دمشق – «القدس العربي»: يتعاظم التصعيد العسكري والهجمات الصاروخية والمدفعية المكثفة لقوات النظامين السوري والروسي على مدينتي إدلب وسرمين شمال غربي سوريا، باستخدام ذخائر محرمة دولياً بالقصف على المدينتين، والمناطق الحيوية والمرافق العامة والخدمية، وهو ما فسره مراقبون لـ «القدس العربي» بأنه «جزء من رسائل روسية لفرض الأجندات الخاصة بموسكو والضغط على المعارضة السورية وحليفها الدولي».
ندى أبو راشد، عضو إدارة منظمة الخوذ البيضاء، قالت في تصريح لـ «القدس العربي» إن قوات النظام استهدفت، أمس الإثنين، بالقذائف المدفعية مدرسة في ريف إدلب الجنوبي، كما استهدفت في قصف مماثل الأراضي الزراعية بين بلدتي بليون وكنصفرة.
وعبّرت المسؤولة لدى منظمة الدفاع المدني السوري عن «المخاوف من زيادة التصعيد»، مؤكدة أن مدينتي «إدلب وسرمين تحت النار من جديد».
وكانت منظمة الخوذ البيضاء، قد أعلنت في بيان رسمي لها مساء الأحد، مقتل طفلة وإصابة 14 مدنياً بينهم حالات حرجة في أقل من 24 ساعة، جراء القصف المدفعي والصاروخي واستخدام ذخائر فرعية حارقة بالقصف على مدينتي إدلب وسرمين.
وقال البيان: «لليوم الثاني على التوالي تواصل قوات النظام قصفها على مدينتي إدلب وسرمين في ريفها الشرقي، موقعةً 9 إصابات بين المدنيين، ومستهدفة المناطق الحيوية والمرافق العامة والخدمية، لتفرض مزيداً من الرعب وعدم الاستقرار وتقويض سبل العيش في ظل شتاء قاسٍ وتزايد في الاحتياجات الإنسانية المنقذة للحياة». واعتبر أن النظامين السوري والروسي يهدفان من وراء التصعيد إلى «فرض مزيد من الرعب وعدم الاستقرار وتقويض سبل العيش في ظل شتاء قاسٍ وتزايد في الاحتياجات الإنسانية المنقذة للحياة».
ومساء الأحد، أصيب 5 مدنيين بينهم طفلان بجروح، إثر قصف مدفعي لقوات النظام استهدف منطقة السوق بالقرب من المدرسة الثانوية في مدينة سرمين شرقي إدلب، والمسجد الكبير الأثري في المدينة، كما أصيب 4 مدنيين بينهم طفلة، بقصف من قوات النظام بصواريخ متفجرة وصواريخ محملة بذخائر فرعية حارقة، استهدف الأحياء السكنية في مدينة إدلب، واستهدف القصف مدرسة داخل المدينة تستخدم كمركز إيواء للمهجرين.
وتسبب الهجوم باندلاع 3 حرائق كان اثنان منها بسبب الذخائر الحارقة، أما الحريق الثالث فكان بسبب شظايا صاروخ متفجر سقط في مطبخ أحد المنازل السكنية واندلع في أسطوانة الغاز المنزلي والثلاجة، كما تسبب القصف بأضرار ودمار في ممتلكات المدنيين، حيث أسعفت فرق الدفاع المدني بعض المصابين وتفقدت الأماكن المستهدفة، وأخمدت بعض الحرائق وأمّنت أماكنها.
مدير وحدة الدراسات لدى مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية، الدكتور محمد سالم، فسّر تعاظم التصعيد بأنه رسائل روسية متكررة.
وقال سالم: «القصف على إدلب مستمر منذ أشهر، وليست جديدة، ربما هناك بعض الجديد في استخدام نوع الذخائر، وهو يتزامن مع الشعور لدى روسيا بأنها أكثر راحة بسبب تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا وتعزيز قدراتها التسليحية والتذخيرية».
ولذلك، يتزامن هذا القصف أيضاً مع قصف مكثف في أوكرانيا، حيث طالت العاصمة كييف، مضيفاً: «يمكن أن يكون ذلك جزءاً من رسائل روسية مستمرة لم تتوقف لفرض الأجندات الروسية للضغط على المعارضة وتركيا من خلال منع حدوث الاستقرار في شمال سوريا بشكل مستمر من خلال القصف».
وبموازاة ذلك، استهدف الجيش التركي المتمركز شمال غربي سوريا، الأحد، مواقع قوات النظام السوري بالمدفعية، في سراقب وخان السبل قرب طريق دمشق -حلب «إم-5».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن قوات النظام ردت بصواريخ شديدة الانفجار على محور قريتي السرمانية بريف حماة، والشيخ سنديان بريف إدلب، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية. كما قصفت قريتي سفوهن والبارة بجبل الزاوية جنوبي إدلب، وقريتي كفرعمة وكفرتعال غربي حلب، ومحاور كبانة بجبل الأكراد شمالي اللاذقية.
ويوم السبت، قتلت طفلة وأصيبت امرأة بجروح من جراء قصف مدفعي لقوات النظام استهدف الأحياء السكنية ومرفقاً خدمياً وحديقة في مدينة إدلب، ثم جددت قوات النظام قصفها على المدينة مساءً واستهدفت بصواريخ محملة بذخائر فرعية حارقة المنطقة الصناعية وأطراف مدينة إدلب الشرقية، وبالقرب من مخيم الشهداء للمهجرين، فيما أصيب 4 مدنيين واندلع حريق في سيارة مدنية، جراء قصف صاروخي لقوات النظام استهدف السوق الشعبي ومنازل المدنيين وبالقرب من مدرسة ثانوية في مدينة سرمين في ريف إدلب الشرقي.
وشهدت مدينة سرمين تصعيداً كبيراً في الهجمات من قوات النظام وروسيا خلال العام الفائت، إذ استجابت فرق الدفاع المدني منذ بداية تشرين الأول من العام الفائت وحتى نهاية العام، لـ 28 هجوماً على المدينة بالقذائف المدفعية والصواريخ، وتسببت هذه الهجمات بمقتل مدنيين اثنين أحدهما طفل، وأصيب على إثر تلك الهجمات 27 شخصاً بينهم 9 أطفال و8 نساء.
واعتبر بيان الدفاع المدني أن تكرار استخدام نظام الأسد للأسلحة المحرمة دولياً بقصفه على المدنيين بصواريخ تحمل ذخائر فرعية حارقة «انتهاك وخرق متكرر للقانون الدولي، وغياب المحاسبة واستمرار الإفلات من العقاب على مثل هذه الجرائم هو ما يسمح لنظام الأسد بالاستمرار في قصف الأحياء السكنية والمرافق الحيوية والمدارس والمساجد والأسواق دون أي رادع، رغم أنها تعد من الأعيان المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني والأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية».