رسائل الانتخابات التونسية.. تصويت “عقابي” لمنظومة “أخفقت”

حجم الخط
0

تونس- عادل الثابتي:

أظهرت النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة التونسية، الإثنين، تقدما لمرشحيْن من خارج منظومة الحكم القائمة، الأمر الذي اعتبره مراقبون بمثابة “رسائل عديدة” من جمهور الناخبين.

وتشير النتائج الجزئية إلى تقدم المرشح المستقل الأكاديمي قيس سعيد، ورجل الأعمال والإعلام مرشح حزب “قلب تونس” نبيل القروي، القابع حاليا في السجن على خلفية تهم “فساد وتبييض أموال”.

ومن الرسائل التي تتضمنها تلك النتائج -بحسب مراقبين- أن الثورة لا تزال تجذب الناس، وأن الناخب التونسي أراد معاقبة المنظومة القائمة لعجزها عن إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية القادمة.

ومنذ أشهر عدة، أظهرت نتائج لتقصي الآراء تقدم “سعيد” الذي اتخذ من شعار “الشعب يريد” رمزا لحملته الانتخابية، وهو أبرز شعارات ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

ومساء الإثنين، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في مؤتمر صحافي، حصول سعيد على 18.8 في المئة من الأصوات، والقروي على 15.5 في المئة، ومرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو على 13 في المئة من الأصوات.

وجاء وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي في المرتبة الرابعة بحصوله على 10.3 في المئة من الأصوات، فيما حل رئيس الحكومة يوسف الشاهد في المرتبة الخامسة بحصوله على 7.4 في المئة من الأصوات.

الثورة لم تمت

وفي تصريحات إعلامية، الأحد، عقب ظهور مؤشرات على تقدمه في الانتخابات، قال “سعيد” إنه سيعمل على تحقيق مطالب “ثورة 17 ديسمبر 2010 (المعروفة بثورة يناير 2011) والوفاء لشهداء تونس”.

وأضاف أنه سيسعى إلى “أن تكون دولة القانون حجر الأساس في إدارة الشأن العام، وإلى الالتزام بالإرادة العامة”.

وتابع قائلا إن “تقدمه في التصويت يمنحه مسؤولية كبيرة في الالتزام بالعمل من أجل كسب ثقة الشعب”، متعهدا بالعمل على تحويل “الإحباط إلى الرجاء والأمل، والاستثمار في الثروات، وأهمها الثروة البشرية ممثلة في الشباب”.

إلا أن مراقبين يؤكدون أن برنامج قيس سعيد “غير معروف بدقة، وهناك غموض رغم أن الرجل يبدو صارما”.

وبهذا الخصوص، يرى الناشط السياسي محمد الهادي الجبالي أن جمهور قيس سعيد “هو شباب الثورة”.

ويضيف أن المصوتين لسعيد هم “مجموعة من التيارات المختلفة من شباب الثورة والإسلاميين واليساريين والمهمشين من أحزابهم”.

ويعتبر الجبالي أن “الرئيس الغامض موجود في المخيلة الجماعية للناس، وهو أمر مطلوب”.

ويوضح أن سعيد “قدّم نفسه بالحد الأدنى وأغلب جمهوره لا يعرف برنامجه، وإنما هناك في خطابه وقيمه الثورة”، واستطرد: “لا يمكن أن نطلب من الرجل أكثر من ذلك”.

تصويت عقابي

ويرى الجبالي أن التصويت في الانتخابات كان عقابيا ضد المنظومة السياسية القائمة منذ عام 2012، في إشارة إلى حكم الترويكا (تحالف إسلامي علماني حكم لعامين اثنين من نهاية 2012 وحتى يناير/كانون الثاني 2014 ) والحكومات المنبثقة عن انتخابات عام 2014.

ويفسّر المحلل السياسي التونسي وجود مرشح “النهضة” عبد الفتاح مورو في المرتبة الثالثة بأنه كان “عقابيا”، كونه مرشح لحزب شارك في الحكم.

ويتابع مبينا: “قد لا تكون له (مورو) مسؤولية أولى في الدولة، ولكن التصويت ضده كان عقابيا”.

ولفت الجبالي إلى أن حملة مورو عانت من الانقسامات الموجودة داخل الحركة، وأنه لم تكن هناك تعبئة كاملة لحملته.

المسألة الاجتماعية ومقاومة الفقر

وعكست النتائج التي حصل عليها مرشح حزب “قلب تونس” نبيل القروي إلحاحية المسألة الاجتماعية ووضعية الفقر في تونس.

وفي 23 أغسطس/ آب الماضي، تم توقيف القروي إثر قرار قضائي بحقه، على خلفية اتهامات بقضية تبييض أموال وفساد، تقدمت بها منظمة محلية مستقلة.

ويقول الجبالي إن “الناس رأت في القروي منقذا اجتماعيا، والمساحات التي تركتها الدولة غطاها هو”.

من جهته، يوافق المحلل السياسي، شكيب درويش، الجبالي في فكرته، مؤكدًا أن ما منح الأسبقية لـ”القروي” هو عمله على مقاومة الفقر.

ويقول درويش إن “القروي” استفاد من أخطاء الحكومة وعدم قدرتها على مواجهة الفقر.

ويفيد بأن صعود القروي كان من ناحية أخرى نتيجة الإسناد الهام الذي يتلقاه من قناة “نسمة” التي يملكها.

ويوضح بهذا الصدد: “فقد كان القروي يفعل الخير ولا ينساه، بل يربط علاقة قوية مع الذين يتصل بهم عبر جمعية خليل تونس”.

ووفق معطيات إحصائية أولية، كانت أعلى النسب التي حصل عليها نبيل القروي في المناطق الفقيرة من البلاد، مثل الشمال الغربي والوسط الغربي.

والأحد جرت الانتخابات الرئاسية المبكرة، وسط إقبال متوسط بنسبة 45 في المئة من الناخبين، وفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فيما أظهرت النتائج إمكانية اللجوء إلى جولة ثانية بسبب عدم حسم التنافس من الجولة الأولى. (الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية