنيء” فوراً، وجاء في البيان: “عاجلاً أم آجلاً، سيُحاسب الإرهابيون الذين نفذوا هذا الهجوم”، وأضافت الدفاع التركية: “سنهدم أفخاخ الإرهابيين على رؤوسهم، وسندفنهم في الخنادق التي حفروها مع أحلامهم بإغراق المنطقة بالدماء”، معتبرة أن هذا الهجوم “أظهر مجدداً من الذي يستهدف المدنيين”، وعبرت عن انفتاحها على التعاون مع الجانب العراقي في الحرب على الإرهاب وضمان أمن الحدود.
والأربعاء أيضاً، أدانت وزارة الخارجية التركية بشدة الهجوم على قنصليتها العامة بمدينة الموصل العراقية، وأعربت عن أملها في تقديم المسؤولين عنه للعدالة بأقرب وقت. وجاء في البيان: “ندعو السلطات العراقية للوفاء بمسؤولياتهم في حماية الممثليات الدبلوماسية والقنصلية”، معتبرة أنه “من الخطير والمثير للتفكير أن يقع الهجوم أثناء اجتماع مجلس الأمن الدولي بدعوة من العراق، في اتهام جائر ومستهدف لبلدنا”، وجددت الخارجية دعوتها لسلطات العراق “التركيز على محاربة الإرهاب ووضع حد لوجوده على أراضيها الذي يشكل تهديدا لدول الجوار والبعثات الدبلوماسية”.
وفي لقاء تلفزيوني، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على “ضرورة حماية العراق للممثليات الدبلوماسية وفقا لاتفاقية فيينا”، مضيفاً: “التنظيمات الإرهابية تشكل تهديدا على البعثات الدبلوماسية التركية، والإدارة العراقية لا تستطيع محاربة هذه التنظيمات بشكل فعال”، معتبراً أن “الهجوم على القنصلية التركية بالموصل هو جزء من المضايقات والاستفزازات المماثلة التي نفذت حتى اليوم”.
من جهته، شدد القائم بالأعمال في الممثلية الدائمة لتركيا بالأمم المتحدة أونجو كتشلي، على أن “سيادة العراق ووحدة أراضيه تنتهكهما المنظمات الإرهابية وليس تركيا”، وذلك في جلسة لمجلس الأمن الدولي بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك، الثلاثاء، تعليقا على الهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي في دهوك.
وأوضح المسؤول التركي أن أنقرة تواصلت مع بغداد وحكومة إقليم كردستان شمال العراق مباشرة بعد الهجوم، وأعربت عن استعدادها لاتخاذ خطوات لكشف الحقيقة، وقال: “تركيا تحافظ دائما على دعمها القوي لسيادة العراق ووحدة أراضيه واستقراره وازدهاره”.
وفي الجلسة ذاتها، أبلغت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جانين هينيس بلاسخارت مجلس الأمن الدولي “استعداد تركيا لمعالجة قضية دهوك بشكل مشترك مع العراق لتحديد ما حدث بالضبط”، وقالت المسؤولة الأممية: “في حديثي مع رئيس الوزراء العراقي (مصطفى الكاظمي) اليوم، أكد مرة أخرى على أهمية إجراء تحقيق شفاف وشامل: مستقل أو مشترك.. أبلغني (الكاظمي) أنه من الضروري وضع حد للتخمينات والنفي وسوء الفهم وتصاعد التوترات”.
وفي أحدث تصريحاته حول القضية، اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده “من المستحيل أن تنفذ عملا عدائيا ضد أشقائها العراقيين”، مبينا أن “هجوم دهوك أظهر الوجه الحقيقي لتنظيم “بي كي كي” الإرهابي”، موضحاً أن بلاده دعت الولايات المتحدة وروسيا والأشقاء في العراق “كي لا يقعوا في فخ تحميل تركيا المسؤولية”.
وخلال الجلسة، جدّد العراق تنديده “بالتواجد غير الشرعي للقوات العسكرية التركية في الأراضي العراقية”. وشجب العراق على لسان وزير خارجيته فؤاد حسين “قرار البرلمان التركي الذي اتخذه في تشرين الأول/أكتوبر 2021 لتمديد تخويل وجود قواته في العراق لمدة سنتين”، ودعا العراق المجلس “بموجب المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة الى ممارسة مسؤولياته في صيانة السلم والأمن الدوليين، من خلال إصدار قرار عاجل يُلزم تركيا بسحب قواتها العسكرية المحتلة من كامل الأراضي العراقية”.