إن معنى الحادثة في مساء يوم الجمعة في مزارع شبعا على الحدود بين اسرائيل ولبنان يتجاوز نتيجتها النهائية وهي اصابة ثلاثة جنود من الجيش الاسرائيلي اصابة طفيفة نتاج العبوة الناسفة والذين سيُسرحون الى وحدتهم بعد فحوص طبية. في الحوادث السابقة التي كانت قد صدرت عن الجانب اللبناني من مثلث الحدود مع اسرائيل وسوريا وهي اطلاق صواريخ كاتيوشا وموت جندي من سلاح البحرية باطلاق جندي لبناني النار عليه وجه الجيش الاسرائيلي اصبع الاتهام الى منظمات سنية متطرفة. والعنوان في هذه المرة عند حزب الله وبعد تفجير العبوة الناسفة فورا، أطلق الجيش الاسرائيلي قذائف مدافع على موقع حزب الله في قرية كيلا بالقرب من المطلة واتهم ضابط رفيع الرتبة حزب الله بوضع العبوة الناسفة. ويحتفظ حزب الله نفسه، الى الآن على الأقل، بالصمت وهذا نسخ يكاد يكون دقيقا لسلوك اسرائيل بعد سلسلة الهجمات الجوية المنسوبة اليها منذ بدء سنة 2013 في سوريا ولبنان التي ضربت بها قوافل كانت تنقل وسائل قتالية الى حزب الله. لكن العبوة الناسفة في مزارع شبعا تعبر عن تغيير تدريجي في قواعد اللعب في الجبهة الشمالية بعد سنين كثيرة حوفظ فيها على هدوء شبه كامل. وأصبح حزب الله ونظام الاسد في سوريا ينزعان رويدا رويدا القفازات في الصراع مع اسرائيل. فالعمليات التي ينسبها الاثنان الى الجيش الاسرائيلي يُرد عليها بعمليات من الجانب الآخر حتى لو كان الحديث الى الآن عن أهداف نقطية وعن عمليات تجري فوق نار هادئة دون تحمل مسؤولية معلنة. في كانون الاول بعد الاغتيال الغامض لمسؤول حزب الله الكبير حسن اللقيس في بيروت بوقت قصير، استعملت عبوة ناسفة على سيارة جيب للجيش الاسرائيلي في جبل الشيخ في منطقة يسيطر عليها الجيش السوري. وفي بداية آذار بعد الهجوم على قافلة حزب الله في لبنان فورا أطلقت صواريخ من سوريا على الجانب الاسرائيلي من جبل الشيخ. وفي الاسبوع الماضي تم احباط وضع عبوة ناسفة على الحدود السورية بالقرب من جبل الشيخ وأصابت دبابات للجيش الاسرائيلي الخلية التي هي لحزب الله أو لقوات الاسد. وسجلت في مساء يوم الجمعة حادثة اخرى في هذه السلسلة كانت هذه المرة في مزارع شبعا. تدخل الحرب الاهلية في سوريا الآن سنتها الرابعة وقد تجاوز عدد القتلى فيها كما يبدو 150 ألفا (لم تعد الامم المتحدة تنشر تقديرات رسمية لأنه لا توجد طريقة حقيقية لاحصاء الخسائر). وفي لبنان تجري حرب على نار اهدأ بين حزب الله والعصابات المسلحة السنية الخصمة، من أعداء الاسد. فان تبادل نار القذائف الصاروخية في البقاع اللبناني ظاهرة يومية؛ وتنفجر السيارات المفخخة في الضاحية في بيروت كل شهر. وأصبح معدل القتلى في المعارك في لبنان يقترب من الخمسين كل شهر. حينما تنتقض سوريا وتنزف لبنان لا تكون اسرائيل منيعة من آثار ذلك. فعلى حسب التقارير التي تنشرها وسائل الاعلام الاجنبية، يتم التدخل الاسرائيلي فيما يجري في الشمال بست هجمات من الجو أو سبع في مدة أكثر من سنة. لكن سقف خوف الطرف الثاني تم تجاوزه، فقد صارت سوريا وحزب الله يعلمان أنهما يستطيعان الرد على الهجمات ما لم تُملِ قوة اطلاق النار وعدد المصابين التحول الى مواجهة عسكرية واسعة. في سوريا ولبنان يتقاتل معسكران متعاديان شيعي علوي وسني أصبحت اسرائيل بالنسبة اليهما الآن العدو الثاني فقط في ترتيب الأولويات. لكن السنيين وأعداءهم يهاجمون الارض الاسرائيلية فينة بعد اخرى. وحتى لو كانت الحرب الاهلية السورية هي التقدير الاول الذي يملي خطوات المعسكرين الصقرين فان اسرائيل لم تعد معزولة عما يجري شمالها. هآرتس 16/3/2014