دمشق – «القدس العربي»: في سياق الحديث عن إحداث الروس فراغاً محتملاً في سوريا، وتسارع القوى الإقليمية لسد هذه الثغرة من خلال تعزيز حضورها على الأرض، أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن تحرك عسكري قريب، في انتظار إقرارها من مجلس الأمن القومي بعد غد الخميس، من أجل استكمال المناطق الآمنة بعمق 30 كيلومتراً على طول الحدود الجنوبية مع سوريا.
وقال اردوغان: سنبدأ باتخاذ خطوات تتعلق بالجزء المتبقي من الأعمال التي بدأناها لإنشاء مناطق آمنة في المناطق التي تعد مركز انطلاق للهجمات على تركيا والمناطق الآمنة ستكون على رأس أولويات عملياتنا، كما كشف الرئيس التركي أن بلاده ستشرع قريباً باستكمال إنشاء المناطق الآمنة بمحاذاة حدودها الجنوبية، شمالي سوريا.
وسط سباق محموم بين القوى الإقليمية لتعزيز حضورها في المنطقة
وجاء ذلك في خطاب اردوغان للشعب، مساء الاثنين، عقب ترؤسه اجتماع الحكومة، في المجمع الرئاسي بأنقرة وفق وكالة الأناضول التركية، حيث لفت إلى أن المناطق التي تعد مركز انطلاق للهجمات على تركيا والمناطق الآمنة، ستكون على رأس أولويات العمليات العسكرية، في إشارة إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية «قسد». وأفاد بأن العمليات ستبدأ بمجرد انتهاء تحضيرات الجيش والاستخبارات والأمن، حيث قال «سنتخذ قراراتنا بهذا الخصوص خلال اجتماع مجلس الأمن القومي الخميس» مشيراً إلى أنه سيقوم بإجراء المحادثات اللازمة لضمان سير الأمور على ما يرام.
مصدر عسكري رفيع ومقرب من تركيا قال في تصريح خاص لـ«القدس العربي» إنه لا يوجد اليوم أي شكل من أشكال التحضيرات لتحرك عسكري مرتقب شمال سوريا، بينما نقل موقع «الخابور» المحلي المقرب من «الجيش الوطني» عن مصدر خاص قوله، إن العملية العسكرية المرتقبة سوف تستهدف 3 مناطق سورية في محافظة حلب، تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد».
وبيّن الموقع أن «تل رفعت ومنبج وعين العرب، هي المناطق التي اتخذتها ميليشيا «قسد» «منطلقاً لعملياتها الإرهابية» التي تستهدف مناطق سيطرة المعارضة شمال حلب»، وفق المصدر.
وتشهد مناطق التماس بين مناطق العمليات التركية شمال سوريا ومناطق سيطرة «قسد»، اشتباكات مستمرة، زادت حدتها خلال الأسابيع الماضية مع دخول الطيران التركي المسير في المواجهة، دون أن يسفر التصعيد عن أي تغيير في خارطة السيطرة منذ توقف عملية «نبع السلام» منذ أكثر من عامين.
وحول أهمية التوقيت، والسياقات والمتغيرات الدولية التي دفعت الرئيس التركي للإعلان عن شن عملية عسكرية جديدة في سوريا، اعتبر الباحث السياسي لدى مركز مشارق ومغارب عباس شريفة أن التلويح بتحرك عسكري تركي، يأتي في سياق الانشغال الروسي في الحرب الأوكرانية، وأيضًا في سياق محاولة كل من السويد وفنلندا الانضمام الى حلف الناتو، ورفض تركيا لهذا الانضمام ورغبة تركيا في تحصيل مكاسب لقاء هذه الخطوة، كما يأتي في سياق مؤشرات على بدء انسحاب روسي جزئي من بعض المناطق في سوريا وتشكيل حالة من الفراغ.
واعتبر المتحدث لـ «القدس العربي» أن اللاعبين الاقليميين يحاولون سد الفراغ «وهو ما وجدناه في الخوف الأردني من انسحاب الروسي على جبهته الشمالية وتخوف إسرائيل التي صعدت من ضرباتها على المواقع الإيرانية واليوم نجد نفس الأمر في تركيا التي تخشى من إعادة انتشار الولايات المتحدة في بعض المناطق التي تخليها روسيا، وهو ما شهدناها في الجنوب من عين العرب إذ تم في الأيام الماضية نشر قاعدة أمريكية في هذه المنطقة».
وقال المحلل إن التصريحات التركية رسالة موجهة لكل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية هي «نوع من تذكير تركيا كلاً من روسيا وواشنطن بالتزاماتهما وتعهداتهما بإبعاد قوات قسد التي تعتبرها تركيا مجموعات إرهابية مسافة 30 كم وهو الاتفاق الذي أبرمته تركيا مع هذه الأطراف والتي لم تلتزم به».
وقال «يبدو أن هذه السياقات والمتغيرات الدولية والإقليمية والمتغيرات على الساحة الإقليمية والمتغيرات على الساحة السورية، هي التي دفعت الرئيس التركي لاقتناص الفرصة والإعلان عن نيته بشن عملية عسكرية جديد في سوريا».
وأعرب المتحدث عن اعتقاده بأن الجانب الروسي ممانع لهذه العملية، لكنه لن يأخذ أي إجراء في سبيل منعها، حيث قال «الروس يدركون أنهم يقومون بأعباء عن الغرب في سوريا، هم يقومون بضبط الأمن وضرب المجموعات الإرهابية، ومنع اللاجئين، والحفاظ على النظام السوري، وهي مصلحة غربية بالأساس وتوجهات الولايات المتحدة الأمريكية هي توجهات لدعم الاستقرار في سوريا، ويبدو أن الروس يريدون أن يوصلوا رسالة بأن هذا الاستقرار الذي يفيد بالنهاية مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، وبالذات قوات سوريا الديمقراطية وإسرائيل والأردن.
وحول مفاد الرسالة التركية قال «هي رسالة واضحة إلى الغرب، والروس أيضا الذين لن يمانعوا مثل هذه العلمية التي ستؤدي إلى إضعاف حلفاء واشنطن – وهي قوات سوريا الديمقراطية بشكل أساسي – في سوريا».
وفي المقابل، قال الاعلام الحربي لقوات سوريا الديمقراطية إن «قادة من التحالف الدولي تواصلوا مع قيادة قوات سوريا الديمقراطية وأبلغوها بعدم قبولها للتهديدات التركية» كما تلقت قسد « بأن أي عملية عسكرية تركية جديدة على شمال وشرق سوريا، خط أحمر» وفق المصدر.